أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - خالد يونس خالد - الإباء وعزة النفس في شخصية المتنبي بين فلسفة القوة والتعالي والعتاب والحكمة















المزيد.....

الإباء وعزة النفس في شخصية المتنبي بين فلسفة القوة والتعالي والعتاب والحكمة


خالد يونس خالد

الحوار المتمدن-العدد: 2916 - 2010 / 2 / 13 - 23:31
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


الإباء وعزة النفس في شخصية المتنبي بين فلسفة القوة والتعالي والعتاب والحكمة
القسم الأول

الأدب والأدباء والشعر والشعراء

أنقل من االعلامة الأديب الشيخ عائض القرني ماقاله عن الأدب والأدباء والشعر والشعراء:
‘‘ إن الأدب صاحب مكانة عالية في عرفنا، وصاحب شرف رفيع في قصر لغتنا، فما أجمل أن يكون الأدب محتشماً، وما أروع أن يكون الأدب مؤدباً، وأن يكون الأدب مؤدياً لرسالة، ومحققاً لهدف معين، فالأدب يظهر فكر الأديب.
الشعراء شاعران: شاعر شعر، وشاعر شعير، فالأول يحمل إحساساً مرهفاً، وشعوراً فياضاً فتؤثر هذه الصفات على أبياته لتكون أبياتاً تحمل معنى يلامس شغاف القلوب وحنايا الوجدان. أما شاعر الشعير فكل همه هو كيف يسخر الملكة التي أعطاها الله إياها في غير موضعها، وفي غير مكانها الصحيح.
إن الشعراء عندما يكتبون قصائدهم يتفاوتون، ففي بعض الأحيان تجد أن القصيدة تلامس مشاعرك وأحاسيسك فيكون لها ذوق وطعم آخر، وفي الأحيان الأخرى تجد أن القصيدة بعيدة كل البعد عما تحتاج إليه من حنان شعري وعطف أدبي ....
الشعر من أقوى علامات الرجولة، وبالشعر يجد الشاعر متنفساً واسعاً لما قد يصادفه من مواقف في حياته، سواء المحزنة أو المفرحة منها والشاعر بشعره يمتع ويستمتع، فكم من هموم فرجت بالشعر، وكم من مشاكل حلت بسلطان الأدب والبلاغة.
جميل أن يعيد الإنسان الكتابة في لون من ألوان الأدب قد بهت جماله، واختفت معالمه، وجميل أن يحيي الأديب ويجعل روح الحياة تدب فيما يسمى بالمقامات والتي تحمل نكهة خاصة ومذاقاً راقياً، ولوناً زاهياً براقاً
إن القراءة تحلق بصاحبها في فضاءات المعرفة واسعة الأفق، وتطير به في عالم الدراية مترامي الأطراف، فالكتاب هو خير صديق، وأفضل رفيق، إذا كان كتاباً نافعاً، فبالقراءة يصبح الإنسان بارعاً وصاحب ثقافة واسعة، وإدراك خصب.
لقد سخر الله لهذه الأمة رجالاً وهبوا ما أعطاهم الله للعالم من بعدهم؛ وذلك بتفريغ ما تحويه عقولهم النيرة إلى كتب قيمة ؛ فخدموا الأمة بذلك خدمة جليلة، وقدموا ما أدركوه من العلوم لمن بعدهم بشكل سهل مبسط‘‘. انتهى الإقتباس.

أبو الطيب المتنبي

أبو الطيب المتنبي (915-965)، هو أحمد بن الحسين بن مرة بن عبد الجبار الجعفي الكندي الكوفي، أو أحمد بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي، كما روي الخطيب وابن خلكان‘‘. (ينظر: عبد الرحمن البرقوقي، شرح ديوان المتنبي، المجلد الأول، ج1، ص 20) . لُقب المتنبي بـ ‘‘مالئ الدنيا وشاغل الناس‘‘. لم يعرف تاريخ الأدب العربي شاعرا في رصانة الشعر وحبكته
ودقته مثل شعره المليئ بالمعاني البديعة المفعمة بالفخر والكبرياء وعزة النفس والشموخ .

