أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جمعة كنجي - المقامة التكريتية














المزيد.....

المقامة التكريتية


جمعة كنجي

الحوار المتمدن-العدد: 2820 - 2009 / 11 / 5 - 14:17
المحور: كتابات ساخرة
    


المقامة التكريتية
إلى صدام قبل إعدامه..مع الاعتذار الشديد لأهل تكريت وحلاقيها..

كان يا ما كان..
يا سادة يا كرام!
بعد وفاة الرجل المريض، حكم العراق الانكليز.. وسلفا ً عن سلف، اتفقوا جميعاً على هدف: نشر الإملاق، في كل البيوت والأسواق. ولتحقيق هذا الهدفِ، لم يدعوا الأمور تجري بالصدفِ، كان ديدنهم كسب الأعوان، من كلِ جهةٍ ومكان، فإذا ما غادروا البلاد، يكونوا قد ضمنوا لعامة الشعب الانقياد.
وعاش في تكريت حلاق، اشتهر بالفجور والنفاق. قال احد كبار الاستعمار، إذا كسبنا الحلاق، فإنه ملاق، وسوف يتحفنا بالأخبار. أخذوا يترددون على ذلك الجبان، ليشذب رؤوسهم، ويحلق شواربهم وهم في غاية الاطمئنان. كان يعمل في دكان الحلاق ولد، لا يناظره في الوسامة آخر في البلد.. وبمرور الأيام ، مال إليه انكليزي ابن حرام!. قال الانكليزي في نفسه:" لو أمطرت هذا الحلاق بالنقود- وهو منافق حسود- فإنه لن يرد لي طلبا ً، وقد يحققُ لي مأربا ً!".
شرع الانكليزي يترددُ على الدكان في الأسبوع مرتين، ويدفع في كل مرة روبيتين، وهو مبلغ يكفي معيشة عائلتين.
سأل الإنكليزي الحلاق ذات يومٍ، ولم يكن عندهم أحد من القوم:" إذا بحتُ لك ما في صدري، فهلْ تحافظ على سري؟".
أجابَ الحلاق: " كيف أستطيع أنْ اعصي أمركَ؟.. بُح ْ لي مَا في صَدركَ!"
قالَ الانكليزي ابن الحرام:" أنت يا حلاق فطين ابن فطين، واعلم أن رغبتي لا تلين!".
بادله الحلاق نظرة بنظرة، وعرفَ على التو قصده، وقال له باحترام وتؤدة: " يا مستر، مهلا ً، مهلا ً.. ينبغي أنْ تدفع كثيرا ً، فما تريدهُ يبدو خطيرا ً، واعلم أن حصتي هي ضعف حصة الولدِ، لو انتشر الخبر في البلدِ، القوم سيقضون علينا لا محالة، سلاحهم، في مثل هذه الحالة، هو الكالة!". قال ابن الحرام: " أنا للنقودِ دافع، فهل الولد قانع؟ أينَ ترى- يا حلاق- أن تجري الوقائع؟!".
قال الحلاق: " في هذا الدكان، بكل سور وأمان".
اقفل الحلاق الدكان على الانكليزي والولد وجالَ جولة قصيرة في البلد.
كانَ يقابلُ دكان الحلاق بزاز، اشتهر بالزهد والتقوى بين الناس، علم البزازُ بالحقيقةِ، قالَ في سرهِ:"اللهم اكفِنا شرَّ هذه الأعمال الشنيعةِ..!" تكرر الحادث وتكررَ، قررَ البزاز ألا ّ يبوحَ بالخبر ِ. رجل مثله مسكين.. كيف يستطيع أن يقف في وجه ظالمين؟".
قال الراوي:
يا سادة يا كرام!..
بعد أعوام، قرر الانكليز الانسحاب من العراق بعد أن جعلوه في غاية الإملاق.
قال جهابذتهم:"ابحثوا عن الأعوان في كل زاوية ومكان، فهم جديرون بأن نوليهم من بعدنا الحكم والسلطان". استقر رأيهم على عدد من المأجورين، ممن لا ذمة لهم ولا دين. استدعوا الحلاق، قالوا له: "أنت يا صاحب الأخلاق، جدير أن تكون من سلاطين العراق.. أينَ ذلكَ الولدِ، سوفَ ننصِبهُ حاكماً في هذا البلدِ؟!".
أوصى الانكليز مأجوريهم بنشر الفساد، واضطهاد المخلصين من العباد، ومعاملة الناس معاملة القطيع، وقطع ِ رأس كل ما لا يطيع. حين تربع السلطان الحلاق على الكرسي، أطمأن لأنه حاكمه ظالم قاس. وهكذا رضي الانكليز بهؤلاء وانسحبوا بعد أن ضمنوا لأنفسهم الولاء.
في أول يوم من الحكم، قرر الحلاق أن يتخلص من كل عدو وخصم.
قال الحلاق: " البزاز يعرفُ سرنا، يستطيع فضحنا. ليَمتْ مخنوقا ً، ليراهُ الناس مشنوقا ً!" .. استدعى الحلاقُ البزاز قال: " أنتَ يا بزاز، كثير الابتزاز، تثير الفرقةِ تنشرُ الشغب بين الناس!".
قال البزاز:" أنا إنسان - يشهد الله- مستقيم، عن الحق لا أريم، أغمضت عيني حينما رأيت الفحشاء، أنت تعرف قصدي يا من جعلك القدر من الوجهاء، أطلق سراحي، لا تنكأ جراحي، لقد تحملت الكثير، أنا رجل فقير، لا اعرف الابتزاز، لا شأن لي بإثارة الناس".
قال الحلاق: " أنتَ، إذن، تعيرني، بكشف السِّر تصارحني! خذوه للحاكم، ليكن عبرة لكل قادم!".
أمرَ الحاكم بشنق البزاز البريء، أتوا له بجلاد دنيء.. حينما علم البزاز الحقيقة، لم يبقَ بينهُ وبينَ الموت سوى دقيقة تحسر على مصيره ومصير البلاد، نظرَ مليا ً إلى وجهِ الجلادِ ثم هتفَ بصوتٍ حكيم، فيه عبرة لكل فهيم:
لا بارك الله في هؤلاء المستعمرين! قادتهم لواطون، وسلاطينهم قوادون، وحكامهم" منا...".

جمعة كنجي
10/3/1982



#جمعة_كنجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخلاص قصة قصيرة
- الثلوج قصة قصيرة
- كوخ على نهر الكومل*قصة قصيرة
- الاحتجاج قصة قصيرة
- في دائرة البيطرة .. قصة قصيرة
- العلاج الديني للأمراض لدى اليز يدية
- الأشجار لا تموت
- العقاب العادل
- السمكة الفضية
- الثيران لا تستحق الرحمة !
- الطوفان
- الشمس والثلج والجبل
- الينبوع الحزين
- الديك في مملكة الثعالب
- لماذا هرب الحصان ؟
- البيضة


المزيد.....




- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جمعة كنجي - المقامة التكريتية