|
البعثيون بين الانتشار والتبخر
زكي رضا
الحوار المتمدن-العدد: 2894 - 2010 / 1 / 20 - 00:38
المحور:
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
بعد التاسع من نيسان 2003 ، تناقلت وسائل الاعلام اخبارا حول تقرير للنظام البعثي المنهار. كان قد وزع بشكل واسع ، على تنظيمات هذا الحزب الفاشي . يطلب فيه من اعضائه وفي حالة (سقوط بغداد ) ، ان ينظموا الى الاحزاب الاسلامية الطائفية ، كلٌ حسب طائفته . من اجل العمل على عرقلة وتخريب العملية السياسية في البلد ، تمهيدا لعودة هذا الحزب الارعن الى الواجهة السياسية مرة ثانية . ويبدو ان اعضاء هذا الحزب ولان الاسلام يجتب ما قبله ، قد نجحوا نجاحا كبيرا في الوصول الى مراكز متقدمة ، في الاحزاب الطائفية الشيعية والسنية . على الرغم من ان وصولهم الى مراكز قيادية داخل الاحزاب الطائفية السنية كان اسهل ، على اعتبار انهم يظهرون انفسهم وكأنهم الحاضنة الام لسنة العراق !!.
ويبدو ان فشل الاحزاب السياسية الطائفية ، في تقديم نموذج افضل ( ان لم يكن اسوأ ) مما قدمه نظام صدام حسين وحزبه الفاشي في حكم العراق . وفشلهم الذريع في بناء دولة مؤسساتية ، تستطيع ان ترفع عن كاهل المواطن العراقي اثار الحروب والحصارات ، التي ابتلى بها شعبنا ووطنا لعقود . قد ساهم في ان يكشر هؤلاء البعثيون عن انيابهم ، بشكل اسرع مما كان يتوقعه الكثير . من الذين كانوا ينتظرون انهيار البعث وبناء عراق ديموقراطي ، يعوض شعبنا ووطننا كل سنوات الحرمان تلك .
وعلى الرغم من ان عددا كبيرا من الاسلاميين كانوا يعيشون ( ولازالت عوائلهم ) ، في بلدان الغرب الكافر ! . وانهم استفادوا كثيرا من النظم الديموقراطية في تلك البلدان ( وخصوصا رواتب التقاعد والدعم الاجتماعي ) ، الا انهم وحال وصولهم الى الحكم بفضل الامريكان ( شيطان بزرك ) . فانهم نسوا كل مباديء الديموقراطية ، هذا اذا كانوا قد تعلموا منها شيئا اصلا . فالديموقراطية عندهم كانت ولا تزال تصب في خانة واحدة ، وهي تقسيم العملية السياسية على اساس قومي طائفي . وقد عملوا المستحيل ولا زالوا ، كي تبقى هذه الصورة هي الوحيدة لديموقراطيتهم المشوهه . التي يريدون من خلال توسلهم بكل السبل غير الديموقراطية ، في ان يستمروا من خلالها لاطول فترة ممكنة على رأس الحكم . لتنفيذ اجندة سياسية تتقاطع كليا مع تطلعات شعبنا ، لبناء عراق ديموقراطي تعددي اتحادي موحد . ومن هذه السبل غير الديموقراطية ، والتي تصب بأتجاه تكريس الطائفية . هي تذًكرهم للبعثيين وضرورة اجتثاثهم ، عند مواسم الانتخابات فقط . فهيئة المساءلة والعدالة وهي وريثة لجنة اجتثاث البعث ، كانت وقبل ان تتسرب الاسماء المشمولة بعدم الترشيح للانتخابات الى وسائل الاعلام . تعرف جيدا من هو البعثي ، وماذا كان مركزه ودوره ابان النظام الدموي السابق واي مركز يحتل الان . ولكنها اي اللجنة لم تتناول هذا الموضوع سابقا ، استجابة لضغوط قوى سياسية متنفذة داخل العملية السياسية . وهذا يعني ان اللجنة منحازة في اتخاذ قراراتها ، او انها تنتظر موسم الانتخابات كي تأتيها الاوامر من بعض القوى السياسية . التي اكتشفت من انها غير مقبولة جماهيريا ، حتى بعد ابتعادها عن مسمياتها الاسلامية ، وتعكزها على اسماء وطنية . والتي سيثبت المستقبل من انهم سيكونوا مضطرين لتغييرها هي الاخرى ، بعد ان يفشلوا في ترجمة ما تحتاجه الجماهير الى منجزات على الارض ، مثلما كانت السنوات السبع الماضية . وهذا لا يعني ان الذين سيحرمون من دخول التنافس الانتخابي هم من الحمائم ، بل هم مجرمون شاركوا في جرائم النظام الساقط عندما كان على رأس السلطة . ويساهمون منذ نيسان 2003 في تنفيذ توصيات النظام السابق ، في الاستمرار بذبح العراقيين في محاولة منهم لاعادة عقارب الساعة للخلف .
