أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمعة كنجي - الينبوع الحزين















المزيد.....

الينبوع الحزين


جمعة كنجي

الحوار المتمدن-العدد: 2073 - 2007 / 10 / 19 - 11:20
المحور: الادب والفن
    


حط ّ السنونو فوق غصن شجرة. غرّد بصوت ٍ جميل ، ثم طار إلى ينبوع قريب لينهل الماء.
بكى الينبوع بدموع غزيرة ، وحزن السنونو على صديقه ، فأقترب منه ، وسأله:
- لماذا تبكي يا عزيزي؟
أجاب الينبوع من خلال دموعه :
- أواه.. يا أخي ! في الليلة الماضية تسلل إلى المجرى مخلوق مزعج، فليتك تساعدني في التخلص منه.
قال السنونو:
- ما شكل ذلك المخلوق؟؟
أجاب الينبوع :
لا ادري يا صديقي . قلت لك إنه تسلل ليلا ً ، و لا يكفّ قط عن القفز من مكان إلى آخر ، مثيرا ً الصخب والضجيج ، و عكّر مياهي بلعبته السخيفة هذه .
نظر السنونو إلى مجرى الينبوع من خلال شق ٍ بين الصخور، لم ير شيئا ًلشدة الظلام ، وفكر مع نفسه: أي مخلوق ذاك الذي إقتحم مجرى الماء ؟ لا بدّ وانه واحد من هاتيك المخلوقات التي تعيش في الماء . والينبوع يقول بأنه مخلوق مزعج ، يثير الضوضاء ، فمن المحتمل أن يكون ضفدعا ً . أصغى السنونو فأتاه صوت من الداخل : " قيق .. قوق .. قع! . صاح يخاطب الينبوع :
- يا صديقي ! إن ضفدعا ً طائشا ً قد إقتحم مجراك ، وهو الذي يعكر عليك الماء ، ويثير في داخلك الضوضاء.
قال الينبوع بدهشة:
- ضفدع ؟ ذلك المخلوق اللزج الملمس ، القبيح المنظر ، الكريه الرائحة .. هو الذي فعل بي هذا ؟؟
- أجل.
- أونسيَ هذا المخلوق القبيح فضلي ؟ أو يستطيع العيش بدون مياهي المنسابة في الجداول؟؟.
- يبدو أنه مخلوق عاق.
- ما العمل يا صديقي السنونو؟
قفز الضفدع قفزة جانبية، وصاح شامت :" قاق .. قوق !. فخاطبه السنونو قائلا ً:
- أيها الضفدع. إصغ إلي َّ . أنت تزعج الينبوع ، وتعكر مياهه ، وتسد ّ مجراه ..
- فردَّ الضفدع عليه ساخرا ً: " قاق .. قوق..قق ! لن أخرج ، ماذا تستطيع أن تفعل بي؟؟
- أجابه السنونو غاضبا ً:
- الماءُ ليس ملكا ً لك وحدك يا ضفدع إنه مُلك جميع الكائنات. وعليك أن تفهم هذه الحقيقة .
ردَّ الضفدع بسخرية :" قيق .. قاق .. قوق!" .

إنزعج السنونو. طار بعيدا ً عِبرَ المستنقعات. ثم عاد وبصحبته سلحفاة . وخاطب الضفدع بقوله:
- لقد اتيت بسلحفاة . سوف تدخل وتحملك على ظهرها عنوة ً . خيرٌ لك أن تخرج .
- أجاب الضفدع بأستهانة: " قاق .. قاق.. قاق! لن أخرج أيها السنونو!"
حاولت السلحفاة الدخول ، لكن مدخل الينبوع بدا أصغر من حجمها ، ففشلت في مهمتها .
بكى الينبوع بصوتٍ عال ٍتألم السنونو لحال ِ صديقه الينبوع، قال له:
- لا تحزن يا صديقي . سنجد حلا ً لهذه المشكلة .

- طار السنونو عبر الحقول . عاد وبصحبته أبو جنيب ( سرطان) . خاطب الضفدع مهددا ً:
- أخرج أيها الضفدع ، وإلاّ فسيدخل عليك صديقنا أبو جنيب ، فيمزقك بفكيه القويتين.
رد ّ الضفدع ينقنق بصوت قبيح : " قيق.. قيق.. قيق! لن أخرج من مكاني ".
لم يستطع أبو جنيب الدخول في الثقب ،حزن السنونو ، مضى الينبوع يبكي . فرح اللقلق وقال :
- ضفدع تافه يعكر مجرى الماء؟ سأقضي عليه بضربة واحدة من منقاري ، واحمل لحمة طعاما ً شهيا ً لفراخي .

