أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ييلماز جاويد - رد على إنقلاب في بغداد!















المزيد.....

رد على إنقلاب في بغداد!


ييلماز جاويد
(Yelimaz Jawid)


الحوار المتمدن-العدد: 2834 - 2009 / 11 / 19 - 09:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




قرأت مقالة الدكتور فالح عبد الجبار مرات عديدة لعلاقتها بموضوع مصير العراق ، وأهمية الخوض فيه بالتحليل والنقاش من قبل مثقفينا بغرض تنوير الرأي العام بما يتخلل ممارسات الأحزاب السياسية في الساحة العراقية من أفكار موضوعية ومخاوف جديّة فعلاً ، وفرزها عن الممارسات التي تندرج في حيز الصراعات الداخلية ، بينها وعلى الخصوص بسبب إقتراب موعد الإنتخابات العامة .

لاحظت أن الكاتب قد بنى مقالته على حكايات تدور في كواليس الأحزاب الإسلامية دون أن يسندها بأدلة ، ثم يقول أن سيدة تعنى بهذا الأمر أخبرته أن لديها قوائم مخيفة بأسماء ضباط بعثيين إعيدوا إلى الجيش ! فهل هذا خبر جديد يا ترى بعد مرور ست سنوات ونيف على سقوط الصنم ! ثم يكمل على قول السيدة إن إسمين يظهران بإستمرار في صحبة رئيس الوزراء . فما العجب في ذلك ؟ وهل نسينا أن المرحوم وصفي طاهر كان رئيساً لفريق حماية نوري السعيد ؟

صنف الكاتب في مقالته البعثيين إلى أربعة أصناف ، صنفٌ إندرج في الأحزاب الإسلامية وصنفٌ ترك الحزب وثالثٌ رفع أفراده السلاح بعد سقوط الصنم ثم ألقوه واندرجوا في العملية السياسية في إطار مجالس الصحوة ، والصنف الرابع الذي يمثل بعثيي خارج العراق . ورغم أن هذا التصنيف يجد له ظلاً حقيقياً في الواقع إلاّ أن ما إستنبطه الكاتب من هذا التصنيف لم يكن من العمق الذي يجلي الغموض عن الأسباب التي مهّدت لها ، والإنعكاسات التالية على تصرفات كل صنف فيما بعد . إن التقليل من خطورة البعثيين كما ورد في المقالة بالقول أن البعث تفتت شظايا وفقد جسمه الرؤوس ، ومن ثمّ الدخول في فلسفة عدم إمكان أي حزب شمولي العودة إلى السلطة ، كل ذلك إفتراضات لا يسندها الواقع الجديد في موازين القوى الداخلية والإقليمية والدولية ( القوى الدولية التي تخدم قطباً واحداً منفرداً ) . أنا لا أفهم كيف يمكن مقارنة فشل الحزب النازي في ألمانيا والحزب الفاشي في إيطاليا في العودة إلى السلطة مع فشل حزب البعث في تحقيق ذلك . إن الظروف الذاتية والموضوعية لكل بلد تخلق الأرضية الصالحة لأي تغيير في النظام السياسي ، ولذلك فإن النجاح أو الفشل في بلد ما لا يمكن أن يقارن مع دولة أخرى ، وبالأحرى لا يجوز لمحلل سياسي قياس أمر على أمرٍ يختلف عنه جوهرياً . لقد أهمل الكاتب الظروف الدولية والصراعات التي مكّنت النازية أن تعتلي السلطة في ألمانيا والفاشية في إيطاليا ، ومن بعد ذلك قيام الحرب العالمية الثانية التي كان الغرض منها إعادة إقتسام العالم بين الدول الإستعمارية . لم يلتفت الكاتب في تحليله إلى أن العالم قد إنقسم بعد إنتهاء الحرب العالمية إلى قطبين ، شرقي وغربي ، كل قطب يتنافس لإفشال مخططات القطب الآخر في توسيع نفوذه على حسابه . كما أنه أهمل إحتفاظ الدول المنتصرة في الحرب بقوات عسكرية هائلة في تلك الدول لتكون القوة الرادعة لأي محاولة لعودة النازية والفاشية في تلك الدولتين وكذا في اليابان التي ساهمت في تلك الحرب الخاسرة . لقد أهمل عنصراً مهماً في تحليله حول عودة البعث إلى الحكم في العراق حيث أن إنسحاب القوات العسكرية الأمريكية من العراق هو الذي يجب أن يعتبر من الخيال وليس عودة البعث إلى السلطة . إن وجود القوات الأمريكية في كل من ألمانيا واليابان لم تستنفذ أغراضها رغم مرور ثلاث وستين عاماً على إنتهاء الحرب العالمية . فكيف نتصوّر إنسحاب القوات الأمريكية من العراق ، الدولة التي تطفو على أكبر إحتياطي للبترول ؟

