أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - بشير صقر - إلى نجل الرئيس المصرى: نعم .. لابد من وقفة للمحافظة على كرامة مصر والمصريين..لكن داخل مصر.. ومع أنفسنا أولا















المزيد.....



إلى نجل الرئيس المصرى: نعم .. لابد من وقفة للمحافظة على كرامة مصر والمصريين..لكن داخل مصر.. ومع أنفسنا أولا


بشير صقر

الحوار المتمدن-العدد: 2838 - 2009 / 11 / 24 - 19:00
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


تمهيد

بعد أن انقشع غبار معركة أم درمان.. وعاد كل إلى بيته.. وخفت زئير الغوغاء.. وصمت صراخ المطاردين.. وتوارى أنين الجرحى.. وتحددت الفرق المؤهلة لنهائيات بطولة كأس العالم في كرة القدم بجنوب إفريقية في 2010.. واستقبل الرئيسان "أبطالهما" أطراف المعركة.. التي أعادت لأحدهما ذكرى نصر أكتوبر 73 ضد العدو الاسرائيلي وللثاني ذكرى أعياد الاستقلال عن الاحتلال الفرنسي (يوليو1962).
وانفردنا بأنفسنا نستعيد شريط الشهور الأخيرة.. ونستخلص منه الدروس والعبر.. ونطابق بين ما أوصلتنا إليه النتاائج.. وبين ما خططنا له.. ونجحنا فيه، أو ما تمنياه.. وأخفقنا في الحصول عليه ، ساعتها سنتيقن أن الطرفين المصري والجزائري.. لم يربحا شيئا.. وخسرا كل شئ.
فالمبارة المعركة.. كانت في كرة القدم.. بين فريقين عربيين.. وأوصلتنا ليس إلى أزمة فقط بين دولتين.. بل إلى محنة بين شعبين.. ربطت بينهما أشرف العلاقات التي تربط بين الشعوب.. ولأن الرياضة و كرة القدم تقرب بين الشعوب لذا فإن ما جرى فى أم درمان كان مباراة فى كرة العدم.
ولأن الإعلام المصري الفقير في الوعي والثقافة.. قليل الحيلة ليست له آلية ذاتية.. بل ينتظر التعليمات التي لاتصر عادة في الوقت المناسب.. لازال يجتر أحداث الأسبوع الماضي بتفاصيلها..لا يتقدم خطوة إلى الأمام.. ولايبتدع فكرة جديدة.. ويحافظ على نفس الروح الحربية التي سادت إبان الأزمة.. ولا يدرك ماذا يفعل إزاء أوضاع المصريين العاملين في الجزائر.. أو المشروعات الاقتصادية التي طالها عنف الغوغاء مفلوتي العقال هناك.. ولأن مجتمعنا لا توجد به مؤسسة واحدة تعمل وفق نظام عمل محدد الخطوات معروف الملامح.. فالجميع وعلى رأسهم الإعلام.. ينتظر التعليمات [أو خيوط الماريونيت التي تمسك بها أصابع مؤسسة الرئاسة] ليبدأوا في التنفيذ.

الأزمة والمحنة:

لم يسقط من جمهور الفريقين قتيل واحد في الأحداث التي واكبت المباراتين.. بل تأكد للعالم سقوط النظامين الحاكمين في مصر والجزائر سقوطا ذريعا.. ولم تقتصر الخسائر على أزمة مستحكمة بينهما بقدر ما ألمت بالشعبين محنة حقيقية يصعب علاجها أو تجاوزها في المستقبل القريب.
وفي خضم الفوضى السياسية والإعلامية الضاربة الآن في البلدين.. واستخدام كل الأساليب لحشد الشعبين في مواجهة بعضهما.. ظهرت بعض نقاط الضوء التي تسعى لتشخيص المحنة وعلاجها على استحياء وبعضها من عدد محدود من المفكرين والكتاب المصريين وبعضها الآخر من عد من المثقفين الجزائريين. ولأن هذه التشخيصات تناولت الأمر في حدوده العامة.. وجدنا من الواجب أن نتعرض لتلك المحنة في بعض تفاصيلها لإعطاء تلك التشخيصات ملامحها التي ربما تساهم في توسيع مساحة فهمنا بما حدث.. أو تساعد في خلق المقدمات الضرورية للعلاج.

كرة القدم في البلدان النامية:

وفي البداية نؤكد أن ملاعب كرة القدم في كثير من البلاد النامية –ومنها مصر والجزائر- هي المكان الوحيد الذي تتواجد فيه مساحة مشتركة للشعب وحكامه.. هذه المساحة التي تبدو اتفاقا ضمنيا بينهما تتيح:
• للشعب أن ينفس عن كبته وغضبه ويأسه من الحياة التي يعيشها.. والتي يرتع فيها الفساد.. والاستبداد ويعششان في كل ركن فيها.
• وتقطف فيها الدولة ثمار الالتفاف الجماهيري حول الفرق الفائزة ببطولة قومية أوقارية أو عالمية.. سواء للأندية.. أو للفرق القومية بعيدا عن أي تحسن حقيقي في أوضاع هذه الجماهير.
فعندما تفوز الفرق يمارس الشعب فرحته.. ويشعر " بأحاسيس انتماء " يفتقدها.. ويعوض نفسه عن حرية محروم منها ويتخذ ذلك عونا على استئناف حياته التعيسة.. ويلتف حول الفرق الرياضية وإدارتها التي أتاحت له هذه الفرصة.
وهذا من ناحية أخرى يفيد الدولة في تقليص منابع الكراهية الشعبية لها ولو مؤقتا.. ويتيح لها أن توهم الناس بأنها هي التي خططت ومهدت لهذا الفوز.. وتستخدمه في إطالة عمرها على كراسي الحكم التي تتربع عليها.. ويدعمها في ذلك كتيبة من الإعلاميين والصحفيين والمستفيدين من هذه الزفة التي يقوم بها الشعب.. ويتوسطها الفريق الفائز.. وربيما أيضا رئيس الاتحاد الرياضي للعبة.
- لقد فطن كثير من حكام البلاد النامية لدور الرياضة - ليس في تهذيب النفوس وبناء الأجسام والتنافس الشريف وغرس القيم النبيلة.. والأخلاق- بل في التنفيس المؤقت عن كبت الشعب.. وعن يأسه من إصلاح أوضاعه المعيشية والسياسية من ناحية، وفي الاستفادة من التفافه حول الفرق الرياضية من ناحية أخرى. لذلك كان همهم الأساسي هو أن يتحول هذا الالتفاف الجماهيري حول الفرق الفائزة لإيحاء بأنه التفاف حول أشخاصهم كحكام.. ولا نبالغ إن قلنا إن ذلك قد تحقق في لحظات متعددة وبدرجات كبيرة سواء فيما يتعلق بفكرة البسطاء عن حكامهم أو عن حكام بلاد أخرى .
من هنا كان استعداد الدولة في كل من مصر والجزائر للمبارة الأخيرة في 14نوفمبر2009.. فشحذت كل منها أجهزة إعلامها المقروء والمرئي والمسموع وبدأت قبل موعد المبارة بشهر ونصف في شحن الشعب في البلدين للوصول إلى جنوب إفريقيا ( يونيو2010 ) حيث نهائيات كأس العالم للكرة.
وفي هذا الاستعداد تنطلق كل دولة من رصيدها وإمكانياتها ليست الرياضية فقط بل السياسية والإعلامية والجماهيرية أيضا.. ويبدأ التسخين مبكرا.. ويتطور إلى تراشق.. حتى يصل إلى مرحلة العراك.. قبيل بدء المباراة الأولى.
- ولأن الإعلام كان هو الأداة الرئيسية وهو ميدان التحضير للمعركة.. فقد توقفت الوسائل المستخدمة في كل جانب .. ليس على التوجهات أو التوجيهات السياسية فقط .. ولا على طبيعة الكتل السياسية داخل كل نظام ومدى انسجامها أو صراعها- بل توقفت كذلك على مدى الوعي والثقافة والمصلحة التي يحظي بها الإعلاميون في كلا البلدين.
- ورغم أن للنظام الحاكم في مصر والجزائر سمات مشتركة كالفساد والاستبداد والبطالة وانتشار البلطجة وجماعات العنف، وانهيارالمرافق والخدمات (التعليمية والصحية والثقافية وغيرها ) وتدهور الأوضاع المعيشية للجمهور.. إلا أن هناك أوجها للإختلاف.. بين طبيعة النظام الحاكم في كل منهما أسهمت في تحديد أفق الصراع في هذه المعركة الكروية.
- فالنظام في مصر –على سبيل المثال- يسيطر على الجيش.. بينما يمثل الجيش كتلة ذات كلمة ووزن كبيرين في النظام الجزائري مقارنا بباقي الكتل الحاكمة، وبينما يوجه رجال الأعمال دفة النظام في مصر ويتداخلون بشدة مع حكامها.. تلعب الاحتكارات الاقتصادية الأوربية وبالذات الفرنسية دورا مباشرا في الجزائر.
- وبينما مصر على صلة مباشرة –سياسية وديبلوماسية- بإسرائيل ولها دور مباشر في التداعيات السياسية والعسكرية في فلسطين.. يقبع النظام الجزائري بعيدا عن مثل هذه الصلة المباشرة.
- وفضلا عن صلة أخرى قوية لمصر بالحروب التي نشبت مؤخرا بالخليج العربي.. لم يكن للنظام الجزائري مثل هذا الدور تقريبا..
- من جانب آخر فإن الوزن الإقليمي والدولي لمصر الذي كان قويا إبان الحقبة الناصرية – والذي ارتبط بدعم حركات التحرر الوطني في المنطقة العربية- قد تأثر بشدة بفعل اتفاقية السلام المعقودة مع إسرائيل.. وتدهور أكثر بسبب دورها في حروب الخليج وغزو العراق والحرب الأخيرة بين حزب الله اللبناني وإسرائيل.. إلخ.
- لقد كانت هذه الفروق أحد العناصر الجوهرية التي حددت طبيعة تعامل النظام الحاكم في كل من مصر والجزائر مع الأزمة.. بل وكان ما يخص النظام المصري منها عاملا أساسيا في الطريقة التي تعامل بها مع أزمات أخرى نشبت مع دول عربية وغير عربية في السنوات الأخيرة، وتجلت هذه الطريقة في تجميد المشاكل أو عدم حسمها أو التوصل إلى حلول وسط لها خصوصا إذا ما كانت تتعلق بمواطنيها ورعاياها في دول أخرى.. أى لم الأمر تسامحا وتعقلا منها بقدر ما كان تدهورا فى مكانتها وبالتالى فى قدرتها على الحسم.
- لقد برزت هذه الفروق بين النظامين.. في اتجاهين:
الأول: هو الكيفية التي تم بها حشد بها الجمهور للفوز بالمعركة الكروية.
والثاني: هو ما ترسخ في أذهان الجمهور من أفكار- في فتراث سابقة- عن الطرف الآخر ظهرت آثاره واضحة إبان الصدام.
ولا يعني هذا أن تلك الفروق هي العامل الوحيد الذي ساهم في الحشد للمعركة.. ثم في الصدام بل تدخلت طبيعة الشعبين أيضا في هذه المعادلة.
لماذا كان الاحتقان؟ ولماذا حدث الصدام؟
• يمكن القطع بأن الشحن المعنوي الذي سبق المبارة الأولى (14/1/2009) طيلة شهر ونصف والذي لعب فيهالدور الأبرز إعلاميون أميون في كلا الجانبين يفتقدون الوعي والأهلية، ولا يشعرون بالمسئولية.. أو يقدرون عواقب أفعالهم.. وقد أطلقهم النظام - في الجانب المصري- قبل المباراة وبعدها ليؤكدوا نبرة التعالي والغطرسة التي يتهم بها المصريون في كل البلاد العربية..، بينما أطلقهم النظام –في الجانب الجزائري- استنادا إلى تباين الكتل السياسية الحاكمة داخله.. وتأجيجا للنعرات القبلية.. وأطلقهم كلا النظامين طلبا لنصر كروي يتم توظيفه سياسيا داخل البلاد في محاولة مستميتة لإطالة عمر النظام وستر فضائحه.. وعوراته.
- ولعلنا نتذكر ما حدث في نهائيات كأس الأمم الإفريقية لكرة القدم التي أقيمت في مصر عام 2006 عندما أغرقت عبارة السلام 98 ما يزيد عن ألف مصري في مياه البحر الأحمر وكيف أزاح النظام الكارثة جانبا حتى انتهت الدورة الأفريقية وكيف استثمر احتفالات الفوز بالبطولة في التغطية على المصيبة وتوابعها.
• يضاف إلى ذلك.. معالجات سياسية وإعلامية قبل وبعد المباراة الأولى تفتقر إلى الوعي والحنكة.. سواء من جهاز الرياضة المصري أو اتحاد الكرة أو وزارة الداخلية.. فكثير من الأخباروبعض التقارير السياسية والأمنية كانت تؤكد على حساسية المبارة الأولى.. وتشير إلى عمليات الشحن المتبادل إلى الدرجة التي حدت ببعض الصحفيين لاقتراح "وردة لكل جزائري" خشية صدام مرتقب ورغم ذلك لم تكلف تلك الجهات الثلاث نفسها عناء التوصية بمرافقة وحراسة أمنية مشددة على بعثة الفريق الجزائري من المطار وحتي مكان الإقامة بل وداخل الفندق وكان كل همها نفي تهمة الاعتداء على لاعبي الفريق الجزائري.. وسواء كان ذلك العدوان حقيقيا أو مختلقا فإن التعامل معه بمسئولية من الجانب المصري لم يتجاوزعملية النفي.. أومحاولات توثيقه قانونيا في النيابة العامة.. رغم وجود مصابين من الفريق الجزئري.. وحضور مسئولين -فورحدوث الواقعة- من الاتحاد الدولي لكرة القدم ( فيفا)، والذي اتخذ قرار بعد المبارة الثانية مباشرة بمعاقبة الاتحاد المصري لكرة بشأن هذه الواقعة.
• من جانب آخر وبعد انطلاق شائعة توابيت القتلى الجزائريين في أعقاب المبارة الأولى (14 نوفمبر) ونشرها في الصحافة الجزائرية.. لم تكلف نفسها الجهات السيادية بمصر عناء الإصرارعلى تكذيب الشائعة داخل الجزائر واكتفت بالقيام بذلك في مصر.. وللأسف أكمل هذا تواطؤ بعض الدوائر السياسية والإعلامية في الجزائر على ألا يحدث ذلك التكذيب مبكرا.. لتسرى الشائعة في أوساط الجماهير الجزائرية عدة أيام سريان النار في الهشيم.. منتجة آثارها الخطيرة.
• علاوة على أن المعالجات الإعلامية للأحداث كانت مترافقة مع خطاب متعال وبأسلوب وعبارات سوقية.. من جانب القنوات الفضائية الخاصة التي تحظى بنسبة مشاهدة عالية.
• كذلك استغراق الدوائر الرياضية المعنية في مصر (جهاز الرياضة، واتحاد كرة القدم) والإعلام في مظاهر الاحتفال بالفوز في المبارة الأولى، وتجاهل الجهات الأمنية المصرية للتقارير الإعلامية والصحفية والرياضية الصادرة من الجزائر.. والواردة من السودان حتى قبيل بدء المبارة الثانية بخصوص ما تدبره أو تمارسة الجماهير الجزائرية المرسلة إلى السودان.. وحجمها.. وإهما ل إبلاغ الجانب السواني باحتمال تطور الوضع في أم درمان وضرورة الاستعداد لذلك.. فضلا عن الدور الهزيل للسفارة المصرية في السودان والذى يشكل علامة استفهام كبيرة فى تلك الأحداث.
• لقد كانت عمليات الحشد الجماهيري المصري تشي بأن الفريق المصري ذاهب إلى نزهة أضف إلى ذلك أن الجماهير المرافقة كانت مجموعات من الحزب الوطني، وزارة البترول، والفنانين، والإعلاميين وهي أقرب إلى فئات النخبة منها إلى جماهير الكرة الحقيقية.. مما جعلها صيدا سهلا للجماهير الجزائرية وافتقد الفريق المصرى بذلك أهم عناصر الدعم الحقيقية داخل ملعب المباراة.
إن الشعور الحقيقي بالمسئولية –بين المواطنين وداخل أجهزة الدولة- يتجلى في الروح التي تتم بها ممارسة العمل بالذات في أوقات الأزمة.. ولا يمكن توصيف ممارسة العمل بشكل روتيني "وطبقا للوائح" في مثل هذه الأزمات إلا بأنه انعدام للشعور بالمسئولية.. و"شغل موظفين".
فإبلاغ السفير الجزائري فقط بعدم وجود قتلى جزائريين هو "شغل موظفين"، ولكن متابعة وذلك الإبلاغ في الإعلام الجزائري والتأكد من وصوله إلى الجماهير وبطرق متعددة والإصرار على وصوله هو الشئ الوحيد الذي يعني الشعور المسئولية في مثل هذه الأزمات.

