|
الإنتماء الى أفرقيا
مصطفى العوزي
الحوار المتمدن-العدد: 2893 - 2010 / 1 / 19 - 02:11
المحور:
الادب والفن
أعادت لنا كأس افرقيا للأمم انغولا 2010 ، من خلال مشاهدة مبارياتها الرائعة ، شعور الانتماء إلى أفرقيا ، نعم افرقيا قارة المليار نسمة و القارة السمراء أو كما يحب الكثير منادتها ( الماما أفريكا ) ، و التي تزعم بعض الأبحاث التاريخية أن اول ظهور للانسان كان على أرضها ، كما تنبأ لها أحدث و اشهر الافلام العالمية الذي أنتجته هولييود سنة 2008 تحت عنوان ( 2012 ) بأنها أخر قارة تفنى في هذا العالم بعد زوال جميع القارات و غرقها في مياه تجتاح اليابسة . ترجح بعض المصادر أن اصل كلمة أفرقيا يعود الى اللفظ الفنيقي " أفار" و يعني الغبار ، و هي صفة أطلقت على العديد من البشر كانوا يعشون بشمال القارة قرب قرطاج ، فيما ذهب البعض الى أن الكلمة تعود الى لفظة " أفران " البربرية و التي تعني الكهوف ، و بذالك يكون سكان القارة هم سكان الكهوف . عرفت القارة مرور حضارات كبيرة بصمت التاريخ ، الحضارة المصرية ، الحضارة القرطاجية ، الفنيقية ، و حضارة شمال أفرقيا مع الأمازيغ و غيرها. هذه افرقيا الغنية بخيرتها التي كانت غنيمة سهلة وزعتها الدول الامبريالية فيما بينها في القرن التاسع عشر و مطلع القرن العشرين ، فرنسا ، البرتغال ، اسبانيا ، بريطانيا ، دول تحضر في مخيلتي الأفرقي و في تاريخه كمستعمر و محتل . هي أيضا قارة غنية بتنوع مناخاتها ، و بأدغالها التي كانت و لازالت محط إهتمام علماء الطبيعة و شركات إنتاج الأفلام الوثائقية التي ترصد طبيعة الحياة في غاباتها و سهولها و كذا جبالها و تلك العلاقة الغريبة التي تجمع الانسان و الحيوان . إفرقيا هي أشد القارات بؤسا و فقرا ، تميز تاريخها بحروب اهلية و قبلية خطيرة ، قتل فيها الكثير و عاش منهم البعض ، مما دفع الكثير الى إستحضار لحظات الام السمراء و معاناتها في محطات عديدة من تاريخها الذي لم يكتب بعد ، إنها رمز الجنوب الضعيف في مقابل الشمال القوي ، المحتضنة لثلاث و خمسين دولة تامة السيادة . أفرقيا قارة التنوع الثقافي و الغنى الكبير في أنماط العيش و التقاليد ،عدد اللغات المتدوالة فيها حسب تقرير المنظمة العالية للتربية و الثقافة و العلوم ( اليونيسكو) يفوق 2000 لغة ، مع الإشارة الى أن هذه القارة لازال الكثير عنها مجهولا، فهي عالم مجهول صعب و معقد ، هذه الخاصية جعلتها أرضا للإلهام للعديد من الكتاب العالميين ، أولائك الذين إستحضروا أفرقيا في أعمالهم التي لاقت رواجا و شهرة عالمية كبيرة ، من بينهم الكاتب الإطالي ألبرتوا مورافيا ، و الكاتب الفرسي جان ماري غوستاف لوكليزيو ، الذي أحب صحراء القارة و كتب عنها رواية شهيرة تحمل نفس العنوان " الصحراء " ، و الكاتب الإسباني الشهير " خوان غويتيصولو " المقيم بمدينة مراكش بالمغرب ، الذي ألغى من فكره ثنائية الشرق و الغرب و جعلها مقولة ذهنية فارغة لا تمت للواقع بصلة . قارتنا هذه انجبت الكثير من الشخصيات التي أثرت في تاريخ البشرية و في ميادين مختلفة ، في العلوم و الأداب و الرياضة و السياسة ، و الفن ، منها " ماديبا " - أي العظيم و المبجل بإحدى اللغات الأفرقية – زعيم التحرر و مناهض التمييز العنصري ، نلسون مانديلا الرئيس