أبو الطيب المتنبي
يعجبني ما قاله عميد الأدب العربي طه حسين في المتنبي: أنه ‘‘لاينسب نفسه إلى أب كأباء الناس، وإنما ينسب نفسه إلى متجزئ له بعض يمتاز من كله ... هو إذن لا ينتسب للرجال ... إنما ينتسب إلى معنى بعضه يغني عن كل غيره، وقليله يغني عن كثيره سواه. هو ينتسب إلى البأس والشدة. وإلى المروءة والنجدة، وإلى ارتفاع الهمة وبُعدِ الأمل وحسن البلاء: به يفخر السيف إن اشتمل السيف، وبه يفخر الرمح إن اعتقل الرمح، وبه يفخر الفخر إن اكتساه ثوبا أو احتذاه نعلاً. ثم هو بعد ذلك حسن البلاء حين يجرد السيف أو يلاعب السنان. بهذا وذاك يصرع الأبطال الدارعين . ثم هو بعد هذا وذاك ابن الشعر الذي يقهر به الشعراء مهما ينبغوا، ويقهر به النقاد مهما يبرعوا‘‘. (طه حسين، مع المتنبي، في: من تاريخ الأدب العربي، العصر العباسي الثاني، المجلد الثالث، ط2، دار العلم للملايين، بيروت 1978، ص22).
ولعل أجمل ما يمكن تأكيد ما تقدم هذه الأبيات التي اعتبرها طه حسين ‘‘من أروع ماقال من الشعر‘‘ (طه حسين، نفس المصدر، ص21).
أنا ابنُ مَن بعضُهُ يفوقُ أبا البــاحثِ والنجلُ بعضُ مَن نجَلَهْ
وإنما يذكر الجدود لهم من نفروه وأنفدوا حِيَلَهْ
فخراً لعضْبٍ أروح مُشتَملَه وسمهَري أروحُ معتقِلَهْ
ولْيَفخرُ إذا غدَوتُ به مُرتديا خيرَهُ ومُنتـَعِلَهْ
أنا الذي بيّن الإله به الأقــدارَ والمرءُ حيثُما جعلَهْ
جوهرةٌ تفرحُ الشرافُ بها وغصةٌ لا تُسيغُها السِفلهْ
.....................
ويُظهر الجهلَ بي وأعرِفُه والدّر درُ برَغمِ مَن جَهِلَهْ
لم يكتب المتنبي عن أبيه، لكنه كتب عن جدته لأمه، وقال في رثائها :
ولو لم تكوني بنت أكرم والد لكان اباك الضخم كونك لي أما
(ينظر: عبد الرحمن البرقوقي، شرح ديوان المتنبي، ج1، مصدر سبق ذكره، ص21).