هل كان إختيار السودان للمبارة الفاصلة صحيحا؟:

ويهمنا هنا الإشارة إلى:
أن اختيار السودان ميدانا للمبارة الفاصلة في 18 نوفمبر 200 كان خاطئا لعدة أسباب نبرئ منها الجهاز الفني والاداري لفريق الكرة:
1- أن الامكانيات الأمنية بالسودان محدودة.. وكان يجب أن تشير جهات الأمن المصرية بذلك للمسئولين عن الفريق.
2- ارتكاب أخطاء سياسية وأمنية تتعلق بما أسماه البعض بتعاطف السودان مع الفريق المصري.. وترجع هذه الاخطاء إلى:
• عدم التمييز بين حكام السودان.. والشعب السوداني.. فحكام السودان يغطي الحرج موقفهم إزاء مواطني دولتين عربيتين موجودين على أرضهم مما يؤثر على مستوى التعامل الأمني مع مشجعي الفريقين الذي يفترض أن يكون حازما.
• علاوة على أن الخلاف الذي نشب مؤخرا بين مصر والسودان بشأن منطقة شلاتين التي يعتبرها كل منهما جزءا من دولته من الممكن أن يكون له أثره على الموقف السوداني الرسمي.
• من ناحية أخرى فإن المجزرة التي قامت بها الشرطة المصرية ضد لاجئي السودان بمنطقة المهندسين بالقاهرة في العام الماضي والأخبار المتواترة عن معاناة الموجودين منهم في أحد السجون المصرية لابد وأن يطول أثرها تعاطف الجماهير السودانية مع الفريق المصري.

عن الاعلام المصري.. واتحاد الكرة:

أولا: الإعلام المصرى:

حيث أنه.. لا يمكن القطع بأن (كل طالب نابه.. هو بالضرورة مدرس بارع).. (ولا أن كل لاعب ماهر.. يصبح بالتبعية مدربا متميزا).. كذلك (فليس كل " كلمنجي" يمكن أن يتحول لمقدم برامج ناجح) لأن لكل واحد في هذه الأزواج مقومات تختلف عن الآخر.. تلك المقومات بعضها فطري يلازم صاحبه منذ مولده وبعضها مكتسب بالدراسة والتدريب والخبرة.
وفي زمننا هذا الذى اختلفت واختلطت فيه المعايير.. اكتسبت بعض الوظائف ملامحها من لغة العصر الجديدة.. واحتياجاته المتنوعة وصار "للفهلوة" نصيب كبير في جوهر تلك الوظائف.. وبالتلي في اختيار من يشغلونها.
ومقدم البرامج التليفزيونية أحد تلك الوظائف التي نتحدث عنها.. ولأن كرة القدم لعبة شعبية رائجة.. ولاعبيها ملء السمع والبصر.. فقد تحول الكثيرون منهم إلى معلقين ونقاد ومقدمي برامج رياضية بخلاف من امتهن منهم التدريب والادراة.
وبسبب ما أفرزته ثورة الاتصالات من قنوات تيليفزيونية.. ولأن الحاجة لربط الجمهور أما الشاشات ساعات طويلة باتت استراتيجية لا يمكن الاستغناء عنها للشركات المنتجة للسلع الاستهلاكية وغيرها وكذلك لشركات الاعلان.. صارت مهن التعليق والنقد الرياضي وتقديم البرامج الرياضية مكملة لنشاط الشركات الصناعية وشركات الاعلان.. لسبب بسيط هو أن الرياضة وكرة القدم على وجه الخصوص هى من عوامل الجذب الفعالة للمشاهدين.. وتقترب في أثرها من تأثير المواد المخدرة والخمور على من يتعاطونها باستثناء الجوانب الصحية.
وفي بلاد العالم النامية بالذات.. تمثل المخدرات والمنشطات الجنسية وبرامج التيلفزيون الرياضية عوامل فعالة في إلهاء الجماهير عن التفكير في أوضاعها المعيشية المتردية وفي إبعادها عن البحث عن حلول لها وعن السياسة.. بل وفي فض تجمعاتها.. لأن استخدامها (أي المخدرات والمنشطات والبرامج الرياضية) عادة ما يكون فرديا بعيدا عن التجمعات الضخمة.
ومن هنا فضّل كثير من رجال الأعمال إنشاء القنوات التليفزيونية واستخدموا فيها عدد من الرياضيين المشاهير وبالذات لاعبي كرة القدم..
وللحق فإن الظروف اللاحقة تلعب دورها في نجاح بعضهم كمقدمي برامج رياضية خصوصا من يتمتعون منهم بالموهبة والاستعداد الفطري علاوة على امتلاكهم للمعرفة والثقافة في حدودها الدنيا.. لكن أغلبهم يفشلون..
