عبدالوهاب خضر
الحوار المتمدن-العدد: 853 - 2004 / 6 / 3 - 05:22
المحور:
أوراق كتبت في وعن السجن
أنفردنا منذ أيام بنشر " خبر " وفاة ثلاثة مصريين داخل السجون اللبنانية بسبب عمليات التعذيب, كان قد ألقت السلطات اللبنانية القبض عليهم وأخريين كعمالة غير مشروعة .
عدد من وكالات الانباء والاذاعات الاجنبية تناقلت الخبر فكان لابد أن نتابع هذا الحدث المهم , تقابلنا وجها لوجه مع بعض الشباب العائد منذ أيام من السجون اللبنانية , وعرفنا منهم تفاصيل ووقائع جديدة ومثيرة وسألناهم فأجابوا بدون تردد أو خوف .. التفاصيل فى هذا التقرير :
تبدأ القصة بقيام السلطات اللبنانية بالقبض على عدد كبير من المصريين الذين يعملون بدون تراخيص وبمخالفة القانون وهربوا من بلادهم بعد أن ضاقت بهم الحياة وخاطروا بحياتهم بحثا عن لقمة العيش الحلال , حيث أمتلأ سجن " رومية المركزىب6000 مصرى تم القبض عليهم خلال فترات متقاربة وظل معظهم أكثر من عام محبوسا على الرغم من أن المدة المقرر حبسهم فيها هى شهر واحد ثم تتدخل السفارة بالتنسيق مع وزارة الخارجيةوالسلطات الاجنبية لترحيلهم .
الغريب فى هذة القضيةايضا هو عمليات التعذيب التى تعرض لها هؤلاء الضحايا على يد ضباط وعساكر لبنانيين منهم الضباط " روبير ووجورج منصور وبسام خورى وحيدر وغيرهم " وتوجية اهانات وشتائم الى مصر ومسئوليها من الكبير للصغير, هذا بالاضافة الى وانتشارمرض يسمى " حمى الغنم "بين المحبوسين, ومن أشكال التعذيب التى تعرضوا لها : الصعق بالكهرباء واجبارهم على الزحف على بطونهم من الدور الثالث حتى الدور الاول عبر السلالم وفتح الغاز والقنابل المسيلة للدموع على المحبوسين وتعليقهم فى الاسقف وخلافة .
وبسبب عمليات التعذيب والاهانة هذة لقى ثلاثة مصريين مصرعهم وهم خيرى الغريب محمد من محافظة الغربية بسمنود ومات بعد انفجار بالزائدة الدودية أثر التعذيب , وكذلك قام الشاب ياسر محمد ابراهيم من بيلا كفر الشيخ بشنق نفسة يأسا من الخروج بعد أن قضى ثلاثة عشر شهرا دون تدخل من السفارة المصرية هناك , ومن الضحايا ايضا عبدالوهاب راضى من محافظة البحيرة وكان مريض بالسرطان وتوفى بعد عمليات ضرب من جانب أحد الضباط اللبنانيين !!
أضراب حتى الموت .
ملف هذة القضية يحتوى ايضا على قيام عدد من المحبسوين المصريين ومنهم : محمد عبدالحكيم الدسوقى " قطور غربية " ومتولى ابراهيم " المحلة " ووشريف عبدالجليل " المنصورة " وشريف محمد " كفر الشيخ " وغيرهم بصياغة خطاب ارسلوة الى السفارة المصرية وزارة الخارجية عن طريق مأمور السجن اللبنانى وقالوا فية :السيد المحترم أمر السجن .. نخطر سيادتكم أننا مضربون عن الطعام والشراب ونريد من سيادتكم اخطار كل من السيد أحمد ماهر وزير الخارجية المصرى و السيد أسامة الباز مستشار رئيس الجمهورية بأننا مضربون من هذة اللحظة اضرابا سلميا حتى الموت أو حتى خروجنا من هذا السجن وسرعة ترحيلنا الى مصر طبقا للقانون الذى يقضى بترحيل المقبوض علية بعد شهر واحد فقط .. عن المسجونين : نبوى أحمد الدسوقى وخالد توفيق السعدوشريف احمد و مصطفى سعد ....
الضحايا يتحدثون .
ايهاب على طه الغنام من قرية الروضة بطلخا دقهلية قال بانة يعمل فى لبنان منذ ثلاث سنوات تقريبا كسائق بعد أن ضاقت به الدنيا هنا فى مصر ولكن " الحلو ميكملشى " كما يقول فقد ألقت السلطات اللبنانية القبض علية من على طريق يسمى " المكلس " ببيروت ومعة خمسة من المصريين ايضا وقضى فى السجن عام كامل دون اى تدخل من السفارة وقال لنا بان الشرطة علقته فى السقف لمدة ستة أيام وتم صعقة بالكهرباء وتم الافراج عنة منذ ايام وعاد الى مصر بدون " ولا مليم " طبقا لكلامة .
أما شريف مصطفى سعدة من قرية بلشاشة بكفر الشيخ فقد قضى سنة وثلاثة شهور كاملة وكان يعمل تاجر سيارات فى جنوب لبنان وتم القبض علية وضربة بالعصا على راسة وقال انة التقى اكثر من مرة بمبعوث من السفارة المصرية هناك اسمة " فاروق " والذى كان يعرف كل ما يحدث ويردد عبارة واحدة وهى " اصبروا ربنا يسهل " ويوضح شريف انة عندما كان يستمع الى " فاروق " يقول فى نفسة هكذا تفعل معنا بلدنا , يعنى اهنا مهانين هنا وهناك وذكر شريف انة الان عاطل وبدون عمل أو مال ويفوض أمرة لله فقط ويدعو على الحكومة التىاوصلت شباب مصر الى هذه الدرجة .
