أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة - حامد حمودي عباس - ترى .. من يحمي بناتي من أجلاف البشر ودعاة أعراف الموت ؟؟














المزيد.....

ترى .. من يحمي بناتي من أجلاف البشر ودعاة أعراف الموت ؟؟


حامد حمودي عباس

الحوار المتمدن-العدد: 2806 - 2009 / 10 / 21 - 14:10
المحور: ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة
    


مع كوني قد كتب علي الحرمان من ممارسة ما أود ممارسته على هواي ، ومع أنني تنتابني في كثير من الاحيان غصة تخنق في رئتي الاحساس بعميق التنفس ، وتقف حائلا بين شعوري بالفرح الانساني المجرد .. مع ذلك كله ، فإنني وبجهود شخصية ، أحاول أن أدخل في سباق مع قدري ، كي أنال ما أتوهم فيه بكونه سعاده .. إنها لحظات من نصف الفرح ، أجدها أحيانا هنا وهناك في زوايا يومي ، فاتوقف عندها لأستمع الى لحن جميل ، أو اتمتع بمنظرعابر لزهرة في سندانة وضعت قبالة باب منزل مترف ، فأبدو وأنا اتلفت لها خلال سعيي في الطريق وكأنني لص يترصد مدخلا له بعد حين .. أو حينما أجدني متقمص لشخصية فات أوانها وانقضت أيامها ، لأتخيل نفسي ثانية أجلس على طاولة نادي ليلي هناك على ضفاف دجلة الخير، وصوت سيدة الغناء العربي يشنف مسامعي ليمضي بي الى أيام تهادت روحي فيها بدروب العشق البهيه ..

ومهما برعت في نسج صفحات خيالاتي المصطنعه ، يلهبني على حين غرة سوط الواقع ليعيدني في كل مرة الى صوابي ليقول لي ، بعد إطلاقه ( عفطة ) من فمه المريع .. عد الى رشدك أيها العجوز، فانت لا زلت معي هنا ، ولا تحاول أن تغرك أحلامك الفاسدة فتحاول الافلات مني الى حيث الهذيان .

في محيط مرعب وممل كهذا .. ومع جميع مشاعر اليأس القاتله ، تأتيني نفحات الحب والحنان ولمحات من السعادة ، حينما تتأبطني إحدى بناتي لتقبلني على وجنتي المتعبة ، وثمة إبتسامة على محياها تقول لي .. بأن بقية من فرح لا يزال يعيش بجانبي .

بناتي الثلاثة ، حيث فارقتني كبراهن ، مبتعدة عني وراء بحر طالما وقفت مع أمها على حوافه المخيفة ، ونحن نتمثل كيف قطعت ظلماته لتكون هي وزوجها واطفالها في مأمن من وطنها ، وما يريحنا هو أننا نجدها على الدوام في رعاية أمينة يلفها عطف إنساني يتسع لاحتوائها وافراد أسرتها كي يوصلهم جميعا الى بر الأمان .

وبقيت بجانبي إثنتان منهن ، تتراقص خيالاتهن في يقضتي وأحلامي ، فاستيقظ كل صباح لأعد لهن الفطور ، و أقبل أياديهن الناعمة وهن يغادرنني الى المدرسة والجامعه ، إنهن النور الذي أرى به دربي المتعثر ، ومنهن أستقي معنى لكياني الضائع وسط لجة بحور من الغربة وتقدم العمر وعدم وضوح المستقبل .
لقد كنت ولا أزال ، أذهب مسرعا الى حيث الشرفة ، كي أمتع نظري وروحي كلما خرجن الى حيث المدرسة ، وأنا أرى بقلبي لا بعيني كيف تخط أقدامهن رصيف الشارع ، يمنحن الجو المحيط بعبق البراءة والحياة ، وأمعن النظر فيهن قبل أن يغبن وراء أقرب بناية تعترضهن ، وهن يطرقن حياء وخوفا من مجهول .

