أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ناس حدهوم أحمد - الجزء الثالث من سيرة البسيط والهيئة العليا-13-














المزيد.....

الجزء الثالث من سيرة البسيط والهيئة العليا-13-


ناس حدهوم أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 2756 - 2009 / 9 / 1 - 18:35
المحور: الادب والفن
    


أصبحت من جديد في تطوان. أشعر بأن هذه المدينة نفسها قد ضاقت درعا بي . بعضا من أصدقائي عادوا إلى المنفى . بينما أنا كنت قد قررت وحسمت أمري فأوربا رغم إعجابي بها إلا أن مكاني دائما
كان هنا في بلدي وليس في مكان آخر من العالم. لكن نفس هذا العالم الذي عدت إليه لفظني وظلت غربتي معي لا تفارقني . اعرف أنني كنت ولا زلت مختلفا عن غيري لأنني أفكر بطريقة
لا تستقيم مع واقع الحال والمجتمع . فالجميع يشيرون إلي بالبنان كشخص مزعج.
بالحي الذي أقيم فيه كان هناك مطعم شعبي نؤمه من حين لآخر رغم أنه ليس على مبعدة من
البيت . نعرف هناك صبي يشتغل لسنين طويلة في غسل الصحون وغير ذلك من أشغال المطعم
الكثيرة. عمره لا يزيد عن أربعة عشرة ربيعا . وجدته يبكي عند باب المطعم . سألته -ما به ولماذا يبكي؟-
عرفت بأن صاحب المطعم طرده لأنه كسر صحنا من صحون المطعم عندما كان يهم بغسلهم وتنظيفهم . قال الطفل بأن ذلك لم يكن مقصودا وأقسم على ذلك . كانت الدموع تسيل من عينيه صافية كماء الغدير . أحسست بالحزن الشديد فدخلت عند رب المطعم وناشدته إرجاع الصبي لكنه
أصر على موقفه المتعنت ونهرني قائلا _ هذا ليس شأنك _ .
كنت غاضبا لما دخلت والصبي مندوبية الشغل . وعرضت المشكل على المسؤول . فسألني من
أكون ؟ قريبه ؟ . قلت لا .إنني فقط أعرفه في المطعم وفي الحي وأعرف والدته الأرملة وهي
طاعنة في السن وهذا الصبي يعيلها . ثم أضفت - إذا كان مشغله يرفضه بعد السنين الطويلة التي
قضاها في خدمته . فعليه أن يسدد له تعويضاته طبقا للقانون المعمول به . سلم المسؤول إستدعاءا
لكي يبلغها الطفل لمشغله وحدد موعد المقابلة . تم توقيع صلح بين الطرفين واستلم الطفل
مستحقاته كاملة .
بعد يومين جاءني الطفل وبيده مبلغا ماليا زاعما بأن والدته أرسلته إلي حلالا طيبا كما قال .
أحسست بالخجل . أفهمت الطفل بأنني لم أقدم هذه المساعدة إليه لأنني أريد مقابلا لذلك
بل كواجب فقط . وأنني بكلمة شكر فقط كافية لطمأنتي . برقت عين الصبي دهشة وافتر فمه عن إبتسامة مذهلة وراح لحال سبيله . وبعد مدة وجيزة رأيته من جديد يشتغل بمطعم داخل المدينة
وهو حاليا لا زال يشتغل في قطاع المطاعم ولم يعد صبيا كما كان بل طباخا ماهرا .وكلما إلتقينا
صدفة يحضرني الحدث القديم لمجرد أن أراه.
أما صاحب المطعم بعد الحادث لم يعد يحييني كما من قبل . حتى نظرته إلي لا تكتمل . ورغم ذلك
كنت أزوره بمطعمه الجديد بنفس الحي وأتناول وجبتي وأعرج عليه وهو جالس القرفصاء وأسدد
واجبي النقدي ونتعامل كالغرباء كأننا لا نعرف بعضنا البعض أو كأن الحادث لم يحدث لكن الحدث
القديم كان دائما حاضرا في ذاكرتينا كلما جئت المطعم من حين لآخر .
هكذا كنت أدس أنفي دائما في أشياء لا تعنيني حسب المفهوم العام لكنها كانت تعنيني بالفعل.
أراها كما لو كانت واجبا علي. وعلى كل المواطنين أيضا . ففي أوربا مثلا كان الناس موحدين ضد أي سلوك غير مقبول . موحدين أيضا بجانب الحق والقانون. المواطنون الأروبيون أقوى سلطة في البلد لمجرد أن يكون الحق والقانون بجانبهم . وشعب في هذا المستوى لابد أن يكون شعبا له تكوينه الخاص .
ذات يوم أيضا عند خروج الأطفال من مدرسة الحي - الزواق - تعرضت طفلة لحادثة سير خفيفة وكانت الطفلة مذعورة وتريد الفرار نحو بيت والديها . بينما صاحب السيارة بدوره أراد الفرار من المسؤولية وكان لزاما علي أن أتدخل وأرغمت السائق على تحمل مسؤوليته وعرض الطفلة على الطبيب لمعاينة الإصابة . حضر الأمن ونقلنا الطفلة للمستشفى وتم القيام بالإجراءات اللازمة ثم
تم نقلي إلى مخفر أمن الحي حيث وجدت هناك والدة الطفلة فأخبرني الضابط بأن والدة الطفلة
ستتولى أمرها وعلي أنا أن أنسحب . لاحظت والدة الطفلة تنظر إلي نظرة شزراء فلم أدر سبب
ذلك . لم أسمع منها ولو كلمة شكر على وقوفي بجانب طفلتها .
أخذت طريقي نحو البيت وبداخلي صوت يقول
لماذا تتدخل فيما لا يعنيك أيها المزعج لنفسك ولغيرك ؟
من أنت حتى تتولى مساعدة الآخرين ؟ بينما أنت بسيط كما قال مصطفى مراد
وضعيف كالخروف كما يقول المثل .



#ناس_حدهوم_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجزء الثالث من سيرة البسيط والهيئة العليا-12-
- ببوع
- عشوائية الصدف
- حرف للجر
- الجزء الثالث من سيرة البسيط والهيئة العليا - 11 -
- الجزء الثالث من سيرة البسيط والهيئة العليا- 6 -
- الجزء الثالث من سيرة البسيط والهيئة العليا -10-
- الجزء الثالث من سيرة البسيط والهيئة العليا-9-
- الجزء الثالث من سيرة البسيط والهيئة العليا - 7 -
- الجزء الثالث من سيرة البسيط والهيئة العليا - 8 -
- الجزء الثالث من سيرة البسيط والهيئة العليا - 1 -
- الجزء الثالث من سيرة البسيط والهيئة العليا - 2 -
- الجزء الثالث من البسيط والهيئة العليا - 3 -
- الجزء الثالث من سيرة البسيط والهيئة العليا - 4 -
- الجزء الثالث من سيرة البسيط والهيئة العليا - 5 -
- دهشة الركوع
- أنا والرياح
- الشوط الأخير
- طاء الوطن
- إشتهاء


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ناس حدهوم أحمد - الجزء الثالث من سيرة البسيط والهيئة العليا-13-