أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نضال الصالح - طوشة الموارس














المزيد.....

طوشة الموارس


نضال الصالح

الحوار المتمدن-العدد: 2903 - 2010 / 1 / 31 - 13:44
المحور: الادب والفن
    


ناجح يماك مارسا من الأرض، والذي لا يعرف معنى المارس نقول له بأن المارس هو قطعة من الأرض يحدها قطعة أخرى لمالك آخر. مارس ناجح تحده من الجهة الجنوبية حبلة تطل على الطريق العام ومن الجهة الشمالية مارس لأخيه ورثه عن عمته. يقسم المارسين خط حراثة عرضه عدة سنتمترات وفي وسطه بين كل بضعة أمتار حجر. العمة تركت المارس الثاني للأخ صلاح مقابل خدماته أثناء مرضها وعجزها قبل مماتها. ناجح لم يرض بهذا لأنه على حسب قوله كان يبعث إلى عمته نقودا حين كان يعمل في الكويت وبذا يكون قد ساهم في مساعدة العمة وإعالتها ويحق له نصف المارس الذي تركته العمة لأخيه. لم يعترف أحد بهذا الإدعاء لأنه لم يملك ما يثبت ذلك وحتى وإن أثبت فإن العمة تركت ورقة بخط يدها وبشهادة شاهدين أنها تورث المارس لصلاح مقابل خدماته لها.
ظل هذا المارس مصدر خلاف بين الأخوين إنتقل إلى الزوجات والأولاد. وحسب المصادر المطلعة في القرية أن إبن ناجح هو الذي أشعل الشرارة الأولى في فتيل طوشة الموارس، حيث أنه أثناء حراثة مارسهم تعدى بمحراثه على مارس عمه بعدد من السنتمترات مما أثار غضب العم فصفعه. يقول الراوي: ظربه تشف جابه على طوله على الأرض."
على أثر ذلك تدخل الأب ناجح وقامت الطوشة بين الأخوين التي إشترك فيها إضافة إلى الأخوين زوجاتهما وأولادهما وبناتهما. إستعملت فيها كل أنواع الأدوات القتالية المتوفرة من هراوات وعصي ومطارق وحجارة وأحذية وحفايات إلى جانب الأيدي المسلحة بالأضافر الحادة. كانت الضربات المتبادلة تتخللها الشتائم وحلف الطلاق: " علي الطلاق من مرتي ثلاثة باته إني لأدفنك في هذا المارس." هكذا هدد الأخ أخيه ورد عليه الآخر بأنه سيدفنه وجميع عائلته." تمزقت في حمى الطوشة حطط الأخوه وسقطت العقل على الأرض وديست بالأقدام وخرمشت مرت الأخ وجه سلفتها ومزقتا الطرح عن رؤوسهما. أما الأولاد والبنات فلم يكنو أقل ضراوة وسالت الدماء من الرؤوس وعرجت إبنة الأخ نتيجة ركلة برجل إبنة عمها.
تدخل العقلاء من أهل القرية وركضوا إلى أرض المعركة من أجل فض الإرتباط بين المتقاتلين وبعد جهد، لم يسلموا هم أنفسهم من ركلة أو من كف طائر أو خرمشة إحدى الزوجات، تمكنوا من وقف القتال وفض إرتباط المتقاتلين عن بعضهم البعض وأخذوا على الجميع تعهد بأن لا يقربوا الأرض لمدة أسبوع حتى تهدأ القلوب والنفوس ويتمكن العقلاء من إيجاد حل ملائم لهذا الصراع الدامي بين الأخوين.
أصبحت الطوشة تعرف بطوشة الموارس وكان الأطفال يغنوا أغنية فلسطينية معروفة تقول: آه يا بو الموارس، قسم البيدر موارس، قسمو وما أعطاني مارس." وأصبحت الطوشة خبرا على كل لسان يتندر بها الصغير والكبير. كان العقلاء يترحمون على والد الأخوين الذي كان رجلا بمعنى الكلمة، شهما كريم النفس وكان تعليق العقلاء بأن المرحوم يتقلب في قبره بسبب أفعال أبناءه.
في صباح أحد الأيام بعد مرور أقل من أسبوع على الطوشة جاءت الأخبار أن تحركات مريبة تجري في منطقة موارس الأخوين. خرج الأخوان مدججان بالهراوات تلحقهما زوجاتهما وأولادهما وتوجه الجميح بروح قتالية عالية نحو الموارس وكل مجموعة تظن أن المجموعة الأخرى إعتدت على مارس الأخرى. لحق المجموعتين مجموعة من الشباب والأولاد وحتى الأطفال ظنا من الجميع أنهم على وشك مشاهدة معركة جديدة بين الأخوين وما كانوا ليفوتوها.
المنظر الذي قابل الجميع عندما وصلوا الموارس صعقهم حتى أنهم تخدروا في موقعهم ولم ينبثوا بأي كلمة كأنما القط قد أكل ألسنتهم. على الطريق العام وتحت حبلة الموارس وقفت سيارة عسكية إسرائيلية ووقف أمامها عدد من الجنود الإسرائيليين مدججين بالسلاح. على أرض الموارس أقام مجموعة من المستوطنين اليهود عربتي سكن متحركتين وبنوا حول الرض المحيطة بكاملها سياج سلكي ضخم وسميك. عندما تقدم الجمع من الموقع هدد الجنود الإسرائيليون الجمع بإطلاق النار عليهم إن هم إقتربوا من الموقع. عندما سأل أستاذ في مدرسة القرية أحد الضباط عن معنى ذلك أجابه: " هذه منطقة عسكرية محظورة ومصادرة."
وقف الأخوان بصمت والتقت أعينهما فطأطأ كل منهما رأسه وسقطت الهراوات من أيديهما. أخذت الزوجتان تبكيان وعانقت السلفة سلفتها ووقف الأولاد صامتون ولقد سقطت العصي من أيديهم. جاء أحد الخبثاء إلى الأخوين وقال:" ها إنبسطو؟ راحت أرضكم ومظلش إشي تتقاتلوا عليه."

