أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بشير صقر - مسار جماعة الإخوان المسلمين .. بين واقع الحال .. وإسقاطات الحالمين. تعقيب على مقال: الإخوان المسلمون وحديث الحزب. المنشور بمجلة أوراق اشتراكية .. القاهرية - العدد 18/2007















المزيد.....



مسار جماعة الإخوان المسلمين .. بين واقع الحال .. وإسقاطات الحالمين. تعقيب على مقال: الإخوان المسلمون وحديث الحزب. المنشور بمجلة أوراق اشتراكية .. القاهرية - العدد 18/2007


بشير صقر

الحوار المتمدن-العدد: 2237 - 2008 / 3 / 31 - 11:23
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ماذا لو وصل الإخوان المسلمون للحكم في مصر؟
هل يعترفون بإسرائيل؟، هل يساوون بين الرجل والمرأة في تولي المناصب القيادية؟ هل يقبلون تولي الأقباط رئاسة الدولة؟ هل يواصلون البرامج الليبرالية الجديدة التي تنفذها حكومات مبارك؟.. وما الحل الذي يطرحونه لحل الأزمة الإجتماعية في مصر؟
بهذه الأسئلة الستة بدأ مقال "الإخوان المسلمون وحديث الحزب المنشور بمجلة أوراق اشتراكية بالعدد 18/2007.
وفي محاولته استخراج الإجابة الإخوانية عن تلك الأسئلة تعرض المقال لبرنامجهم السياسي الذي نشروه مؤخرا.
وما لفت نظرنا بشدة هي تلك المعالجة لمسار جماعة الإخوان المسلمين وفى أربع نقاط هي على وجه التحديد:
1-قراءة مسار جماعة الإخوان استنادا إلى بعض الكتابات (البرنامج)، والتصريحات وإهمال سلوكهم العملي في السنوات الأخيرة.. ناهيك عن تجاهل التاريخ.
2-"الخلافات" المستنبطة من المسار السياسي للجماعة خلال السنوات الأخيرة وإرجاعها إلى "تبلور تيار شبابي تسانده بعض القيادات داخل الجماعة يتوق إلى عملية تحديث شاملة في فكر الإخوان."
3-تصديق ما تضمنه المقال عن "المحاولات المضنية التي بذلها الإخوان لطمأنة الجماعة السياسية المصرية حول نواياهم كجماعة سياسية مدنية تحترم الحقوق والحريات بمفهومها الحديث" ، والأمل الذى يعقده المقال على التيار الشبابى الإصلاحى والذى تفوح رائحته من بعض العبارات مثل " جاء برنامجهم السياسى صدمة نسفت كل هذا المجهود" ، " إن الصراع الطبقى فى مصر والتطورات الاقتصادية والاجتماعية قد تدفع إلى مزيد من بلورة هذا التيار."
4-لمن يتوجه الخطاب الإخواني على وجه الدقة؟
*النقطة الأولى: قراءة مسار الإخوان استنادا إلى بعض الكتابات والتصريحات وإهما ل سلوكهم العملي:
عندما كنت في العاشرة من العمر ألححت في سؤال أبي: لماذا لا تتردد على مقر شعبة الإخوان المسلمين ببلدتنا.. كما كنت تفعل؟ أجابني: لأنهم يقولون شيئا ويفعلون شيئا آخر، ولما طلبت تفسيرا.. قال لي: عندما تسأل شخصا إلى أين أنت ذاهب؟ فيجيبك إلى طنطا (شمالا) وتكتشف أنه ذاهب إلى منوف (جنوبا) فهل يمكن أن تصدقه؟.. وعندما كبرت سنوات أخرى كنت أسمع العبارة الدارجة الشهيرة: "أسمع كلامك أصدقك.. أشوف أمورك أستعجب."
وبعد سنوات أخرى قرأت حكمة سارتر: " إننا لسنا ما نقول إننا ما نفعل" ولذلك تذكرت قصد أبى من إجابته.. وكنت أستعيدها دائما كلما سمعت العبارة الدارجة أو صادفت حكمة سارتر.
فما يعوزنا نحن متعاطو الثقافة هو ألا نصدق ما تصدره الأفواه من أصوات إلا بقدر ما تؤكده الممارسة من عمل.
•وتصريحات الإخوان معروفة.. وشعاراتهم شتى.. فمن قولهم "أنهم جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" فى الأيام الأولى للنشأة إلى "أنهم جماعة المسلمين".. (لاحظ أنها ليست جماعة من المسلمين)، إلى "نتحالف مع الشيطان في سبيل مصلحة الجماعة"، إلى "الله مع الملك" (فاروق)، إلى "إن إسماعيل (صدقي) كان صادق الوعد وكان صديقا نبيا"، إلى وثيقة حسن البنا التى كتبهاعقب مقتل النقراشي رئيس وزراء مصر عام 1949 و التى وصفت من اغتالوه من أعضاء الجماعة ب "أنهم ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين."
وقياسا على هذا لا يخرج برنامج الإخوان المسلمين عن كونه كلاما.. يلقون به في وجوه البعض لينشغلوا به أو يتجادلون حوله.. بينما هو رسالة في اتجاه آخر مثل رسالتهم التي دبّجوها غداة إصدار الوثيقة الأمريكية عن الشرق الأوسط الكبير.
