أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حبيب هنا - الفصل 8 من رواية حفريات على جدار القلب















المزيد.....

الفصل 8 من رواية حفريات على جدار القلب


حبيب هنا

الحوار المتمدن-العدد: 2810 - 2009 / 10 / 25 - 15:18
المحور: الادب والفن
    



علمت لاحقاً أن البعض ، ممن لم ترق لهم علاقتنا ، قد أسر في أذنها كلمات لا معنى لها سوى الإفساد بيننا .. قالوا : شاهدنا لبنى في أحضانه ، ترتدي قميصه ، وتتوكأ على صدره بعد أن أحاط خصرها بيديه ، ولم يكملوا القصة .. وقالوا : خرج من عندها مع نفحات الفجر مخمورًا لا يقوى على معرفة الطريق والعودة إلى بيته .. ثم أن لياليه المتعبة يقضيها في بيتها ، وأمها امرأة عجوز لا تقدر على مجاراتهم السهر ، فتغط في نومها وتتركهما وحيدين ..
قالوا : فتاة نضجت في ألمانيا ، ولم تعرف من الحب سوى الجنس ، فألهبته بسياطه ، ونقلت الحضارة الغربية إلى الفراش الذي جمعهما غير عابئة بمشاعر من أوشكت على الارتباط به .. قالوا .. وقالوا .. وقالوا .. وأنا لم أكن أتصور أن تصل الدناءة إلى هذا المستوى من الانحطاط ..
كنت أتوقع أن أدفع يومًا ثمن ترشيح سعدي لانتخابات مجلس الطلبة ، ولكن أن يأتي على هذا الشكل لم يخطر ببالي قط .. صحيح أن البعض يفهم أنه ، مباح أخلاقيًا استخدام كل الوسائل في المعارك التنافسية ، ولكن الوسائل القذرة لا يستخدمها سوى الذين عشعشت الأحقاد في عقولهم المريضة ، ذلك أن المعارك حتى مع الأعداء الحقيقيين ينبغي أن تخضع لمقاييس فيها من اللمسات الإنسانية ما يحتم رسم الخط الفاصل الذي يميزك عن عدوك ، يجعلك أكثر إنسانية منه في التعاطي مع الوقائع الدائرة على الأرض ..
وهكذا ، أراد الحاقدون توجيه ضربة متشعبة الأبعاد طالتني أولاً ، ثم ميسون ، ولبنى ، دون أن نكون مهيئين لها ، بل ربما ساعدناهم حتى تؤلم أكثر دون معرفة مسبقة أو تواطؤ أي من الأطراف ، لاسيما وأن محاولات إصلاح ذات البين لم تمس سوى القشور السطحية وإن بدا الأمر على غير ذلك في البدء ، غير أنه لاحقاً تبين كل شيء بوضوح ، خاصة عندما بدأت الفجوة تتسع بهدف مبيت هو انتقام ميسون مني معتقدة أنني طعنتها في صميم مشاعرها الجياشة نحوي .
و هكذا أيضًا ، كان يتعين عليّ تحذير الأصدقاء من محاولات الغدر ، الأمر الذي تَفَهَّموه جيدًا مما حدا بطاهر ومروة إلى إعلان خطبتهما رسميًا ودعوة العديد من الأصدقاء والمعارف مشاركتهم هذه الفرحة التي حدد بموجبها حفل الزفاف في نهاية العام الدراسي .. ثم تلاه سعدي ورباب ، ولم يؤثر الارتباط الرسمي على مستواهم التعليمي ، بل ضاعف من اهتمامهما من أجل إثبات حالة الاستقرار التي يتمتعان بها ..
على أية حال ، كان العام مليئاً بالأحداث الكبيرة بما فيها و ما عليها .. لبنى قررت قطع دراستها والسفر إلى ألمانيا عند أخيها ، والاستقرار هناك ، وبصعوبة بالغة تم ثنيها عن هذا الموقف حتى نهاية العام الدراسي ، وكي لا تتسبب بتأزيم الوضع أكثر مما هو عليه .. ميسون وجهت بشكل مباغت إلى الأصدقاء المألوفين دعوة لحضور عقد قرانها على شاب ظهر فجأة في حياتها ، فوضعتنا تحت الأمر الواقع لا نملك عليه اعتراض ..
عندئذ ألم بي شعور مفاجئ ، بأن هناك من يتلذذ بخبث علينا .. يتصيد الفرص ، ويتعمد اختلاق القصص الوهمية حتى ينشب الخلاف بيننا ، ويستعصي فضه ، بحيث عندما يصل إلى أهدافه يمزق الغلالة الشفافة التي حجبت الرؤية الواضحة عنا .. يقف عندئذ أمام الجميع ويعلن عن نفسه قائلاً : هذا هو ثمن ترشيحك سعدي لانتخابات مجلس الطلبة .. سنجعل منك العبرة لأي متطاول آخر !