د. نضال الصالح/ فلسطين



#نضال_الصالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجدل العقيم: ديني أفضل أم دينك؟
- رسائل وردود
- رسالة إلى المقاتلين بإسم الله
- قارئة الفنجان
- الجنس بين العيب والحرام والإحتكار الذكوري
- ضائعة بين عالمين
- رسالة إلى المرحومة أمي عادت لخطأ في العنوان
- ما بين ساقيها وعقلها
- يساريون لا يزالون يعيشون في الماضي
- في الذكرى الثامنة لتأسيس الحوار المتمدن
- كيف رفع الشيوعيون القدماء في الدول الإشتراكية شعار العداء لل ...
- لمن نكتب وهل من يقرأ؟
- الحقائق التاريخية والعلمية مقابل النص المقدس
- التدين واليسار
- صراع مع الموت
- الحذاء
- الشيوعي وسقوط الحلم
- العلاج بواسطة الصلاة عن بعد
- كيف جرى تزوير تاريخ فلسطين والشرق الأدنى القديم
- الصديقة


المزيد.....




- المهرجان الدولي للشعر الرضوي باللغة العربية يختتم أعماله
- -مقصلة رقمية-.. حملة عالمية لحظر المشاهير على المنصات الاجتم ...
- معرض الدوحة للكتاب.. أروقة مليئة بالكتب وباقة واسعة من الفعا ...
- -الحياة والحب والإيمان-.. رواية جديدة للكاتب الروسي أوليغ رو ...
- مصر.. أزمة تضرب الوسط الفني بسبب روجينا
- “شو سار عند الدكتور يا لولو”.. استقبل الان تردد قناة وناسة ا ...
- حل لغز مكان رسم دافنشي للموناليزا
- مهرجان كان السينمائي يطلق نسخته الـ77 -في عالم هش يشهد الفن ...
- مترجمة باللغة العربية… مسلسل صلاح الدين الحلقة 24 Selahaddin ...
- بعد الحكم عليه بالجلد والسجن.. المخرج الإيراني محمد رسولوف ي ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نضال الصالح - طوشة الموارس