أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نجيب الخنيزي - الميزانية والميزان 2















المزيد.....

الميزانية والميزان 2


نجيب الخنيزي

الحوار المتمدن-العدد: 2895 - 2010 / 1 / 21 - 17:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



لايمكن الحديث عن الميزانية العامة للدولة بوجه عام بمعزل عن الأبعاد الاقتصادية / الاجتماعية / السياسية والتي تجسدها إلى حد كبير المشاريع والخطط الاستراتيجية ( خطط التنمية ) التي تغطيها. من هذه الزاوية، الميزانية هي إحدى الأدوات ( المالية والتنظيمية ) المهمة لتجسيد خطط التنمية المستدامة في مضمونها الواسع. انطلاقا من هذا الطرح فإن الموازنة تمثل تجسيدا وتحقيقا للرقابة التشريعية والرقابة المالية والإدارية، وهي إذ تعتبر وثيقة سياسية وقانونية واجتماعية تتضمن بالتالي دورا مهما للمشاركة الشعبية من خلال المجالس التشريعية ومؤسسات المجتمع المدني وأجهزة الإعلام من منطلق أن الإنسان والمجتمع هما هدف التنمية وأداتها في الآن معا. إننا لم نعد واحة معزولة عن العالم، نحن نعيش برضانا أو مرغمين العولمة بكل ما تحتويه من عمليات معقدة ومتناقضة في محتواها ومظاهرها. هذا الطور من التطور العالمي يتسم بالنزوع المتسارع لعولمة الإنتاج والتبادل والتجارة والمال في ظل الثورة العلمية / المعلوماتية / الاتصالية، وشيوع نسق وقيم ومفاهيم حضارية كونية مشتركة على غرار الديمقراطية والتعددية والشفافية وحقوق الإنسان ( لم يعد بالإمكان تجاهلها ) باتت ضاغطة وملزمة للجميع، ناهيك عن ما تفرزه العولمة من استقطاب وتباين حاد بين دول المركز ودول الأطراف، وهو ما يستدعي من الدول النامية ومن ضمنها بلادنا العمل لتقليل المخاطر والآثار السلبية، والسعي ما أمكن للاستفادة من المزايا النسبية التي تتضمنها، خصوصا أن المملكة باتت عضوا مهما في منظمة التجارة العالمية.

