أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شاكر فريد حسن - مظفر النواب... شاعر الرفض والشتيمة السياسية














المزيد.....

مظفر النواب... شاعر الرفض والشتيمة السياسية


شاكر فريد حسن

الحوار المتمدن-العدد: 2799 - 2009 / 10 / 14 - 17:55
المحور: الادب والفن
    


مظفر النواب صاحب " وتريات ليلية " و "سفينة الحزن "، هو شاعر الرفض والاحتجاج والمعارضة والنقد اللاذع، وشاعر الحزن العربي ونكبات العرب وماّسيهم . أنه ظاهرة سياسية فريدة في شعر الثورة العربية المغتربة، طالما بقيت هذه الثورة مجرد ارهاصات وبدايات وأحلام. ولعل غياب هذه الثورة هو سر التمزق الذي ينهش جسد وروح مظفر النواب، الذي ذبحته واغتالت صوته حكومات القمع والاستبداد العربية الممسكة بخناق الشرق.

مظفر النواب ليس شاعراً مرهفاً ثائراً وغاضباً فحسب ، بل ناقداً سياسياً قادر على وضع النقاط على الحروف ورسم خطوط المأساة العربية، شكلاً ومضموناً. فهو يستخدم ويوظف كلماته البذيئة اللاذعة في النقد، تلك الكلمات التي تعكس موقفه الصريح الواضح ازاء أنظمة العهر والذل والعار والتخاذل. كما أنه قاموس لغوي استطاع أن يروض الكلمات حتى تكون مطواعة بين يديه وتبقى رهناً لأشارة من يراعه الذي هو شاهد ألمه وغضبه وثورته وتمرده، وتظل كلماته سلسة شفافة مرنة كالعجين، يضعها بالشكل الذي يريد وكيفما يريد، حتى أن بعض النقاد أخذوا عليه استخدامه وتوظيفه الألفاظ البذيئة وكلمات السب والشتم في تهكمه على الزعامات والأنظمة العربية الخنوعة والمتخاذلة ، لكن مظفر النواب يرد عليهم قائلاً: "لا يعقل أن ألجأ الى معجمية الأخلاق وأنا أعيش سم المواخير حتى التخمة، كذب لجوئي الى المفردة المداعبة الهامسة وأنا أعيش جحيم المجزرة ! قبيح بي وأنا أعيش هذا الذل العربي الحاكم، ألا " ترقى " مفرداتي الى هذا الدرك اللغوي وخيانة لجوئي للصمت في وجه العهر والقمع، رغم أن " العثة في بلد العسكر تفقس بين الانسان وثوب النوم وزوجته تقرر صنف المولود" فعلى قدر الوجع تكون الصرخة، وعلى قدر التردي يكون التردي ، ونحن نعيش البذاءة ممارسة باّلاف الأشكال، نعيش القهر، وبالألوان على شاشات الفضائيات ... نعيش العهر الصامت أو الصمت العاهر على أحدث طراز ، فأي لغة تريدون؟أعلي ّ أمام شاشات الدم ومشهديه السقوط ، أتلهى بالبحث عن لطف العبارة لئلا أخدش من يحزني من الوريد الى الوريد؟" .

و مظفر النواب يجسد في قصائده تجربته داخل السجن ، فيكتب عن معاناة التعذيب والتشرد والترحال ويعبر عن مشاعر الشوق والحنين الى وطنه بلد النخيل ، العراق...فيقول في وترياته:
في العاشر من نيسان بكيت على باب الأهواز
فخذاي تشقق لحمهما من أمواس الليل
أخذت حشائش برية تكتظ برائحة الشهوة
أغلقت بهن جروحي لكن الناموس تجمع في الفردوس المشدود
كنذر في رجلي
ناديت: اله البر سيكتشفونني
وسأقتل في البر الواسع
والريح على أفق البصرة تذروني
ويد الطين ستمسح عن جبهتي المشتاقة نيران جنوني
في العاشر من نيسان نسيت على أبواب الأهواز عيوني.

ويعبّر مظفر النواب عن اغترابه ووجعه ، وينتقد من كان وراء هذا التشرد وهذا الوجع ، ويبكي جرحه في كفه، فلا يستطيع أن يعالج الجرح وحده ويتركه ينزف، ويحكي ويحكي ويتمنى:
صار يكفي ...
كل شيء طعمه طعم الفراق
حينما لن يبق وجه الخراب
وجه الناس قد تم الطلاق
حينما ترتفع القامات لحناً أممياً
ثم لا يأتي العراق.

وقصيدته" سفينة الحزن " ثقيلة جداً بحزنها، مثقلة بالمرارة .. بغبار الرحيل .. بأتربة المنافي.. باّمال وهموم الوطن وجراح الأمة، لكن الربان مظفر النواب يظل حريصاً لئلا تغرق السفينة في البحر مهما تلاطمت الأمواج ... فلا يتوه عن الدرب ولا يضيع البوصلة:
أيها الجند بوصلة لا تشير افلى القدس
مشبوهة..
حطموها على قحف أصحابها.

و" سفينة الحزن " ثورية تحريضية تفضح صمت النفط وتعري سكوت ألأمراء ، و ملأى بالحزن، وفي الوقت نفسه ملأى بالثقة الكبيرة بالجماهير والأمة .