ويحكى شعبان الرفاعى ابراهيم سليمان الذى يسكن أمام صيدلية ابن سيناء بكفر الشيخ أنة فقد وعية اكثر من مرة بسبب الضرب واجبارة على الزحف على السلالم على بطنة وضربة بالعصا فى اماكن حساسة وقال انة كان يموت فى اليوم مائة مرة بسبب التعذيب وهو الان عاد الى بلادة ولكنة ترك هناك الالاف الزملاء الذين يتم تعذيبهم واهانتهم .
طارق فتحى سلامة من كفر الشيخ أيضا قضى اربعة شهور بعد القبض علية وقال أنهم كانوا يطلقون عليهم القنابل المسيلة للدموع عندما كانوا يتظاهرون احتجاجا على اوضاعهم , وأشار فتحى بأنة مثل كل الشباب المصرى العاطل فهو حاصل على دبلوم تجارى و" استلف " ثمن التذكرة حتى يذهب الى لبنان ليمسح الاطباق فى احد المطاعم وكان دخلة اليومى ما يقرب من 40 جنية مصرى وهو أجر لا يحلم بالحصول علية هنا فى مصر –طبقا لكلامة – فكان سعيد وقرر أنة لن يعود الى مصر حتى يوفر مبلغ كبير يعالج والدتة المريضة ويزوج اخواتة البنات , فهذة هى أقصى طموحاتة .. ولكن حدث ما حدث وتم القبض علية وليس كذلك فقط بل عاد الى اهلة مريضا ب" حمى الغنم" وغير قادر على العمل بسبب التعذيب الذى اصابة .
محمد عبدالحكيم من عذبة الكوم مركز قطور غربية حكى لنا مأساة يوم واحد داخل السجون اللبنانية وقال أن الامن كان ينظمهم فى صف واحد ويطرحوهم على بطونهم ويمشون عليهم بالاحذية ثم يرفعون أرجلهم الى أعلى ويقومون بالضرب عليها بعصا حديدية وكل هذا كان يحدث بالطابق الثالث للسجن من أمام الغرف الانفرادى وبعد ذلك يتم اجبار الشباب المصرى بالنزول من على السلالم زحفا على بطونهم وضربهم بقوة بأسلاك كهربائية ويضيف محمد عبدالحكيم أنة كان يأتى كل يوم طبيب ومعة ضابط يدعى " روبيه " وعلى الرغم من تحذير الطبيب للامن داخل السجن من مواصلة تعذيب المسجونيين لان صحتهم فى تدهور مستمر كان الامن يواصل التعذيب دون خوف أو تردد .
العائدون من السجن .
ما زالت السجون اللبنانية مليئة بالمصريين الذين يلاقوا هناك أشد انواع الاهانة تحت سمع وبصر السفارة المصرية ووزارة الخارجية , أما الشباب الذين عادوا فقط هم :شعبان الرفاعى سليمان , محمد عبدالحكيم الدسوقى , النبوى أحمد السعدنى ,متولى ابراهيم الدسوقى , خالد السيد غازى , الخطيب فوزى القرضاوى , محمد عبدالعزيز ابو عميرة , ايمن عبدالنبى فتيح , بهاء زكريا دراج , عادل عيد فايد , فتحى محمد غنيم , ايهاب على طه , حمادى على الحمادى ,هانى عطية عبدالله , شريف محمد عبدالجليل , ابراهيم ابراهيم الوكيل , عبداللطيف رجب السيد , السيد عبدالعزيز ابو النجا , طارق فتحى سلامة , شريف احمد مصطفى , احمد السيد السمكرى , مصطفى عبدالحليم زيدان , حيدر مصطفى حيدر ,توفيق توفيق السعيد , مسعد حسنى محمود , محمد حلمى محمد الجزار , حجازى انور شفيق , مجدى عاطف القصبى , ايمن سمير الجوهرى .
وبعد ذلك هل سيكون عند حكومتنا دم وتتدخل فورا لانقاذ ما يمكن انقاذه من كرامتنا فى سجون لبنان العربية ؟ والسؤال هنا موجه للحكومة المصرية فقط لانها هى السبب فى كل ما يحدث لهؤلاء الضحايا الذين تتشابهة حكاياتهم من فقر وذل وبطالة وفساد وعدم وجود سكن او وظيفة " فطفشوا " وخاطروا بحياتهم وباع أهاليهم كل شيئ لتوفير ثمن التذكرة وجواز السفر وذلك للعمل هناك أى شيئ وبأى ثمن لتوفير حتى ولو قروش قليلة ليحصلوا على حقهم الطبيعى فى الحياة من ماكل ومشرب وملبس ومسكن تلك الاشياء التى سلبت منهم هنا فى مصر ولكنهم عادوا مرة أخرى بدون مال أو حتى كرامة ليكونوا شهود عيان أيضا على زمن حكومة " الزيروو " و" الفساد " و" البطاله " و .. و.. و ..و
#عبدالوهاب_خضر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