أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد سوكارنو عبد الحافظ - القرد النوبى














المزيد.....

القرد النوبى


أحمد سوكارنو عبد الحافظ

الحوار المتمدن-العدد: 2812 - 2009 / 10 / 27 - 03:26
المحور: الادب والفن
    


يصاب المرء بالحزن والأسى إذا تعرضت فئة من الفئات أو طائفة من الطوائف للإهانة خاصة من الأطراف المعنية بالفن. من المتوقع أن يهدف الفن بأشكاله المختلفة إلى الترويح عن النفس والروح وإدخال السرور والسعادة فى النفوس التى أنهكتها الحياة ودروبها المتشعبة. يقول أرسطو فى كتابه "فن الشعر" إن الغرض الرئيسى من الفن هو تطهير الإنسان من النزعات الشريرة والسلوكيات السلبية. من الواضح أن رجال الفن فى بلادنا يتبنون نظرية مختلفة مفادها أن الهدف من الفن هو غرس مشاعر العنصرية وكراهية الآخر فى نفوس المتلقين وأن الفن ما هو إلا وسيلة لتسلية وإضحاك طرف على حساب طرف آخر. لعل كل من يقرا هذا المقال يعلم علم اليقين أن أهل الفن والسينما دأبوا على إهانة أهل النوبة والصعيد. فمؤخرا أصدرت المطربة اللبنانية هيفاء وهبى فيديو كليب "بابا فين" يتضمن عبارة "القرد النوبى" وهو ما اعتبره بعض النوبيين إساءة لهم حيث عبروا عن غضبهم فى المنتديات على شبكة الإنترنت والفضائيات، كما تقدم نائب الدائرة بطلب إحاطة يطالب فيه بعقد اجتماع عاجل للجنة الثقافة والإعلام ويحضره وزيرى الثقافة والإعلام حيث تناقش فيه العبارات التى وردت فى الأغنية. وبالرغم من أن المطربة أبدت أسفها لما حدث وأكدت أن مؤلفا "مصريا" هو الذى كتب كلمات الأغنية وأنها لا معرفة لها باللغة العامية المصرية وتعرف القليل عن تراث الطوائف التى تقطن مصر إلا أن الأمر قد أخذ منحى آخر حيث يسعى بعض أعضاء الجمعية المصرية للمحاميين النوبيين إلى مقاضاة الأطراف التى تسببت فى جرح مشاعر أناس لم يسيئوا إليهم. قد يعتقد البعض أن هؤلاء النوبيين لديهم حساسية زائدة عن الحد تجعلهم يهبون فور سماع أية كلمة يعتبرونها إهانة. وفى ظنى فإن ردود الأفعال التى ترد من أهل النوبة هى فى الواقع ظاهرة تستحق التأمل.

لا شك أن العبارة التى وردت فى أغنية هيفاء وهبى وتسببت فى الأزمة التى نعيشها تذكرنا باللفظة البذيئة التى جاءت على لسان موظف بأسوان حيث لم تهدأ النفوس إلا بعد أن تدخلت القيادات فى المحافظة لإرضاء الطرف الذى تعرض للإهانة. من الملاحظ أن الإهانة هنا تكمن فى إيجاد علاقة بين حيوان وأحد الأعراق أو القوميات الإنسانية. وإذا اعتبرنا أن هذه العلاقة تمثل إهانة فمعنى ذلك أن قوميات وشعوب عديدة تتعرض للإهانة كلما ذكر حيوان مقترنا بها مثل الروس (الدب الروسى) والهولنديين (البقرة الهولندية) والاستراليين (الكنغر الاسترالى) والأسيويون (الجمل الاسيوى ذو السنامين الذى يستوطن اسيا الصغرى) والقرود التى تنتشر فى منطقة معينة. وحتى العرب لم يسلموا من الارتباط بالحيوان، فالجمل العربى ذو السنام الواحد يعيش في الوطن العربي وأفريقيا والهند والحصان العربى يعتبر من أجود سلالات الخيول في العالم.

