أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعاد الفضلي - ما أهمية النصح وكيف يمكن إيصاله إلى من نحب؟















المزيد.....

ما أهمية النصح وكيف يمكن إيصاله إلى من نحب؟


سعاد الفضلي

الحوار المتمدن-العدد: 2770 - 2009 / 9 / 15 - 07:28
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


النصيحة في اللغة : " أصل نصح الشيء : أي نظفه وأزال ما فيه من وسخ ، ونصح العسل أي صفاه مما علق فيه من شوائب".
والنصحية ما هي إلا معلومة صافية من شوائب الأهواء والشيطان والنفس الأمارة، حيث يأخذ العقل فيها الحياد الانفعالي بعيدا عن مسببات الشوائب ليقوم بعمله الفكري بإتقان بإرسال المعلومة صافية فكريا وذهنيا وتطبيقا كالعسل المصفى المقدم على طبق الحب والمرسل من الناصح إلى المنصوح.
ومن مميزات النصيحة ومهامها الأساسية القيام بعملية التصفية للمعلومة من الشوائب .
النصيحة اصطلاحا : إنها السبيل إلى إزالة الاعوجاج في القصد وتنقية الخلل في العقيدة أو الأخلاق والعمل.
إن النصيحة هي المعلومة الفكرية التي تصدر من بيئة داخلية صالحة ممثلة بالنية والعقيدة، ومن بيئة خارجية أيضا صالحة ولكنها تظهر في حيز الواقع والعمل ممثلة في أخلاق الناصح وعمله.
وتأتي أهمية النصيحة في غرس الأصول النفسية وتثبيتها في ذهن المنصوح لقيامه عمليا بممارستها في محيطه الاجتماعي ومعرفة حقوق المجتمع عليه والهدف الذي يسعى إليه و هي من أهم العوامل الرئيسة في التربية الحديثة مع الاستعانة بوسائل الشرح والإيضاح لإدخال هذه القيم وغرسها باعتبارها أساسا لبنيان الشخصية القويمة، وما نقدمه إليهم اليوم من نصائح هو مفتاح الغد لهم لتنشئة جيل واضح الأهداف، نيّر السلوك، سهل المسالك، طاهرا لنفس، مؤتمنا على أمته .
النصح حاجة ضرورية للنجاح بتكلفة أقل لأنه مزيل لعوائق الطريق أمام المنصوح يقوم بإصلاح المعلومات التالفة واستبدالها بأخرى جديدة نافعة. بها متعة رائعة لأنها تهدي إلى الحق وتحفز الإنسان إلى التقدم على الصراط المستقيم. فأنت أيها الإنسان المنصوح عندما تستقبل معلومة مجربة وناجحة من عقل الناصح فقد حصلت على علم دون تكلفة، واختزالك للجهد العقلي المبذول للبحث عن المعلومة النافعة .
الإصلاح دائما يأتي من الوحدة في الاتجاه، في جميع ما نملك من طاقات عقلية وقلبية وجسدية ولتحقيق هذا الصرح الآدمي من الطاقات المنسجمة نحتاج إلى تواصل حقيقي فنحن البشر نحتاج لنتعايش في هذه الدنيا متوافقين في فطرتنا وحبنا للاجتماع بالآخرين إلى تيارات متواصلة تخدم منافعنا ومصالحنا المتبادلة . ولكن كيف نحدث التغير لتحقيق التكامل الخارجي بعد التكامل النفسي الداخلي هذا ما نأمل أن نصل إليه كل من موقعه.
النصيحة مهمة الرسل والصالحين من بعدهم حيث يعملون كأجهزة إرسال معلومات صحيحة للبشر تساعدهم في الإصلاحات الداخلية في الذات ، ومتى استقامت الذات الإنسانية بما تملك من معارف استقام الإنسان في حياته، وهي وسيلة رائعة لتحقيق التكامل الفكري، ولا تنطلق إلا من قلب محب لتحقيق التكامل العاطفي النفسي.
وقد كان الرسل جميعاً ناصحين لأقوامهم من كل قلوبهم باذلين ما بوسعهم لنفعهم وهدايتهم . . ولذا قال نوح لقومه: وأنصح لكم. وقال هود لقومه: وأنا لكم ناصح أمين. وقال صالح: ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين. وقال شعيب لقومه بعدما هلكوا: لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم فكيف آسى على قوم كافرين .
النصيحة ، التي نحتاج أن تكون خلقًا وصفة شائعة بيننا يقدمها العالم للجاهل ، والكبير للصغير والوا لي للرعية وتكون مشاعة بين الجميع، من حيث تعودنا عليها ، وحرصناً على أدائها ، وتقبلا لها وتقديراً وإجلالاً واحتراماً لمقدمها ؛ لما يبذله من خيرٍ يريده لنا.
ولابد للناصح أن يجهز أدلته العقلية لاستخدامها أثناء النصح ، كما يجب أن يحذر الغرق في التفاصيل، فيضيع الهدف من النصح وتتشتت الأفكار فيفقد القدرة على توجيه المعلومة. كما أن مفهوم النصيحة أعم من أن يقصد به مجرد إتباع الرفق واللين كما يظن كثير من الناس في عصرنا هذا؛ وإنما تتمثل النصيحة في إتباع الأسلوب الأنسب في حينه، إذ الناصح الحكيم هو من يضع الشيء في موضعه، ولذا فقد عرف ابن القيم الحكمة بأنها ((فعل ما ينبغي على الوجه الذي ينبغي في الوقت الذي ينبغي)). كما أنه ليس من ضير على الناصح أن يتخير الأساليب المناسبة لمن ينصحهم وأن يستعين ببعض ما أفرزته العلوم الحديثة في هذا المجال وغيره في معرفة أحسن الطرق للوصول إلى قلوب المنصوحين وعقولهم.
عندما تلفنا الحيرة أو نصبح في مفترق طرق عديدة و غامضة عندما لا تأتي النتائج حسب ما نود و كذلك عندما يتدخل الآخرون ـ سلبا أو إيجابا في تحديد بوصلة مسيرتنا في الحياة نقف وقفة جادة نلتمس العون بعد الله عند ذوي الاختصاص لمحاولة تحسين ذواتنا بتحديد أفكارنا و توجيه من نحب الوجهة الصحيحة نحو الخير.. كل ما يعود على الإنسان في دنياه و أخرته من خير هو طريق آمن و هي أهداف آمنة و ضرورية تستحق السعي لتحقيق الأهداف و الخطط الأولى السليمة بإذن الله في الحصول على الاطمئنان النفسي و الشعور بالأمان تحت مظلة النصيحة النصوح .