- عاد السنونو ، خاطب الضفدع بقوله:
- يا ضفدع ! كفاكَ عنادا ً . أخرج ولا تزعج صديقنا الينبوع . لقد جاء اللقلق ، سيمزق لحمك بمنقاره الطويل.
ردّ الضفدع الأحمق يقول : " قاق .. قاق .. قاق! أنا في مكان ٍ حصين. حتى منقار اللقلق لا يصلني..!"
أدخل اللقلق منقاره في الشق. لم يستطع الوصول إلى الضفدع . قال للسنونو بأسف :
- الضفدع في مكان ٍ لا يصله منقاري .

هكذا وجد أصدقاء ُ الينبوع أنفسهم في حيرة . بكى الينبوع من جديد، توّسل إليهم ألاّ يتركوه في محنته . فكروا في وسيلة للقضاء على الضفدع الملعون.. أمن المعقول أن يتحداهم مخلوق تافه ضعيف وارعن مثله؟ وأخيرا ً إستقر رأيهم على أن يستشيروا شجرة الصفصاف ، لعلها تهديهم إلى حل .

حين قصدوا الشجرة ، وأوضحوا لها الأمر ، قالت :

- آه .. يا أعزائي . كم أنا آسفة لمصيبة صديقنا الينبوع . لولا مياهه العذبة لهلكنا جميعا ً .
سكتت الشجرة ، ثم استطردت تقول بأسف :
- لو استطعتُ أن أسيرَ مثلكم ، لقضيت ُ على الضفدع الملعون بضربة صغيرة من أحد أغصاني..!
- قالوا لها بصوت واحد:
- جئنا نسألك عن حل للمشكلة ، وأنت ِ أُختنا الكبيرة ، فهل نترك الينبوع وحيدا ً في محنته؟؟
أطرقت الشجرة ثم قالت بفرح:
- آه .. وجدت ُ الحل . أين صديقتنا البعوضة؟ إنها قادرة على مساعدتكم !

ضحكوا من كلام الشجرة كيف تتمكن البعوضة من مساعدتهم ؟ إنها مخلوق صغير ، سيبتلعها الضفدع بسهولة . لكن الشجرة الحكيمة أخبرتهم بأن الضفدع مغرور ، ولن يخرج من مخبئه إلاّ بالحيلة .. نادت ِ الشجرة ُ البعوضة َ ، خرجت من بين الأدغال، طارت فوق الأغصان ترسل طنينا ً متواصلا ً .
قالت لها الشجرة :
- يا صديقتنا البعوضة ! إن ضفدعا ً إعتصم في مجرى الينبوع ، و يمتنع عن الخروج منه.
- خافت البعوضة حين سمعت اسمَ الضفدع . حطّت فوق غصن ، قالت للشجرة :
- الضفدع حيوان متوحش، سيبتلعني بكل سهولة ، أخاف أن اقترب منه.
ضحكت الشجرة وقالت:
- لا.. لا يا عزيزتي . الضفدع حيوان غبي . سيخرج بمجرد أن يسمع صوت جناحيك.
لا تخافي ، فأنت ِ في حماية أصدقاء مخلصين.

إقتنعت البعوضة برأي الشجرة . طارت حول الينبوع ترسل طنينا ً عاليا ً .إبتهج الضفدع وقال لنفسه : " قيق .. قاق .. قوق ! سأحصل على وجبة غذاء لذيذة !" . وخرج إلى مدخل الينبوع . إقتربت البعوضة منه، حين مدَّ لسانه الطويل ليصطادها ، أطبق أبو جنيب على رقبته بفكيه القويتين، رفعه عاليا ً ثم ألقى به فوق ظهر السلحفاة .

مضت السلحفاة به بعيدا ً ، ألقته في بركة آسنة ، ثم جاء اللقلق ، إلطقته بمنقاره الطويل.
تدفقت مياه الينبوع عذبة صافية . ووقف السنونو يغرد فوق شجرة الصفصاف .

نينوى/ بعشيقة
5/8/1985



#جمعة_كنجي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديك في مملكة الثعالب
- لماذا هرب الحصان ؟
- البيضة


المزيد.....




- “أخيراً جميع الحلقات” موعد عرض الحلقة 195 من مسلسل المؤسس عث ...
- سرقة موسيقى غير منشورة لبيونسيه من سيارة مستأجرة لمصمم رقصات ...
- إضاءة على أدب -اليوتوبيا-.. مسرحية الإنسان الآلي نموذجا
- كأنها خرجت من فيلم خيالي..مصري يوثق بوابة جليدية قبل زوالها ...
- من القبعات إلى المناظير.. كيف تُجسِّد الأزياء جوهر الشخصيات ...
- الواحات المغربية تحت ضغط التغير المناخي.. جفاف وتدهور بيئي ي ...
- يحقق أرباح غير متوقعة إطلاقًا .. ايرادات فيلم احمد واحمد بطو ...
- الإسهامات العربية في علم الآثار
- -واليتم رزق بعضه وذكاء-.. كيف تفنن الشعراء في تناول مفهوم ال ...
- “العلمية والأدبية”.. خطوات الاستعلام عن نتيجة الثانوية العام ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمعة كنجي - الينبوع الحزين