سهيل قبلان
الحوار المتمدن-العدد: 2883 - 2010 / 1 / 9 - 22:33
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الآلة العسكرية الاسرائيلية، عدوّ للشعبين!
يكاد لا يمر يوم تقريبا لا يتحدث فيه حكام اسرائيل عن العسكرة والحرب القادمة وضرورة البقاء على اهبة الاستعداد العسكري، مع كل ما يتطلبه ذلك من رصد الميزانيات وتكديس المعدات والآلات العسكرية من الرصاصة الى الطائرة الحربية، ويصرون على ابقاء الجيش في حالة تأهب قصوى لخوض الحرب القادمة وفي حالات كثيرة في حالة حرب فعلية.
وصدرت وتصدر وستصدر بناء على الواقع والبرامج والاهداف التهديدات بتصعيدات عسكرية، خاصة ان قوات الجيش على اعلى مستويات الجاهزية القتالية والكفاءة العسكرية، برا وجوا وبحرا، وتستولي اهوال الحرب الذرية على مخيلات حكام اسرائيل الذين يصرون على النفخ علانية وفي وضح النهار في نار الحقد والبغضاء والتذرع الدائم بحجة الامن الواهية وبحجة انقاذ السلام، وبحجة التصدي للخطر النووي الايراني وكأن قنابلهم واسلحتهم خاصة النووية ليست لزرع الموت والدمار والكوارث والهدم والخراب، بل لاقرار السلام وانشاء الحدائق. ويبدو ان جنون عظمتهم العسكرية وتفوقهم على عدة جيوش وكثرة المستودعات العسكرية في الدولة وكثرة العقول العسكرية، اعماهم عن رؤية وادراك واستيعاب وتذويت حقيقة ساطعة تؤكد ان الزمن يتحرك والارض تتحرك وكذلك الشعوب وهذه بديهية. وبعكس تحرك الزمن الدائم الى أمام هناك من القطط السمان من يعمل ويحاول عرقلة تحرك الزمن الى أمام، ويصر على تحركه الى الوراء غير آبه لنتائج ذلك الموقف الخطير الكارثي، ولانهم يصرون على تحريك آلة الزمن الى الوراء، يصرون على استخدام شتى صنوف القمع والقتل والعنف والارهاب في تعاملهم مع الفلسطينيين، نعم،عجلة الزمان لن تتوقف، ويريد حكام اسرائيل ايقافها، وعدم استيعاب استحالة ذلك، لذلك انغلق وتحجر ضميرهم أمام آلام وعذابات الجار ومصائبه واوضاعه، وكأن أنين وتأوهات وعذاب الفلسطينيين من الطفل حتى الكهل، اصوات ابواق سيارات عند حكام اسرائيل، الذين وبناء على الواقع والاهداف يصرون على تحويل الانسان هنا وهناك، الى مسخ ومجرد شكل بلا حقوق وبلا كرامة، بلا مشاعر وبلا احلام، ولأنهم يدركون جيدا ان انسانية الانسان الجميلة تقوم ومرتبطة بالتالي بالحياة الحرة الكريمة، فهم وبممارساتهم وتنكرهم لهذه البديهية وضعوا انفسهم في خانة المجرمين الذين مكانهم ليس في سدة الحكم. وعلانية يواصلون ديدنهم القديم ويصرون على استمراريته وهو المزيد من الارض والاقل من العرب، لدرجة انهم وبناء على الواقع وخاصة في جرائم عملية الرصاص المصبوب ضد اهالي غزة، لا يروق لهم بقاء اي رمق في ضحاياهم، لان بقاء الرمق في نظرهم هو ارهاب والارهاب خطير يجب محاربته! ولذلك يصرون على التعامل مع الجار الفلسطيني بعدم احترام للوجود والحدود والحقوق، وبالتالي عدم احترام انسانية شعبهم نفسه وحقه في العيش باحترام مع الجيران انطلاقا من اعتمادهم في التربية والنهج والسلوك والاهداف على القوة والقمع والاكراه والالتصاق اكثر بالبندقية وما تحمله والالتصاق للمدفع والدبابة واللغم والتغني بذلك، وانتقاد ذلك ومقاومته ومواجهته هو في نظرهم خدمة للارهاب.