إشكالية لقب ‘‘المتنبي‘‘

تعددت الروايات في سيرة المتنبي عند الأدباء الباحثين والمهتمين بشعره ولغته وشخصيته والبيئة التي عاشها وعلاقاته بالولاة والأمصار، كما تعددت الآراء والقيل والقال في المتنبي لقبا ووو. وقد صدرت عدة شروحات عن ديوان المتنبي، منها:
- شرح السيد عبد الرحمن البرقوقي في أربعة أجزاء. ويمتاز بالدقة والتبسُط والاستيعاب.
- شرح العكبري وابن جني. وقد رتبا شرحيهما على حروف المعجم .
- شرح السيد علي بن أحمد الواحدي النيسابوري صاحب التفاسير المعروفة (الوجيز، الوسيط، البسيط). وقد نظما شرحهما حسب التاريخ طبقا لمنهج فيلسوف الشعراء أبي العلاء المعري في رائعته ‘‘معجز أحمد‘‘.
- شرح أبي العلاء المعري بعنوان ‘‘معجز أحمد‘‘.
- وشروحات أخرى منها شرح اليازجي وشرح السيد يحيلى شامي والخ.
هنا ينبغي أن أقف عند مصطلح ‘‘المتنبي‘‘ وأتساءل: هل حقا إدعى المتنبي بالنبوة أو أن حساده، وما أكثرهم ، أرادوا أن يؤذوه بهذه الوسيلة.
سبق أن ذكرت أعلاه أنه تعددت الروايات والآراء حول المتنبي لأنه كان بحق ‘‘مالئ الدنيا وشاغل الناس‘‘.
ذكر ابن جني، وكان صديقا للمتنبي، أن أبا الطيب لقب بالمتنبي لقوله:
أنا في أمة تداركها الله
غريب كصالح في ثمود
ما مقامي بأرض نخلة إلا
كمقام المسيح بين اليهود
في حين قال أبوالعلاء المعري، كما جاء في (رسالة الغفران): وحدثت أن المتنبي كان إذا سُئِل عن حقيقة هذا اللقب قال هو من النبْوة أي ‘‘المرتفع من الأرض وأنه قد طمح في شيء من الملك ولإبداعه في الشعر لقب بنبـي الشعر كما يقول الطبسي حيث رثاه بعد قتله‘‘ قال:
كان من نفسه الكبيرة في جيش وفي الكبرياء ذا سـلطان
وهـو في شعره نبي ولكن وجدت معجـزاته في المعـاني
وقيل أن أبا الطيب إدعى النبوة في بداية شبابه في بادية السماوة وتبعه خلق كثير، طبقا لما نقله ابن خلكان. ونسب البعض كلاما قيل أنه كان يزعم أنه قرآن أُنزل عليه، وهذا بعض ماقيل:
‘‘والنجم السيَّار والفلك الدوَّار والليل والنهار إنَّ الكافر لفي أخطار.
امضِ عَلَى سننَك واقف أَثرَ مَن كان قبلك من المرسلين فإن الله قامعٌ بكَ زيغَ مَن ألحدَ في الدين وضلَّ عن السبيل‘‘.
وقيل لما فشى أمر المتنبي خرج إليه أمير حمص (لؤلؤ) الذي كان يشغل منصب نائب الإخشيد، واعتقله. وجعل في رجله وعنقه قرمتين من خشب الصفصاف. وما كان من أبي الطيب صاحب القريحة الفذة واختيار الكلمات المؤثرة إلاّ أن يكتب من سجنه للأمير لؤلؤ قصيدة شعرية يستعطفه بهذه الكلمات:
أيا خدَّد الله ورد الخدود وقدَّ قدود الحسان القدود
فهنَّ أسلن دمًا مقلتي وعذبن قلبي بطول الصدود
وكم للهوى من فتى مدنف وكم للنوى من قتيل شهيد
فواحسرتا ما أمـرَّ الفراق وأعلق نيرانه بالكبود
.....................
أمالك رِقِّي ومن شأنه هبات اللجين وعتق العبيد
دعوتك عند انقطاع الرجاء والموت مني كحبل الوريد
دعوتك لما براني البلاء وأوهن رجلي ثقل الحديد
وقد كان مشيهما بالنعال وقد صار مشيهما في القيود
وكنت من الناس في محفل وها أنا في محفل من قرود
تعجل فيَّ وجـوب الحدود وحدّي قبل وجوب السجود
وقيل عدوت عن العالمين بين ولادي وبين القعـود
فما لـك تقبل زور الكلام وقدر الشهادة قدر الشهود
فلا تسمعن من الكاشحين ولا تعبأن بمحك اليهود
وكن فارقًا بين دعوى أردت ودعوى فعلت بشأو بعيـد
فعفا عنه الأمير لؤلؤ وأطلق سراحه.

عتاب وحكمة وإباء بأثواب المدح

ذكرت أعلاه أن أمير حلب (لؤلؤ) عفا عن المتنبي وأطلق سراحه، فسافر المتنبي بعد ذلك إلى أنطاكية، وقدمه واليها لسيف الدولة أمير حلب ، فقرَّبه منه بعد أن أنشده المديح.
يقول عميد الأدب العربي طه حسين ‘‘إن للمتنبي في سيف الدولة ديوانا خاصا يمكن أن يستقل بنفسه، وهو إن جمع في سفر مستقل لم يكن من أجمل شعر المتنبي وأروعه وأحقه بالبقاء، بل من أجمل الشعر العربي كله وأروعه وأحقه بالبقاء‘‘. (طه حسين، مع المتنبي ، مصدر سبق ذكره، ص164).
يبدو أن أبا الطيب مغرور هنا، فقد كان دائما ، ذا طماح وزهو وكبرياء ... والصفة الحميدة عنده أنه لم يكن يشرب الخمر، فقد كان عظيما وعبقريا إلى درجة أن حياته كانت زاخرة بكل ما يجلب له الحب والاشفاق والاجلال من قوم. ولأنه كان بهذه الشخصية المبدعة، فقد كان محل حسد وعداء الكثير من الناس، وهذا شأن كل عبقري. (ينظر: عبد الرحمن البرقوقي، ديوان المتنبي، ج1، ص 6).
لنقرأ معا قصيدته (واحر قلباه ممن قلبه شبم)، وهو رد على وشاية أبي نؤاس. نستمد من القصيدة أنها قصيدة عتاب وحكمة وإباء بأثواب المدح لسيف الدولة، يبين فيها تعاليه وعزة نفسه، وفخره بقدرته في التعبير وعمق بلاغته في الشعر إلى درجة أن شعره مدرسة لغوية لكل مَن أراد أن يتقن اللغة العربية الجميلة.

