أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طالب إبراهيم - توفير موعد عابر














المزيد.....

توفير موعد عابر


طالب إبراهيم
(Taleb Ibrahim)


الحوار المتمدن-العدد: 2929 - 2010 / 2 / 27 - 00:29
المحور: الادب والفن
    



غمرتني المدفأة بطيف وهجها، وسجنتني بلهيب نفسها الحار، راقبتُ عبر
نافذتي الأغصان العارية وهي ترتجف في جوّ يصحو على ظلّ شمس باردة.
تقرصني رعشة برد مفاجئة، فيقشعر بدني. غطيت كتابي بعينيّ، لأقطع
علاقة ما لبثت تنمو بين بصري وهذا البرد الجاف.
شغب الرّيح، وضجّة الأغصان على سطح نافذتي، أعادا نصب العلاقة،
لكن هذه المرّة بين أذنيّ والبرد، وفهمتُ محاولات البرد الجريئة للوصول
إلى جسدي الهشّ الضعيف؛ وسيمر وقت طويل قبل أنْ أدرك
ماهية العلاقة بين أنفي والبرد، عندما شممتُ رائحة المطّاط العتيق في
غرف رماديّة متوالية في جهة واحدة من مسرح رطب وسط العاصمة..!؟
أميّ تصرّ أنّ الطقس جميل ودافئ، والدّراسة في شرفة المنزل مناسبة.
تدثّرتُ بمعطف والدي، وحملت كتابي، وكرسّياً صغيراً، وقبل أن أخرج،
رانتْ منّي التفاته مسحت كمسبار صورة أمّي وهي ترفع يدها
وتقطع خيط قطرات الزيّت البطيئة، التي تُغذّي لهباً، يريد أن ينمو،
لكنّ الجفاف المفاجئ، يقتله ببطء.

نصبتُ الكرسي بجوار الزّاوية لأحمي نفسي من دفقات الريح، رغم أنف
الشّمس المشرقة، وفكّرتُ أن أعود!!
اقتربت أمّي، تحمل كرسيّاً من الخشب والقشّ.
نصبته في الطرف الآخر من الشرفة، وأوقدت مغزال الصّوف في يديها،
وغامت عيناها بشرود حزين، أعرفه، أحفظه، يخنقني، يقتلني، يسلب لي قلبي.
لم ترتد معطفاً، ولا حتى سترةً خفيفةً تغطي بها آلام كتفيها الدّائمة!!
اشتعلت في مكاني، وأكملت واجبي على تنهيدة من صدر أمي، وتنهيدة من
مغزالها، وأخرى من قطرات ريح تتسابق، لتطفئ خجلي، وتدفع قلم
رصاص دقيق، ليصفر بين سطرين تحرقهما الكلمات، فأتوهج،
ويطوف بي شعورٌ بالدفء، ما زال ينمو، ليبرهن لي في أبرد الساعات؛
أنّ للدفء جذر داخليّ.. داخلي وعميق....

.........

موعد عابر

ثعلب يفرّ خلف وكر يغطّيه الثلج.
نافذة مطلّة على الشّرق. ضوء شحيح يرقد في القنديل ويبرد.
طاولة عارية. كرسيّ يئس الجلوس تكسرت أغصانه، يئن،
سرير دافئ متراخٍ , سعال مزراب السطح يحسُّه. كيس يعلق
في السياج ويشخر. الغيم في الجبل يلد الغيم. نبع يسرح في السّاقية.
يطوي وشاحه، ويدسّ يديه بحركة مطلوب في جيبي معطفه.
يقرأ الموعد في المرآة, يغطيّه بزفيره الحار، يرسم قبلةً فوق
صورة في الجدار، ويذهب ممتطياً صمته، وحرارة موعد عابر.
الثلج يعزف، وخطاه تُذوِّب بقعاً تتناثر على حافة
ساقية.الغيم يمرق. النّبع يفرّ. نافذة مشلوحة.
ضوء شحيح. طاولة. سعال مختصر. سرير يصحو.
صورة تنفخ في يديها. تشعل مسامها الباردة، وهي
تنتظر حبيبها الذي ذهب، ولم يعد حتى الآن…!!



#طالب_إبراهيم (هاشتاغ)       Taleb_Ibrahim#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إيجار قناص
- شتيمة مراقبة مغامرة
- نسوة الموضوعي تعزية اعتراف
- مثمر اليدين خوف مداهمة شهيد مفاجأة نهايات
- اليوم الأول في سجن عدرا
- سوطٌ آخر من الذاكرة
- اعتقال بين هلالين
- اللاوطنية تهمة تمس الجميع
- الخطاب الأخوي والواقع التقسيمي
- الثورة المغادرة
- لا مبالاة
- عملية.....إلى عادل إسماعيل
- ثقافة الحذاء..خروج القاذف والمقذوف وبقاء الحذاء
- غرفة في العنبر السفلي غرفة تحقيق بفرع فلسطين المبنى السابق
- الفتات إلى عباس عباس أبوحسين
- المتخفّي إلى أحمد الغريب..!
- عودة التفاصيل - اعتقال من مطار دمشق ثم محكمة أمن الدولة - إل ...
- التهمة المعلّبة -من مذكرات معتقل سياسي علويّ-
- المعارضة القصيرة والباب العالي
- البعد الطائفي للنظام السوري والتسوية


المزيد.....




- التشادي روزي جدي: الرواية العربية طريقة للاحتجاج ضد استعمار ...
- ما آخر المستجدات بحسب الرواية الإسرائيلية؟
- تردد قناة ماجد الجديد لأطفالك 2025 بأحلى أفلام الكرتون الجذا ...
- -أسرار خزنة- لهدى الأحمد ترصد صدمة الثقافة البدوية بالتكنولو ...
- بمناسبة أربعينيّته.. “صوت الشعب” تستذكر سيرة الفنان الراحل أ ...
- خطوات الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية بالاسم فقط “هنــــ ...
- في ذكرى رحيل فلاح إبراهيم فنان وهب حياته للتمثيل
- الفنان صبيح كلش .. حوار الرسم والتاريخ
- مرتديًا بذلته الضيقة ذاتها .. بينسون بون يُصدر فيديو كليب سا ...
- -الزمن المفقود-.. الموجة الإنسانية في أدب التنين الصيني


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طالب إبراهيم - توفير موعد عابر