أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مصطفى العوزي - الاسلام و ظواهر المجتمع ( 3 )














المزيد.....

الاسلام و ظواهر المجتمع ( 3 )


مصطفى العوزي

الحوار المتمدن-العدد: 2754 - 2009 / 8 / 30 - 05:32
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لقد شكلت ظاهرة السحر إحدى أبراز الظواهر الاجتماعية التي ارتكزت عليها العديد من الدراسات و الأبحاث الأنتروبولوجيا ، و ذلك من خلال الوقوف على تعريف الظاهرة و أسبابها و كذا تمفصلاتها مع مجموعة من الظواهر الأخرى ، و إذا كانت جل الأبحاث اتفقت على أن السحر هو من أقدم الظواهر التي عرفتها البشرية ، فإنها اتفقت أيضا على انه من اشد الظواهر المرضية التي تنخر جسم الكثير من الشعوب و المجتمعات ، فقد أكد علماء الآثار و الحفريات أن الطقوس السحرية كانت تمارسها الحضارات القديمة و بالأخص الحضارة الفرعونية بمصر و الحضارة الصينية و الهندية و الاغرقية ، و البابلية و غيرها ، إذ كانت تصاحب مجموعة من الطقوس الاجتماعية و السياسية كالزواج و الولادة و تنصيب الملوك و الحكام ، و الحروب و غيرها . و من تم فعادات السحر تعود إلى ما قبل التاريخ و يدل على ذلك قوله تعالى " كذالك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون " ( سورة الذاريات 52 ) ، فاتهام القوم للرسل بالسحر يدل على أن الظاهرة كانت موجودة قبل وجود الأنبياء .
و السحر في اللغة من سحر يسحر أي صرف الشيء عن حقيقته إلى غيره ، و هو أيضا الوهم بتحول الشيء من وضعية إلى أخرى ، و من أمثلة السحر الأخذة التي تأخذ العين حتى يعتقد المرء أن الأمر كما يراه و هو على العكس من ذلك ، و في الاصطلاح ، السحر مجموعة من العمليات التي تتخذ شكل المكتوب أو المنطوق أو المعد كيميائيا و التي تؤثر على بدن أو عقل أو قلب الشخص الموجهة إليه ، و هو إذ ذاك يكون مسحورا .
و السحر نوعان سحر أسود و سحر أبيض ، الأول يهدف إلى إيذاء الناس و إلحاق الضرر بهم ، و الثاني على العكس من ذلك لا يبتغي من ورائه الساحر سوى تحقيق منفعة خاصة أو درء مفسدة قد تلحق به ، و قد كان احد المؤلفين للكتب في عالم السحر يرى أن السحر هو بمثابة علم ، غير أن علماء الأنتروبولوجيا أقروا ببطلان هذا القول ، و ذلك لأن العلم يقتضي عند القيام بتجربة علمية في المختبر أن نحصل على نفس النتائج عند تكرار التجربة ، بينما في السحر تكون النتائج مختلفة عند تكرار ذات العملية السحرية .
و قد ركزت الشريعة الإسلامية في وقوفها على ظاهرة السحر و محاولة اجتثاثها و الحد منها داخل الأوساط الاجتماعية ، على مستويين ، الأول تشريعي أخلاقي و هو النهي عن ممارسة كل أنواع السحر و الشعوذة و جعلها من اشد و أعظم المحرمات التي قد يقترفها الإنسان ، يقول تعالى " و اتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان ، و ما كفر سليمان ، و لكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر و ما أنزل على الملكين ببابل هاروت و ماروت ، و ما يعلمان من احد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء و زوجه و ما هم بضارين به من احد إلا بإذن الله ، و يتعلمون ما يضرهم و لا ينفعهم و لقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلق و لبيس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون" .
( سورة البقرة 102 ) .
في الآية الكريمة يظهر أن السحر من عمل الشيطان ، و من تم فان الابتعاد عنه واجب و أمر شرعي ، و قد جعل الإسلام السحر من الموبقات السبع و هي المهلكات و أيضا هي أعظم الذنوب ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " اجتنبوا السبع الموبقات ، قالوا : يارسول الله و ما هن ؟ قال : الشرك بالله ، و السحر ، و قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، و أكل الربا ، و أكل مال اليتيم ، و التولي يوم الزحف ، و قذف المحصنات المومنات الغافلات " و عليه فالسحر هو من اشد الأعمال شرا و أكثرها قبحا عند الله و لهذا كان النهي عنها في الإسلام صريحا وواجبا على الفرد المسلم ضمانا لسلامة المجتمع و صحته .
و في المستوى الثاني رغب الإسلام الفرد داخل المجتمع ، في التعلم و السير على نهج العلم و البحث بما يخدم صالح الأمة ، إذ أن العلم هو الطريق الأوحد للقطيعة مع كل أنواع الخرافات و البدع و الممارسات المرضية المتخلفة و الشاذة و التي يعتبر السحر واحدا منها ، فالسحر ليس إلا ممارسة تنم عن عمق مجتمع جاهل متخلف لا يواكب ركب الحضارة و التقدم ، و هو في شأنه ذلك بعيد كل البعد عن كل أنواع الوعي العلمي و الفكري ، و العلم هو العامل المضاد و الدواء الذي يمكن به معالجة مثل هذه الظواهر المرضية أو على الأقل الحد منها ، و مثالنا في ذلك الفلسفة في بدايتها عند اليونانيين في مدينة ملطة أيام طاليس و انكسمندار و انكسامينس لم تنهض إلا لمواجهة الفكر الخرافي الأسطوري و ما يتبعه من ممارسات قائمة على هذه البنية الخرافية و التي لا تجد مرتعا و ملجأ لها أفضل من عقول الشعوب المتخلفة ، فكان إمعان العقل و الإنصات للاستدلالات العلمية و المنطقية طريقا ممهدا للقطيعة مع تلك الحقبة و ذلك الفكر الخرافي .
و قد حثنا الرسول صلى الله عليه و سلم على طلب العلم و السعي نحو بلوغه و رفع من قدر طالب العلم و أعلى من دراجاته ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقاً يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْماً، سَهَّلَ اللّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقاً إِلَى? الْجَنَّةِ " . فطريق العلم هو أفضل الطرق للنهوض بالأمة و القضاء على كل الأمراض الاجتماعية التي تنخر الجسم المجتمعي ، و ذلك من اجل التطلع لغد أفضل و للاشراقات حضارية أروع و أمتن .





