حسن الناصر
الحوار المتمدن-العدد: 2930 - 2010 / 2 / 28 - 14:39
المحور:
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
تصيبني الدهشة وانا اسمع تبريرات المالكي وكوادر حزب الدعوة عن أسباب التخبط والتعثر الحكومي الذي طال مؤسسات الدولة طيلة فترة هيمنتهم على الحكومة لأربع سنوات خلت والتي تجيّر حسب استعراضهم الضحل على عاتق تلكؤ مجلس النواب وعلى المحاصة الطائفية والعرقية التي وسمت هذه المرحلة , ورغم ان مجلس النواب ضم بين جنبيه الفاشل والمزور والمعدوم الضمير واللص الا إن هذا بدوره لم يشكل عقبة كأداء أمام الأداء الحكومي الهزيل كما يهش به البعض من أبواق السلطة لان الحكومة في وادٍ والبرلمان في وادٍ آخر بل ان الرقابة التشريعية على الحكومة لم تفعل بشكلها الصحيح عدا حالات بسيطة برزت في الأشهر الأخيرة والتي هي دعاية انتخابية أكثر ما تكون عمل برلماني مشهود .
وتدور في خاطري مجمل أسئلة لعل بعضها يفند رأي المالكي ورهطه الذين يتوسلون الكلام المعسول وصراخ المنابر لإسعاف ما تعفن من قبح السلوك ونتانة الإنتاج وكما يلي :
هل البرلمان والمحاصة الطائفية والعرقية منعت المالكي من مسائلة وزير او وكيل وزير فاشل حتى ولو ببيان إعلامي للجمهور لتبرئة الذمة او بكتاب شديد اللهجة لذلك الوزير او لتلك الوزارة المتلكئة .
هل البرلمان والمحاصة لديهم القدرة في منع المالكي من إحالة وزير او وكيل وزير سارق لأموال الشعب (وما أكثرهم) الى القضاء للمسائلة عن ما اقترفه .
هل البرلمان والمحاصة تمسك بوزراء من حزب الدعوة سرت أنباء سرقاتهم الى أقصى الأرض لتصل الى مسامع المواطن العراقي البسيط الذي يقطن في خلوات اسكندنافيا وكندا وفي أقصى قرى أهوار العراق , فكيف لم تصل الى أسماع رئيس الحكومة ورغم ذلك تجده يدافع بضراوة عن هؤلاء اللصوص وقضية فلاح السوداني مازالت ندية حيث تأشرت على وزارته سرقات تجاوزت أربع مليارات دولار تعادل ميزانية عدة دول في أفريقيا وخرج منها الوزير (المتقي الورع) مشرئب الرأس بعد ان لاك المليارات من قوت الجياع .
هل البرلمان والمحاصة منعت المالكي من إطلاع الناس على اللجان التحقيقية التي شكلت وتلاشت بدون أدنى نتيجة عن حالات الفساد او التقصير الحكومي الواضح , ومنها قضية استيراد لعب أطفال سميت زورا (أجهزة كشف المتفجرات) تبين ان قيمة الواحدة منها أربعمائة دولار في حين كان سعر الشراء ستين ألف دولار أي ان القيمة الحقيقية لها تقل عن 1 % عن سعر الشراء وذهب 99% من المبلغ الى جيوب (الدعاة الزهاد) في قضية لو حدثت في أي بلد غير العراق لأحيل نصف الحكومة للقضاء وانتحر الباقون , حيث ذهب ضحية هذه الأجهزة الآلاف من الأبرياء عدا المعوقين نتيجة التفجيرات الإرهابية .
هل البرلمان والمحاصة هي التي شلت القطاع الصناعي وحولت مصانع العراق الى خراب يباب وآلات صدئة دون خطة لتفعيلها دعما لاقتصاد البلد المتعكز على قطاع النفط فقط ولسحب أعداد من العاطلين وزجهم في هذه المصانع التي انفق عليها العراق ملايين الدولارات من تجهيز وصيانة وإعداد كوادر ودورات في الخارج .
هل البرلمان والمحاصة هي التي دحرت الزراعة في العراق وجعلته يستورد حتى التمور وهو بلد النخيل الأول .
هل البرلمان والمحاصة هي التي تغض النظر عن شرائح من أبناء العراق يعتاشون على القمامة وميزانية البلد تقدر ب 85 مليار دولار في حين كانت ميزانية الأردن 8 مليارات وسوريا 7 مليارات فقط .
هل البرلمان والمحاصة هي التي أعدت الميزانية العامة وخصصت رواتب وامتيازات ضخمة للوزراء والبرلمانيين والرئاسات الثلاث مع منافع اجتماعية هائلة تُسرق لصالح أشخاص وأحزاب ام أن وزارة المالية والتخطيط هي من تبنت ذلك وبمصادقة مجلس الوزراء .
هل البرلمان والمحاصة هي من خلقت جيوش من العاطلين والمعوزين من أبناء البلد في حين شمل التوظيف الحكومي لأناس لم يروا العراق وإنما وظفوا وأُحيلَ البعض منهم على التقاعد وهم يتنعمون بمناظر أوربا الخلابة دون جهد او كد او عناء .
هل البرلمان والمحاصة هي التي منعت المالكي من مسائلة وزير الكهرباء (وحيد كريم) الذي أكثر من وعوده الجزلة والكاذبة وترك الناس لسياط حر الصيف اللاهب , فيما المالكي وذوي المالكي وأسرته وبطانته وخدمه وحشمه وحاشيته وحمايته يتنعمون بها صيفا وشتاءا .
هل البرلمان والمحاصة فرضت على المالكي ان يزج الآن بقائمته الانتخابية جل وزراءه ووكلاءهم الذين اشتهروا بالفساد والفشل ليعيد تسويقهم من جديد لدورة برلمانية وحكومية لاحقة ليمحقوا فيها ما تبقى من خيرات هذا البلد المظلوم .
وختاما والكلام يكلم الفؤاد ويخدش النفس الثكلى بالأحزان على بلد ضيعته حكومات حزب البعث الفاشي وحزب الدعوة المرتشي , أقول ان على الشعوب الحرة ان تصنع أقدارها ولا تترك سقط الناس وأوباشها يتحكمون بمصائرهم فالأجيال اللاحقة ستلعننا حين نكون تحت الثرى وفي ذمة الماضي , فتركيا الحديثة شنقت ثلاثة من رؤساء وزراءها حادوا عن الطريق واسترطبوا كرسي الحكم الذي ظنوه أزليا لا يلحقه مشرط المسائلة والحساب .
ان المالكي اما متواطئ او مهمل وفي الحالتين يجب ان يسائل قضائيا ليكون عبرة لكل حاكم لاحق يتجرأ على ما جرى من جور وتجويع وإذلال لأبناء البلد اللاهثين على لقمة العيش فيما دهاقنة السلطة يستفيئون ويتنعمون وأسرهم بأموال الشعب المنهوبة , وعجبي للمالكي ومن دار بفلكه حين يتشدقون بنهج الإسلام بهتانا وهم بعيدون عنه بعد الثرى عن الثريا , الم يدركوا قول إمام الإسلام ونبراسه علي بن أبي طالب (ع) : كتب على أئمة العدل أن يتأسوا بأضعف رعيتهم .
[email protected]
#حسن_الناصر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