أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمعة كنجي - لماذا هرب الحصان ؟














المزيد.....

لماذا هرب الحصان ؟


جمعة كنجي

الحوار المتمدن-العدد: 2072 - 2007 / 10 / 18 - 13:07
المحور: الادب والفن
    


في إحدى النواحي القريبة من مدينة الموصل ، وجد عاشور لنفسه عملا ً آخر .
إتفق مع صاحب معمل برغل أن يعمل عنده . وإنحصر عمل عاشور في تشغيل ( الدنك ) وواجبه الأساسي هو حث ّ الحصان على الجري حول نفسه باستمرار ، لكي يسحب جذعا ًخشبيا ً متينا ً ، من شأنه أن يدوّر حجرا ً اسطوانيا ً كبيرا ً . ولكي يتم دق البرغل بصورة صحيحة عليه ، أيضا ً ، أن يدور خلف الحصان ، ويدفع الحنطة المسلوقة إلى تحت الحجر ، وبعدما تنفصل القشورعن الحب، تقوم زوجته جرادة بغربلة البرغل ، وتذريته في الهواء ، وبذلك ، تنعزل النخالة عن الحنطة .

وتعهد صاحب العمل بأن يدفع أجرا ً أعلى لعاشور إذا قبل َ أن ينقل الحنطة على ظهرحماره شوشو.
ورغم أن العمل كان ، في البداية ، شاقا ً ومرهقا ً ، إلا أن عاشور وجرادة سرعان ما إعتادا عليه .
قال عاشور لزوجته :" هذه فرصة جديدة للعيش .. وأنت ِ تعرفين كيف خسرنا فرص أخرى ! ".
ردّت زوجته تقول : " أجل ، يا زوجي العزيز ، لا ينبغي أن نفسد هذه الفرصة أيضا ً !" .
عمل عاشور وزوجته باخلاص وتفان ٍ ، وبدأ لهما أن كل شيء يسير على ما يرام .
واهتم عاشور بالحصان . إنه حصان رهوان ومطيع ، قلّما يحتاج المرء إلى حـثه على الجري . وألف الحصان ُ عاشور ، وأخذ ينقاد له بسهولة . وحرص عاشور على منحه وقتا ً كافيا ً للأستراحة ، وهو أثناء ذلك ، يربت ظهره ، ويمسح شعر رقبته . كان الحصان يشعر بالبهجة إزاء مداعباته ، ويتناول علفه مسرورا ً ، يصهل بين وقت وآخر،كأنه يحيّ صديقه الجديد .
ذات مرة قالت جرادة لعاشور معاتبة : " أترى الحصان أنساك أمر حمارنا شوشو ؟ " .
فردّ عليها موبخا ً : " كوني عاقلة يا جرادة .. رزقنا ورزق الآخرين معلّق بالحصان ! " .
وعلى مر الأيام إزداد عاشور تعلقا ً بالحصان ، فراح يعامله بدلال منقطع النظير . ومن شدة حبّه للحصان علّق له ودعة على ناصيته وزيّن نيره بالخرز ، وطرز عصابة عينيه بقطع معدنية براقة حتى بدا الحصان جميلا ً ،كأنه حصان مشهور من حصن سباق الخيل .

إزاء هذه المعاملة الطيبة أخذ الحصان يعمل بطاقة أقوى من السابق .
تطوّر العمل ُ وتحسن . كافأ صاحب العمل عاشور وجرادة ، وشكرهما على إخلاصهما تجاهه .
كان عاشور يعتقد بأن الفضل لا يعود إلا للحصان ، فبدونه يتوقف العمل ، ولا يمكن تحريك ( الدنك ).

وحل ّ شهر رمضان ، صام َ عاشور . في أحد أيامه إشتدّ الحر إلى درجة لا تُحتمل ، جلس عاشور ليستريح ، واستمر الحصان يدور حول ( الدنك ) . خطرت لعاشور فكرة طريفة : شهر الصيام يذّكر الأنسان بأنسانيته .. ومثلما يتعب الأنسان ، كذلك يتعب الحيوان ، الدنيا حر ، لا بدّ أن الحصان متعب . لو نزع العصابة عن عينه ، قد يشعر الحيوان بالراحة .. هل من الضروري أن تبقى عينا الحصان معصوبتين ؟ نهض عاشور . سار ببطء نحو ( الدنك ) . هتف بصوت آمر : ( هوش !) توقف الحصان في مكانه .
.. نزع العصابة عن عيني الحصان ، وهتف مجددا ً ( هووو !) انطلق الحصان يدور .

عاد عاشور ليستريح من جديد . دار الحصان بضع دورات حول ( الدنك ) ثم تسمر في مكانه . صاح به عاشور آمرا ً ( هوو..هووو !) لم يتحرك الحصان من موضعه قيد شعرة . تناول عاشور السوط بيده ، نظر الحصان بأستغراب حواليه .. احسَّ الحيوان - بدافع غريزي - أن حريته منتهكة . وجد نفسه مربوطا ً إلى كتلة صخرية مخيفة بواسطة حبال متينة .
التمعت في عينه نظرة تحد ٍ .

إقترب عاشور ملـّوحا ً له بالسوط ، صهل الحصان بجنون ، ورفس غاضبا ً .
حاول عاشور أن يهديء من روعته ، لكن الحصان إستمر في هياجه ، يرفس ويصهل ويزفر .. وفي لحظات قطّع الحبال ، وحطم الخشب ، وألقى بنيره على الأرض . وعبثا ً حاول عاشور أن يسيطر عليه ..!
ودع الحصان صديقه عاشور برفسه على بطنه ، ثم انطلق هاربا ً عبر الحقول مثيرا ً خلفه زوبعة من الغبار .


نينوى /بعشيقة28/7/1985




#جمعة_كنجي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البيضة


المزيد.....




- رابط نتيجة الدبلومات الفنية 2025 برقم الجلوس nategafany.emis ...
- “رابط مباشر” نتيجة الدبلومات الفنية 2025 الدور الأول برقم ال ...
- امتحان الرياضيات.. تباين الآراء في الفروع العلمي والأدبي وال ...
- هيلين كيلر.. الكفيفة الصماء التي استشارها رؤساء أميركا لعقود ...
- 40 عاما على إطلاقه.. ماذا تبقى من -نقد العقل العربي- للجابري ...
- فيلم -شرق 12-.. سردية رمزية لما بعد ثورات الربيع العربي
- يحقق نجاح كبير قبل عرضه في السينما المصرية .. أيرادات فيلم أ ...
- في جميع أدوار السينما المصرية .. فيلم الشاطر رسميًا يعرض في ...
- لمى الأمين.. المخرجة اللبنانية ترفع صوتها من في وجه العنصرية ...
- وصية المطرب أحمد عامر بحذف أغانيه تدفع فنانين لمحو أعمالهم ع ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمعة كنجي - لماذا هرب الحصان ؟