أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - علي السعيد - قصة الحي العراقي _ حي يحيى زكريا في البصرة القديمة _نموذجا














المزيد.....

قصة الحي العراقي _ حي يحيى زكريا في البصرة القديمة _نموذجا


علي السعيد

الحوار المتمدن-العدد: 2848 - 2009 / 12 / 4 - 20:58
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


يتميز العراق عن باقي دول المنطقة عموما ,بأنه نقطة تقاطع الكثير من المذاهب والاديان والطوائف والقوميات ,كل تلك التنوعات تعايشت بانسجام قد يكون مثالي ,وعلى مستويات مختلفة في المدن الكبرى حتى الاحياء الشعبية الصغيرة , وكانت طبيعة ونشأة المجتمع تتسم بالانفتاح والتسامح والتقارب في العادات والتقاليد .
كان هذا الجو سائدا حتى قبل دخول الاسلام الى العراق ,حيث أوصى الخليفة عمر بن الخطاب قادته بعدم التعرض للمكونات والاثنيات وإجبارها خلاف عقائدها وتوجهها, لاجل بقاء شعب العراق موحدا متعايشا يتمتع بحرياته التي ألفها منذ قرون .
حي يحيى زكريا ,أحد أحياء مدينة البصرة القديمة ,وهو من أشهر الاحياء فيها , والذي لم يشهد أي تطورات عمرانية فيه منذ خمسون عاما أو أكثر , بل تعرض الحي للاهمال وفقدان الخدمات , حتى أضحى الحي يحوي مجموعة من الدور القديمة والخرائب والازقة العفنة والمستنقعات .
يحيى زكريا هوأحد انبياء الصابئة المندائيين الاربعة وهو يوحنا المعمدان ,سكنته الصابئة ومحلاتهم التي كانت تتجاوز الاثنى عشر محلا متخصصة في صياغة الذهب والفضة ,واليوم لم يتبقى منه أحد , لامن سكانه ولامن محلاتهم وصاغته .
لايوجد في الحي مسجدا , وما كنا نعرف من المسلمين ,لامن شيعتهم أو سنتهم أحد , سوى انني افهم واعرف بانهم مسلمون .كان فيه الكثير من العوائل اليهودية ,منهم بيت أبو موشي , بيت السنكي , بيت عزرا....الخ .ولهم معبدهم الخاص , كنا نسميه نحن المسلمون (بيت التوراة) ,كانوا يأدوا طقوسهم فيه دون مضايقة احد او تعدي من أحد .في الثمانينيات سألت أحد ضباط الشرطة القدامى الذين سكنوا الحي مدة طويلة , سألته إن يوما سجلت حالة اعتداء من ديانة ما على أخرى ,او من طائفة على أخرى , أجابني وهو مبتسما ...لم تسجل حالة اعتداء الا حالات التعرض لليهود في نهاية الاربعينيات وبداية الخمسينات ..!وهي حالات مقصودة ومسيسة ولها أهدافها ومراميه .
كان المسيحيون متفرقة يعيشوا بين كل مكونات ابناء الحي ,ولوتم جمع اعداد المذاهب في الحي لتبين بان مجموعهم يشكل نسبة أعلى من نسبة المسلمون المتواجدون فيه حين ذاك , للتذكير بان تهجير اليهود من الحي بوجه خاص ومن العراق بوجه عام جاء نتيجة اسباب عديدة منها ...تنامي الفكر القومي , ثورة رشيد عالي الكيلاني بدوافع سياسة المانيا النازية , الموساد وعملاءه , رجال الدين المسلمين ,الانكليز ومخططاتهم في اشعال فتيل الفرهود ونهب بيوت ومتاجر اليهود للضغط عليهم في تهجيرهم الى فلسطين ,عمالة بعض الساسة العراقيين وتجنيدهم لرسم مخططات ساهمت اولا وأخيرا في تنامي المد الصهيوني .وقد تعرض قسم منهم للمحاكمة بعد قيام ثورة 14 تموز 1958 في محكمة الثورة .
اليوم زرت هذا الحي الديمقراطي ,والذي كان يتمتع باجواء الحرية , لم التقي رغم الحاحي على معارفي على أية عائلة شهدت الاحداث وعاشت تطورات الحي منذ قديم الا عائلة الحاج حاجم وابنه البالغ من العمر مايقارب السبعون عاما ,هي العائلة الوحيدة المتبقية والتي شهدت كل الاحداث والتطورات لحي يحيى زكريا .
من ضمن العوائل التي سكنت الحي , عائلة الزنكي , وهي عائلة انحدرت من المملكة العربية السعودي , اضافة الى عائلة السنكي اليهودية , للمناسبة التقيت في بغداد بأحد ابناء العائلة الاخيرة , وهو رجل في منتصف الستينيات من العمر , أعزب , متقاعد , عجز قبل سنين من محاولة العثور على عروس يهودية عراقية وفي كل ارجاء العراق ...!!
كان طبيبا اوزباكانيا عاش وقدم خدماته للحي وابناء البصرة القديمة ,يدعى ديكتور كشيشان , وقد فارق الحياة في بداية الستينيات .
كان الحي , وبين كل مكوناته ,متفاعلا منسجما بشكل نحسه اليوم كانه وهم وخيال ,وكان انسجام الناس انسجاما اخلاقيا وتربويا مما زاد من تآلفهم ومحبتهم ,اليوم قد حلت علينا فنون الطائفية والكره والبغض والتهميش لابل القتل والتهجير ...نتمنى عودة الجميع الى عراقهم واحيائهم ودرابينهم ..ولكن هل يمكن أن يعود التاريخ ولو قليلا الى الوراء ..؟






