أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محيي المسعودي - بريشت رائد المسرح الالماني المعاصر















المزيد.....

بريشت رائد المسرح الالماني المعاصر


محيي المسعودي

الحوار المتمدن-العدد: 2781 - 2009 / 9 / 26 - 16:58
المحور: الادب والفن
    



سخر من العقائد وعد التوراة أدبا بسبب نشأته العقائدية وانتمائه الاشتراكي

برتوليد بريشت واحد من المسرحين العالمين الذين اسسوا للمسرح الحديث وصار اليوم بما يعرف بمدرسة بريشت المسرحية –اذ وضع هذا العبقري الالماني قواعد المسرح التي اخذها من وحي حياته وافكاره وممتلكاته الذاتية وثقافته المكتسبة من قراءاته وتعليمه وتجاربه –ودخل بريشت عالم المسرح ومازال يمثل احدى المدرستين المسرحيتين الاهم في العالم اجمع .
يُعد بريشت رائد المسرح الالماني الحديث بلا منازع خاصة في الفترة التي اعقبت الحرب النازية.. ولد في مدينة اجسبورج في بافاريا عام 1998 بعد 27 عاماً من توحيد السياسي الكبير بسمارك لالمانيا , هذا التوحيد الذي جعل من المانيا بلدا صناعيا متقدما بعد ان كان مجتمعا زراعيا فتقدمت المانيا وعدت حينها اقوى دولة صناعية في غرب اوربا وصحب هذا التغيير يقظة في كافة الميادين, وشكل هذا التقدم وهذه اليقظة في المانيا مادة حيوية لنتاج بريشت الفني –وعلى خلفية النزعة العمياء التي سادت انذاك مجتمعه نحو الحرب والتعصب الوطني على ايدي رأسمالين جشعين .قساة, مما قاد المانيا الى خوض الحرب العالمية الاولى هذه الحال الالمانية دفعت ببريشت الى النزوع نحو شيوعية الفتية –وبدأ بغضه يظهر لواقع مجتمعه وما آلت اليه الحال بشكل عام مدونا هذا البغض بذكريات ونصوص مسرحية خالدة واتخذ بريشت نموذجا لذلك المجتمع متمثلا بسفاك من مدينة أجسبورج جسد به ومن خلاله تلك النزعة الالمانية ..العدوانية .
وقد كان لاسرة بريشت ونشأته العقائدية أثرا كبيرا في حياته فهو مولود نتيجة زواج غير موحد فأبوه كان كاثولويكيا وامه بروتستانتية مما ادى به الى التمرد والخروج عن الديانة المسيحية ومن ثم استهزاءه وسخريته من الديانات عامة واليهودية خاصة –كعقيدة – وقد سؤل ذات مرة عن الادب الذي اثرفيه اكثر من غيره فقال لسائله :"لاتسخر مني ,انها التوراة ".. ونلاحظ ان اجابته هذه هي نوع من المفارقة الساخرة اذ اصبحت التوراة ادبا وليس عقيدة مما يفسر نظرته للعقائد وهذا يفسر لنا ايضا كيف انه لم يتمسك بشيء من العقائد المسيحية . وان تقديسه للفضائل والاخلاق آت من عقيدته الشيوعية ونزعته الاخلاقية ..وفي اخر مسرحياته نرى السيدة ستيزوان الفاضلة تتجه الى الالهة الصينية يائسة وهي تقول :"لابد ان ثمة خطأ ما في عالمكم , فلماذا تكافأ الرذيلة .. ؟ ولماذا يصاب الانسان الخير بمثل هذه العقوبات الشديدة ..؟.." –هذه .الصرخة هي عن خلفيات قراءة بريشت للتوراة –على الرغم من دلالة المسرحية ومسارها غير الديني . كما ان بريشت يختلف مع الشيوعيين في النظر للعقيدة اصلا ثم انه يختلف ايضا في النشأة معهم لانه برجوازي "مدير مصنع" وهو ينتمي من جهة ابيه الى الطبقة الفلاحية ولكنه ايضا هو ابن الشعب فقد درس في مدارس العامة . دخل عام 1917 كلية الطب في جامعة ميونخ ولكنه تركها بعد استدعائه للخدمة في الحرب .
ويستمد بريشت عمله الفني من سيرته الذاتية التي صنعت ذاته وكونتها . يروي احد اصدقائه حادثة وقعت ايام دراستهم وقد غابت عن دارسي ونقاد اعمال بريشت والحادثة هي ان زميلا لبريشت اراد ان يعدل درجاته فما كان منه الا ان محا الاخطاء ووضع مكانها الجواب الصحيح فكشف المدرس هذا الغش وعوقب الطالب –زميل بريشت – ولكن الاخير بذكائه وفطنته استطاع ان يعدل درجاته بالغش ايضا دون ان يلاحظ ذلك المدرس اذ قام بريشت بكتابة الجمل الصحيحة من الجواب ووضع تحتها خطأ احمر كالذي وضعه الاستاذ تحت الاجابات الخاطئة –وقام يتساءل حولها كيف تكون هذه الجمل خطأ فانطلت الحيلة على الاستاذ ونال بريشت درجات رفعته عن مستوى التلاميذ الضعاف في اللغة الفرنسية واللاتينية –موضع الدرس – واستطاع في هذه الحادثة تاكيد طاعته وخضوعه ولكن بسخرية ماكرة فهو لم يزعم بانه يستحق درجات اعلى في الاختبار ولكنه طلب اخراجه من دائرة ضعاف التلاميذ تصحيحا لخطأ مصدره سوء التقدير .