وَاحَرّ قَلْباهُ ممّنْ قَلْبُهُ شَبِمُ وَمَنْ بجِسْمي وَحالي عِندَهُ سَقَمُ
ما لي أُكَتِّمُ حُبّاً قَدْ بَرَى جَسَدي وَتَدّعي حُبّ سَيفِ الدّوْلةِ الأُمَمُ
إنْ كَانَ يَجْمَعُنَا حُبٌّ لِغُرّتِهِ فَلَيْتَ أنّا بِقَدْرِ الحُبّ نَقْتَسِمُ
قد زُرْتُهُ وَسُيُوفُ الهِنْدِ مُغْمَدَةٌ وَقد نَظَرْتُ إلَيْهِ وَالسّيُوفُ دَمُ
فكانَ أحْسَنَ خَلقِ الله كُلّهِمِ وَكانَ أحسنَ ما في الأحسَنِ الشّيَمُ
فَوْتُ العَدُوّ الذي يَمّمْتَهُ ظَفَرٌ في طَيّهِ أسَفٌ في طَيّهِ نِعَمُ
قد نابَ عنكَ شديدُ الخوْفِ وَاصْطنعتْ لَكَ المَهابَةُ ما لا تَصْنَعُ البُهَمُ
ألزَمْتَ نَفْسَكَ شَيْئاً لَيسَ يَلزَمُها أنْ لا يُوارِيَهُمْ أرْضٌ وَلا عَلَمُ
أكُلّمَا رُمْتَ جَيْشاً فانْثَنَى هَرَباً تَصَرّفَتْ بِكَ في آثَارِهِ الهِمَمُ
عَلَيْكَ هَزْمُهُمُ في كلّ مُعْتَرَكٍ وَمَا عَلَيْكَ بهِمْ عارٌ إذا انهَزَمُوا
أمَا تَرَى ظَفَراً حُلْواً سِوَى ظَفَرٍ تَصافَحَتْ فيهِ بِيضُ الهِنْدِ وَاللِّممُ
يا أعدَلَ النّاسِ إلاّ في مُعامَلَتي فيكَ الخِصامُ وَأنتَ الخصْمُ وَالحكَمُ
أُعِيذُها نَظَراتٍ مِنْكَ صادِقَةً أن تحسَبَ الشّحمَ فيمن شحمهُ وَرَمُ
وَمَا انْتِفَاعُ أخي الدّنْيَا بِنَاظِرِهِ إذا اسْتَوَتْ عِنْدَهُ الأنْوارُ وَالظُّلَمُ
سَيعْلَمُ الجَمعُ ممّنْ ضَمّ مَجلِسُنا بأنّني خَيرُ مَنْ تَسْعَى بهِ قَدَمُ
أنَا الذي نَظَرَ الأعْمَى إلى أدَبي وَأسْمَعَتْ كَلِماتي مَنْ بهِ صَمَمُ
أنَامُ مِلْءَ جُفُوني عَنْ شَوَارِدِهَا وَيَسْهَرُ الخَلْقُ جَرّاهَا وَيخْتَصِمُ
وَجاهِلٍ مَدّهُ في جَهْلِهِ ضَحِكي حَتى أتَتْه يَدٌ فَرّاسَةٌ وَفَمُ
إذا رَأيْتَ نُيُوبَ اللّيْثِ بارِزَةً فَلا تَظُنّنّ أنّ اللّيْثَ يَبْتَسِمُ
وَمُهْجَةٍ مُهْجَتي من هَمّ صَاحِبها أدرَكْتُهَا بجَوَادٍ ظَهْرُه حَرَمُ
رِجلاهُ في الرّكضِ رِجلٌ وَاليدانِ يَدٌ وَفِعْلُهُ مَا تُريدُ الكَفُّ وَالقَدَمُ
وَمُرْهَفٍ سرْتُ بينَ الجَحْفَلَينِ بهِ حتى ضرَبْتُ وَمَوْجُ المَوْتِ يَلْتَطِمُ
الخَيْلُ وَاللّيْلُ وَالبَيْداءُ تَعرِفُني وَالسّيفُ وَالرّمحُ والقرْطاسُ وَالقَلَمُ
صَحِبْتُ في الفَلَواتِ الوَحشَ منفَرِداً حتى تَعَجّبَ مني القُورُ وَالأكَمُ
يَا مَنْ يَعِزّ عَلَيْنَا أنْ نُفَارِقَهُمْ وِجدانُنا كُلَّ شيءٍ بَعدَكمْ عَدَمُ
مَا كانَ أخلَقَنَا مِنكُمْ بتَكرِمَةٍ لَوْ أنّ أمْرَكُمُ مِن أمرِنَا أمَمُ