ومعيار النجاح هنا ليس في حجم المشاهدين للبرنامج ولا في عدد اىتصالات التيليفونية معه.. بل في القدرة على إدارة أزمة حقيقية كالتي تعرض لها الفريق القومي للكرة ومشجعوه في أم درمان.. وإيصالهم لبر الأمان.. وفي تجنيب الوطن مخاطر القطيعة والعزلة مع جيرانه.. الذين ربطته بهم صلات قوية وتاريخ مشترك..أو تحجيم تلك المخاطر إلى حدها الأدنى على أقل تقدير.
والمقومات التي يشترط توفرها في رجال الإعلام.. تتعلق –بعد الموهبة والاستعداد الفطري والدراسة- بالوعي والمعرفة والثقافة.. فلا يمكن لدولة ضخمة كمصر أن يكون همّ الأغلبية العظمى من إعلامييها هو الوصول إلى نهائيات كأس العالم بأي طريقة بصرف النظر حتى ولو على أنقاض العلاقة بشعب لنا معه تاريخ.. ولا يمكن أن يكون خطابها الإعلامي منحدرا للدرجة التي لا يمكن التفريق فيها بين لغة ومنطق نائب برلماني وبين مواطن بسيط.. أو بين حاصل على درجة الدكتوراة وبين واحد من المهمشين.. ولا تجد حوارا منطقيا أو نقدا موضوعيا لا يخفى عيوب موقفنا بقدر ما يبرز أخطاء الغير.. ويصبح الحديث الدائر أقرب إلى منطق " ولا تقربوا الصلاة.." وفقط.
لكل ما سبق اختفى أشاوس الفضائيات الخاصة عقب الهزيمة في أم درمان.. ولما تبينوا إلى أين تنوي الدولة توجيه الدفة ظهروا مرة أخرى.. لكنهم كانوا في حالة يرثى لها.. وكانوا أقرب إلى الرسوم الكاريكاتورية منها إلى مقدمي برامج رياضية رصينة.. وقد أسهم برنامج في دائرة الضوء (حلقة 18/11) المقدم على قناة النيل للرياضة في كشفهم وافتضاح أمرهم رغم أن مقدمه لا يخطي ببريقهم.. ولا يمتلك فهلوتهم.. وبهلوانيتهم.
وعلى سبيل المثال:
قام مقدم برنامج الكرة في دريم مساء يوم 19/11/2009 بارتكاب الجرائم الآتية:
1- وصف الشعب الجزائري –وليس جماهير مبارة أم درمان من الجزائريين – بعبارات سوقية مستفزة ومنفرة (دول شوية غنم- شوية بربر- ومش عرب).
2- قام باجراء اتصال تليفوني معد مسبقا –مع أحد الأشخاص مجهولى الهوية من السعودية (عبد العزيز) الذى اتهم بدوره جريدة الشروق الجزائرية –التي نتحفظ بشدة على دورها إبان الأزمة - اتهمها بأنها (النسخة العربية لجريدة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية).
3- كما وصف رئيس اتحاد الكرة الجزائري بأن [جده لأمه يهودي الديانة ومدفون بمدينة يافا بإسرائيل] ، وهذا بخلاف تسميته باسم (صوصاوا).
وإذا كان لنا من تعليق على ذلك فإن قيام مقدم البرنامج – الحاصل على درجة الدكتوراة- بالحديث عن الشعب الجزائري بهذه العبارات ينم عن أنه لا يتحلى بأبسط درجات الفهم.. ناهيك عن توجيه التهم الجاهزة لشعب بأكمله مهما كان لنا – أوْ له- من مآخذ على قطاع منه.. وهو شئ لانتفق معه بشأنه، فضلا عن أن استدعاءه لشخص مجهول الهوية بالنسبة للمشاهدين ليطلق هذه التسميات على جريدة الشروق الجزائرية دون أن يقدم دليلا واحدا أو مستندا على ما يدعيه، كذلك اتهامه لرئيس اتحاد الكرة الجزائري بتهمة ليست بسيطة ودون سند أو دليل.. لا يعني سوى أنه فاقد الأهلية والمسئولية ولا يحترم عقلية المشاهدين – الذين ربما يكونون أكثر منه غضبا من المسئول الجزائري- لكنهم لا يرحبون بأن يسمعوا التهم تلقى جزافا ودون دليل أو سند إنه لم يسئ لنفسه فقط بل أساء إلى الشعب المصرى بأكمله.
لقد كان الأحرى بمقدم البرنامج أن يقدم مستندا واحدا على اتهام واحد وجهه للجريدة أو للمسئول الجزائري، فنحن إن أدنا أحدا.. لا يمكن أن ندينه إلا بما فعله أمامنا وشاهدناه أو شاهده شخص نثق به ونعرفه أو بما نشره وصرح به.. وفي كل الأحوال لابد من دليل مادى يدعم ما ندعيه عليه.. وإلا ما كان لنا أن نغضب عندما قام بعض الغوغاء من الجزائريين الجهلاء بسبّ إخوتنا المصريين في شوارع أم درمان ووصفوهم بأنهم يهود وكفار.. وذلك لأن مالم نقبله على أنفسنا لا يجب أن نقبله على غيرنا.