بناتي الجميلات ، هن بقايا منحتي القليله ، والتي جاد علي بها قدري ، كي أبقى على إرتباط ، وهو الوحيد ، بيني وبين عالم مفترس له طبع الذئاب في اللارحمه ، عالم طارد لكل شيء يحمل رؤى النقاء ، ومحتفظ بكل شيء يدعو للخراب والموت والجوع ورذيلة الإفقار .. عالم لا يريد أن يستكين ليعطي كل ذي حق حقه ، ويصر على إبتكار سبل الموت طواعية بين أبنائه وعلى أيديهم .. ذلك هو عالمنا المأزوم بحالته المترديه ، والقابع بعيدا عن معطيات التقدم والمدنية وبناء الانسان المتحضر.

لقد سافرت قريبة لنا الى العراق قبل مدة ، وكانت واقعة تحت كابوس مرعب من الشعور بالخوف لا على نفسها ، بل على شعب بأسره ، وقد نقلت لي وبالتفصيل كيف تقف شرطيات الحفاظ على الفضيلة ليعترضن زائرات العتبات المقدسه ، ويرغمن من لا ترتدي الجوارب والكفوف على عدم الدخول الى الصحن لكونهن يسفرن بعرضهن القدمين والكفين .. وكيف أن رهابا نفسيا يتقمص أرواح النساء وهن يتجولن لقضاء حاجة ما في المدينة ، فيشرعن إلى تغطية كل شيء من أجسامهن ، ويبتعدن عن أي شيء له علاقة بالزينه .. وألأنكى من ذلك كله ، هو شيوع تواجد مكاتب الزواج المؤقت وباسماء شتى ، وببركة من رجال الله على أرضه .

أني أتمثل أحيانا ، صورة الوجوه المكفهرة لأولئك المتأسلمين من نكرات البشر ، وهم يجوبون الطرقات للتصدي الى حريات الناس .. وتتجسد أمامي ، وهو مدعاة لخوفي الكبير والمتجدد ، صورة بناتي وهن يقعن عرضة لعقول ممسوخة لا ينفع فيها حك بالحجر .. ويبتعد بي الحلم الرهيب ، وأنا مستيقظ ، لتخيل كيف يمكن أن يسوط واحد من هؤلاء بنيتي الحبيبة على ظهرها ليوجهها الى مسالكه الجاهلة في الحياة ، ويعلمها كيف هي الدنيا ببواطنها كما يفهمها هو ، وبعين جلف أجرب لا يعي ماذا عليه أن يفعل لكي يضع لذاته معنى بعينه .

كثير ما يهتز عندي التركيز الذهني ، وإحداهن تقف قبالتي لتروي لي حكاية بريئة من حكايا ساحة المدرسه ، وأتطلع الى محياها الموحي بكل عوالم الصبا الجميل ، وهي تتمايل متناغمة مع أحاسيسها بالفرح عندما تتذكر تفاصيل حوار بينها وبين صديقة لها فترويه لي بكل عنايه .. في حين أشرد عنها بعيدا ، لأضعها وبإسقاط مفاجيء ، وسط شلة من غوغاء يقدر لهم بقدرة قادر أن يرسموا لها قسمات وجهها وعلى مقاساتهم المتوحشه .. لماذا ياترى قدر لنساء بلادي وصباياه أن يقعن فريسة لكل هذا العهر الاخلاقي والردة في كل شيء ؟؟ .. لماذا كتب عليهن أن تنحرف بهن أقدارهن ليكن هدفا للغزو المتعفن والكريه الرائحة والطعم ؟؟ .. لماذا يسكت العالم عن هذا الكم المهول من العذابات الجسدية والذهنية والعاطفية والاقتصادية في محور حياة المرأة في بلادي ؟؟ .. ما ذنب الملايين من النساء وهن يقضمن يومهن وسط ما يلقين من عسف ذكوري مؤطر بنصوص ميتة وأعراف انتهت صلاحيتها منذ زمن بعيد ؟؟ .. من ينقذ بناتي من مصير مجهول يتهددهن لو قال القدر قولته وحان فراقي لهن على حين غرة ؟؟ .. أين المفر ياترى من كل تلك الغزوات الصحراوية المرعبة وهي تهرش مكامن النفوس البشرية بمخالبها ، لتدمي فيها روح الانسان وتحيي روح الافتراس ؟؟؟ ..