وهكذا كانت صفات شخصيته المسرحية على مدى تاريخه الابداعي .. كمسرحية غاليلو بشخصياتها الماكرة التي تحصل على مقاصدها حين تسالم اليوم لتواجه في الغد معارضها وكذلك في مسرحيته "الهوارس وكورياس " فنرى المحارب الذي يظهر بصورة الهارب فيظفر باعدائه افرادا متفرقين الى جانب المكر المغرض الذي يعمل عليه بريشت ظل يبدي تعاطفه مع الفضيلة التي تمارس من اجل الفضيلة ذاتها دون النظر لنتائجها ويظهر هذا التعاطف في شخص مسرحيته "رؤى سيون ماشار "ومسرحية –سيدة سيزوان الفاضلة اضافة الى موضوع "مسرحية دائرة الطباشير " وهذا كله يدور في فلك رؤية بريشت حول العدل الاجتماعي في المجتمع الاشتراكي وهذه المسرحيات عبارة عن حوار دائم بين الفضائل ومطالبها – في ذاتها – وكيفية تعايشها مع المكر على حساب الملابسات الاجتماعية التي قد تتطلب نفاق المحتال وتلون الحرباء . واثرت في حياة بريشت الفترة التي خدم فيها الجيش وظهر ذلك في شعره الغنائي ولم تؤثر في مسرحياته كثيرا وقد كان فوضويا في نزعاته –الخلقية والسياسية رافضا كل خضوع لاي نظام يحد من حريته ...
تزوج بريشت عام 1922 واشتغل بالمسرح في ميونخ ثم صار مساعدا في برلين لاثنين من كبار المخرجين المسرحيين في عصره –هما – ماكس رينها رب - واوروين بيسكيتور – عارض التعبيرية في مسرحياته ابان تلك الفترة حتى عام 1927 مما زاد في شهرته الى جانب صدور ديوانه متاثرا فيه بنزعات واساليب بكليينج وبودلير وفيون ورامبوا ..غاص بريشت في تصوير اوهام الوجود وشروره . ولم يعرف قصاصا ناجحا فيما كتبه انذاك .
كان برتولد بريخت رجل مسرح في الاول وهو بهذا الصفة احدث خلال النصف الاول من القرن العشرين تلك الثورة المسرحية الملحمية التي وضعته في مصاف شكسبير اذ شكل باعماله نقطة انعطاف في تاريخ الكتابة والاخراج المسرحيين . ومع هذا فانه حين "حوكم " في هوليوود من جانب لجنة السناتور ماكارثي المعروفة بمطاردة اصحاب الفكر التقدمي كان على مشاورات دائمة خلال اقامته الاميركية, للعمل ككاتب سيناريو. لكنه في الحقيقة لم يسهم الا في فيلم واحد هو "الجلادون يموتون ايضا " حيث كتب النص الاصل للعمل شراكة مع مخرجه فريتزلانغ وكانت تلك المساهمة على اية حال حتى وان تمت في العام 1942 حين كانت الولايات المتحدة قد انخرطت تماما في الحرب ضد النازية ولكنها كانت تكفي لادانة بريخت امام لجنة مناهضة النشاطات المعادية لاميركا طالما ان هذه اللجنة كانت قد اخذت على عاتقها اضطهاد كل التقدميين والاجانب لاسيما الذين ناهضوا النازية الى جانب الرئيس روزفلد في خوضه الحرب ضدها وهذا يشير الى عدم اهتمام بريخت بخوض الفن السينمائي في هوليوود على رغم من المغريات . ومع هذا نذكر ان صاحب (اوبرا القروش الثلاثة ) كان قد اهتم بالسينما باكرا اي منذ سنوات شبابه في برلين فكتب عنها وحاول مرارا ان يكتب لها وساعد في اقتباس اعماله سينمائيا لكنه في معظم الحالات لم يوفق لاسيما حين حقق فيلما انطلاقا من مسرحيته "اوبرا القروش الثلاثة " (1931). فوصل الامر الى المحاكم في العام نفسه, ولكن وربما على سبيل التعويض ساهم بريخت مساهمة اكبر وهي الوحيدة الحقيقية في تاريخه وستكون الوحيدة التي لم يخف رضاه عنها – في الفن السنمائي من خلال كتابته – والمشاركة في اخراج – فيلم اعطي عنوانه "كوهل فامب " يسأل من يملك العالم .