يحاول الكاتب أن يستنبط من إفتراضاته أن المجتمع بتحوله من المجتمع الفلاحي إلى المجتمع الحضري ونمو المدن المليونية من جهة ونمو مؤسسات الدولة أغلقت أبواب الإنقلابات العسكرية ويستعين بذكر الفشل الذي منيت به محاولات القوى التي سعت إلى تدبير إنقلاب عسكري في العراق في عقدي الثمانينات والتسعينات . إنه من الصعب تنسيب فشل تلك المحاولات إلى العنصرين المار ذكرهما وتناسي أن النظام الدكتاتوري البوليسي الحاكم في العراق آنذاك كان يملك من الوسائل الأمنية التي تجعل من المستحيل على أي عراقي توجيه النقد إلى أي مفصل من مفاصل الحكومة دون أن يكون مصيره الإعدام . لم تكن هناك أحزابٌ أو حركات سياسية عدا تنظيمات حزب البعث والتي كانت نشاطاتها محصورة بالإطار المخابراتي البوليسي لرصد أي تحرّك مناوئ للسلطة .

يتحدّث الكاتب عن النظام الحالي ، ويجعلُ نفسه جزءاً منه ، قائلاً " لدينا دستورٌ يحظر هذا الحزب ، ولدينا قانون مساءلة وعدالة ، ولدينا نظامٌ قضائي . أليس الدولة الجديدة مسلحة دستورياً وقانونياً بما يكفي لدرء خطر الإرهاب ؟ فلماذا كل هذا النفخ في فقاعة الخطر البعثي ؟ " أنا لا يمكن أن أصدّق هذا الكلام الآن لأن الكاتب الذي ألبس هذه الحكومة كل هذه الصفات لا يعرف أنها مزيفة كما كانت كلمات الرصافي صحيحة ومنطبقة على العهد البائد " ملكٌٌ ودستورٌ ومجلسُ أمة كلٌ عن المعنى الصحيح محرّف " .

أتفق مع الكاتب على إستحالة نجاح أي إنقلاب عسكري في العراق ، ولكن ليس للأسباب التي ذكرها بل أولاً لوجود القوات العسكرية الأمريكية في قواعد داخل العراق . وهي هناك وستبقى حامية للمصالح الأمريكية من أي سوء قد يأتي من أي طرف . وثانياً أن ليس لحزب البعث أو أي حزب آخر حاجة لإنقلاب عسكري للمجيئ إلى السلطة ، بل الدخول في مزايدة بيع السلطة إلى الأمريكان . فمن يدفع أكثر يكون الفائز. إننا أمام حقيقة ليس من مصلحتنا غشاوة الرؤيا . لم يأت الأمريكان إلى العراق من أجل سواد عيون العراقيين ، وبذلوا التكاليف وقدموا التضحيات ، فليس من المعقول أن يذهبوا دون أن يجنوا ما جاؤوا من أجله . السياسة الإستعمارية تجعل الأمريكان تجاراً ، لا فرق لديهم بين بعثيي الأمس وإسلاميي اليوم ، فالمفضل عندهم هو الذي يدفع الأكثر سواء من نفط العراق أو ربط إقتصاده وتجارته بالعجلة الرأسمالية الأمريكية أو بسياسته الخارجية في المحيط الإقليمي والدولي التي تؤمّن لها راحة البال على مصادر الطاقة في عموم المنطقة .

أتفق مع الكاتب بخصوص حيرة الأحزاب الإسلامية التي نضبت خزينتها من الأفكار والإبتكار. وهذا الأمر طبيعي لأن هذه الأحزاب لا تملك الرؤيا الواضحة للسير إلى أمام . ولا تسترشد بنظرية أو برامج تستوعب حياة الإنسان الدؤوبة في التطور. وهي تدور في حلقة مفرغة من الطائفية بجمود عقائدي مفرط لا تجد لنفسها طريق الخلاص غير إطلاق نذير خطر عودة البعث .