هناك العديد من القضايا الرئيسية الجدية العالقة ( التي لا تزال عصية على الحل لأسباب وعوامل مختلفة ) في بلادنا لم تستطع الموازنات السنوية وخطط التنمية ( ثمان خطط خمسية ) المتتالية إيجاد حلول ناجعة لها حتى الآن. وذلك لايعني بتاتا إغفال أو تجاهل ما تحقق من منجزات حقيقية على مدى العقود الماضية على صعيد التنمية وقطاع الخدمات والموارد البشرية والمشروعات الاجتماعية، وقد أسهمت الإيرادات النفطية بدور رئيسي في ذلك، خصوصا في أعقاب الصدمة النفطية الأولى في سنة 1973م، (إثر حرب أكتوبر وموقف المملكة التاريخي في وقف ضخ البترول) و قد بلغت الإيرادات ذروتها في سنة 1981م حيث قدرت إيرادات الدولة في تلك السنة بـ 372 بليون ريال وبلغت نسبة النمو الاقتصادي في المتوسط حوالى 15 في المائة سنويا، ومع تعداد السكان البالغ حوالى 9.6 ملايين نسمة في سنة 1980م، فإن متوسط نصيب الفرد من الدخل الإجمالي بلغ حوالى 137 ألف ريال في السنة المذكورة، وهو ما كان يعتبر من أعلى المعدلات في العالم (خارج نطاق الدول الصناعية الكبرى).. لقد ركزت الخطط التنموية المتتالية على ثلاث مهام أساسية هي بناء وتطوير البنية التحتية، وتنمية الموارد البشرية، وتنويع مصادر الدخل. ومع أنه تحققت منجزات مهمة على صعيد تحقيق هذه المحاور الاستراتيجية غير أن الطابع العام للتركيبة الاقتصادية ظل معتمدا ومستندا إلى القطاع النفطي ضمن سياقات وقوانين السوق العالمية (العرض والطلب) وتذبذباتها وتأثير العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمناخية التي تؤثر بصورة واضحة في تذبذب أسعار البترول صعودا وهبوطا وهو ما حدث في سنة 1998 حيث وصل سعر البرميل إلى أقل من (10) دولارات وانعكس ذلك في تفاقم العجز في الموازنات العامة (قدر العجز في ميزانية المملكة في سنة 1998م، بـ 45 مليار ريال) لسنوات عدة، كما تزايد الدين العام الذي وصل إلى 625 مليار ريال متخطيا بذلك حجم الناتج المحلي الإجمالي مما أثر بشدة على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والخدماتية بما في ذلك دخل الفرد السعودي الذي تراجع إلى 32 ألف ريال في السنة.
وقد شهدنا في مطلع السنة المنصرمة ( 2009 ) وضعا مشابها على صعيد التذبذب الحاد لأسعار النفط حين هوى سعر برميل النفط إلى 34 دولارا وهو أدنى مستوى له خلال خمس سنوات بعد أن وصل إلى ذروته في يوليو 2007 حين لامس 147 دولارا للبرميل، غير أنه عاد مجددا إلى الارتفاع ليستقر ما بين 70 و 80 دولارا وهو السعر الذي اعتبره خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز عادلا ومنصفا للمنتجين والمستهلكين معا.. التذبذبات الحادة في أسعار البترول والتي هي إحدى إفرازات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية أثرت بشكل حاد على الناتج المحلي الإجمالي والإيرادات العامة للدولة كما هو واضح في الإعلان عن عجز الموازنة العامة للسنة الثانية على التوالي حيث قدر العجز ( الافتراضي ) في الموازنة الجديدة ( 2010 ) بـ 70 مليار ريال، كما شمل التراجع الميزان التجاري، والحساب الجاري.. التحدي الكبير يتمثل أنه في ظل هذه الظروف الاقتصادية العالمية والمحلية الصعبة تعلن الدولة أضخم موازنة في تاريخها على الإطلاق بإنفاق 540 مليار ريال مستندة في ذلك إلى فائض تراكمي منذ سنة 2003 تجاوز 1350 مليار ريال.
هذه الأوضاع والتحديات تتطلب مراجعة شاملة لمختلف جوانب العملية التنموية بأبعادها المختلفة وهو ما يستوجب مشاركة القطاع العام والقطاع الخاص وكافة الفعاليات والهيئات الرسمية والشعبية في رسم استراتيجية تنموية شاملة تأخذ بعين الاعتبار جميع المعطيات وعوامل القوة والضعف على حد سواء. إن تطوير وتنويع القاعدة الاقتصادية يتطلب زيادة الإنفاق الاستثماري على المشروعات الإنتاجية (صناعة، زراعة ) والخدمية والبنية التحتية ومجالات البحث العلمي/ التقني وتطوير الموارد البشرية. إن إنجاز مجمع بترو رابغ العملاق وافتتاح جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية يمثلان خطوة مهمة ورائدة على هذا الصعيد. غير أنه لا يزال هناك متطلبات ضخمة لتجاوز الطابع الإحادي لإقتصادنا ، فالقطاعات ( بما في ذلك الصناعات البتروكيماوية التي تمثل المورد الثاني من حيث الأهمية ) والدورة االإقتصادية ككل أسيرة لحال التذبذب الحاد في أسعار النفط الذي يشكل 90% من إجمالي التصدير ، و حوالي 90% من الموارد المالية للدولة ، ويشمل ذلك القطاع الخاص الذي لا يزال يعتمد بقوة على الدولة ومشاريعها حيث تتذبذب حصته ( ما بين 35 و50% من الناتج الإجمالي ) بصورة حادة وفقا لإنخفاض أو إرتفاع أسعار البترول ، وإنعكاس ذلك على مجمل الإيرادات والنفقات التي تتضمنها الموازنة العامة للدولة ، وهو مؤشر واضح على تبعيته وعدم قدرته الذاتية على النمو .
من المهم الحفاظ على جدوى وفاعلية قطاع الدولة ، ما يتعين بذل المزيد من الجهود لتنويع القاعدة الإقتصادية ، وتفعيل وتطوير الموارد البشرية والإنتاجية ، والعمل على إزالة المعوقات الإدارية والبيروقراطية ، ومكافحة الفساد والتسيب المالي والإداري ، وإقرار مبدأ العدالة والمساواة بين المواطنين والمناطق كافة ، وتطوير وسن قوانين وأنظمة جديدة للعمل الإداري والوظيفي ، واستخدام نظام الحوافز والمكافآت بغرض رفع مستوى الإنتاجية وتشجيع العاملين، إضافة إلى دعم القطاع المختلط، وتقديم الحوافز للقطاع الخاص (المحلي والأجنبي) وتشجيع عودة الرساميل السعودية المهاجرة والتي تقدر بحوالى ثلاثة تريليون ريال ( 800 مليار دولار ) مما يتطلب إزالة المعوقات البيروقراطية من أنظمة وإجراءات عتيقة ، و تحديث تشريعات و قوانين الإستثمار الخاص و الأجنبي بما لا يتعارض مع المصالح الوطنية .