ألمشهد اليومي واضح، جنود مدججون بالاسلحة وليس بالورود والاقلام والدفاتر والحلوى والالعاب، وحواجز عسكرية ليس لتوزيع المواد الغذائية والهدايا، وحصار عسكري احتلالي يومي مستمر واوامر عسكرية اجرامية للقتل والقصف والتدمير وشعب محاصر وكأنه في نظر طغاة الاحتلال مجموعة العاب وروبوتات، واوامر عسكرية وسياسية تميت القيم الانسانية الجميلة وتزرع الادران والاشواك والالغام والاحقاد، الآلة العسكرية هي التي تتكلم، ومن يعارضها فهو يخدم الارهاب. والحقيقة البسيطة التي لا يمكن دحضها والتي يستوعبها حتى ابن الرابعة من عمره، ان الفلسطينيين في اراضيهم واسرائيل هي التي تحتل تلك الاراضي وتظلم اصحابها وتعاملهم كدمى بلا ارواح وبلا مشاعر، نعم ان الفلسطينيين حق راسخ وناصع يواجه باطل الاحتلال الاسرائيلي واهدافه الخطيرة، ويواجه الحصار وحظر التجول والهدم والممارسات والوحشية والنوايا الابشع، يواجه عقلية ترى في الحصار والهدم والقمع والتعذيب والقتل والدمار عنوان الحضارة والتقدم والافتخار والمباهاة، اما مقاومة وشجب واستنكار ذلك والتصدي له ورفضه فهو ارهاب في نظر قادة شعب الله المختار.
نشر قبل فترة في جريدة "يديعوت احرونوت"، ان الراب يتسحاق شبيرا، رئيس مدرسة دينية يهودية في مستوطنة "يتسهار" اسمها: " عود يوسيف حاي "، والراب يوسف اليتسور، يعلم في المدرسة، سمحا بقتل الاغيار من غير اليهود، من اجل ان يتمكن اليهودي من التكاثر ومن الشفاء وانه مسموح ابادة كل منطقة يتواجد فيها مخربون، وهذا في نظر حكام اسرائيل حلال وانساني ولا يشكل خطرا على امن الدولة، فماذا كان سيكون ردهم لو ان معلما عربيا دعا الى ابادة يهود؟ ورغم ما قام ويقوم به المستوطنون ويصرون على القيام به فهم يتلقون كل الدعم السياسي والعسكري والمالي من حكام اسرائيل. وبالمقابل يصرون على الاعتداء على الحق الفلسطيني في مكان ثابت له وهو ارضه وليس ارض الآخرين، نعم، يعتدي حكام اسرائيل على حق الفلسطيني في مكان ثابت له من حقه ان يمارس حياته فيه باطمئنان، وان يدخل في دورة المألوف البشري المتجسد بحق الانسان في العيش في بيت آمن وحياة هادئة وجميلة وسعيدة، ولكن حكام اسرائيل يصرون على منع الفلسطيني من ذلك، وما عليه الا ان يرضى رضاء كاملا وتاما بما يقرره له حكام اسرائيل ومعارضته لذلك فهو ارهاب.
الصور اليومية التي تقع عليها ابصار الفلسطينيين، من ممارسات احتلالية اجرامية واستيطانية افظع وابشع، كثيرة ولا يلوح في الافق القريب اي امل بوقفها لان السلام الحقيقي الراسخ بمتطلباته المعروفة والتي بدونها لا يمكن ان يستتب ويرسخ، هو بمثابة داء عند حكام اسرائيل يعملون كل ما بوسعهم لمكافحته ورفضه، والانكى من ذلك، تأكيد تلك الصور اليومية للواقع القائم مدى خطورة الجريمة التي اقترفوها ويصرون على اقترافها بحق انفسهم وتتجسد في استمرارية تشرذمهم وخلافاتهم واستبعاد المصالحة بينهم ونبذ التفرغ لمقاومة المحتل ومشاريعه واهدافه، الامر الذي يزيد المحتل استهتارا بهم وبحقوقهم، ومما لا يمكن احتماله حقيقة ان اليد الفلسطينية التي تدمر وتخرب وتعمق الخصام بين ابناء وقادة وفصائل الشعب الواحد في قطاع غزة وفي الضفة الغربية، خاصة بوجودها تحت الاحتلال وحرابه ومستوطنيه، تلتقي شاؤوا ام ابوا مع يد المحتل الاسرائيلي المسمومة التي تدمر وتصر على التدمير وزرع الخراب والالغام والقاذورات ليس في الارض والمنشآت فقط بل في النفوس والقلوب، ولذلك فالنتيجة هي سفك الدماء واستمرارية الحصار وممارسات الظلم والعدوان والحقد والاعتداء على السلام ومتطلباته واحتجازه داخل كهف عميق مظلم، وبالمقابل بناء وترسيخ واستمرارية الجدار والبغضاء، استمرار المعاناة والعذاب والاخطار وتشوه انسانية الانسان وتغلب بشاعتها على جماليتها فالى متى؟
#سهيل_قبلان (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