الأهم من ذلك هو كيف يمكن ايصال النصيحة إلى من نحب :

وضوح الهدف المحدد من النصيحة حتى تتضح مسار الفكرة من عقلك إلى عقل الشخص الذي تريد نصيحته. فإن القدوة الحسنة لها أثرها في النفوس ؛ فإن وافق الفعل القول كان ذلك أبلغ في الفهم والمعرفة ، وفي القبول والإقبال على هذه النصيحة وأن تكون لديك القدرة على المناقشة مع التصميم على وجهة نظرك - أعمل على ضبط أعصابك و المحافظة على هدوئك- حاول العمل على توجيه الحديث إلى الهدف المنشود.
التلطف في الأداء قولاً وفعلا، فالرفق ما كان في شيء إلا زانه، وما نُزِعَ من شيء إلا شانه،
انه من العسير بل من المستحيل أن تقود شخص إلى السبيل الذي تريده و تقتصر مساهمتك في ذلك بان تحذره من العثرات التي قد يقع فيها خلال سعيه إليها أو نرشده إلى طريق من طرقها. النصيحة تعتمد إلى حد ما على الناصح والمنصوح كما تعتمد على المجتمع والواقع انه من الأمر الشاق تحديدالنصيحة و معرفة أسبابها ذلك لأنها تتصل بنواح شخصيّة تختلف من فرد لآخر كما إنها ليست صفة في ذاتها وإنما هي نتيجة للحياة الحسنه المنظمة وكثيرا ما يحصل الإنسان عليها وهو يبحث عن شيء آخر ..

إظهار المشاعر القلبية ، تظهر واضحة في هذه الآية العظيمة التي تبين ذلك الأمر بياناً شافياً ، قال تعالى :
ولا تستوي الحسنه ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميد{ ما نقوله في هذا السبيل إن أغلبية الناس ترى إن النصيحة المثالية هي تلك الحالة التي تحقق مطالب القلب والعقل معا .. بالحب يمكن الوصول القلوب.. ولا يستطيع واحد من الناس أن يتأكد من تأثير النصيحة وفعاليتها إذا لم يتقاسم الجميع هذا الكنز ..وكثيرا ما تأتي النصيحة نتيجة لأعمال وخدمات لا تهدف إليها مباشره وإننا نؤدي واجبنا العظيم بما يرضي ضمائرنا .. وان نخدم الآخرين .. لقد سعى الناس منذ قديم الأزل ليتحقق وجود عالم الحق والخير والجمال .. وقد بقيت هذه المثل دائما غاية ما ترنو إليه الإنسانية ويظهر دور الناصح بارزا في ترميم الانحرافات الناشئة عن الحسد والحقد والغيبة والأنانية.

