أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري يوسف - لماذا لا يبني الإنسان علاقة نديّة مع العشب البرّي؟














المزيد.....

لماذا لا يبني الإنسان علاقة نديّة مع العشب البرّي؟


صبري يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 876 - 2004 / 6 / 26 - 08:21
المحور: الادب والفن
    


لماذا لا يبني الإنسان علاقة نديّة مع العشب البرّي؟

(إستوحيتُ هذا النصّ من خلال قراءتي لقصة: "مذكرات دودة القزّ"، للقاصّة السورية جهان المشعان.)

مذكرات شفيفة، منسوجة بمهارة أشبه ما تكون مهارات "دودة القز"، لغة طيّعة هادئة ومعبّرة، تتدفّق فوق أجنحة الأرض وأغصان الربيع، لتسلّط الضوء على آلام وأوجاع أنثى طريقة من لون زنابق الحقول المعفّرة بأحزان المساء! جميلٌ أن يكون هكذا نصّ مسرود على لسان وهواجس أنثى! أنثى تحمل بين أجنحتها دفء الصحارى وخصوبة الحنين إلى التلال البعيدة حيث حقول القطن وسهول القمح الممتدة على مدى شهقة العشق، تعبر البحار غير عابئة بذكريات من لون الينابيع، تلتفت أحياناً إلى الماضي القريب والبعيد فترى شرانق لا تحصى تغلّف بني جلدتها فيجنّ جنونها لكنها لا تملك سوى قلمها كي تفتح صدور اليرقات للهواء العليل، فيهبّ من جهة البحر نسيماً منعشاً فوق كل اليرقات، لغة متعانقة من موشور نسائم الحرية، هناك بعض الخيوط المتناثرة في متون السرد، خيوط تائهة عن عوالم الحرير، تريد أن تمزّق خيوط الحرير الخانقة كي تسير على ضفاف الحرية! آهٍ .. إلى متى سيظلُّ إلتفاف سماكات الحرير على خاصرة العمر؟ تساؤلات طازجة من لون البياض والماء الزلال تندلق في متون هذا النص، فتغدو الإجابات متناثرة فوق أجنحة الفراشات وهي تحلّق حول وميض النور قبل أن تحترق من وهج الإشتعال! هذه القصّة ذات النفس المنفلت بشهقة صارخة فوق جبال الشوق إلى مصاطب زخات معابر العمر الحميم، شوق مفعم بالأوجاع، لكثافة الصقيع المتراكم فوق أعناق سلمى ومثيلاتها إلى أن تلتفّ حول خاصرة الروح خيوط متدفّقة من هدير الريح، خيوطٌ مدبقة بطبقات سميكة من الصمغ. تشهق أنثانا حزناً وهي تقبع في أعماق القمقم تنتظر الضوء الآتي من وجنة الليل! كيف يعيش الإنسان بعيداً عن تدفقات الماء الزلال، ولماذا لا يبني الإنسان علاقة مودّة نديّة مع العشب البرّي ويفرش أنثاه فوق المروج والزهور البرية كي يرتشف من خصوبة الربيع رحيق الزنابق ويلوّن وجنة الحبيبة بعبق الندى المتناثر فوق وريقات النفل، مبدِّداً كل أنواع الخيوط الملتفة حول أعناق العذارى ويرميها في أعماق البحار! يأتي الإنسان إلى الحياة في ليلة قمراء ثم يرحل على حين غرّة تاركاً خلفه آهاتاً لا تخطر على بال، لماذا لا يمسح وجه الحبيبة بالزيت المقدس ثم يعانق وجنة الهلال بإيقاعات شهقة المحبة ثم يرنو إلى خيوط الشفق قبل أن يزرع براعم العشق عشب الحياة! منذهلٌ أنا كيف لا يرى العاشق عيني العاشقة في عزّ الإرتعاش ولا يمسح دموع الحنين المتناثرة فوق أهداب البحار؟! جميلة أنتِ يا صديقة البحر والنوارس، يا موجة مسترخية فوق سديم الحلم. تولد قصصنا من فضاءات الألم ثم تنمو إلى أن تغفو بين دياجير خصوبة القلم، وحده القلم قادرٌ أن يلملمنا من ضجر المسافات ومن سماكات دبق الصمغ الهائج بين ثنايا مذكرات ما بعد الحلم، هل ثمة حلم شفيف يتعانق مع عوالم أنثانا وهي تمزّق تلافيف شرانق العمر غير آبهة إلا بجموحات شهقة العشق وهي تنظر إلى قبة الشفق قبل أن ترتمي بين أحضان الليل البليل؟!

صبري يوسف ـ ستوكهولم



#صبري_يوسف (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكتابة هي صديقة حلمي المفتوح على وجنة الحياة
- أنشودة الحياة ـ 4 ـ ص 393 ـ 394
- أنشودة الحياة ـ 4 ـ ص 391 ـ 392
- تعقيب ملون بغربة لا تخطر على بال
- أنشودة الحياة ـ 4 ـ ص 389 ـ 390
- أنشودة الحياة ـ 4 ـ ص 387 ـ 388
- أنشودة الحياة ـ 4 ـ ص 385 ـ 386
- أنشودة الحياة ـ 4 ـ ص 383 ـ 384
- أنشودة الحياة ـ 4 ـ ص 381 ـ 382
- أنشودة الحياة ـ 4 ـ ص 379 ـ 380
- أنشودة الحياة ـ 4 ـ ص 377 ـ 378
- أنشودة الحياة ـ 4 ـ ص 375 ـ 376
- أنشودة الحياة ـ 4 ـ ص 373 ـ 374
- أنشودة الحياة 4 ص 371 ـ 372
- أنشودة الحياة ـ 4 ـ ص 369 ـ 370
- أنشودة الحياة ـ 4 ـ ص 367 ـ 368
- أنشودة الحياة ـ 4 ـ ص 365 ـ 366
- تساؤلات مفتوحة للأديب المبدع سليم بركات
- أنشودة الحياة ـ 4 ـ ص 363 ـ 364
- أنشودة الحياة ـ 4 ـ ص 361 ـ 362


المزيد.....




- جمعية التشكيليين العراقيين تستعد لاقامة معرض للنحت العراقي ا ...
- من الدلتا إلى العالمية.. أحمد نوار يحكي بقلب فنان وروح مناضل ...
- الأدب، أداة سياسية وعنصرية في -اسرائيل-
- إصدار كتاب جديد – إيطاليا، أغسطس 2025
- قصة احتكارات وتسويق.. كيف ابتُكر خاتم الخطوبة الماسي وبِيع ح ...
- باريس تودّع كلوديا كاردينال... تكريم مهيب لنجمة السينما الإي ...
- آخر -ضارب للكتّان- يحافظ في أيرلندا على تقليد نسيجي يعود إلى ...
- آلة السانتور الموسيقية الكشميرية تتحدى خطر الاندثار
- ترامب يعلن تفاصيل خطة -حكم غزة- ونتنياهو يوافق..ما مصير المق ...
- دُمُوعٌ لَمْ يُجَفِّفْهَا اَلزَّمَنْ


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري يوسف - لماذا لا يبني الإنسان علاقة نديّة مع العشب البرّي؟