#علي_السعيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أكاذيب الاعلام الموجه مابين دارون وقائمة الحزب الشيوعي العرا ...
- من الذي يحتضر..؟الاسلام أم أتباعه ؟ ومن سيطلق رصاصة الرحمة.. ...
- الماء غير مبذول...ولن يرويكم غير دماء الشعب ..!
- الناشطة والكاتبة وجيهه الحويدر...شمعة في ظلام دامس
- العصامي الهندوسي شويترام باجراني(قصة حياته من يوم هروبه من ا ...
- البوذي الذي كاد أن يفقد ظله ...
- أقزام عملاء ..وعمالقة فقراء
- السيكارة والطبيب والثورة والجنس
- الدكتور علي الوردي وحليب السباع
- (مطرقة التهديم..في مملكة التحريم) تحية للمرأة في المملكة الس ...
- الاستاذة راندا وجبل الجليد..
- اللجنة المركزية وبرجها العاجي
- من على اطلال بابل شاهدت مردوخ البابلي وتلمست عذاب البشرية في ...
- الفوسفور ...واستعماله من قبل اعداء البشرية
- جو بايدن(السيءالصيت)..يتأبط شرا
- اللهم أكشف هذه الغمة عن هذه الامة....اللهم أغثنا..اللهم اغثن ...
- إدارة التوحش.. وصناعة الوحوش السلفية ..!!
- المدرسة التي ارادت ان تخرجني ...هي ذاتها التي خرجت بن لادن و ...
- ساعة واحدة في ضيافة خلية سلفية جهادية
- ...حتى عملاء الامس أشرف من عملاء اليوم ...!!!


المزيد.....




- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...
- بلينكن يأمل بإحراز تقدم مع الصين وبكين تتحدث عن خلافات بين ا ...
- هاريس وكيم كارداشيان -تناقشان- إصلاح العدالة الجنائية
- ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟
- عراقيل إسرائيلية تؤخر انطلاق -أسطول الحرية- إلى غزة
- فرنسا تلوح بمعاقبة المستوطنين المتورطين في أعمال عنف بالضفة ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - علي السعيد - قصة الحي العراقي _ حي يحيى زكريا في البصرة القديمة _نموذجا