إنْ كانَ سَرّكُمُ ما قالَ حاسِدُنَا فَمَا لجُرْحٍ إذا أرْضاكُمُ ألَمُ
وَبَيْنَنَا لَوْ رَعَيْتُمْ ذاكَ مَعرِفَةٌ إنّ المَعارِفَ في أهْلِ النُّهَى ذِمَمُ
كم تَطْلُبُونَ لَنَا عَيْباً فيُعجِزُكمْ وَيَكْرَهُ الله ما تَأتُونَ وَالكَرَمُ
ما أبعدَ العَيبَ والنّقصانَ منْ شرَفي أنَا الثّرَيّا وَذانِ الشّيبُ وَالهَرَمُ
لَيْتَ الغَمَامَ الذي عندي صَواعِقُهُ يُزيلُهُنّ إلى مَنْ عِنْدَهُ الدِّيَمُ
أرَى النّوَى يَقتَضيني كلَّ مَرْحَلَةٍ لا تَسْتَقِلّ بها الوَخّادَةُ الرُّسُمُ
لَئِنْ تَرَكْنَ ضُمَيراً عَنْ مَيامِنِنا لَيَحْدُثَنّ لمَنْ وَدّعْتُهُمْ نَدَمُ
إذا تَرَحّلْتَ عن قَوْمٍ وَقَد قَدَرُوا أنْ لا تُفارِقَهُمْ فالرّاحِلونَ هُمُ
شَرُّ البِلادِ مَكانٌ لا صَديقَ بِهِ وَشَرُّ ما يَكسِبُ الإنسانُ ما يَصِمُ
وَشَرُّ ما قَنّصَتْهُ رَاحَتي قَنَصٌ شُهْبُ البُزاةِ سَواءٌ فيهِ والرَّخَمُ
بأيّ لَفْظٍ تَقُولُ الشّعْرَ زِعْنِفَةٌ تَجُوزُ عِندَكَ لا عُرْبٌ وَلا عَجَمُ
هَذا عِتابُكَ إلاّ أنّهُ مِقَةٌ قد ضُمّنَ الدُّرَّ إلاّ أنّهُ كَلِمُ
المتنبي والمرأة في مرثيته، يرثي فيها أم سيف الدولة (من بحر الوافر):
هنا تتجلى نظرة المتنبي الإيجابية إلى المرأة إلى درجة يجعل من المرأة شمسا، ومن الرجل هلالا، والهلال كما يعرف المرء يغيب حين تشرق الشمس. بل أنه يجعل من المرأة القديرة أعلى مرتبة من الرجل. تضم القصيدة خمسة وأربعون بيتا مطلعها:
نُعِدُ المَشرفيـَّة والعوالي وتقتُلنا المنونُ بلا قتال
(يشرح البرقوقيي في شرحه لديوان المتنبي، ج3، ص140) بأننا ‘‘نعد السيوف والرماح لمنازلة الأعداء ومدافعة الأقران، ولكن المنية تخترم نفوسنا وتقتل من تقتله منا من غير قتال، فلا تغني عنا تلك الأسلحة شيئا‘‘.
يستمر المتنبي في رائعته إلى أن يصل المتنبي في قصيدته إلى القول:
ولو كان النساء كمن فقدنا لفضلت النساء على الرجال
وما التأنيث لإسم الشمس عيب ولا التذكير فخر للهلال
وأفجع من فقدنا من وجدنا قبيل الفقد مفقود المثال
يدفن بعضنا بعضا وتمشي أواخرنا على هام الأوالي
‘‘يقول: كما ينقل لنا (السيد البرقوقي في شرحه، ص149): لو كان نساء العالم كهذه المرثية في الكمال لفضَلنَ على الرجال. يعني أن هذه المرثية كانت أفضل من الرجال، فلو أشبهها غيرها من النساء لكن مثلها في الفضل – أي فضلهن على الرجال –
قال ابن وكيع: وهذا ينظر إلى قول علي بن الجهم:
إذا ما عُدَّ مثلكم رجالا فما فضل الرجالِ على النساء.