ولأننا نحن معشر المثقفين يشدنا المكتوب.. فإن مثل هذه "البلالين" تُسيل لعابنا أكثر من أية فئة اجتماعية أخرى.. لذلك كان برنامج الإخوان المسلمين فرصة رآها البعض لقراءة مسارهم.
•أما معشر "غير المثقفين" فإنهم يقرأون أفكار الإخوان بمنطق مختلف.. منطق التنقيب فى السلوك والممارسة ولن نسترجع التاريخ إلا للتدليل على أن تلك الممارسة- التي هي أفكار تمشي على أرجل- لها منابع لم تنضب بعد.. وأعتقد أنها لن تنضب.
•ففي العام 1953 قام صلاح حسين عضو جماعة الإخوان.. بمطالبة جماعته بدعم فلاحي قريته كمشيش ضد جبروت الإقطاع ( الذي كان يحرق منازل الفلاحين ويسمم مواشيهم ويقلع زراعاتهم ويلفق لهم القضايا ويسجنهم فى سجنه الخاص ويجلدهم أو يحكم عليهم بإطلاق الرصاص قبل أن يهين إنسانيتهم ويحط من كرامتهم.. ويعاملهم كالأنعام.. علاوة على تسخيرهم في أرضه) .. فراوغوه عاما كاملا ولما ضيق عليهم الحصار.. واكتشف أنهم على صلة حميمة بإقطاعيي قريته.. وقالوا له "لقد جعلنا بعضكم فوق بعض درجات".. أغلق مقر الجماعة في قريته.. وقاطعهم وغادر طريقهم إلى الأبد.
•وفي عام 1997 وقفت الجماعة مع قانون الإيجارات الزراعية الجديد 96/1992 وأيدت طرد الفلاحين المستأجرين من الأراضي التي هي مورد رزقهم الوحيد والتي زرعوها عشرات السنين.
•وفي الفترة من عام 2000 إلى 2003 كان سلوك أغلبيتهم الساحقة في صلتهم باللجنة الشعبية لدعم الانتفاضة الفلسطينية سلوكا مخزيا:
1-ففي مقر اللجنة بالقاهرة وعدوا بالمشاركة في جمع توقيعات الجمهور على وثيقتين (إحداهما تطالب رئيس الجمهورية بطرد السفير الإسرائيلي والأخرى تطالب سكرتير عام الأمم المتحدة بتطبيق قرارات المنظمة الدولية الخاصة باللاجئين الفلسطينيين وبلجنة تحقيق في عمليات الإبادة التي تجرى ضد الشعب الفلسطيني في الأرض المحتلة)، كما وعدوا بالمشاركة في تسليم نسخة من هذه التوقيعات لقصر عابدين وللمكتب الإعلامي الخاص بالأمم المتحدة، و بحضور المؤتمر الصحفي الذي يسبق عملية التسليم.. وفي الموعد المحدد للقيام بذلك ( 28/2/2001 ) هربوا وتنصلوا وأغلقوا كل وسائل الاتصال بهم (على عبد الفتاح).
2- وفي مدينة الإسكندرية جمعوا التبرعات في نادي الأطباء مدعين أنها لعلاج جرحى الانتفاضة.. ولما كانت عملية علاج هؤلاء تقوم بها وزراة الصحة في مستشفى معهد ناصر.. فقد أصدرت نقابة الأطباء (التي يسيطرون عليها) إعلانا في جريدة الأهرام يؤكد على أن الجهة الوحيدة المنوطة بعلاج جرحى الانتفاضة هي وزارة الصحة المصرية بناء على اتفاق مع وزراة الصحة الفلسطينية.. وكانت وزارة الصحة المصرية هي التي اشترطت إصدار هذا البيان (الإعلان) في شهر يونيو 2001 بعد أن استنكرت قيامهم بجمع التبرعات لغرض لا تقوم به نقابة الأطباء ولا نادي أطباء الإسكندرية وهددت بفضح من جمعوا التبرعات من الإخوان إن لم يصدر ذلك التكذيب.
2-وفي محافظة المنوفية أعلنوا في قرية الماي استعدادهم لمشاركة اللجنة الشعبية في جمع التبرعات وبعد أيام قرروا العمل منفردين ثم حرضوا الجماهير على عدم الاستجابة للجنة.. وأنهوا مهمتهم بالإعلان عن عدم مشروعية جمع التبرعات إلا بتصريح من وزارة الشئون الإجتماعية.. باختصار لم يجمعوا أية تبرعات ولم يتركوا اللجنة لتقوم بالمهمة.
3-وذلك بخلاف مواقف مشابهة في أكثر من محافظة أخرى.. كنت شاهد عيان عليها. ويهمنا أن نؤكد أن التبرعات التي جمعوها لم يرسلوها إلا لمنظمة حماس ورفضوا إعطاءها مع حماس لأية هيئات أهلية أخرى.
4-شكك مرشد الإخوان مأمون الهضيبي عام 2001 في مؤتمر تضامني مع الانتفاضة عقد بنقابة المحامين في نشاط اللجنة الشعبية قائلا نحن لا نعرف مصير هذه التبرعات على وجه التحديد.
•وفي عام 2005 وإثر قيام الشرطة بشن حملات متكررة على فلاحي الإصلاح الزراعي كان موقفهم العملي مع ورثة الإقطاعيين وضد الفلاحين كما حدث في بهوت وكمشيش وغيرها.