ثانيا :إتحا كرة القدم المصري:

يصدق عليه القول " أطرش في زفة" أو "شاهد مش عاوز يشوف حاجة"
هذا الاتحاد معظم أعضائه إن لم يكونوا جميعا من رجال الأعمال.. ورجال الأعمال في البلدان النامية لا يتطابقون مع رجال الأعمال في الدول الصناعية... إنهم بالأساس رجال أعمال نشاطهم الرئيسي في أعمالهم ويوظفون مناصبهم "التطوعية" في اتحاد الكرة وغيره ويستثمرونها في " تسليك" نشاطهم الرئيسي بمعنى أن رجال الأعمال الإيطالي بيرلسكوني رئيس نادي ميلان A.C ليس في حاجة إلى منصب رئيس نادي.. أو رئيس إتحاد كرة ليوظف منصبه في "تسليك" أعماله الخاصة.. لسبب بسيط هو أنه كان منذ عام رئيسا لوزارء إيطاليا.. بينما رئيس أوعضو اتحاد الكرة في بلد نامية إذا كان من رجال الأعمال فإن وظيفته في اتحاد الكرة يتم توظيفها في تسهيل أعماله الخاصة، ونحن بالقطع لا نعمم هذا التوصيف على جميع من يتبوؤون هذه المناصب.
• هذا وقد قاموا في العام الماضي بعقد صفقة مجهولة الأهداف مع إتحاد الكرة الجزائري بتأسيس هيئة كروية باسم "اتحاد شمال إفريقية لكرة القدم" كان أحد قراراتها المبكرة وقف مدرب مصري عن العمل 5سنوات بدعوى معاقبته على سلوك غير رياضي في مبارة كرة بالجزائر.
• كما تحوم حول الاتحاد كثير من الشبهات في بعض البطولات المقامة في مصر كالاتجار في السوق السوداء في تذاكر مباريات نهائيات بطولة إفريقيا في مصر عام 2006.
• وتكرر ذلك في تذاكر مباراة مصر والجزائر الأولى بالقاهرة (14/11) بعد بدء بيعها بفترة وجيزة وظهور أعداد هائلة منها في السوق السوداء بعشرة أضعاف ثمنها الرسمي، مع الوضع في الاعتبار بأن الاتحاد كان الهيئة الوحيدة المسئولة عن عملية بيعها.
• فضلا عن شائعات قوية.. تناولتها القنوات الفضائية بعد مبارة مصر والجزائرالأولى حول اختفاء بعض مكافئات الفريق المصري الذي شارك في بطولة كأس العالم للناشئين التي أقيمت مؤخرا في مصر (سبتمبر2009).
باختصار لا يمكن توصيف ما حدث من الجزائريين في شوارع أم درمان بالسودان سوى بأنه نوع من الإجرام.. والغوغائية.. مع سبق الاصرار والترصد.. وإذا كان هؤلاء قد أخطاؤا فإن خطأ من أرسلوهم وحرضوهم يتجاوز أضعاف إجرامهم بكثير.
من ناحية أخرى يجب ألا ننسي في غمرة الغضب أن المسئولية الكبرى في مثل هذه الأحداث تقع على من يوجهون الرأى العام ويقومون بشحن الجماهير في كلا البلدين مصر الجزائر.. ويتعالون على شعوب بأكملها.. وإذا لم يكن للغوغاء ذنب فيما حدث أو كان ذنبهم محدودا.. وإذا كانت المسئولية تقع على من شحنوهم ولقنوهم.. فإن الجرم الحقيقي يقع على عاتق من أعطى الفرصة لهؤلاء الأميين فاقدي الأهلية ومعدومي الثقافة ليتبوؤا تلك المناصب.. ليبثوا منها سموهم ويدمروا حياة قطاعات بأكملها في كلا الشعبين ويدفعونهم بعيدا عن أعدائهم الحقيقيين الذين يقفون خلف الستار يدبرون ويخططون ويحرضون .. بل ويدفعون.. لكي تبقى شعوبنا أسيرة لهم على الدوام.
والمثير للدهشة أن اتحاد الكرة وجهاز الرياضة لم يتخذا إجراء واحدا فعالا في أي وقت من أوقات الأزمة، ولم يبدآ في التحرك إلا بعد أن تفجرت الأحداث الأخيرة في أم درمان أي بعد فوات الأوان وهو إن دل على شئ فيدل على أن الادارة الرياضية في مصر شأنها شأن باقي الإدارات تتصرف بعد وقوع الكارثة.. وتتحرك كرد فعل.. وهو ما لا يتيح لها أن تحاصر المشكلة فى مهدها وقبل أن تتحول لكارثة.
والجدير بالذكر أن هذ التحرك يتعلق بجمع المعلومات والوثائق والافلام التي تثبت عدوان الجماهير الجزائرية على المصرية.. ويستهدف إلغاء نتيجة المبارة وتعديلها لصالح الفريق المصري.. بما يتيح له المشاركة في المونديال بجنوب إفريقية.. علاوة على تعديل الصورة السيئة التي شاعت في العالم عن مصر.
ويهمنا الإشارة إلى أن المشكلة لم تكن.. ولن تكون منحصرة فيمن يمثل العرب في المونديال.. بل في تحولها إلى مصيبة اقترفتها أجهزة الدولة في كل من البلدين وخصوصا الاعلام سواء بالتخطيط والتدبير، أو بالكذب أو بالكذب على النفس وتصديقه، أو بالتقاعس والتراخي ، أو بالهروب من المسئولية والمعركة وعدم مواجهتها.. بما يقلل خسائرها وأضرارها.
لقد تسممت الأجواء بين الشعبين ووصل غبارها إلى كل بلاد العالم وأساء لصورة العرب بأكثر مما هي سيئة.. وكان نصيب مصرمنها النصيب الأكبر.
ومثل هذه الشكوى عديمة الفائدة- حتى لو استجاب لها الفيفا وعدل نتيجة المباراة لصالح مصر- فلن تغير من واقع المصيبة شيئا.. فما وقع قد وقع.
باختصار علاقة الشعبين المصري والجزائري التي بنيت خلال تاريخ طويل أهم من المشاركة فى المونديال بل ومن الحصول على كأس العالم.. وهي الآن في مهب الريح.. وهذا مالا يفهمه معظم المسئولين في الدولتين.. خصوصا في الإعلام.. واتحاد الكرة.. وجهاز الرياضة.

سيناريو آخر أقرب إلى التصديق:

لايمكن لشخص عاقل أن يصدق كل ما قاله اتحاد الكرة المصري عن الأزمة.. وكيف بدأت..وكيف سارت وانتهت.
ولأن قراءة الأحداث قراءة عقلانية ودقيقة تتحقق بفهم السياق العام لها أولا.. ثم متابعة التفاصيل بعد ذلك ووضعها في ذلك السياق.. فإن استرجاع جملة الأحداث بدءا من خروج الفريق الجزائري من مطار القاهرة متوجها لمكان إقامته تدفعنا للتصورالآتي:
• قيام بعض أفراد من الجمهور المصري بالاعتداء على ثلاثة لاعبين بالفريق الجزائري وإصابتهم.
• استدعاء رئيس اتحاد الكرة الجزائري المصاحب للفريق لبعض مسئولي الفيفا المتواجدين خصيصا بالقاهرة ومنهم رئيس لجنة الانضباط بالإتحاد الدولي كشهود على إصابة اللاعبين الثلاثة.
• توجه رئيس البعثة الجزائرية ورئيس الاتحاد إلى قناة الجزيرة الفضائية ومعهما صور اللاعبين المصابين ليعلنا ذلك على الملأ بناء على تعليمات من الحكومة الجزائرية.
• رد فعل إتحاد الكرة المصري ورئيسه وجهاز الرياضة كان الاستماتة في نفي الخبر ونفي العدوان وإخطار أجهزة الإعلام المصرية بذلك لتكذيب الجانب الجزائري بل والاستعانة بالنيابة العامة لتأكيد براءة الجماهير المصرية من القيام بالعدوان.. وهو ما لا يستطيع إنسان أن يؤكده سوى الموجودين بسيارة البعثة الجزائرية أو المرافقين لهم في سيارات تسير خلفهم ، وهكذا بدلا من الاعتذار للجانب الجزائري.. وتطييب خاطره.. كان التكذيب بل واتهام الجزائريين باختلاق الواقعة.
• ولإحساس الجانب الجزائري بالظلم.. وبالعدوان كان رد الفعل بعد الهزيمة في مباراة القاهرة والاحتكام لمبارة فاصلة:
- حيث وصلت أنباء وصورعن قتلى جزائريين بالقاهرة، وبصرف النظر عن أن اختلاق هذه الأنباء تم من الجانب الجزائري أو من طرف ثالث يستهدف الوقيعة بين مصر والجزائر، فقد فاقم الشعور بالهزيمة من شعورهم بالظلم.. ولهذا السبب ولأسباب أخرى تتعلق بأوضاع النظام الجزائري وبالشعب الجزائري قرروا الانتقام وأعدوا العدة لذلك فور انتهاء مباراة القاهرة.
- وأعتقد أن مباراة القاهرة لو انتهت بنتيجة تؤهل الفريق الجزائري للمونديال لمر الوضع بسلام ، أما لوْ انتهت بتأهل الفريق المصري للمونديال.. لكان رد فعل الجماهير الجزائرية شديدا.. ولتصاعدت الأحداث في نفس الاتجاه الذي تصاعدت فيه في أم درمان.. مع اختلاف التفاصيل ..ناهيك عما كان سيحدث للمصريين المقيمين بالجزائر وللشركات المصرية هناك.
- لذلك تلقفت وسائل الاعلام الجزائرية شائعة القتلى الجزائريين وصبت بها الزيت على النار، ورغم قيام أجهزة الإعلام المصرية ووزارة الخارجية بنفي الشائعة.. وإيصال ذلك للسفارة الجزائرية بالقاهرة.. إلا أن مشاعر الانتقام كانت أقوى فتواطأت أجهزة الإعلام الجزائرية وصمتت لفترة من الوقت عن نفي الشائعة.. كانت كافية لتغلغلها في أوساط الجماهير الجزائرية.
• ولأن أجهزة الدولة المصرية تعمل بطريقة الموظفين.. فقد تصورت أن إبلاغ السفير ونفي الشائعة كفيل بقتلها أو بصب الماء عليها.. تماما مثلما تصور اتحاد الكرة وجهاز الرياضة أن تقرير النيابة العامة في مصر (الذي لم يثبت أن تهشيم زجاج سيارة الفريق الجزائري كان نتيجة قذف الحجارة من الخارج.. ) كان كافيا لإقناع المسئولين الجزائريين أو الفيفا بتكذيب رئيس البعثة الجزائرية ورئيس اتحاد الكرة.. ولم تحاول الأجهزة المصرية متابعة عملية التكذيب داخل الجزائر نفسها من خلال عدد من الصحفيين والمثقفين الجزائريين الشرفاء.
• لذلك تم في الجزائر الإعداد والتخطيط للثأر في أم درمان مما حدث لهم في القاهرة وتوافدت أعداد هائلة من الجزائريين على السودان.. في طائرات بعضها عسكرية.. وجميعها على نفقة الدولة واستعانوا بأنصارهم في أم درمان.. ونصبوا الخيام.. واستعدوا.. داخل ملعب المباراة وفي الشوارع المحيطة.. والطريق الواصل للمطار.
• ويمكن المقارنة بين نوعية المشجعين من الجانبين لمعرفة الفارق بين استعداد الجانبين سواء في دعم الفريق فى الملعب أو في أية مهمات أخرى يستعد الطرفان للقيام بها بعد المبارة، طرف ذاهب لالتقاط الصور مع" الفريق المؤكد فوزه " وطرف آخريستعد للإنتقام.. الذي يتجدد مستواه بنتيجة المباراة الفاصلة.

فضلا عن أشياء أخرى صغيرة.. مثل أعداد الإعلام ونوعيتها في كل طرف.. وحمية السفارة ونشاطها .. أو إغلاق أبوابها واستغراقها في النوم بعد إيصال ضيوفها الكبار للمطار.
• فهل يمكن أن نفهم رد فعل الطرف الجزائري سواء في القاهرة أو في أم درمان أو في الجزائر ضد المصريين على أساس هذا التصور أو السيناريو؟
• إننا لا يمكن أن نعتمد مقولة.. لماذا هذا الحقد..والغل.. والغيرة ؟ بشكل مطلق وفي كل الأحوال.. لأنه مع تسليمنا بأن الغيرة شعور إنساني- إلا أن تسطيح الأمور في فهم الأحداث والوقائع.. والكسل الذهني.. وعدم الجدية في التعامل مع الأزمات.. والكذب وعدم الصدق مع النفس والمظهرية.. و" شغل الموظفين".. وأخيرا التعالي على الآخرين.. والمن عليهم بما قدمناه لهم منذ نصف قرن.. كلها ستدفع أصحابها لإرجاع ردود أفعال الآخرين إلى أسباب وهمية وغيبية كالحقد.. بينما الأسباب كامنة فينا.. وفي تصرفاتنا معهم، وأتذكر بيتا من الشعر درسناه في المرحلة الاعدادية يقول:
نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا
لذلك اتخذ الفيفا قراره بمعاقبة الاتحاد المصري لكرة القدم بسبب ما حدث للاعبي الجزائر أثناء انتقالهم من مطار القاهرة لمكان إقامتهم في مصر الجديدة.
وأعتقد أن هذا السيناريو الذي لم يتجنب حدثا واحدا من أحداث الأزمة الراهنة بين مصروالجزائر والتي بدأت بمشكلة وانتهت بمحنة منذ وطئت أقدام الفريق الجزائري أرض القاهرة في 12/11/2009وحتى انتهاء الأحداث الدموية بأم درمان.. هو السيناريو الأقرب للتصديق سواء كان قارئه مصريا أو غير مصري.

