أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - وظيفة حكومية بعنوان - محرم- والخمور بين منع وإباحة!















المزيد.....

وظيفة حكومية بعنوان - محرم- والخمور بين منع وإباحة!


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 2875 - 2010 / 1 / 1 - 11:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


فوضى "الديموقراطية الطائفية": وظيفة حكومية بعنوان " محرم" والخمور بين منع وإباحة!
تتوالى الأمثلة ، أحداثا ومواقف وقرارات، القادمة من قلب الحياة اليومية العراقية، لتؤكد مقدار الفوضى والتحلل الذي تنتجه وتتسبب به طريقة الحكم وإدارة شؤون الدولة والمجتمع التي تأخذ بها وتعتمدها مجموعة أحزاب التحالف الطائفي و العرقي الحاكمة والمتحالفة مع الاحتلال الأجنبي. إن تلك الطريقة التي يحاول أنصارها التدليل - دون كبير جدوى - على أنها من النمط الديموقراطي والتعددي المتقدم، هي وباعتراف القائمين عليها أنفسهم تقوم على أكثر الركائز السياسية والدستورية تخلفا ورجعية، وتتمثل في آليات وطرائق حكم المحاصصة الطائفية والعرقية والحزبية ومنظومة القيم والأساليب البالية التي تصاحبها. وبما أن هذا الحكم ، في واقع الأمر ، ليس إلا تحالفا هشا ونفعيا بين مجموعة أحزاب دينية طائفية سنية وشيعية إضافة إلى مجموعة أحزاب كردية قومية، فهو سيكون بالنتيجة حكما ضاجا بالأضاليل و التزويرات والتجاوزات التي لا حصر لها من حيث العدد، والمتنوعة من حيث الشكل، ولكنها من ناحية المضمون والكيفية السلبية فاقت كل التوقعات والأمثلة المعروفة في تجارب الحكومات المرتبطة بالاحتلال الأجنبي.
ومع أن هذا المسخ السياسي والاقتصادي المركب، أوجد مَن يتمرد عليه ويرفضه ويدعو إلى استبداله حتى من داخله وفي نواته القيادية الصلبة، كالمالكي مثلا، إلا إنه يُظهر في كل يوم قدرته على الحركة والتجدد والاتساع ليشمل مجالات حياة أخرى ظلت بعيدة عن شروره حتى الآن بل وقدم في الآونة الأخيرة أمثلة عن الفساد والرجعية الاجتماعية تكاد تشكل ذروة عالية في مجالها.
ومن هذه الأمثلة التي تناقلتها وسائل الإعلام مؤخرا وفي خضم صراعات ومنافسات ما قبل انطلاق الحملة الانتخابية التشريعية نتوقف عند مثالين:
الأول هو تراجع المجلس المحلي لمحافظة البصرة عن قرار سابق بمنع بيع الخمور وكافة أنواع المشروبات الروحية. وقرار التراجع ليس بحد ذاته بيت القصيد، بل هو التبرير الذي سيق لاتخاذه، فقد قيل بأن قرار المنع صدر أثناء ( وجود رئيس المجلس في الخارج ولكن بعد عودته من السفر أعاد الجلسة والتصويت على القرار فحصلت الموافقة على إلغاء القرار لأنه يتعارض مع مادة في الدستور تعنى بكفالة الحريات والحقوق المدنية لجميع المواطنين بغض النظر عن انتمائهم الديني والاجتماعي، إضافة إلى أن منعها قد يؤدي بالبعض للتوجه إلى المخدرات..) وحتى الآن يمكن تمرير الحادثة على ما فيها من غرابة وتناقض، ومع أنها تؤشر بوضوح على نوع من السلوك الذي لا علاقة له بالديموقراطية ومشتقاتها بل بتحين الفرص ونصب الكمائن والمؤامرات واستغلال الغياب الشرعي وغير ذلك من تصرفات تجيدها عصابات الفساد والسرقة وليس المنظومات الحاكمة، ولكن استمرار نائب الرئيس الذي قاد عملية إصدار قرار المنع في غياب رئيسه ظل يؤكد بتصرفاته أن فوضى "الديموقراطية الطائفية " بلغ درجة التهريج السياسي حقا .
فهذا النائب أعلن أن "بيع الخمور يتعارض مع ما جاء به الدستور العراقي من أن الدين الإسلامي هو الدين الرسمي للبلاد، وأن القرآن يعتبر أساس التشريع". وأضاف "ما زلنا نعارض بيع الخمور في الشوارع والأحياء في محافظة البصرة " ومعنى هذا الكلام ،إنْ كان لنا ان نستنبط منه أي معنى هو أن لكل مسؤول تفسيره الخاص للدستور، ولكل مسؤول حريته في اتخاذ قرار يخص حياة الناس اليومية، ليأتي بعده مسؤول آخر ويبطل قراره ويستبدله بقرار آخر معاكس، كما يمكن أن يفهم البعض من هذه الهرجة أن رئيس المجلس المحلي قد أباح بيع الخمور في محافظة البصرة وأن نائبه منع ذلك في شوارعها وأحيائها، وليختر كل ما يناسبه ويرضيه!
