أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - فرات إسبر - حديث الرقة - صباح زوين تكتب عن فرات إسبر














المزيد.....

حديث الرقة - صباح زوين تكتب عن فرات إسبر


فرات إسبر

الحوار المتمدن-العدد: 2778 - 2009 / 9 / 23 - 14:23
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


حديث الرقة
صباح زوين شاعرة وناقدة لبنانية

فرات إسبر، الشاعرة السورية التي عرفتها أولا ً وآخرا ً من خلال قصائدها المنشورة من وقت إلى آخر في المواقع الإلكترونية، وأبرزها موقع كيكا الشهير جدا، ثم قرأتها في كتابها ما قبل الأخير تحت عنوان " خدعة الغامض"، وقبل أيام ٍفي كتابها الجديد الصادر حديثا ًعن دار "بدايات" السورية، بعنوان "زهرة الجبال العارية". سرعان ما يشعر القارىء إزاء هذه القصائد اللينة والرقيقة بأنه مغمورٌ بجوّ من النضارة حيث الكلام ينساب شفافا ً ولا حواجز أو عوائق تتصدى أمام تدفقه الهادىء. لا نجد عند إسبر مطبات الكلام العسير ولا عوائق الصعوبة في التعبير كما يحدث أحيانا ً عند بعض الشعراء، حيث قد نقع على إرتباك في الصياغة لدى أوائك. إذا ً هي لا تأتي من هذه الأجواء المليئة بالعثرات، لا تعاني الشاعرة كما بعض الشعراء والشاعرات من مخاض عويص يرافق تكوين أو مجيىء البيت والقصيدة والكتاب بأكمله. إنها تتدفق في الصفحة وعلى مدى صفحات طوال، ومن مجموعة إلى أخرى وهذه ثالثها، دون أي لهاث ولا أي إلتباس.
تقول مثلا ً في "خدعة الغامض" : "أيها الساكن هذا المدى المتسائل عن الذي وراء الحجب غفوة الليل لا تكفي كي تضيء طريق النهار(...)". نستشف من هذه الأبيات الهادئة والمرتاحة إلى تكوينها، قولا ً ينبع مما في قلب الشاعرة وذلك بمرونة مَن يحب أن يقول بل ويعرف كيف القول، يحب أن يقوله ضمن إطار من الحيوية الشعرية التي تفرض نفسها ببساطة جميلة ولا تأتي صاخبة أو متكلفة.
كذلك الأمر في ديوانها الجديد، وهو موضوع كلمتي، حيث تبقى الشاعرة على إلتزامها هذا النمط من ليونة التعبير، في كتابة ندية تفوح منها ألوان حياة فيها من الحزن والعزلة بقدر ما فيها من التمرد، ولو أتى هذا بخفوت مَن لا يحب الصخب ولا يحب الضجيج الفارغ. كأن تقول :" أطلقت سراح الجبال، والزهرة في أقصى الشرود، تفك ّ أسر النجوم البعيدة(...) يبتسم الصباح ولا يراني يمضي، ينوء بثقل، ويبكي على نهار باع إرثه".

كأن قصيدة فرات إسبر تتكوّن من صورٍ ضئيلة في حجمها المادي، وغزيرة في كميتها العاطفية، لتتسلل إلى قلب الشاعرة ومن ثم إلى الورقة، مُصَفاةً من أي ذاكرة خشنة، لتبقى عند كتابتها وما بعدها، مادة للتذكر، إنما في معقولية الحنين، لا في ناره وحرقته.
الشاعرة غريبة عن الأرض التي تسكنها والتي تقيم فيها، ليس الكلام مجازا ً هنا إنما واقعا ً، والأرض الأخرى التي تتذكرها بألم، صحيح إنها مادة إشتياق وحنين، لكنها تبقى على مسافة من الشاعرة ومن هذه المشاعر والمفاهيم، وذلك ربما بغية التقرّب على طريقتها، رغم كل شيء ورغم الصعوبات والمسافات، من ذلك المكان تحديدا ً، أو بغية تلمسه ولو خيالاً، عبر الحلم والوهم اللذين تجعلهما هي نوعا ًمن الواقع، حتى لو كان مخترَعا ً . تقول في قصيدة عنوانها "بلادي" :" أحب المطر الذي يلامس ظهرك. ظلك يعبر في الماء. أتخيل نفسي سمكة. وأحلم أني عبرت المحيط إليك. أساي نهر يطوف وعلى الجانبين أيام شقاء لا عطر لها (...)". لكن هل هذا الكلام الرقيق والمنطوي على حزن كبير ولو ملجوم، هل تكتفي به الشاعرة إسبر لكي تلتفّ بتعابير الأسى الناعمة وتمضي، أم هي في الوقت ذاته تذهب إلى أبعد، إلى منطقة القسوة والتمرد والعصيان حيث عدم القبول بعيش لا يرضيها ؟