السابق لجنوب أفرقيا ، خرج منها أيضا المبدع العالمي و رائد المسرح الإفرقي و أحد رواد الكتابة المسرحية العالمية ، الذي حاز على جائزة نوبل في الأداب ، النيجيري " وولي سوينكا " الذي إخترا منفى إضطراري تحت وطئ القمع و الإستبداد الذي ساد بلده ، و لم يعود اليها الى سنة 1998 بعد وفاة الديكتاتور " ساني أباشا " ، بهذه القارة أيضا وجد الأديب العالمي الحائز هو الآخر على جائزة نوبل ، انه المصري الروائي نجيب محفوظ ، المهووس بحياة المجتمع الإفريقي و المصري بشكل خاص . و في القارة السمراء برز العالم الكيميائي المصري " أحمد زويل " صاحب نوبل في الكيمياء لسنة 1999 ، من أفريقيا أيضا انطلقت أصوات موسيقية مشهورة من شرقها إلى غربها ، أمثال المغني السنغالي الشهير " اكون" و المغني الكونغولي " بابا ويمبا " الملقب ملك الرومبا العالمي ، و فنان الراي الجزائري " الشاب خالد " ، و أخارون بلغت شهرتهم الأفاق و ظلوا أوفياء للأم الحنونة . جورج ويا هو اسم أفريقي مشهور ، لاعب كرة القدم الذي حاز لقب أفضل لاعب في العالم ، و الذي انتقل من عالم المستديرة إلى عالم السياسة ، و أصبح اليوم رمزا بارزا في بلده ليبريا . أمنا أفريقيا الوافية لأبنائها ، تحتاج إلينا اليوم لندافع عنها كل من موقعه ، بأصواتنا و أقلامنا ، لنحميها من أخطار المستقبل القادمة التي تقض مضجعها ، في البيئة و السياسة ، في العلم ، و في المعرفة ، في الحرية و حقوق الإنسان ، و في الأهم الحياة ، تلك مهمتنا جميعا فهل نستطيع تحملها بشكل يليق بها ؟ في انتظار الإجابة دعونا نتمتع قليلا بلحظات إفريقية جميلة و رائعة في ضيافة أنغولا 2010 .
#مصطفى_العوزي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قبلة و أغنية حزينة
-
غابرييل غارسيا ماركيز ... و ريح شقاء ايرينديرا
-
جامعة ... و دورة إستدراكية
-
الهجرة الى أين ؟
-
جمعية قدماء تلاميذ ثانوية الفقيه داود التأهيلية بالمضيق و رس
...
-
الاسلام و ظواهر المجتمع ( 4 )
-
الاسلام و ظواهر المجتمع ( 3 )
-
الاسلام و ظواهر المجتمع ( 2 )
-
الاسلام و ظواهر المجتمع ( 1 )
-
موسم الهجرة الى أصيلة
-
غابرييل غارسيا ماركيز ... على خطى الرواية و التقشف
-
جنون و حرائق و سهول
-
العالم الثالث و فن الانتقام
-
العربية ... اللغة و العصر
-
لماذا تقدم الغرب و تاخر الشرق
-
سيجارة مارلبورو
-
الحلوة دي في قفص العولمة
-
هل نحن مجتمع قارئ ؟
-
المرأة : الضحية الاولى للعولمة
-
ستظل الخطيبي في الذاكرة موشوما
المزيد.....
-
بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ
...
-
مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
-
روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
-
“بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا
...
-
خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر
...
-
الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا
...
-
الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور-
...
-
الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
-
على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس
...
-
الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|