ولن نعود إلى التاريخ لنبرز موقفهم المعروف من قانون الإصلاح الزراعي إبان صدروه عام 1952 ولكننا نحيلكم إلى برنامج العاشرة مساء على قناة دريم في فبراير 2006 حيث أكد ممثلهم في البرنامج على استمرار موقفهم المعادي لمبدأ وقانون الإصلاح الزراعي الذي اتخذته الجماعة منذ أول يوم لصدور القانون.
*النقطة الثانية: الخلافات المستنبطة من المسار السياسي للجماعة في السنوات الأخيرة وإرجاعها إلى ظهور تيار شبابي يتوق لعملية تحديث شاملة في فكر الإخوان.
•وهنا ندخل منطقة الخطر في موضوعنا.. لأن الخطأ في قراءة مسار هيئة سياسية استنادا إلى كلام مكتوب وتصريحات.. دون الركون إلى ممارساتها .. يمكن تفسيره بقلة الخبرة وضعف التجربة السياسية التي تحاكم جماعة سياسية تنشط على النطاق القومي من حديث بعض أفرادها وتصريحاتهم في نطاق جغرافي محدود دون رؤية سلوكها العملي بشكل شامل.
أما إرجاع التفاوتات أو الاختلافات في تصريحات وأحاديث أو كتابات عدد من البارزين في الجماعة لبروز تيار شبابي جديد فهو مالا نراه صائبا لسببين:
الأول: يتعلق بمفهوم الإعلام داخل الجماعة.
والثاني: يتعلق بالمبررات التي تدفع القواعد الحزبية للقوى السياسية لاتخاذ موقف مغاير أو مخالف لمسار أحزابها أو للشعارات التي ترفعها قياداتها.
-السبب الأول: مفهوم الإعلام داخل الجماعة:
فمن المعروف أن جماعة الإخوان ترفع شعارا رئيسيا "الإسلام هو الحل".. وهو شعار عام ومطاط ويتسع لكل التفسيرات وهو موضوعيا يستوعب أشد جماعات الإسلام السياسى تشددا كالتكفير والهجرة " الجماعة الإسلامية " والجهاد.. إلخ .... كما يستوعب الكثير من فرق التصوف التى تعد بالمئات- بصرف النظر عن انضوائها تحت لواء الجماعة من عدمه - ولو تم تفصيله إلى شعارات أبسط أو إلى نقاط برنامجية لدب الخلاف بين هذه الكيانات .. بل وداخل قيادة جماعة الإخوان .. لذلك فإن التعميم مقصود.. وعمومية الشعار الرئيسى لهم متعمدة.. فضلا عن أن ذلك بقدر ما يوسع هامش الاتفاق ويجمع في صفوفها مختلف الفرق فإنه يخفي ويرتق أية مواطن للخلاف.. أو للاختلاف هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى فإن حرص الجماعة على استمرارها يتطلب:
أولا : الإبقاء على اتساق الجماعة مع التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية للمجتمع التى تحقق مصالح القوى المالكة فيه .. وفى نفس الوقت مصلحة قادة الجماعة.
وثانيا: أن تلتحف بالسلطة الحاكمة وتتخذها درعا يدعمها فى مواجهة أعدائها ومنافسيها من القوى الشعبية والسياسية كما كان الحال فى العهد الملكى، وتستعين بالأحزاب الرجعية وتؤيدها ( الشعب والأحرار الدستوريين) ، وتفتح عينيها جيدا على موازين القوى لتغيير الولاء فى أية لحظة إذا ما توقعت تغير السلطة الحاكمة . كما حدث فى نهاية الأربعينات وبداية خمسينات القرن الماضى مع تنظيم الضباط الأحرار.
وثالثا: عقد الصلات مع القوى الخارجية (الإنجليز والنظام السعودى ) والاستقواء بهما ومغازلة القوى الأخرى التى يمكن أن ترثها أو تحل محلها (الأمريكان بدلا من الإنجليز) وفى كل الأحوال تحلب كل ما يمكنها حلبه منها من دعوم مادية وسياسية.
ورابعا : ربط شعاراتها السياسية بالأيديولوجية الدينية التى تلقى رواجا دائما بين الجماهير.
وتنفيذا لهذا التوجه .. واستنادا إلى كل هذه الصلات والارتباطات المتنوعة وبسبب ثوبها الفضفاض( الإسلام هو الحل) من الطبيعى أن يكون خطابها متلونا.. يغازل مختلف الميول السياسية.
فمع الاحتلال البريطانى تستدر تبرعاته (كما حدث إبان تأسيس الجماعة) وعطفه وتأييده لها بدعوى كونها القوة الوحيدة فى المجتمع المؤهلة لمواجهة النشاط والنهوض اليسارى فى مصر، ومع الجماهير تلعب على أوتار المشاعر الدينية.. وتبرز موقف الدين من العدالة الاجتماعية والسياسية ، وفى قضية فلسطين تعلن الجهاد ضد اليهود بينما هى تدرب جهازها السرى وتجمع الأسلحة فى اتجاه ولغرض آخر، ومع القوى الوطنية يعلو صوتها ضد الاستعمار البريطانى المسيحى فى الوقت الذى تدير ظهرها للمقاومة المسلحة التى أشعلتها كل الفصائل الوطنية فى منطقة قناة السويس.
ومن المهم أن نؤكد أن التركيب الطبقى لقيادة الجماعة وأيديولوجيتها هما اللذان حكما مسارها على طول تاريخها.. فأغلب قادتها من كبار التجار كما صرح مرشدها الحالى.