يُقال أنها كانت حبيبة المتنبي
ويذهب أبو الطيب أبعد من ذلك في البيت الذي يليه (وما التأنيث ...) ما – هنا تميمية، ولك أن تجعلها حجازية فتنصب
‘عيب‘ و ‘فخر‘ يقول: لم تزر بها الأنوثة، كما لا يزرى بالشمس تأنيث اسمها، والذكورة لا تعد فضيلة في أحد كما لا
يحصل للقمر فخر بتذكير اسمه:
والشمس ليس بضائرٍ تأنيثُها وتزيد بالنور المنير على القمر

بقية
يتبع في القسم الثاني



#خالد_يونس_خالد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين شاعر الفلاسفة المعري وفولتير العرب طه حسين - القسم الثان ...
- بين شاعر الفلاسفة المعري وفولتير العرب طه حسين - القسم الأول
- متى تنهض ليسقط قصر الباستيل ويتفجر البركان؟
- قراءة نقدية في كتاب ‘‘التيار القومي الإسلامي‘‘ للمفكر الإسلا ...
- إشكالية الثقافة وأزمة المثقف العراقي والبؤس الاجتماعي
- اليتيم
- بغدادُ العَفةُ في روحكِ والكُلُّ يُريدُكِ
- الديمقراطية والخبز - أيهما اختياره أولا؟
- لنتعظ من التاريخ حتى لا تتكرر المأساة بعد سقوط الصنم
- محاضرة مفتوحة بعنوان ‘‘نظرة في الاتجاهات والأساليب النقدية‘‘
- محاضرة عن ‘‘فرضية طه حسين حول الشعر الجاهلي والتحقق من منهجه ...
- يا غزة أصرخ لألمك ولا أستكين!!
- هل يغيب النقد لصالح سلطة النقد أو لصالح الشاعر نفسه؟ قراءة ن ...
- تفاوت القيم الثقافية الوطنية وآليات العقل الأوربي المؤثرة في ...
- هل نقرأ بوعي تاريخ الأدب العربي؟ قراءة نقدية
- حوار مع الناقد والإعلامي الفلسطيني نبيل عودة في بحثه -حتى يج ...
- أسمع محمود درويش يهمس في أذني
- استراتيجية حركات المجتمع المدني في العراق ودورها في البناء و ...
- حب كبير في عينيك
- تفكير في زمن النسيان – لقاء مع الفقيد الكاتب ناجي عقراوي


المزيد.....




- شاهد ما حدث على الهواء لحظة تفريق مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين ف ...
- احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين تمتد لجميع أنحاء الولا ...
- تشافي هيرنانديز يتراجع عن استقالته وسيبقى مدربًا لبرشلونة لم ...
- الفلسطينيون يواصلون البحث في المقابر الجماعية في خان يونس وا ...
- حملة تطالب نادي الأهلي المصري لمقاطعة رعاية كوكا كولا
- 3.5 مليار دولار.. ما تفاصيل الاستثمارات القطرية بالحليب الجز ...
- جموح خيول ملكية وسط لندن يؤدي لإصابة 4 أشخاص وحالة هلع بين ا ...
- الكاف يعتبر اتحاد العاصمة الجزائري خاسرا أمام نهضة بركان الم ...
- الكويت توقف منح المصريين تأشيرات العمل إلى إشعار آخر.. ما ال ...
- مهمة بلينكن في الصين ليست سهلة


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - خالد يونس خالد - الإباء وعزة النفس في شخصية المتنبي بين فلسفة القوة والتعالي والعتاب والحكمة