فوضى القرارات والتدخل الفظ في حياة الناس على الطريقة الشمولية التي أجبر العراقيون لأربعة عقود على تجريبها حتى سئموها، والتي يجبر بموجب " قوانينها الثورية " المواطنون على ارتداء زيٍّ خاص ويتكلمون بطريقة معينة ويحبون ويكرهون كما يحب ويكره الزعيم المنقذ، لا تتوقف عند حدود محافظة البصرة، ففي محافظة واسط المحاذية لجنوب العاصمة بغداد اتخذ مجلس المحافظة قرارا مفاجئا ولا سابق له في العراق بل وفي دول العالم الإسلامي قاطبة بما في ذلك إمارة طالبان السابقة في أفغانستان، و يقضي هذا القرار الذي صوت عليه أعضاء وعضوات المجلس المحلي للمحافظة بالإجماع، بتعيين عدد من الرجال بوظيفة " محرم " يصاحب قريبته العضو في مجلس المحافظة في حلها وترحالها. والمحرم صفة دينية تطلق على من تحرم عليه المرأة كالأب و الزوج و الابن والأخ من نسب أو رضاعة، إضافة إلى الزوج، وهو أيضا مَن يحل للمرأة أن لا تتحجب أمامه.
وقد صوت جميع أعضاء المجلس البالغ عددهم 28 عضوا لصالح هذا القرار الذي جاء باقتراح وطلب من العضوات النساء في الأحزاب الإسلامية " الشيعية " وهي المجلس الأعلى والدعوة بجناحيه والتيار الصدري إضافة إلى امرأتين من قائمة علاوي " العلمانية " وأخرى من حزب وزير الداخلية " الدستوري" الذي يصفه مؤيدوه باللبرالي. وقد أحدث هذا القرار صدمة للكثيرين ممن ينادون بالمساواة بين الجنسين والدفاع عن حقوق النساء كما أنه قوبل بالرضا من قبل البعض الآخر والذين برروه بضرورة "الحفاظ على التقاليد الاجتماعية المحافظة والتي بدأت تنحسر بحسب آرائهم" .
وعرضا نهمس بآذان "العلمانيات والعلمانيين" في محافظة واسط ممن دافعوا وصوتوا لصالح هذا القرار المتخلف أن الجهات الرسمية في المملكة السعودية، ورغم تشددها في هذا الميدان، قررت بتاريخ 1/4/2008 إلغاء وجوب حضور المحرم مع المرأة التي ترتاد المكتبات العامة وبررت قرارها بأن المكتبات العامة أماكن مفتوحة لجميع المواطنين.
إن قرار تعين "محرمين " لنساء في مناصب حكومية أو تشريعية يعني أولا إهانة للمرأة بوصفها أنثى ضعيفة وعاجزة ومستهدفة وصفات أخرى يكررها التكفيريون ونربأ عن ذكرها، وثانيا هو استغلال صريح للمنصب وتعيين الأقارب لأسباب لا علاقة لها بالسياق الحكومي الذي تعمل به المرأة وبرواتب من المال العام مع إنهم يقدمون خدمة شخصية لمواطنات عاديات، كما أنه يعني ثالثا، ضمن ما يعني، أن المجتمع عموما والذكور فيه خصوصا لا يثقون بالمرأة ولا هي تثق به وبهم وأن الدولة تريد عن طريق هكذا قرارات ترسيخ أجواء انعدام الثقة.
وهكذا نجد أن الديموقراطية الطائفية التي جاء بها الاحتلال ليست إلا فضيحة عريضة بين حدَّين: الأول شكلي ومتطرف في رمزيته، حيث يأمر المتنفذون وصنّاع التجربة مثلا بأن يكون للنساء "كوتا" تمثل ربع وحتى ثلث عدد المقاعد في البرلمان والمجالس المحلية الأمر الذي يتعذر وجوده حاليا في أعرق الديموقراطيات الغربية كفرنسا وبريطانيا، والحد الآخر يمثله تعيين محرمين لهن على حساب الدولة والمجتمع.
المثير للاستهجان وللتساؤل معا هو مسارعة السيدات اللواتي ينتسبن لأحزاب تسمي نفسها علمانية ولبرالية إلى الموافقة على هذه المهزلة والتصويت لصالح القرار بل والمطالبة بأن يكون لهنَّ هنَّ أيضا محرمين خاصين بهنَّ ! لم لا ؟ أليس الجميع متساوين و متساويات في نيل ثمار "الديموقراطية الطائفية" المتخلفة هذه المرة ؟
* كاتب عراقي