والا فما هو الفرق بين عصابات عصائب الحق ، وبين عصابات كتائب ثورة العشرين مثلا ؟ اللهم الا في طريقة القتل . فالاولى تستخدم المثقب الكهربائي ( الدريل ) ، والثانية تستخدم السكين في قتل الابرياء من ابناء شعبنا . وما هو الفرق بين بعثي يريد ان يرهن حاضر العراق ومستقبله للدول العربية على اساس قومي ؟ وبين اسلامي يريد ان يرهن حاضر العراق ومستقبله لايران على اساس طائفي ؟ وما هو الفرق بين بعثي يشن حربا ضد دولة جارة ، بالنيابة عن الرجعية العربية ، لا ناقة لشعبنا فيها ولا جمل ؟ وبين اسلامي يريد تعويض تلك الدولة بمئة مليار دولار من اموال شعبنا الجائع ؟ ايها الطائفيون ان من يروّج للنظام الدموي السابق ، ويجعل شعبنا وللاسف الشديد يقارن بين نظامي الحكم ما قبل وما بعد التاسع من نيسان . هو انتم نتيجة فشلكم الذريع في بناء دولة عصرية ذات مؤسسات ، قادرة على احترام العراقيين على اساس المواطنة وليس على اساس الولاء لمذهب معين او حزب معين . ان الذي يجعل شعبنا يقارن بينكم وبين البعث الساقط ، هو هذا العدد الهائل من الاميين ، الذين بيدهم صناعة القرار السياسي في البلد .ان الذي يجعل شعبنا يقارن بينكم وبين البعثيين القتلة ، هو انكم بدل ان تعالجوا دمار الارض والانسان ، فانكم فاقمتم هذه المشكلة حتى وصل الانسان عندنا واخلاقه والارض ومشاكلها ، الى مستويات قياسية في التدني ، حتى وصل الامر بالانسان العراقي ان يبيع وطنه في تصويته لكم ، مقابل حفنة من الدنانير الملطخة بالدماء .
راجعوا فترة حكمكم للسنوات السبع الماضية ، واستخدموا النقد والنقد الذاتي في تجربتكم السياسية . عندها ستكتشفون ان كنتم صادقين مع انفسكم على الاقل ، من انكم زدتم في مشاكل العراقيين بدلا من حلها . واصبح الوطن ومستقبله في مهب الريح جراء هذه السياسة . ادرسوا تاريخ الامم المتمدنة والدول التي تحترم شعوبها ، وستعرفون من انهم وصلوا الى ما هم عليه الان بفضل العلم وبناء المدارس . وقارنوا بين اعداد المدارس وبؤس مبانيها ، وبين اعداد المساجد والحسينيات وجودة مبانيها ، نسبة لاعداد السكان . عندها ستكتشفون من انكم تقودون البلد الى دهاليز مظلمة ، لا يستفيد منها الا المعممون الجهلة الذين يكرهون العلم لان به تكون نهايتهم .
وعودة لعنوان المقالة وعندما كنت طالبا في الثانوية ، سألنا استاذ مادة الكيمياء يوما عن معنى كلمة الانتشار . فأجاب احد الطلبة من ان الانتشار يعني التبخر ، فما كان من الاستاذ الا ان قال له ( ها .. يعني اذا استاذ الرياضة كلكم انتشروا بالساحة تتبخرون .. اكعد طايح الحظ ) . وهنا بودي ان اسأل طائفيي اليوم هل البعثيين ( يا طا ..... الحظ ) ، تبخروا ام انتشروا وبالتحديد في صفوفكم وقوائمكم . كما وان اجتثاثكم لافراد كانوا معكم لاربع سنوات على الاقل ، يعني اما انكم اغبياء او متواطئون معهم ، وفي الحالتين فأنكم اجرمتم بحق الشعب والوطن .
كلمة اخيرة : المحاصصة الطائفية هي المسؤولة عن انتشار البعث وعدم تبخره .
الدنمارك 19 / 1 / 2010
#زكي_رضا (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قتلة الامام الحسين (ع) بالامس هم انفسهم قتلة العراق اليوم
-
قليلا من الكرامة قليلا من الحياء يا دعاة المحاصصة
-
لبيك اللهم لبيك .. سرقنا العراق وجئنا اليك
-
دردشة مع السيد رئيس الوزراء
-
قراءة في قانون برلمان المحافظات العراقية
-
ما اشبه اليوم بالبارحة يا ملا عبود
-
قيامة بغداد وسياسة صنع الغباء
-
القائمة المغلقة والكيس بدينار
-
أشعر بالفخر .. اشعر بالزهو ..لانني شيوعي
-
الى السيدة ميسون الدملوجي .. يا ليتنا لو كنت كردية فيلية
-
لافتة شارع المتنبي ثانية
-
أيها الشيوعيون العراقيون ، من اين حشرت عليكم البهائم اليوم ؟
-
نواب البرلمان العراقي صاموط لاموط
-
رجال دين ام وعاظ سلاطين
المزيد.....
-
فيديو يظهر لحظة مداهمة فيضانات مفاجئة منزلًا في نيويورك.. شا
...
-
آلاف الزوار يتدفقون لالتقاط الصور.. ومزارعون إيطاليون يردّون
...
-
رغم تزايد الضغوط الدولية.. هل لا تزال إقامة دولة فلسطينية قا
...
-
كيف تعرف سمات الشخصية التي تميل إلى الغش وخداع الآخرين؟
-
هارين كين أم ساديو ماني .. حظوظ لويس دياز في بايرن؟
-
هل رفض نيجيريا الاستسلام لترامب يؤشر على تدهور علاقات واشنطن
...
-
مظاهرات -كسر الصمت-.. فلسطينيو 48 يرفضون حرب الإبادة والتجوي
...
-
لوموند تكشف ضغوطا غير مسبوقة على الجنائية الدولية لحماية إسر
...
-
إعلام إسرائيلي: العالم يرانا متوحشين وحماس ذكية وتلقننا درسا
...
-
تعادل رحلة فرنسا إلى إيطاليا.. رصد أطول صاعقة برق بالعالم
المزيد.....
المزيد.....
|