#حامد_حمودي_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما ألمانع من خلق جبهة تتوحد فيها قوى التحرر القومي والوطني ا ...
- هذيان اللحظة الأخيره
- صرخة ألم في فضاء عذابات المرأة العراقية .. بائعات الملح يبصق ...
- عشق ما بعد الستين
- إعتذار
- نداء عاجل لكافة الوطنيين والتقدميين في العراق
- فلتسقط السياسه .. وليتوقف تدمير عراق النهرين والشط
- تحدي
- إشراقات خارج حدود وطن الأزمه
- ألعقلية العربية وتصدير الأزمات
- ألعقلية العربية لا شأن لها بثقافة التغيير والديمقراطيه
- عشق غير مألوف
- متى ياعراق ؟؟
- سجال متأخر .. حول ضرورة وحدة قوى اليسار في العراق
- ألعوائل ألعراقية بدأت تسكن القبور ... أيها المحللون لواقع ال ...
- قوى اليسار في العراق .. بين أفعى الشيخ ( دبس ) .. وموفد المر ...
- حزن القاتل
- ليكن لكل واحد من ربه .. وليسقط السادة والشيوخ والكهنه
- لقاء .. ومطر
- ألشخصية العربية .. بين حرية السلوك .. والأرث الديني المتأصل


المزيد.....




- الوكالة الوطنية بالجزائر توضح شروط منحة المرأة الماكثة في ال ...
- -قرن- ينمو في جبين امرأة صينية تبلغ من العمر 107 أعوام
- الوكالة الوطنية للتشغيل 800 د.ج تكشف كيفية التسجيل في منحة ا ...
- طريقة التسجيل في منفعة دخل الأسرة بسلطنة عمان 2024 والشروط ا ...
- تقارير حقوقية تتحدث عن انتحار نساء بعد اغتصابهن في السودان
- أنبــاء عن زيـادة منحة المرأة الماكثة في البيت الى 8000 د.ج! ...
- جنود إسرائيل في ثياب النساء.. ماذا وراء الصور؟
- وباء -الوحدة الذكوري-.. لماذا يشعر الرجال بالعزلة أكثر من ال ...
- مساعدة الرئيس الإيراني: مستعدون للتعاون مع قطر في مجال الأسر ...
- لماذا تسافر ملكة جمال لبنان إلى المكسيك في أوج الحرب؟


المزيد.....

- جدلية الحياة والشهادة في شعر سعيدة المنبهي / الصديق كبوري
- إشكاليّة -الضّرب- بين العقل والنّقل / إيمان كاسي موسى
- العبودية الجديدة للنساء الايزيديات / خالد الخالدي
- العبودية الجديدة للنساء الايزيديات / خالد الخالدي
- الناجيات باجنحة منكسرة / خالد تعلو القائدي
- بارين أيقونة الزيتونBarîn gerdena zeytûnê / ريبر هبون، ومجموعة شاعرات وشعراء
- كلام الناس، وكلام الواقع... أية علاقة؟.. بقلم محمد الحنفي / محمد الحنفي
- ظاهرة التحرش..انتكاك لجسد مصر / فتحى سيد فرج
- المرأة والمتغيرات العصرية الجديدة في منطقتنا العربية ؟ / مريم نجمه
- مناظرة أبي سعد السيرافي النحوي ومتّى بن يونس المنطقي ببغداد ... / محمد الإحسايني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة - حامد حمودي عباس - ترى .. من يحمي بناتي من أجلاف البشر ودعاة أعراف الموت ؟؟