#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رائحة البعث تفوح من دماء الضحايا في تفجيرات بغداد
- -الحركة الوطنية لعلاوي-..الاسم والمسمى.
- ج2/ هارون محمد والشينات الثلاثة .. شتائم ديناصورات طائفية فا ...
- ج1/ ساوينا بين الطائفيين من الشيعة والسُنة، فاتهمتنا بالطائف ...
- ج8/ الدعوة لرفض المشاركة في الانتخابات مع احترم إرادة ملايين ...
- ج7 / هل يختلف الجعفري عن سواه من طائفيين وما حقيقة خيار النض ...
- ج 6/ بين دعوة القلمجي للحرب الأهلية وعموميات هيثم الناهي.. م ...
- ج5 /من أجل هزيمة الطائفيين لا بد من تحالف شامل: أسس وركائز م ...
- ج4 /من أجل هزيمة الطائفيين في الائتلاف والتوافق والكردستاني ...
- ج3/من أجل هزيمة الطائفيين لا بد من تحالف شامل: نرجسية علاوي ...
- ج2/من أجل هزيمة الطائفيين لا بد من تحالف شامل: النزعة الثأري ...
- ج 1/ من أجل هزيمة الطائفيين في الائتلاف والتوافق والكردستاني ...
- عربدة الزعامات الكردية سببها ذعرهم من رحيل الاحتلال وليس الخ ...
- الأحد الدامي.. إستراتيجيتان: التدمير الشامل في مواجهة الخيبة ...
- الحكيم الابن ينقلب على سياسات أبيه بصدد الموقف من البعث وكرك ...
- صفقة - النفط العراقي مقابل مياه الرافدين - بين التكذيب الحكو ...
- تصحيحان لخطأين مطبعيين
- -فوبيا البعث- آخر معاقل الصداميين الجدد قبل الغروب!
- كتلة علاوي «العلمانيّة» والائتلاف الشيعي
- المالكي أو الطاعون ؟ ماذا بخصوص الخيار الثالث ؟


المزيد.....




- -كيف يمكنك أن تكون حراً إذا لم تتمكن من العودة إلى بلدك؟-
- شرق ألمانيا: حلول إبداعية لمواجهة مشكلة تراجع عدد السكان
- -ريبوبليكا-: إيطاليا تعرض على حفتر صفقة لكي ترفض ليبيا العمل ...
- بالفيديو.. طائرة -بوينغ- تواجه عطلا بمدرج مطار اسطنبول وتهبط ...
- الرئيس الروماني يكشف موقف بلاده من إرسال أنظمة -باتريوت- إلى ...
- -التعاون الإسلامي-: اجتياح رفح قد يوسع نطاق التوتر في المنطق ...
- مسؤول أوروبي: الاتحاد لا يتبنى موقفا موحدا بشأن الاعتراف بال ...
- الشرطة الألمانية تقمع تظاهرة مؤيدة للفلسطينيين في جامعة برلي ...
- دونيتسك وذكرى النصر على النازية
- الجيش الإسرائيلي يعلن حصيلة ضحاياه منذ 7 أكتوبر


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - وظيفة حكومية بعنوان - محرم- والخمور بين منع وإباحة!