أن أكثر ما يشغل مظفر النواب في شعره هو قضية الأمة العربية .. الوحدة والثورة العربية للعمال والفلاحين وفقراء الشعب . ويتجلى ايمانه بالثورة في صعود متواز مع النزعة والروح القومية والعروبية والطبقية لقصائده ، هذه الروح التي تؤكد أن تجدد الأمة العربية يقوم على أساس التجديد في الدور القيادي للطبقة الثورية المسحوقة والكادحة ووصولها الى مواقع السلطة، بحيث انه الضرورة الفاعلة الوحيدة التي تقود الى ملكوت الحرية التي ينشدها النواب .

ومظفر النواب صاحب النبرة الحادة التي تتميز بالشتيمة السياسية " صافعة الأنظمة العربية بالأحذية " يعري حالة التفاهة السياسية والتخاذل العربي والبؤس الفكري والحضاري للحكام العرب.. فيقول:
ألان أعريكم
في كل عواصم هذا الوطن العربي قتلتم
فرحي
تعالوا نتحداكم قدام الصحراء العربية
كي تحكم فينا
أعترف ألان أمام الصحراء
يأتي مبتذل وبذيء وحزين كهزيمتكم
يا شرفاء مهزومين!!
ويا حكاماً مهزومين!!
ويا جمهوراً مهزوماً!ما أوسخنا!
ونكابر!!! ما أوسخنا! لا استثني أحداً
هل تعترفون؟
ثم ينتقل من حالة النقد الى حالة الأستنهاض والثورة وشن الهجوم المعاكس:
ألا ينهض المعدمون الصعاليك، قد أوغل الأغنياء
لقد منعوا دفن طفل من اللاجئين لئلا
تدنس مقبرة بغريب عن الشام .

وأخيراً، مظفر النواب شاعر سياسي وطني وثوري رافض، غير متصالح مع الواقع ، يعاني المرارة والألم، ويحمل الهموم العربية الكبرى ، وهو بركان هادر متفجر على الوضع الشائن وغاضب على الأحوال العربية الرديئة والواقع العفن المخذول . أنه صاحب الشعر الصادق الذي تصل كلماته الى شغاف القلوب فيعود صداها رجعاً في فؤاد وعقل القارئ ، فلا يشبع ولا يكتفي بقراءتها.وقصائده مترعة بالوجع والحنين والغربة والحزن المؤرق والغضب الثوري اللاهب والمتمرد على الواقع العربي الذي يتسم بالضعف والانحطاط والهرولة الاختيارية .







#شاكر_فريد_حسن (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محمد جابر الأنصاري .. شجاعة فكرية بلا حدود
- خبر للنشر في باب اصدارات
- الكاتبة والباحثة المغربية فاطمة المرنيسي
- ابراهيم محمود ..باحث يقتحم المناطق الحرام والمحظورة
- فؤاد نصار في الذكرى ال33 لرحيله
- الطيب تيزيني ..أيقظ بفكره وقلمه العقول الصدئة
- ادوارد سعيد في ذكرى بقائه
- محمد العيتاني.. معرباً وكاتباً ماركسياً
- ملامح الفكر العربي المعاصر
- عن بعض مظاهر محنة اليسار العربي وافاق المستقبل
- هل انفرط عقد أدب المقاومة؟
- في مسألة - الحجاب- ..!!
- في ذكرى رحيله نواف عبد حسن كاتب الوعي الكنعاني والفلسطيني
- في المشهد السياسي العربي
- وقفة تأملية في الواقع العربي الراهن وحركة التحرر الوطني العر ...
- مشاريع النهضة والعقلنة والتحديث ومعوقاتها
- الجانب الاجتماعي في أدب المرأة العربية
- حركة التنوير العربية بين الواقع والحلم
- لاجل عقلنة وعلمنة التراث
- في اغتراب وانكفاءالمرأة العربية


المزيد.....




- إيرادات فيلم سيكو سيكو اليومية تتخطى حاجز 2 مليون جنية مصري! ...
- ملامح من حركة سوق الكتاب في دمشق.. تجمعات أدبية ووفرة في الع ...
- كيف ألهمت ثقافة السكن الفريدة في كوريا الجنوبية معرضًا فنيا ...
- شاهد: نظارة تعرض ترجمة فورية أبهرت ضيوف دوليين في حدث هانغتش ...
- -الملفوظات-.. وثيقة دعوية وتاريخية تستكشف منهجية جماعة التبل ...
- -أقوى من أي هجوم أو كفاح مسلح-.. ساويرس يعلق على فيلم -لا أر ...
- -مندوب الليل-... فيلم سعودي يكشف الوجه الخفي للرياض
- الموت يفجع الفنانة اللبنانية كارول سماحة بوفاة زوجها
- وفاة المنتج المصري وليد مصطفى زوج الفنانة اللبنانية كارول سم ...
- الشاعرة ومغنية السوبرانوالرائعة :دسهيرادريس ضيفة صالون النجو ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شاكر فريد حسن - مظفر النواب... شاعر الرفض والشتيمة السياسية