#مصطفى_العوزي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاسلام و ظواهر المجتمع ( 2 )
- الاسلام و ظواهر المجتمع ( 1 )
- موسم الهجرة الى أصيلة
- غابرييل غارسيا ماركيز ... على خطى الرواية و التقشف
- جنون و حرائق و سهول
- العالم الثالث و فن الانتقام
- العربية ... اللغة و العصر
- لماذا تقدم الغرب و تاخر الشرق
- سيجارة مارلبورو
- الحلوة دي في قفص العولمة
- هل نحن مجتمع قارئ ؟
- المرأة : الضحية الاولى للعولمة
- ستظل الخطيبي في الذاكرة موشوما
- لصوص دون كيشوت و انتهاكات حقوق الانسان
- رحلة
- كسكس شبابي
- التسول فيه و فيه
- في مفهوم السلطة
- نصف قرن على مرور الثورة الكوبية ... فمتى تأتي الثورة العربية
- معبر مسدود


المزيد.....




- فنزويلا: المعارضة خططت لهجوم على معبد يهودي في كراكاس لاتهام ...
- الجيش اللبناني يعلن توقيف أحد أبرز قياديي تنظيم الدولة الإسل ...
- هيا غني مع الأطفال.. تردد قناة طيور الجنة الجديد على نايل سا ...
- ألمانيا: السوري المشتبه بتنفيذه عملية الطعن بمدينة بيليفيلد ...
- المواطنون المسيحيون يؤكدون دعمهم للقيادة وللقوات المسلحة الا ...
- مفتي القاعدة السابق: هذه الرؤى جعلت بن لادن يعتقد أنه المهدي ...
- حزب الله يُصدر بيانًا حول -النصر الإلهي- للجمهورية الإسلامية ...
- بعد تفجير انتحاري داخل كنيسة بدمشق.. هل المسيحيون مهددون في ...
- -رحل صدام والجمهورية الإسلامية لا تزال موجودة-.. دبلوماسي سا ...
- السنة الهجرية: حقائق عن التقويم القمري الذي سبق الإسلام بمئت ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مصطفى العوزي - الاسلام و ظواهر المجتمع ( 3 )