حبيب هنا
الحوار المتمدن-العدد: 2815 - 2009 / 10 / 30 - 15:41
المحور:
الادب والفن
ـ 10 ـ
جاءت الأيام لتؤكد أن الجزء المتبقي من اللحظات يملأ مساحة القصة بالسواد والصمت والمآسي غير المتوقعة . فمن حيث اعتقد الجميع أن نهاية ميسون وصلت ذروتها عندما تزوجت شابًا لم تكن على صلة بماضيه ، ومن حيث برئ عادل من جراحه وأخذ نسيج حياته منحى مستقرًا تفتح على قصة حب مع واحدة من طالباته ، ومن حيث اقتصرت علاقاته مع الأصدقاء على تبادل الزيارات في المناسبات الرسمية المختلفة ، فإذا بميسون تقتحم مكتبه في الجامعة في زيارة مفاجئة نمت عن اشتياق دفين خرج من الأعماق ، وطفا على السطح بسبب اكتشافها الحقيقة المروعة التي كان عادل قد حذرها منها ذات مرة منذ بدايات الخلاف والفراق ..
حدثنا عادل عن زيارتها فقال :
ـ استقبلتها بفتور .. تكلمت بما فيه الكفاية ، ثم صمتت مفسحة لي المجال حتى أشاركها الحديث غير أنني لم أجد شيئًا أقوله ، فآثرت الصمت البليغ ، عندئذ واصلت حديثها فقالت :
ـ شيء آخر دعاني لزيارة الجامعة : معرفة إلى أين وصلت معك الأمور ، ولقد أعجبني سلوكك ورباطة جأشك ، والشجاعة التي استطعت من خلالها إخفاء عمق جراحك ، رغم يقيني المسبق ، بأنك كابـدت الكثير من أجل ألا تظهر بمظهر الضعيف أمام الآخرين ، لذلك سأكون أول الحاسدين صاحبة النصيب في امتلاكك .
تابعت صمتي البليغ وأنا أستمع إليها ، وفي ذهني ألف سؤال ، كلها تنصب عليها باللائمة دون أن أنبس ببنت شفة ، فانفجرت غاضبة تصرخ في وجهي :
ـ قل شيئًا ، اضربني ، حطم أثاث المكتب ، اطردني من عندك ، اذبح مشاعري تحت قدميك ، ولكن لا تترك نفسك تموت على أعتاب حبك الذي لن تنساه أبدًا !
مسحت دمعة تكورت عند زاوية العين ، وقلت :
ـ لقد اخترت شريكة عمري وقريبًا سيكون زفافنا ، وربما ، عند زيارتك القادمة نكون قد أنجبنا طفلنا الأول ..
قاطعتني فجأة كمن أصابها مس :
ـ لا تقل إنها لبنى ..
ـ بل هي لبنى ..
ـ لقد ذبحت مرتين : الأولى عندما تقربت منك والثانية بارتباطك بها !
صرخت فيها محتدًا :
ـ هل تعتقدين أنني سأنتظر العمر كله دون زواج ، أو سأضرب عنه لأنك تركتني وتزوجت ، أم أنني سأصبح قسيسًا ناسكًا لا أبرح الكنيسة ؟
ـ ولكن لماذا لبنى بالذات ؟
ـ نعم لبنى التي ستعوضني عنك ، وليس لبنى التي تعرفينها .
أخذت تضحك بهستيريا ثم قالت كمن تحدث نفسها :
ـ لماذا يا ربي ؟ حتى بتشابه الأسماء تحرق فؤادي !
نظرت إليّ بعينين مكحلتين باليأس ، تمضغ الحسرة وتترحم على أيام كانت بيننا، فيها عشنا بكارة حبنا الأول .. وكنت أرى في عينيها دموع ندم ما زالت متماسكة ترفض الانسكاب .
#حبيب_هنا (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