نراها تقول :"بأرض لا مقام بها، يزهر الغياب، بعض الصور. في صقيع الحكايات، ألمس حافة الماء، تذوب
أحلامي، عذراء في جسد أخضر، في إحتمال أكيد يفوح عطرها، في مسامات جلدي، حيث غبار الحروب (...)". ما من شيء يتكوّن في أٍطر الشاعرة فرات إن لم يكن قادما ً من تلك المنطقة المجروحة في القلب والروح، لكي تكتمل قصيدتها. لكن الجسد هو أيضا ً يصاب بالألم الكبير، وإن لم ينزف دما ً حقيقيا ً، فنزف عندها، كما روحها، شجوا ً
لا يعرف له تعبيرا ً أفضل من هذه الأسطر المفعمة غيابا ً وصقيعا ً. إنه جسد الغبار والتمزق بسبب الغربة، أو التمزق بسبب الحروب على أنواعها. الشاعرة لا تحدّد ماهيتها، ولا تقول لنا ما هي ملامحها، وفي أي حال ليس هذا المطلوب، لكننا سرعان ما نشعر بمعانيها الكامنة في طيات هذه الأحرف الموجوعة.

وهل تتوقف فرات إسبر عند كلامها عن الأرض والحوادث العامة فحسب ؟ لا أظن ذلك كونها تمتد بأحزانها إلى أعمق الحوادث، ألا وهي الذاتية منها. فنراها تتوجه إلى شخص ٍ ما، إلى الرجل الذي أحبّت وقد شرخ الغياب بينهما، وكأن هذا الغياب مادة أساسية لإنجاز كتابتها، مادة مشتركة بينها وبين الكون من جهة، والإنسان الآخر من جهة أخرى. تقول مثلا ً في قصيدة "كما يطفىء الماء النار" : " (...) مشى صاحبي في طريقه وغاب، نظرت بعين خالقي، كنت وحدي وكانت السماء صافية. قال لي كلاما ً كثيرا ً، ومضى خلف الغيوم، تبعته، وناديت، كان حلما ً لا يشبه الأحلام ! توقفت الأشجار عن الكلام. جراحها قاسية(...)".
تتكلم وتكتب فرات إسبر بين مسافتين، بين بعدين، أي بين غيابين. فأصبحت بذلك تشبه الشفق او الغسق، من حيث تجاذبهما بين قطبي النور والعتمة، بين الحب والكره، بين الحنين والنسيان. الرجل أضحى عندها بمثابة كمشة تراب أو بمثابة نجمة وغيمة وقطعة حلم لا مكان للإقتراب منها، بل من المستحيل إلتقاطها.
بين المستحيل والرغبة، تتوزع فرات على أسطر الغياب المطعّم بنكهات المرارة ولكن أيضا نكهات الدفء في التقرب من الأمر الواقع، لكن دون الغوص في المأساة ولا في الحلم الباهت.



#فرات_إسبر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دعائي في ليلة القدر- دع الريح تكشف كل ستر لها
- أفق آيل للسقوط
- ثوبٌ يشفُ عن نجوم لا تنام
- طائرٌبمنقار كبير ومخالب جارحة !
- الخروج من الصفحة الأولى_راسم المدهون عن زهرة الجبال العارية
- أحب ُ المطر الذي يلامس ظهرك - من رسائل الشوق
- الأغاني نساءٌ متمّردات
- حياة قلت فيها الملائكة
- الحنين كمطهر _ من باسم سليمان- صحيفة الثورة السورية
- حوار جوان تتر --فطر الأرض يختبئ في قلبي
- زهرة الجبال العارية -من فاطمة إسبر- زهرة الحواس المسروقة
- الطبيعة كائن أيضا - عزت عمر
- صدور مجموعة شعرية جديدة -زهرة الجبال العارية -
- لا أجدُ إلا رملا ً في فمه
- هنا خط الزمان
- دينا سليم، تمشي بلا خُفِّ
- المكانُ يصرخُ بالمكان
- جربت ُ أن أكون عمياء
- لن َيرجعَ شعبي !!
- كلمة لوجه الله


المزيد.....




- شاهد ما كشفه فيديو جديد التقط قبل كارثة جسر بالتيمور بلحظات ...
- هل يلزم مجلس الأمن الدولي إسرائيل وفق الفصل السابع؟
- إعلام إسرائيلي: منفذ إطلاق النار في غور الأردن هو ضابط أمن ف ...
- مصرع 45 شخصا جراء سقوط حافلة من فوق جسر في جنوب إفريقيا
- الرئيس الفلسطيني يصادق على الحكومة الجديدة برئاسة محمد مصطفى ...
- فيديو: إصابة ثلاثة إسرائيليين إثر فتح فلسطيني النار على سيار ...
- شاهد: لحظة تحطم مقاتلة روسية في البحر قبالة شبه جزيرة القرم ...
- نساء عربيات دوّت أصواتهن سعياً لتحرير بلادهن
- مسلسل -الحشاشين-: ثالوث السياسة والدين والفن!
- حريق بالقرب من نصب لنكولن التذكاري وسط واشنطن


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - فرات إسبر - حديث الرقة - صباح زوين تكتب عن فرات إسبر