كذلك فليس من قبيل الترف أن نشير إلى أن أى جيش يحقق بقتاله مصالح قادته (بالمعنى الأوسع للكلمة) مهما كانت أعدادُ جنوده متجاوزة لأعدادَ قادته .. وحرب أكتوبر 73 تؤكد ذلك حيث سقطت ثمارها فى جعبة الأمريكان والصهاينة والسادات وزمرته.. وأفضت إلى اتفاقية كامب ديفيد ( التى عزلت مصر عن محيطها العربى ووفرت لأمريكا وإسرائيل فرصة الانفراد بفلسطين وسوريا والأردن ولبنان كل على حدة، ونزعت سلاح سيناء ، وبدلا من تعميرها بملايين المصريين العاطلين والفقراء والفلاحين الذين لا يجدون أرضا..أعطتها لمجموعة من المستثمرين لتصبح جاهزة للأسرْْ فى أية لحظة ترى إسرائيل أنها مواتية لاستعادتها.. فحدودها لا يحرسها أكثر من 750 شرطى) .
لقد ضربنا مثال الجيش لأنه مثال قريب جدا لجماعة الإخوان فالأول يحكمه قانون (الله – الوطن- بالأمر) وتسلسله القيادى وآليته تخول صلاحيات هائلة وتضفى قداسة فائقة على قائده، وفى جماعة الإخوان المسلمين يمثل ( السمع والطاعة للمرشد- تنفيذ التعليمات- عدم المناقشة) قانونها .. بنفس الصلاحيات والقداسة فى القانون العسكرى كما تصب نتائج نشاطها فى صالح قادتها، ورغم كون الجماعة تنظيما مدنيا فى ظاهره.. إلا أنها ثكنة عسكرية فى روحها وآليتها، ومع أن ما يصدر عن الجيش من تصريحات وبيانات يكون عادة واضحا ومحددا ودقيقا إلا أن ما تصدره الجماعة من آراء وتصريحات يكون حمّال أوجه ومتضاربا إلى حد بعيد وهذا هو الفارق بين جماعة الإخوان والجيش وهو بالقطع شىء مقصود ومُتعمَّد.
ولعلنا نتذكر الحملة الشعواء التى شنتها الجماعة على إحدى روايات الأديب الكبير نجيب محفوظ والتى أعقبتها زيارة أحد قادتها ( عبد المنعم أبو الفتوح) للأديب الكبير وانتهت بتصريحات مغايرة تماما لما شنته الحملة.
وقد تكرر هذا الازدواج بشأن تصريحات الجماعة مئات المرات كما حدث بشأن تصريحهم عن توريث الحكم " نقبل بجمال مبارك بشرط أن يكون بالانتخاب" الذى نشرته وهاجمته جريدة العربى.
والجماعة لا تكترث حينئذ لمحاولات البعض لإبراز تناقضاتها.. فذلك من وجهة نظرها محدود الأثر.. لأن أصحابه محدودو العدد والفعالية.. ولهذا السبب تحديدا لا ترد الجماعة على أية انتقادات أو تفنيد لما تطلقه من تصريحات..
شئ واحد يقض مضاجع الجماعة من الناحية الإعلامية هو أن يتخذ ذلك السعي لإبراز التناقضات مسارا عمليا.. لأنه يكشف للجماهير مدي زيف شعاراتها وتصريحاتها في الممارسة العملية.
-أما السبب الثاني: فيتعلق بالمبررات التي تدفع القواعد الحزبية لإتخاذ موقف مغاير أو مخالف لمسار تلك القوى أو للشعارت التي ترفعها قياداتها. وهو سبب عام لا يقتصر على جماعة الإخوان.. وسوف نتعرض لتلك المبررات فيما يلى:
عندما اشتعلت اعتصامات العمال في مدينة كفر الدوار بعد أيام من قيام ثورة 23 يوليو 1952 قام مجلس قيادة الثورة بحصار مبنى إحدى الشركات التي اعتصم عمالها.. بقوات الأمن التي بدأت أشهر مجزرة لعمال الغزل والنسيج في تاريخ مصر الحديث والتي كانت شعارا لا يمحى لموقف العسكر من احتجاجات الطبقة العمالة.. فلم يكن ذلك هو الاعتصام الأول في المدينة آنذاك، ولم تخرج مطالب عمال هذه الشركة عن مطالب زملائهم الذين سبقوهم في الاعتصام في شركات مجاورة في الأسبوع السابق ويذكر العم عطية الصيرفي أحد المعاصرين للأحداث وقتها وكان عضوا في تنظيم يسارى هو الحركة الديمقراطية للتحرر الوطني (حدتو).. أن مجموعات كبيرة من أعضاء التنظيم احتجت بشدة على المجزرة.. وطار صوابها بسبب تأييد قيادة الحزب لموقف سلطة يولية من عمال كفر الدوار التي أعدمت العاملين خميس والبقري، وظل هذا التأييد حاجزا أبديا بين أعضاء التنظيم وقيادته..
-من ناحية أخرى احتجز أحد أعضاء نفس التنظيم كميات هائلة من المنشورات كانت قيادة حدتو قد أعدتها لتوزيعها - مؤيدة إجراءات سلطة يوليو ومنددة بموقف العمال المعتصمين في كفر الدور- وحال دون توزيعها.. وقام بإعدامها وأسفر الوضع عن انشقاق شهير في ذلك التنظيم.