#نجيب_الخنيزي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الميزانية والميزان «1»
- الذكرى الأولى لرحيل المفكر والمناضل المصري الكبير محمود أمين ...
- ظاهرة الصالونات الأدبية الثقافية وتصدّر القبيلة والطائفة
- لايزال يحدونا الأمل.. برجوعك ياأبا أمل
- معوقات قيام مؤسسات المجتمع المدني ( 9 )
- ثقافة الفساد
- التمايز ما بين المجتمعين الأهلي والمدني ( 8 )
- نشوء الدولة المركزية السعودية والمجتمع المدني ( 7)
- السجال حول طبيعة الدولة في الإسلام ( 6)
- التيارات الاصولية والموقف من الدولة المدنية (5 )
- الدولة العربية الحديثة ومستلزمات المجتمع المدني ( 4 )
- مفهوم المجتمع المدني .. ترسيخ فكرة المواطنة ( 3 )
- مكونات وعناصر المجتمع المدني (2 )
- بمناسبة العيد الثامن لانطلاقة الحوار المتمدن
- المسار التاريخي لظهور وتبلور مفهوم المجتمع المدني ( 1 )
- الحداثة والأزمة الحضارية 2 - 2
- الحداثة وانسداد الأفق التاريخي ( 1 )
- القمة الخليجية في ظل التحديات والاستحقاقات المشتركة
- الاحتفاء بالشخصية الوطنية البارزة ميرزا الخنيزي
- إيران: بين ولاية الفقيه والدولة المدنية


المزيد.....




- نهشا المعدن بأنيابهما الحادة.. شاهد ما فعله كلبان طاردا قطة ...
- وسط موجة مقلقة من -كسر العظام-.. بورتوريكو تعلن وباء حمى الض ...
- بعد 62 عاما.. إقلاع آخر طائرة تحمل خطابات بريد محلي بألمانيا ...
- روديغر يدافع عن اتخاذه إجراء قانونيا ضد منتقدي منشوره
- للحد من الشذوذ.. معسكر أمريكي لتنمية -الرجولة- في 3 أيام! ف ...
- قرود البابون تكشف عن بلاد -بونت- المفقودة!
- مصر.. إقامة صلاة المغرب في كنيسة بالصعيد (فيديو)
- مصادر لـRT: الحكومة الفلسطينية ستؤدي اليمين الدستورية الأحد ...
- دراسة: العالم سيخسر -ثانية كبيسة- في غضون 5 سنوات بسبب دوران ...
- صورة مذهلة للثقب الأسود في قلب مجرتنا


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نجيب الخنيزي - الميزانية والميزان 2