المعرفة التامة لما ينوي القيام به من نصح فلا ينبغي أن تتقدم بنصحٍ في أمرٍ لا تعلمه ولا تعرف فيه حكم الله وليس لك إطلاع ؛ فإن النصيحة أمرً بمعروف ، ونهي عن منكر.أي على علمٍ وبينةٍ ومعرفةٍ تامة قال تعالى: ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن . فالناصح يستفيد من تراكم تجاربه، ويوسع أشكال إدراكه وعالمه وذاته في أفق التأثير على المنصوح حسب الإمكان، ردد على مسامعه الآيات و الأحاديث المناسبة ,والأقوال المفيدة وأعمل على توفير نظام معلومات جيد لتزويده بالحجة القاطعة والدليل الساطع .
ولتكن نصيحتك سرّاً، حتى لا تصير تشهيراً وتوبيخاً، وحتى يتقبّلها الذي تنصحه، انصحه قاصدا اجتناب السيئات كما قيل فإنها أولى بالنصح من اكتساب الحسنات .
فالناصح الواقعي هوا لذي لا يكتفي بتقديم النصيحة بترك الذنوب والمعاصي فحسب ، بل لا يفسح مجالاً للتفكير فيها، ولا يدع الفكرة المظلمة تمر بخاطره ... فإن التفكير في الذنب ، يوجد ظلمة روحية في القلب ويمحو الصفاء الروحي من الإنسان.
النصيحة على مرارة مذاقها تشكل أداة رائعة لتبادل المعلومات والخبرات الناجحة من مخزون العقول البشرية بأقل التكاليف لتبرز النقص الذي تقدمه النفس بطبيعتها الخطاءة فعماد الدين وقوامه النصيحة ، والعمل المتقن هو تضافر الطاقات والإبداع ، ويطلب قانون الإسلام تواجد العواطف كأساس متين للتعامل والعلاقات الإنسانية لذلك لا يتم التناصح إلا بين القلوب المحبة حبا مسؤولا.
فالناصح والمنصوح يقومان بإبدال المعلومات من خلال فريق عمل واحد قد تخصص في عمران النفوس وعمران الدنيا ، فإننا نتبادل المعلومات لنكون معه أكفأ من خلال فريق عمل يعمر ولا يدمر كما يجب أن نعلم أن جرعة النصيحة مرة لا يقبلها إلا أُولو العزم. وبهذا الصدد يقول القرآن الكريم : "الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب ".

د. سعاد الفضلي
كندا في 14/09/2009



#سعاد_الفضلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تعقيب على تعليق الدكتور ابراهيم حول مقال نشر تحت عنوان -ما ه ...
- يوم العيد
- ما هو منطلق الدعوة في الحفاظ على اللغة العربية ؟
- سحر العيون
- حوار أدبي ردا على أبيات الكاتبة شبعاد جبار - اذهب لمن تشاء -
- الحوار مفتاح المعرفة


المزيد.....




- بايدن واثق من أن ترمب -لن يقبل- نتيجة الانتخابات الرئاسية
- حماس: إسرائيل غير جادة وتستغل المفاوضات غطاء لاجتياح رفح
- بايدن: القنابل التي قدمناها لإسرائيل استخدمت في قتل المدنيين ...
- سويسرا ترصد 11 مليون دولار للأونروا في غزة
- بايدن على قناعة بأن ترامب لن يعترف بهزيمة في الانتخابات
- قائد -نوراد-: الولايات المتحدة غير قادرة على صد هجوم بحجم ال ...
- أبرز مواصفات iPad Pro 13 الجديد من آبل
- سويسرا ترصد 11 مليون دولار للأونروا في غزة
- الجيش الإسرائيلي: معبر -كرم أبو سالم- تعرض للقصف من رفح مجدد ...
- -يني شفق-: 5 دول إفريقية قررت إنهاء عمليات الشحن البري مع إس ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعاد الفضلي - ما أهمية النصح وكيف يمكن إيصاله إلى من نحب؟