-ومن المعروف أن المجتمع المصري في الأربعينات وبداية الخمسينات كان يغلي ويمور بأنشطة متعددة سياسية واقتصادية واجتماعية تواصلت لسنوات.. وجاءت ثورة يوليو لتقطع الطريق على هذا الغليان الشعبي.. وتدفع لأسباب شتى بثمار ذلك الغليان في حصيلة سلطة يوليو.
-ولذلك يمكن القطع.. بأن تحول الشعارات السياسية لمختلف القوى والتيارات إلى سلوك عملي تميزه الجماهير بسهولة (أو بغير صعوبة) ومن ثم تتفجر مشاركتها فى النضال السياسى على نطاق واسع .. هو الأرض الخصبة التي تدفع أعضاء التنظيمات السياسية من الشباب وغيرهم إلى اتخاذ مواقف معارضة أو مغايرة لموقف قادتها إذا ما أدرك هؤلاء الأعضاء انحراف قادتهم عما يصبون إليه ويعملون على تحقيقه وهو الشرط اللازم لظهور تيارات جديدة داخلها.
-وعليه فإن السؤال المطلوب الإجابة عليه هو: هل يضطرم المجتمع المصري الآن بحركة سياسية مستمرة وقوية؟ وهل تحولت الشعارات السياسية لمختلف القوى والتيارات إلى سلوك عملي تميزه الجماهير دون صعوبة؟ لكي يمكن القول بأن أعدادا كبيرة من عضويات جماعة الإخوان من الشباب قد شكلت تيارا يبدي تحفظه على بعض القضايا باعتبارها تراجعا عن "حالة التحديث" التي لحقت أفكار الجماعة في السنوات الماضية؟ وأين هو ذلك التحديث الذى يتحدثون عنه وفى أى مجال من مجالات الحياة أو الفكر؟!
-وهل الوضع الراهن للقوى السياسية المعارضة ينبئ بذلك أو يتيحه؟
أو هل تفصح الاحتجاجات الجماهيرية في أوساط العمال والفلاحين والبرجوازية الصغيرة عن أي دور حقيقي لتلك القوى السياسية المعارضة وتنظيماتها.. وعلى وجه الخصوص الإخوان المسلمون لكى نتحدث عن أن هناك حراكا اجتماعيا حقيقيا؟ أو أن تلك القوى المعارضة تشارك فيه ؟
ولنذهب إلى أبعد من ذلك.. هل نشاط الإخوان المسلمين السياسي يترجم تعاطفا جماهيريا نابعا من قناعة الجماهير بشعاراتهم أو بمسلكهم؟ أم أنه مجرد رفض للنظام الحاكم ولتردى مجمل الأوضاع من سيئ إلى أسوأ؟
وهل يمكن لهذا التعاطف أن يتحول إلى تأييد.. ودعم لهم أكثر من رفض الناخبين لمرشحي الحزب والحاكم واختيارهم لأي مرشح آخر حتى ولو كان من جماعة الإخوان؟
وهنا يلزم التفريق بعناية فى عملية الانتخابات بين ثلاثة أشياء: رفض الجماهير للنظام الحاكم ، واختيار الجماهير لغيره من المرشحين عموما، ودعمها لقوى سياسية بعينها.
كما يلزم التفريق بعناية أدق إلى جعبة أيّ من القوى السياسية فى المجتمع تذهب حصيلة هذا الاختيار؟. كذلك يلزم التدقيق فى حجم المشاركين من الجمهور منسوبا إلى من لهم حق التصويت بل ومنسوبا إلى تعداد السكان.
إن النظام الحاكم في مصر ذا السمات الفاشية.. يحكم قبضته على نشاط القوى السياسية المعارضة التي استلم أغلبها لذلك الوضع.. لكن الأمر يختلف إلى حد ما عن قدرته على إحكام القبضة على الجماهير.. لذلك فجملة الاحتجاجات العمالية والفلاحية والمهنية التي ظهرت في الآونة الأخيرة كانت بعيدة عن قيادة القوى المنظمة للمعارضة السياسية .. ولأن عمليات الخنق والحصار الاقتصادي لها قد تجاوزت كل الحدود فقد تفتق ذهنها عن الحكمة المعروفة (ما حك جلدك مثل ظفرك.. فتول أنت جميع أمرك) لتكون شعارا لها في التخلص من حالة الخنق والحصار..
ولذلك فليس أمام تلك القوى المعارضة المنظمة سوى مصيرين:
1-فإما أن تتخلص من حالة الغيبوبة التي تعيشها وطال أمدها.. وإما أن تعلن انضواءها الصريح تحت لواء السلطة الحاكمة بديلا عن حالة مد الجسور المستترة معها.. هذا عن بعض تلك القوى.
2-أما عن بعضها الآخر.. فإما أن يكف عن حالة مضغ الجمل الثورية.. والتشبث بأوهام استنبات تيارات ثورية من رحم أقدم التنظيمات السلفية في مصر والمنطقة العربية وأكثرها رجعية استنادا إلى سماعهم عن شباب من الإخوان يتوقون إلى عملية تحديث شاملة في فكر جماعتهم وإما أن يعلن صراحة التحالف مع تلك التنظيمات أو مع انشقاقاتها "المتوقعة".
فليس من المحتم أن تتولد الأوهام ذاتيا.. بل من الممكن أن تستولد
من المناخ الثقافي العام.. ليس الآن فقط بل وفي أقدم العصور.