تعقيب على حديث نجل الرئيس:
وفي النهاية أشير إلى ماذكره نجل الرئيس المصري في حديثه الموجه لجماهير الكرة المصرية في برنامج " الرياضة اليوم " على قناة دريم مساء يوم 19نوفمبر 2009 عن ضرورة " أن تكون هناك وقفة للمحافظة على كرامة مصر والمصريين"..
وأوافقه على ذلك شرط أن تكون الوقفة هنا أولا.. فى القاهرة ومع أنفسنا.. وبعدها تكون لنا وقفة مع من هم خارج حدودنا.
ولا يخفى عليك- يا نجل الرئيس- ولا على الكثيرين أن إهانة المصريين لم تبدأ في أم درمان.. ولا في الجزائر بل بدأت في مصر.. فمن لا كرامة له في وطنه –سواء كان نبيا أم شقيا.. أم مواطنا بسيطا- من الطبيعي أن يصادف من يهدر كرامته خارج وطنه.
ولتكن لنا تذكرة وعبرة مما يحدث للمصريين البسطاء في أقسام الشرطة.. وقطارات الصعيد.. وعبّارات الموت ، وقوارب المهاجرين الهاربين من مصر إلى الشواطئ الإيطالية، وخريجي الجامعات المتسكعين في الطرقات ولا يجدون عملا حتى في شركات جمع القمامة.. والمدفونين تحت الأنقاض والصخورالمنهارة في حى الدويقة.. وجنود الشرطة الذين يحرسون حدود رفع المصرية ويتساقطون بالرصاص الاسرائيلي في تكتم شديد ودون ردّ
.. فهؤلاء جميعا ضاعت كرامتهم قبل أن يفقدوا حياتهم،أوْ وهُم " يعيشونها " دون أمل وبلا هوية.
أما بالنسبة لكرامة مصر.. فليحيينا ويحييكم الله إلى اليوم الذي يقوم فيه كل المصريين حكاما ومحكومين بواجبهم نحوها.. وساعها ستسترد مصر كرامتها.. هنا.. في قلب القاهرة أولا.. وهو ما يستعيد لها كرامتها في أي مكان آخر.
كل ما أرجوه منكم- يانجل الرئيس- أن تكفوا عن شحن الجماهير المصرية ضد الجزائر وعن توجيه الإعلام المصري فاقد الأهلية لصب الزيت على النار، فالأولى أن يبحث الإعلام عن أخطائه التي يقترفها منذ مايقرب من شهرين أولا.. وتبحث أجهزة الدولة وسفارتنا المصرية بالخرطوم عن أسباب تقاعسها.. ونومها في العسل حتى وقعت الواقعة، وأن توجه طاقة الشعب المصري في اتجاه آخر يعود عليه بفائدة حقيقية.
كلمة أخيرة:
لفت نظري بشدة حضور رئيس أركان حرب القوات المسلحة "اجتماع الأزمة" الذي عقده والدكم في ديوان رئاسة الجمهورية في أعقاب أحداث الثامن عشر من نوفمبر2009 بأم درمان فتشاءمت.. لأن الأزمة الحالية مع دولة الجزائر.. وتمنيت أن يكون حضوره اللقاء القادم –وهو المسئول عن الأمور الفنية وخطط الحرب فى أسلحة الجيش الثلاثة- "اجتماع أزمة" مع دولة إسرائيل،،،،،



#بشير_صقر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تقرير إخباري عن التحركات الفلاحية في مصر خلال السنوات الأخير ...
- عن التفجرات الاحتجاجية فى مصر: النخب السياسية المعارضة.. وال ...
- نعم.. الدولة هى التى تقود وتنفذ عمليات طرد الفلاحين المصريين ...
- ليست الأرض فقط بل والبيوت كذلك..منح خديوى مصر الأرض الزراعية ...
- هل يبدع المصريون أساليب جديدة للكفاح ؟! أم ستظل ريما على عاد ...
- على هامش الثلاثاء الحزين 17/6/2008 لعزبة محرم :دعم ا لفلاحين ...
- فى ذكرى استشهاد صلاح حسين .. يوم الفلاح المصرى 30 إبريل - رج ...
- التنظيمات الفلاحية فى مصر: بين هزال الوعى.. وافتقاد القدوة - ...
- الفلاحون فى مصر.. بين أوهام الحلول القانونية.. وطريق المقاوم ...
- مسار جماعة الإخوان المسلمين .. بين واقع الحال .. وإسقاطات ال ...
- من لجنة التضامن مع فلاحى الإصلاح الزراعي – مصر .. أوقفوا عمل ...
- الحالة المعرفية للفلاحين في قريتين مصريتين .. خطة بحث
- بقرية سمادون .. وفى وضح النهار: محاولات السطو .. على أراضى ف ...
- جماعة الهكسوس ربيبة النظام المصرى الحاكم .. وتوأمه في الفساد ...
- الماى: قرية مصرية أدمنت إسقاط الحزب الوطنى ثارت ضد نائبها ال ...
- ما أشبه الليلة بالبارحة.. من نجد إلى أرض الكنانة.. محمد رشيد ...
- عن الإخوان وأمريكا.. والسعودية وإسرائيل: أسمع كلامك أصدقك.. ...
- قراءة فى أوراق التطبيع السعودى الإسرائيلى: ( 6 )
- جماعة الإخوان المسلمين والحزب الوطنى فى مصر وجهان لعملة واحد ...
- بعد 40 عاما من إنشاء شبكات الصرف: وزارة الري المصرية تحصل ال ...


المزيد.....




- أبو عبيدة وما قاله عن سيناريو -رون آراد- يثير تفاعلا.. من هو ...
- مجلس الشيوخ الأميركي يوافق بأغلبية ساحقة على تقديم مساعدات أ ...
- ما هي أسباب وفاة سجناء فلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية؟
- استعدادات عسكرية لاجتياح رفح ومجلس الشيوخ الأميركي يصادق على ...
- يوميات الواقع الفلسطيني الأليم: جنازة في الضفة الغربية وقصف ...
- الخارجية الروسية تعلق على مناورات -الناتو- في فنلندا
- ABC: الخدمة السرية تباشر وضع خطة لحماية ترامب إذا انتهى به ا ...
- باحث في العلاقات الدولية يكشف سر تبدل موقف الحزب الجمهوري ال ...
- الهجوم الكيميائي الأول.. -أطراف متشنجة ووجوه مشوهة بالموت-! ...
- تحذير صارم من واشنطن إلى Tiktok: طلاق مع بكين أو الحظر!


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - بشير صقر - إلى نجل الرئيس المصرى: نعم .. لابد من وقفة للمحافظة على كرامة مصر والمصريين..لكن داخل مصر.. ومع أنفسنا أولا