الغريب أن أهل النوبة الذين عبروا عن حزنهم وغضبهم من "القرد النوبى" لم يحدث أن تنتابهم ذات المشاعر حين نتحدث عن "الماعز النوبى" وهو بالمناسبة من أنواع الماعز التى تتميز بالحجم الكبير والأرجل الطويلة وهذا النوع يمثل 50 % من إجمالى الماعز فى السودان. وتجدر الإشارة أن عبارة الماعز النوبى تطلق أيضا على الماعز الانجليزي بعد تهجينه مع سلالة أخرى من سلالات الماعز الإفريقى وهو ماعز يعتبر مصدرا للبن طوال العام. وفى الواقع فإن القرد الذى يمشى على قدمين أقرب إلى الإنسان عن الحيوانات الأخرى كالماعز والجمل والحصان التى تمشى على أربعة أقدام، كما أن القرد حيوان ربما يتفوق فى الذكاء على سائر الحيوانات وهذا لذكاء دفع بعض العلماء الغربيين والأمريكيين إلى محاولة تعليمه اللغة غير أن قدرات تعلم اللغة لدى القرود لم تتجاوز قدرات طفل ذى عامين.

قد لا نبالغ إذا قلنا إن ما تلقاه أهل النوبة من إهانات فى مجال السينما والتلفزيون وأغانى الفيديو كليب فى شهر واحد من شهور الزمن الماضى تفوق بكثير الإهانات التى نقرأ أو نسمع عنها فى هذه الأيام. فالأفلام القديمة والمسلسلات التلفزيونية حبلى بالعبارات العنصرية التى تنطلق معبرة عن أبشع ما يفعله الإنسان فى أخيه الإنسان. ومع ذلك نقول إنها سلوكيات فردية لا تعبر عن ظاهرة. ما يدعو للأمل هو أن أهل النوبة ممثلة فى شبابها المستنير المثقف وشيوخها العقلاء باتوا مستيقظين لكل ما يعتبرونه إهانة عنصرية تصدر من بعض الجهلاء الذين يفتقدون للذوق والحس الإنسانى وهؤلاء مرضى نفسيون يحتاجون إلى من يقدم لهم العلاج،










#أحمد_سوكارنو_عبد_الحافظ (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوميات طالب مصرى فى أمريكا
- اليونسكو والالكسو والإيسيسكو
- هل تعلمنا الصبر والحلم فى شهر رمضان؟
- محافظو أسوان.. وقضية النوبة
- الموظف وانهيار الراتب الشهرى
- حقيقة انتخابات اليونسكو
- صياغة الخبر ومشاعر المواطنين
- المواطن فى مدرسة الحكومة
- امتحان لمن يرغب فى تمثيل النوبة؟
- جمال مبارك وقضايا النوبة
- مطالب النوبة بين الماضى والحاضر
- أهل النوبة ولفظة برابرة
- رجال الأعمال وانتخابات الأندية الرياضية
- سياسة إسرائيل الإعلامية
- قضايا التعليم بين الطلاب والمعلمين فى مصر
- وقوع العقوبة والإفلات منها
- أين مشاعر المودة بين أفراد الشعب الواحد؟
- جنوب أفريقيا: من العنصرية إلى العالمية
- المنتخب المصرى وتجربة كأس القارات
- الإعلام ورجال السياسة فى بلاد العم سام


المزيد.....




- -عصر الضبابية-.. قصة الفيزياء بين السطوع والسقوط
- الشاعر المغربي عبد القادر وساط: -كلمات مسهمة- في الطب والشعر ...
- بن غفير يسمح للمستوطنين بالرقص والغناء أثناء اقتحام المسجد ا ...
- قصص ما وراء الكاميرا.. أفلام صنعتها السينما عن نفسها
- الفنان خالد تكريتي يرسم العالم بعين طفل ساخر
- رابط شغال ومباشر.. الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2025 ...
- خبر صحفي: كريم عبدالله يقدم كتابه النقدي الجديد -أصوات القلب ...
- موسيقى للحيوانات المرهقة.. ملاجئ الولايات المتحدة الأمريكية ...
- -ونفس الشريف لها غايتان-… كيف تناول الشعراء مفهوم التضحية في ...
- 10 أيام فقط لإنجاز فيلم سينمائي كامل.. الإنتاج الافتراضي يكس ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد سوكارنو عبد الحافظ - القرد النوبى