•ففي عام 1859 أصدر عالم البيولوجي الأشهر تشارلز دارون كتابه المعروف أصل الأنواع.. الذي اعتبر ومازال أهم اكتشافات هذا العلم قاطبة على مر العصور.. وفيه حدد أن نشأة وتطور الكائنات الحية تستند على عاملين أحدهما وأهمهما – في نظره - : هو التنافس بين الكائنات الحية، وثانيهما: هو الصراع بين الكائنات الحية من جانب وبين الطبيعة من جانب آخر.
•إلا أن العالم الروسي ميتشورين أفاد- بعد أبحاث مطولة - أن داروين عكس ترتيب هذين العاملين وأعطى الأهمية الأعلى للتنافس بين الكائنات الحية.. بينما الحقيقة أثبتت أن الأهمية الأعلى هي للصراع بين الكائنات الحية والطبيعة.
•كما أوضح المفكر تشاغين.. أن ميتشورين قد أعاد وضع فكرة نشأة وتطور الكائنات الحية على أقدامها بعد أن كانت تقف –على يد داروين- على رأسها.. وفسر ذلك بأن الفترة التي عاشها داروين واستغرقتها أبحاثه.. كانت فترة نشأة الرأسمالية.. أي فترة المنافسة وأن هذه المنافسة قد انعكست على كثير من الأفكار في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وخصوصا الثقافية.. ولم ينج منها عالم أو مفكر.. وهو ما دفع داروين بكل ثقله إلى التأثر بذلك المناخ الثقافي العام السائد آنذاك.. ووضع عامل المنافسة بين الكائنات الحية متقدما على عامل الصراع بين الكائنات والطبيعة.
•وإذا ما طبقنا هذا على وضعنا الراهن في مصر سنجد أن سيادة المناخ الثقافي السلفي في الحقبة الأخيرة قد أثر بشدة في كثير من أوضاعنا الحياتية.. وأفرز ليس مجرد أفكار تعود بنا إلى الوراء.. أو أحيا عادات اندثرت من قرون.. بل أنتج سلعا مادية أصبح تداولها رائجا.. ومؤسسات صار وجودها ثابتا.. فكيف لذلك المناخ ألا ينعكس بدرجة أو بأخرى على أفكارنا.. وتوجهاتنا؟
•وفي حقيقة الأمر.. نُقرّ من حيث المبدأ أن عددا من شباب الإخوان يتحدثون بلهجة مختلفة.. عن اللهجة القديمة.. لكننا نُقرّ أيضا أن اللغة واحدة.. بينما اللهجات متعددة.. فمنهم من هو في الجامعة الأمريكية.. وفي أوساط النخب.. لكن ذلك يقتصر على القاهرة.. وينحصر في اللهجة.. ويحافظ على اللغة.. لغة جماعة الإخوان الثابتة.. التي نعرفها.
•ولكى ننهى هذه النقطة نعرض عليكم ما صادفناه في أكثر من محافظة.. وفي الريف على وجه التحديد وفي صفوف شباب الإخوان على وجه الدقة.. وفي قريتي كمشيش وبهوت بالذات وهو: أن تسعين بالمائة من قيادات جماعة الإخوان في كمشيش هم أبناء منتفعي الإصلاح الزراعي.. ولو لم يحصل آباؤهم على أراضي الإصلاح لما تعلموا ولا عاشوا وهم الذين يروجون في أوساط الفلاحين أن أراضي الأسرة الإقطاعية من الطبيعي أن تُردّ إليهم.. لأن هذا حكم الشريعة الإسلامية.. وكفى.
*النقطة الثالثة: تصديق المحاولات المضنية لطمأنة الجماعة السياسية حول نوايا الإخوان، والأمل المعقود على التيار الشبابي الإصلاحي.
•أحيانا ما تأتي بعض الصياغات التي تستهدف توضيح فكرة ما في لتكشف أماني الكاتب ورغباته أكثر من دورها في توضيح الفكرة..
والنص التالي صـ13 يبرز هذه الرغبة بشكل جلي [بعد المحاولات المضنية التي بذلوها (أي الإخوان) طوال السنوات الماضية لطمأنة الجماعة السياسية المصرية حول نواياهم كجماعة سياسية مدنية تحترم الحقوق والحريات بمفهومها الحديث.. جاء البرنامج صدمة نسفت كل هذا المجهود] ويضيف النص [لكنها – رغم ذلك- دفعت إلى الأمام أكثر.. في بلورة موقف ما للتيار الإصلاحي داخل شباب الإخوان.]
لم يوضح لنا النص السابق.. كنه تلك المحاولات وتجلياتها.. أو مثالا لواحدة منها.. فهل نسوق له ما فعله شباب الإخوان في جامعة الأزهر منذ أكثر من عام من استعراض للقوة استفز جميع التيارات والقوى السياسية المعارضة وأسفر عن هدم ذلك السياق الذي يحاول المقال بناءه ، ويضرب في مقتل ما أسماه بالمحاولات المضنية ويعيد للأذهان في لحظات جملة التاريخ السابق لعنف الجماعة.. ويستعيد تصريحات مرشدها الثاني حسن الهضيبي فى الخمسينات بعدم وجود أية تشكيلات مسلحة للجماعة في مصر.
وللأسف فإن استعراض القوة هذا قد جاء من شباب الجماعة الذي عول المقال على تبلور تيار إصلاحي في صفوفه بل وتوقع مزيدا من بلورته استنادا إلى احتدام الصراع الطبقي في المرحلة القادمة.
