أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعاد الفضلي - وصف الحاح الذباب للجاحظ














المزيد.....

وصف الحاح الذباب للجاحظ


سعاد الفضلي

الحوار المتمدن-العدد: 2890 - 2010 / 1 / 16 - 18:39
المحور: الادب والفن
    


يتناول هذا البحث دراسة تحليلية متآنية للوصف الحسي من خلال تلك الصورة الرائعة التي يصور فيها الجاحظ موقفا لعبد الله ابن سوار قاضي البصرة وهو في معركة عنيفة مع الذباب

ان الادب كغيره من الفنون الانسانية التي تودي وظيفة في الحياة وتلك الوظيفة هي التعبير عن حاجات النفس والعقل ونقل العواطف والانفعالات الانسانية عبر العصور, ولم يغفل الكاتب تحديد الزمان والمكان فاستهل الوصف بفعل ماض ناقص وفيه اشارة لتحديد ا لوقت كما أكد على أهمية المكان عندما قال: كان لنا بالبصرة .......إلخ ولم يترك الشخصية بل حددها بدقة حين قال: قاض البصرة... ويساورنا الشك في صحة القصة لانه قال: يقال ( أي عن الرواة ) فلا تعرف هل حدث فعلا أم إنه قد اختلقه ليؤكد به دراسته لشئ معين . وعلى اية حال فقد أكثر من المفردات المترادفة في المعنى بمعنى زاد اللفظ على المعنى لفائدة أو تأدية المعنى بعبارة زائدة لغائدة التقوية والتأكيد نحو قوله :لم يرى الناس حاكما قط ولا زميتا , ولا ركينا , ولا وقورا حكيما ضبط من نفسه وملك من حركته مثل الذي ضبط وملك " فكلمة زميتا تعني صاحب جلال ووقار وكذا كلمة ركينا مشتقة من الركانة وتعني وقورا ورزينا وثابتا وكذلك حكيما ووقورا كلمات كلها تدور حول الرزانة والوقار والثبات وبهذا اعطانا صورة دقيقة عن القاضي في وقاره وتزمته ولو إنه بالغ كثيرا في وصف الرزانة حيث كثر التكرار وتتابعت الاضافات ثم يواصل الكاتب حكايته بجمل اعتراضية ليس لها محل من الاعراب وهو يقول : قريب الدار من مسجده ثم يلجأ على تشبيه القاضي بالصخرة المنصوبة مدخلا لونا جديدا من ألوان التصوير الفني .

ويواصل الكاتب قصته.......حتى يقوم الى صلاة الظهر ثم يعود إلى مجلسه , حتى يقوم الى صلاة العصر , ثم يعود إلى مجلسه ,حتى يقوم إلى ...........إلخ . وأنا بإعتقادي إن حذف الجمل أكثر ما يرد في كتاب الله عز وجل إذ هو الغاية في الفصاحة والنهاية في مراتب البلاغة ونحن نعلم أن كلا من الحشو والتطويل يخل ببلاغة الكلام بل لا يعد معها الكلام إلا ساقطا عن مراتب البلاغة كلها , ويعود الكاتب مرة أخرى في وصف القاضي بالتزمت مرة أخرى والتأكيد على تلك الصفة حتى نهاية الفقرة والتي يقول فيها " يوجز ويبلغ الكلام اليسير المعاني الكثيرة . ثم يدخل في صلب الموضوع وهو ما أراده فعلا أن يكشف عن طبيعة الذباب وشدة إلحاحه عندما قال بداية الجملة إذا سقط على أنفه ذباب فأطال المكوث ثم تحول إلى موق عينيه فرام الصبر في سقوطه على الموق وعلى عضه ونفاذ خرطومه ..........إلخ فنرى هنا الانفعال الأصيل الذي حول الرموز إلى معاني حسية وأصبح الرمز قوة مولده , علامة تتكرر في تفاصيل متنوعة وبذلك نكون وجها لوجه مع القارئ وكانه يشاهد مسرحية , وهذا الانفعال الناشئ يساعد على كشف قدرة الكاتب في هذه الصورة الفنية الرائعة ولو أن شيئا من الازدراء يرافق عملية التصور ولكن الانفعال كان مقصودا من قبل الكاتب لكي يبين إلحاح الذباب في أدق تصوير وهو يصور مراحل صبر القاضي فيتحفنا بصورة فنية رائعة عندما قال "حتى استفرغ صبره ونحن عادة نقول نفذ صبره ولكن إنسان مثل الجاحظ قضى عمره في دكاكين الوراقين ينهل من الكتب ما يشاء لا يتورع من اللعب بالمفردات وانتقاء أجودها تعبيرا .

نلاحظ إن الجاحظ أراد أن يحد من جبروت الإنسان وشعوره بالعظمة أمام قدرة الله في أضعف خلقه , حين كشف لنا أمر القاضي , ووضحت مقاومته وظهر عجزه وتأكد إن عيون القوم ترمقه لم يجد بدا من الاعتذار عن ذلك بان الذباب ألح من الخنفساء وأزهى من الغراب وان الانسان إذا ازدهى بنفسه غلبه على أمره أضعف المخلوقات ولا يفوتنا أن نذكر بإن الجاحظ قد أراد ان يصور طبيعة الذباب ويصف الحاحه وشدة خبثه وثقله وقدرته مع ضعف خلقته على ان يخرج الحليم من حلمه والوقور من وقاره فعمد إلى ذلك المشهد الذي برع في تصويره ورسم حركاته وتفصيلاته إلى أبعد حد ممكن ليؤكد لنا ما اراد أن يكشفه من طبيعة الذباب وشدة الحاحه

وسواء أكان هذا المشهد الذي نقله لنا الجاحظ قد حصل بالفعل أم أنه قد اختلقه ليؤكد به دراسة لطبائع الذباب فهي على أية حال صورة فنية رائعة , وقوة مخيلته , ودقة ملاحظته في الوصف والتصوير ولا نغفل دور الكاتب في اللجوء الى القران في دعم الحقائق الربانية وبيان قدرة الله في الكون . والله في عون الجميع وألا يسلط علينا من لا يرحمنا .



#سعاد_الفضلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجمال منذ الأزل ... بساطة في الماضي وإبداعات في الحاضر
- لا تعتبر المرأة العراقية ضعيفة وقاصرة إذا كُسِر حاجز العالم ...
- عروس الخليج
- شجون الغربة
- ظاهرة البغاء والمتاجرة بالجنس
- ما أروعك
- الأربعاء الدامي والأحد الحزين
- سبيل المنطق في الوصول إلى الأحكام
- الموضوعية والخرافة وتشويه الحقائق
- كيف تواجه الأزمة النفسية
- أحبك غاضبا
- يقولون لشبعادْ هل تعرفينَ سعادْ ؟؟
- الحوار والاعتذار
- سيكولوجية الإدمان وطرق علاجه
- ما أهمية النصح وكيف يمكن إيصاله إلى من نحب؟
- تعقيب على تعليق الدكتور ابراهيم حول مقال نشر تحت عنوان -ما ه ...
- يوم العيد
- ما هو منطلق الدعوة في الحفاظ على اللغة العربية ؟
- سحر العيون
- حوار أدبي ردا على أبيات الكاتبة شبعاد جبار - اذهب لمن تشاء -


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعاد الفضلي - وصف الحاح الذباب للجاحظ