غير أن الأوان كان قد فات ، وليس بوسعي أن أغير في الوضع شيئاً لا سيما وأن ميسون لم تتعاون معي منذ البدء ، لقد كان وجودها في الآونة الأخيرة ، عديم الجدوى والفائدة مما ساعد على توجيه الضربة التي كادت تصيب مني مقتلاً لولا وقوف بعض الأصدقاء المخلصين إلى جواري ..
كان الأفق قد تحمل على سعته غروب الشمس بلونها الدامي المفزع دون أن تتخضب يداه بأشعة ( إكس ) ، على الرغم من الظلال التي توحي بانكسار كل ما يحيط بالكون ، واستحالته إلى هشيم في كل لحظة قابل للاشتعال والغناء .. وكان كل شيء في داخلي أصابه الموت ، يسقط الليل على روحي بعد رحلة اليوم الدراسية فيلف بلونه الرمادي الآخذ بالسواد أهل البيت ، ويصيبهم السكون مترقبين الابتسامة على شفتي ، والمرح الذي أضفيه على البيت بفارغ صبر.
والحق أقوله ، أنني مَدين بالجميل للأصدقاء القلائل الذين رافقوني عن بعد ، وأنا أدخل في متاهاتي الغريبة ، كي يتدخلوا في الوقت المناسب قبل أن يجرفني التيار في مياه الانهيار العميقة ، وقد نجحوا في ذلك مما ساعدني على تخطي الصعاب وما ألم بي من حالة اكتئاب بصعوبة بالغة تجاوزتها دون أن تشي أقل التصرفات بما أعاني منه أو بحجم الإصابة التي نفذت إلى قلبي وأصابت المعاني النبيلة للعلاقات الإنسانية التي كنت أفهم مضامينها على عكس ما بلورته الأحداث ، وفضت بكارته المعارك التنافسية .. وسقطت أحلامي تحت أقدام الحقيقة وداستها النعال ، عندئذ صعدت منها رائحة الوهم الذي لفني بأخيلته كلما تقدم الليل ، وتلاشت الظلال ..
الوهم الذي عشت فيه ليالي طويلة ، روحي تناجي روحها، وتبوح لها بأسرار الوجود .. أتوقع أن تعود إلى صوابها بعد أن يطحنها الشوق الذي ما فتئ يطحنني ، ولكن عبثًا كنت أنتظر .. لا أنا تمكنت من تسوية الأمور بأقل الخسائر ، ولا هي تنازلت عن كبريائها ، ولا أحد من الأصدقاء اكتشف الحقيقة قبل أن يركبها العناد وتدعونا لحضور عقد القران على الشاب الذي ظهر فجأة كأنه يترصد خطواتنا . وعندما دعتني للحفل ، رغم ما يحمله من معان ، كان الخوف عليها ظلمة دائمة ممتلئة بالمجهول ، نتج عن حبي لها أولاً ، والقلق مما تخبّؤُهُ الأيام القادمة والحسرة التي ستقتلها عندما تدرك حجم الخطأ الذي وقعت فيه ، لاسيما وأنني واثق تمامًا من حبها الذي يصعب التخلص منه مهما كابرت أو حاولت التشاغل والظهور بغير ما يعتمل في نفسها نحوي .
توسدت أحزاني برفق وبشيء من الإبهام لا أعرف أين يقودني .. كل أملي أن أبدأ الخطوة الأولى نحو المقاومة حتى أتمكن من الصمود والتغلب على الصعاب التي اعترضت طريقي .. أ شغلت نفسي بالقراءة معظم الوقت وتذرعت بقرب موعد الامتحانات أمام أهل البيت .. وعند توزيع الشهادات تكورت الدموع في عيني : امتياز مع مرتبة الشرف الأولى ! عانقني الأصدقاء بالتوالي ورمت لبنى نفسها في أحضاني .. تساقطت الدموع و سبحت عيناي على وجوه الحضور وكانت ميسون بينهم .. أعلن عريف الحفل : تقرر منح الأول مع مرتبة الشرف فرصة استكمال دراسته العليا على نفقة الجامعة واعتماده معيداً .
في نفس اليوم ، غسلت الكآبة بمساء ندي ، وأنا أضرب في الشارع العام على قدمي ، أتفقد الناس ، والمحال التجارية ، وصيحة آخر الأزياء ، دون أن يداهمني الأسى هذه المرة لحظة واحدة ، وكأنني برئت من الجراح وعاودتني الطمأنينة .
وعندما عدت إلى البيت وجدت الأصدقاء والمعارف ينتظرون بفارغ صبر .. أحاطوني بالحنان واللمسة الناعمة وقدمت لبنى باقة ورد جميلة .. أمضينا سهرة غير مكرورة غنت فيها مروة وسعدي أغنيتهما المشهورة " دقي دقي يا ربابا " ، فيما تحدثت أمي بصوتها النسيمي ، فأخذت معه ما تبقى من طموح إلقاء أية نظرة إلى الخلف ، وشحذت نفسي بأفق مفتوح الاحتمالات ، وأمل غسل الغبار عن الروح واليدين والانطلاق نحو المستقبل .