ونشير إلى أن الجهاز السري (المسلح) للجماعة كان تنظيما موازيا لتنظيمها المدني.. ينتقي المرشد العام للجماعة أعضاءه.. ويُخفي تفاصيله عن بقية أعضاء مكتب الإرشاد.. ذلك الجهاز كان يتشكل من ابرز وأخلص أفراد فرق الكشافة التي شاهدنا نموذجا لها في استعراض جامعة الأزهر.
•لقد مارس شباب الجماعة من الجنسين في الانتخابات البرلمانية الأخيرة (2005) في عدد من المحافظات كل صنوف الأكاذيب والمراوغة والتزوير وشراء الأصوات والصفقات الانتخابية غير المبدئية ونقض العهود ومخالفة الوعود.. بل ومارس بعضهم عمليات البلطجة التي كان ينفرد بها الحزب الحاكم.
أي أن شباب الإخوان الذين يشير إليهم المقال ليسوا من يعملون في الجامعة الأمريكية ولا من يجلسون على مقاعد الدراسة في جامعات القاهرة فقط.. بل هم من لهم صلة بكثير من أوجه النشاط والإنتاج الفعلية في الريف والحضر.
•وعليه فإن الأمل الذي يعقده المقال على تبلور ذلك "التيار الشبابي الذي يتوق إلى تحديث فكر الجماعة" لا يسوق مبررا واحد يدفع القارئ لتصديقه أو لمشاركته هذا الأمل.
ولذلك فإن ما ذكره المقال تشخيصا لمسار الجماعة السياسي صـ 11 من [وصف الخيط المشترك الذي يحكم الأداء السياسي للإخوان خلال هذه الفترة بلعبة الموازنة والمواءمة مع النظام.. وتكتيك قادتهم الذي يتلافى الصدام مع النظام ويستغل الانفراجة التي خلقتها حالة الحراك السياسي في إحراز مكاسب سياسية] هذا التشخيص يشير من طرف بعيد إلى أن ذلك هو خيار الجماعة الطوعي.. ويتسق مع رغبات المقال في تنامي تيار الشباب الإصلاحي.. لكنه يغفل بعدا هاما لذلك الأداء السياسي مما يغير ذلك الخيار ويجعله جبرا..هذا البعد هو: أن مطارق النظام على رءوس معارضيه قد أسهمت في ذلك.. سواء في عمليات المراجعة والتوبة ونبذ العنف من جانب فصائل الجهاد والجماعة الإسلامية وغيرها.. أو فيما أسماه المقال بلعبة التوازنات والمواءمة مع النظام من جانب جماعة الإخوان .. وذلك بالقطع بعيدا عن أية جهود مضنية أو برامج ناسفة لتلك الجهود.
ومع ذلك فهذا الأداء السياسى لا يفضي إلى انخراط جماعة الإخوان في نسيج المعارضة الشعبية.. لأن مثل هذه السلوك والأداء خليق بمن يسعى لاقتسام كعكة الحكم مع النظام القائم وليس خليقا بمن يعمل على إزاحته .. فالإزاحة تتطلب توجها آخر وخطابا آخر ووضوحا وصراحة مع أغلب المعارضين لا تتوفر في تلك الجماعة وشبابها الإصلاحي.
*النقطة الرابعة: لمن يتوجه الخطاب الإخواني على وجه الدقة؟
•من الطبيعي أن تسعى فصائل المعارضة للتنافس على تأييد الجماهير لها ولبرامجها، لكن جماعة الإخوان تعتمد على فكرة تختلف إلى حد ما عن ذلك.. فهي تلجأ بالأساس لبناء المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية وبموازاتها تبني تنظيمها المدني.. والعسكري.. وتنظيم حلقة الوصل (الكشافة).. ولأن المساجد تملأ المجتمع.. فهي بمثابة أماكن لتجنيد الأعضاء وللدعاية السياسية والاجتماعات التنظيمية. وهي بهذا لا تتنافس على تأييد الجماهير بالمعني المتعارف عليه.. بل تعتمد على فكرة الأقلية المنظمة التي تسوق الغالبية المفككة أمامها، ورغم أن التأييد الجماهيري عنصر حاسم في أدوات وأشكال المعارضة السياسية..إلا أن الطريق إليه عند كل فصائل المعارضة غيره لدي جماعة الإخوان المسلمين.
•فالجماعة اختارت شعارا عاما هو الإسلام هو الحل.. وتجنبت طويلا إصدار برنامج سياسي واكتنف الغموض كثيرا من أفكارها السياسية.. علاوة على مطاطيتها.. ليس فقط لاستيعاب مختلف التوجهات السلفية.. ورتق الخروق في ذلك الثوب الفضفاض بل لإتاحة الفرصة للارتداد عنها فيما بعد، كما أنا تستميت في ألا يكون هناك فصيل آخر يتحدث باسم الإسلام سواها.. وإن وُجد فإنها تستخدم إزاءه كل الأدوات والأساليب لتخريبه والقضاء عليه.
•ولأن الحريات الديمقراطية هى سلاح المعارضة على اختلاف توجهاتها ، ولأن نظامنا الحاكم يصادرها فمن المنطقي أن يطالب الإخوان بحيازة هذا السلاح لكنهم لا يطالبون به كاملا بل يقصرونه على ديمقراطية صندوق الانتخابات وحقهم فى الحصول على حزب سياسي، ويستبعدون بعض الحريات مثل حرية الاعتقاد حيث لا حرية عندهم سوى للتملك والتجارة.
