أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى العوزي - التسول فيه و فيه














المزيد.....

التسول فيه و فيه


مصطفى العوزي

الحوار المتمدن-العدد: 2543 - 2009 / 1 / 31 - 10:29
المحور: الادب والفن
    


نحن ألان بمحطة أولاد زيان بمدينة الدار البيضاء ، ننتظر الحافلة التي ستقلع بعد حوالي نصف ساعة في اتجاه مدينة طنجة ، يصعد الحافلة بائع متجول يحمل بين يدايه علب من الشكولاطة و يلح على الزبناء بعبارات اغرائية حتى يقتنوا منه بعض تلك العلب ، بعد هذا البائع يصعد الحافلة متسول في حالة لا يمكن التعليق عليها ، و يشرع في إطلاق كلمات تعود على النطق بها ، نص الكلام طويل و مسترسل بشكل يصعب معه التذكر ، لكن فحو الكلام ليس إلا سرد للمعاناة الطويلة التي يؤرخ لها صاحبها بحادثة سقوطه من عمارة على علو ثلاث طوابق ، هذا حدث مؤسف ، لكنه في ذات الوقت بطولي ، البقاء على قيد الحياة بعد هذه السقطة المميتة هو من شيم أبطال المسلسلات و الأفلام الأمريكية و الغربية عموما ، حيث يصور لنا البطل بكونه إنسان لا كباقي الناس ، قدرته على التحمل و الصبر و تحدي الصعاب كبيرة جدا . و من أشد ما علق بذهن من كلام هذا الرجل ، هو طلبه للناس بالجود عليه بمبلغ هزيل جدا هو (10 ريال ) ، و الريال المغربي طبعا ليس كالريال الخليجي ، حيث أن هذا الريال ليس إلا 50 سنتيم مغربية ، طبعا الأمر يبدوا عاديا ، لكن الحقيقة عكس ذلك ، و ببساطة حاولت القيام بمقارنة بين هذا المتسول و بعض المتسولين في شمال المغرب في طنجة و تطوان و المضيق و النواحي ، حيث أن غالبية المتسولين تصرح بالمبلغ المطلوب و تترك المجال مفتوحا لجود يد المتصدقين من الناس ، غير أن هناك فئة أخرى تطالعك في الشوارع الكبيرة لهذه المدن بعبارة مثيرة للاستغراب و الضحك ( عطيني شي 100 درهم ) ، ينطق بالمبلغ في راحة تامة و عزة و كرامة عالية ، حتى يخال للمرء أن الواقف أمامه ليس إلا ملحق إدارة الضرائب يقوم بمهامه بشكل عادي و تلقائي ، حادثة المتسول بالمحطة هذه تقف بنا على موضوع غاية في الأهمية و هو مستوى التفاوت الحاصل داخل البلد حتى بين مدينة و أخرى و في المدينة الواحدة ، طبعا هناك عوامل أخرى يجب أن تأخذ بعين الاعتبار كعدد السكان و غيرها ، حتى التسول فيه و فيه ، هناك من يكتفي بعشرة ريالات مغربية و هناك من تدفعه الجرأة لطلب مبلغ كبير ك 100 درهم ، و هذا لا يمكن تفسيره إلا من خلال العودة إلى التعريف الذي قدمه علماء الاجتماع للفقر ، حيث أقروا بوجود نوعين من الفقر ، هناك الفقر المطلق و المرتبط بشروط الكفاف في العيش ، في المقابل هناك فقر نسبي يرتبط بالكماليات المصاحبة لحياة الفرد ، و بإسقاط قد يكون عشوائيا نقول أن المتسول الأول ينتمي لخانة الفقر المطلق حيث أن المبلغ الذي يطلبه لن يكون إلا لتسديد أشد متطلبات الحياة البسيطة ، في حين أن المتسول الثاني ينتمي لخانة أخرى ضمن الفقر النسبي ، و عليه يبقى التعريف المقدم من طرف علماء الاجتماع معمول به بشكل كبير في مواطن عديدة و هذه واحدة منها ، و ختاما يبقى من الواجب الإشارة إلى حادثة بسيطة مصاحبة هي بالأساس نهاية مشهد متسول المحطة ، و هي صدقة بسيطة تبرع بها رفيق في المحطة للرجل ليس لأنه فقير و محتاج ، و لكن لأنه ظل على قيد الحياة بعد حادثة السقوط الهوليودية .




#مصطفى_العوزي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في مفهوم السلطة
- نصف قرن على مرور الثورة الكوبية ... فمتى تأتي الثورة العربية
- معبر مسدود
- غارة و مات الحراس
- احتفالات بألوان الدم و الجزن
- هبة من أصيلة
- يا الرايح
- يوميات مهاجر سري : الهجرة بعيون من عاشوها
- سجارة مارلبورو
- أوراق من زمان البستان
- تجربة موت
- ودعا أية
- عندما يسطع شمس الهند يحق لنا الافتخار و التقليد
- العالم بين 1929 و 2008 / 1
- مئة عام من العزلة : رواية الصراع بين الواقع و الخيال التي بي ...
- مئة عام من العزلة رواية الصراع بين الواقع و الخيال
- رجال في المغرب
- يعني
- البكور
- يوم مواطن


المزيد.....




- بعد توقف قلبه أكثر من مرة.. وفاة الفنان المصري طارق الأمير ع ...
- نجوم يدعمون الممثل الأميركي تايلور تشيس بعد انتشار مقاطع فيد ...
- إقبال متزايد على تعلم اللغة التركية بموريتانيا يعكس متانة ال ...
- غزة غراد للجزيرة الوثائقية يفوز بجائزة أفضل فيلم حقوقي
- ترميم أقدم مركب في تاريخ البشرية أمام جمهور المتحف المصري ال ...
- بمشاركة 57 دولة.. بغداد تحتضن مؤتمر وزراء الثقافة في العالم ...
- الموت يغيب الفنان المصري طارق الأمير
- نبأ الجميلي تناقش أطروحة دكتوراة عن أدب سناء الشعلان في جامع ...
- عراقيان يفوزان ضمن أفضل مئة فنان كاريكاتير في العالم
- العربية في اختبار الذكاء الاصطناعي.. من الترجمة العلمية إلى ...


المزيد.....

- دراسة تفكيك العوالم الدرامية في ثلاثية نواف يونس / السيد حافظ
- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى العوزي - التسول فيه و فيه