#حبيب_هنا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفصل 7 من رواية حفريات على جدار القلب
- الفصل 6 من رواية حفريات على جدار القلب
- الفصل 5 من رواية حفريات على جدار القلب
- الفصل 4 من رواية حفريات على جدار القلب
- الفصل 3 من رواية حفريات على جدار القلب
- الفصل 2 من رواية حفريات على جدار القلب
- الفصل 1 من رواية حفريات على جدار القلب
- الفصل 15 من رواية الإنتفاضة العشيقة الزوجة ..
- الفصل 14 من رواية الإنتفاضة العشيقة الزوجة ..
- الفصل 13 من رواية الإنتفاضة العشيقة الزوجة ..
- الفصل 12 من رواية الإنتفاضة العشيقة الزوجة ..
- الفصل 11 من رواية الإنتفاضة العشيقة الزوجة ..
- الفصل 10 من رواية الإنتفاضة العشيقة الزوجة ..
- الفصل 8 من رواية الإنتفاضة العشيقة الزوجة ..
- الفصل 7 من رواية الإنتفاضة العشيقة الزوجة ..
- الفصل 6 من رواية الإنتفاضة العشيقة الزوجة ..
- الفصل 5 من رواية الإنتفاضة العشيقة الزوجة ..
- الفصل 4 من رواية الإنتفاضة العشيقة الزوجة ..
- الفصل 3 من رواية الإنتفاضة العشيقة الزوجة ..
- الفصل 2 من رواية الإنتفاضة العشيقة الزوجة ...


المزيد.....




- الوثائقي المغربي -كذب أبيض- يتوج بجائزة مهرجان مالمو للسينما ...
- لا تشمل الآثار العربية.. المتاحف الفرنسية تبحث إعادة قطع أثر ...
- بوغدانوف للبرهان: -مجلس السيادة السوداني- هو السلطة الشرعية ...
- مارسيل خليفة في بيت الفلسفة.. أوبرا لـ-جدارية درويش-
- أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة
- نيكول كيدمان تصبح أول أسترالية تُمنح جائزة -إنجاز الحياة- من ...
- روحي فتوح: منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطي ...
- طرد السفير ووزير الثقافة الإيطالي من معرض تونس الدولي للكتاب ...
- الفيلم اليمني -المرهقون- يفوز بالجائزة الخاصة لمهرجان مالمو ...
- الغاوون,قصيدة عامية مصرية بعنوان (بُكى البنفسج) الشاعرة روض ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حبيب هنا - الفصل 8 من رواية حفريات على جدار القلب