وخير دليل على ذلك هو حديث مرشدهم الأسبق مصطفى مشهور لجريدة الأهرام ويكلى " نقبل بمبدأ التعددية الحزبية لكن عندما يقوم حكم إسلامي فى مصر فإننا نرفضها ولا نقبلها" و " الأقباط مواطنون من الدرجة الثانية يدفعون الجزية مقابل إعفائهم من التجنيد" وقد أيد ذلك وكرره نائب مرشدهم الحالى من سنوات قليلة.
وحيث أنهم ظل الله فى الأرض .. ولأنهم جماعة المسلمين حسب زعمهم " فمن يعاديهم يعادى الله ورسوله" كما أطلقها مشهور ذات صباح.
ولأن الديمقراطية هى حكم الشعب .. فهم بملء الفم ضدها لسبب بسيط هو أن الحكم لله وليس للشعب حسب معتقداتهم السياسية.. وعليه فهم ضد تولى غير المسلمين رئاسة الدولة حتى لو اختارهم الشعب فلا بد أن يكون الحاكم من المسلمين .. ولا مسلمين فى مصر سوى "جماعة المسلمين" أى جماعة الإخوان المسلمين.
إذن فمطالبتهم بالديمقراطية شئ ، والحصول عليها للوصول إلى بعض مقاعد السلطة شئ آخر، واحتكارها – فيما بعد- وحرمان الآخرين منها شئ ثالث.
إن مناداة بعض شباب الإخوان بالحقوق الديمقراطية - إن صح- لن يتخذ نفس المسار و المعنى الذى يتخذه عند بقية المعارضين لنظام الحكم وليس من اليقين القطع بوصوله لنفس المآل الذى ينشده المقال.
•ولذلك يهمنا أن نذكر:
أن ما قام به القيادى الإخوانى عصام العريان من لقاء السفير الأمريكى فى مصر بالنادى السويسرى بالقاهرة فى ضيافة د. سعد الدين إبراهيم وإنكار قيادة الجماعة لذلك اللقاء الذى تم على الملأ لا يُقصدُ من ورائه إلا توجيه الأنظار ناحية رهانهم الأساسى.
فالجماعة أشبه بمن تعرض نفسها في الشارع السياسي و" تتمايل" مختالة.. ترمى بنظرة هنا وغمزة هناك.. وتمنح ابتسامة ناحية اليمين وتطلق ضحكة جهة اليسار وتجمع عبارات الإعجاب والغزل.. وتُشعِر كل من يراها بأنها يمكن أن تميل في اتجاهه .. وفي أول منعطف ترمي بما جمعته على الأرض لأن وجدانها الحقيقي مع "الفتوة".. الذي تلاقيه في الخفاء .. أقصد على الملأ.



#بشير_صقر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من لجنة التضامن مع فلاحى الإصلاح الزراعي – مصر .. أوقفوا عمل ...
- الحالة المعرفية للفلاحين في قريتين مصريتين .. خطة بحث
- بقرية سمادون .. وفى وضح النهار: محاولات السطو .. على أراضى ف ...
- جماعة الهكسوس ربيبة النظام المصرى الحاكم .. وتوأمه في الفساد ...
- الماى: قرية مصرية أدمنت إسقاط الحزب الوطنى ثارت ضد نائبها ال ...
- ما أشبه الليلة بالبارحة.. من نجد إلى أرض الكنانة.. محمد رشيد ...
- عن الإخوان وأمريكا.. والسعودية وإسرائيل: أسمع كلامك أصدقك.. ...
- قراءة فى أوراق التطبيع السعودى الإسرائيلى: ( 6 )
- جماعة الإخوان المسلمين والحزب الوطنى فى مصر وجهان لعملة واحد ...
- بعد 40 عاما من إنشاء شبكات الصرف: وزارة الري المصرية تحصل ال ...
- تعدد الملاك .. والظلم واحدُ وتعددت الجنسيات .. والقهر واحد : ...
- عن جماعة الإخوان المسلمين .. والإقطاع ... وصلاح حسين*
- بعد تجريد الفلاحين المصريين من أراضيهم :وزارة الزراعة تجردهم ...
- كلمة لجنة التضامن مع فلاحى الإصلاح الزراعى- مصر.. بمؤتمر الف ...
- لماذا لا يقاومون طردهم من الأرض بالشدة الواجبة ؟! الفلاحون ف ...
- لماذا لا يقاومون طردهم من الأرض بالشدة الواجبة ؟! الفلاحون ف ...
- لماذا لايقاومون طردهم من الأرض بالشدة اللازمة ؟ ! الفلاحون ف ...
- لماذا لا يقاومون طردهم من الأرض بالشدة الواجبة ؟! الفلاحون ف ...
- لماذا لا يقاومون طردهم من الأرض.. بالشدة اللازمة ؟!الفلاحون ...
- الخصخصة في مصر


المزيد.....




- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...
- سلي طفلك مع قناة طيور الجنة إليك تردد القناة الجديد على الأق ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على النايل ...
- مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بشير صقر - مسار جماعة الإخوان المسلمين .. بين واقع الحال .. وإسقاطات الحالمين. تعقيب على مقال: الإخوان المسلمون وحديث الحزب. المنشور بمجلة أوراق اشتراكية .. القاهرية - العدد 18/2007