#محيي_المسعودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آلهة اليمن السعيد غاضبة على الحوثيين
- صالح المطلك : البعثيون مظلومون في العراق
- لماذا العراق الدولة الاكثر اعداء !!؟؟
- العراق ... هل ثمة وطن باق !؟
- -مركز الرافدين للتدريب والمعلومات- . مدرسة لمحو اُمية الحاسو ...
- الديمقراطية في العراق .. صناعة مكلفة لبضاعة تالفة
- العراق لا يساوي شبرا مما أملك ... !
- دور ثقافة الاطفال في العراق عناوين تُثري وواقع مُزري
- الاعمال الاخيرة للفنان كامل حسين تؤسس لذائقة فنية عراقية جدي ...
- اي عراق كان واي عراق اليوم واي عراق غدا !!!! ؟؟؟؟
- - بروفة في جهنم - مسرح عراقي نجح باستثمار الحريات واخفق في ا ...
- الموصل تكشف النوايا الخفية ضد وحدة العراق
- الاستثمارات الاجنبية .. تستثمر العراقيين ولا يستثمروها
- العلاقة الازلية بين الفن التشكيلي والذات الإنسانية وبيئتها
- قراءة في مثلث انتخابات مجالس المحافظات العراقية
- ردة عن الوطنية وتألق نجم العشائرية في انتخابات مجالس المحافظ ...
- حوار مع رئيس مجلس محافظة بابل
- المرأة في الانتخابات المحلية العراقية حضورٌ خَجِلٌ وغيابٌ مُ ...


المزيد.....




- بثمن خيالي.. نجمة مصرية تبيع جلباب -حزمني يا- في مزاد علني ( ...
- مصر.. وفاة المخرج والسيناريست القدير عصام الشماع
- الإِلهُ الأخلاقيّ وقداسة الحياة.. دراسة مقارنة بين القرآن ال ...
- بنظامي 3- 5 سنوات .. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 الد ...
- مبعوث روسي: مجلس السيادة هو الممثل الشرعي للشعب السوداني
- إيران تحظر بث أشهر مسلسل رمضاني مصري
- -قناع بلون السماء-.. سؤال الهويّات والوجود في رواية الأسير ا ...
- وفاة الفنانة السورية القديرة خديجة العبد ونجلها الفنان قيس ا ...
- مطالبات متزايدة بانقاذ مغني الراب الإيراني توماج صالحي من ال ...
- -قناع بلون السماء- للأسير الفلسطيني باسم خندقجي تفوز بالجائز ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محيي المسعودي - بريشت رائد المسرح الالماني المعاصر