البعث موجودٌ في العراق ، ولا تتمكن أية قوة إستئصاله مادامت مستلزمات هذا الوجود الإقتصادية والإجتماعية متوفرة . قد يقوم البعث بتغيير إسمه أو سياسته بالعدول عن الإنقلابية ويدخل في العمل السياسي السلمي ، وقد يفوز بالسلطة في الإنتخابات ، وله من الكوادر المثقفة المؤهلة لإعادة بناء الحزب ثانية . إن تسفيه دور البعث وتشبيهه بالفقاعة أمرٌ غير مقبول لأن حزب البعث بناءٌ فوقي يمثلُ شريحة إجتماعية وقاعدة إقتصادية واسعة لا يمكن إختزالها حسب ما يفرضه المنطق العلمي للصراع الطبقي . فعلى مثقفينا تنوير المجتمع لا تشويش أفكارهم بتصغير طرف يعتبرونه عدواً وتكبير طرف بإعتباره محسوباً لهم . ستّ سنوات ونيف والبلد في حرب أهلية حقيقية بين الحكومة والبعث مهما تلونت تسمياته من القاعدة إلى المقاومة الإسلامية بمختلف تسمياتها . البعث الذي تمكن من قيادة العمليات العسكرية المسلحة ونفذ كافة العمليات الإرهابية التي أودت بحيات الآلاف من أبناء الشعب بالإضافة إلى الخسائر المادية وفقدان العراق الكثير من العقول البشرية ، البعث الذي تمكن من الحصول على الدعم المادي واللوجستي من معظم دول الجوار، وحضر موفدوه المؤتمرات الإقليمية والدولية . مثل هذا الحزب لا يمكن أن يسمى ( فقاعة ) . إن ذلك إيهامٌ للناس وتشويش لفكرهم .

يعرف الشعب بحسه ومعاناته في ظل حكم البعث و في ظل الأحزاب الإسلامية لا فرقاً جوهرياً بينهما في ممارسة السلطة ، ولذلك ترى الكثير من أبناء الشعب البسطاء يترحّمون على أيام البعث ، و لا تجد مَن يلومهم على ذلك . أما من ناحية التحليل العلمي لطبقات الشعب فإن الطرفين محسوبان بصورة عامة على البرجوازية الصغيرة التي تتميز كونها طبقة طفيلية تعيش على حساب الطبقات الإجتماعية الأخرى التي هي طبقة الفلاحين وطبقة العمال ؛ الطبقتين المنتجتين في البلد . إن التطاحن المستمر بين الطرفين خلال هذه الفترة قد أوصل العراق إلى حافة الخطر و لا بد من إيجاد الطريق السليم لإيقاف نزيف الدم والخراب والوصول إلى مصالحة وطنية حقيقية لتكون البداية الفعلية لمسيرة العراق إلى أمام .


* للإطلاع على مقالة الدكتور فالح عبد الجباربعنوان " إنقلاب بعثي في بغداد ! "
http://intrnationl.darlhayat.com/internationalarticle/76435#panels-vomment-form










#ييلماز_جاويد (هاشتاغ)       Yelimaz_Jawid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تآمُر بلا حَياء
- خانةُ الصّفر
- الكتل السياسية والإنتخابات
- الحقوقُ القومية
- الجماهيرُ هي الأساس
- مَصدرُ الوَحيْ !!!
- صِراعُ المؤتلفين
- التواطُؤ بإسم التوافُق
- حَرَكةُ التاريخ
- دروسُ الحياة
- الحسابُ
- مُكافحة السُّبات
- رأسُ الشليلة
- ثورةٌ فكريّةٌ .. مطلوبة
- وحدة القوى التقدمية
- في ذكرى سقوط الصنم
- الحركة الكردية والمنطق السياسي
- حُقوقُ الشّعبِ
- درس المعلم الأول
- دروسٌ ... للفائدة


المزيد.....




- اخترقت غازاته طبقة الغلاف الجوي.. علماء يراقبون مدى تأثير بر ...
- البنتاغون.. بناء رصيف مؤقت سينفذ قريبا جدا في غزة
- نائب وزير الخارجية الروسي يبحث مع وفد سوري التسوية في البلاد ...
- تونس وليبيا والجزائر في قمة ثلاثية.. لماذا غاب كل من المغرب ...
- بالفيديو.. حصانان طليقان في وسط لندن
- الجيش الإسرائيلي يعلن استعداد لواءي احتياط جديدين للعمل في غ ...
- الخارجية الإيرانية تعلق على أحداث جامعة كولومبيا الأمريكية
- روسيا تخطط لبناء منشآت لإطلاق صواريخ -كورونا- في مطار -فوستو ...
- ما علاقة ضعف البصر بالميول الانتحارية؟
- -صاروخ سري روسي- يدمّر برج التلفزيون في خاركوف الأوكرانية (ف ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ييلماز جاويد - رد على إنقلاب في بغداد!