أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد البشيتي - إذا لم يكن من -التطبيع- بُدٌّ..















المزيد.....

إذا لم يكن من -التطبيع- بُدٌّ..


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2726 - 2009 / 8 / 2 - 10:31
المحور: القضية الفلسطينية
    


تموز انقضى؛ ونحن الآن في آب؛ فأين هي المبادرة (أو الخطة، أو المقترحات) السياسية الجديدة التي جعلت إدارة الرئيس أوباما دولاً عربية تتوقَّع وتَعْتَقِد أنَّ الشهر المنصرم لن ينصرم إلاَّ وهذه الإدارة مُعْلِنةً لتلك المبادرة، التي ستشُقُّ الطريق إلى مفاوضات سياسية جادة جديدة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، تنتهي، في أجل سياسي مسمَّى ومعلوم، إلى قيام دولة فلسطينية، قال الرئيس أوباما نفسه في أمرها إنَّها يجب أن تقوم؛ لأنَّ للولايات المتحدة أيضاً مصلحة في قيامها؟!

ولولا زيارة وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل لواشنطن مع ما تمخَّضت عنه من نتائج مُعْلَنة، لَمَا تساءلنا بشيء من الاستغراب والتعجُّب والدهشة عمَّا حلَّ بتلك "المبادرة"، لجهة الجهود المبذولة لإخراجها إلى حيِّز الوجود السياسي، ولانْتَظَرْنا مع المنتظرين من العواصم العربية المعنية بتحريك عجلة السلام أنْ يَحْمِل إلينا آب الجاري ذلك "النبأ السار".

وأحسب أنَّ وزير الخارجية السعودي قد غادر واشنطن وهو قاب قوسين أو أدنى من الاقتناع بأنَّ كثيراً من الهواء قد شرع يَخْرُج من "بالون أوباما"، فسيِّد البيت الأبيض الجديد بات الآن يملك من الشعور بالعجز ما يجعله على حافة الإيمان بأنَّ "حلَّ الدولتين" يَعْدِل، لجهة جَعْلِه حقيقة واقعة، الإتيان بمعجزة، مع أنَّ للولايات المتحدة نفسها مصلحة حقيقية، على ما قال وأكَّد غير مرَّة، في جَعْلِه يُبْصِر النور.

إنَّ الرئيس أوباما يقف الآن على شفير أو حافة هُوَّة سحيقة؛ وعليه (أقول "عليه"؛ لأنْ ليس في الأمر اختيارا) إذا ما أراد الوصول إلى "حلِّ الدولتين" أن يجتاز تلك الهوَّة بقفزة كبرى واحدة لا غير؛ ولكنَّ خشيته من تلك القفزة، وعواقبها، سوَّلت له الوهم، فظنَّ، أي توهَّم، أنَّ السير خطوة خطوة (أي سياسة خطوة خطوة) يمكن أن يكون صالحاً لاجتياز تلك الهوَّة السحيقة؛ مع أنَّ "تجارب اجتياز الهوَّة" تُعلِّمنا أنَّ المرء يذهب ضحية ظنِّه أنَّ الهوَّة السحيقة يمكن اجتيازها بقفزتين، أو بقفزات عدة، أو خطوة خطوة، وأنَّ المرء يمكنه، بل ينبغي له، أن يتراجع إلى الوراء خطوات عدَّة، قبل ومن أجل، أن يجتاز الهوَّة بقفزة واحدة لا غير.

الرئيس أوباما ظنَّ، على ما يبدو، أنَّ كلمة واحدة منه تكفي؛ وقد تكفيه شرور الضغط بالأفعال على حكومة نتنياهو، فدعاها، وكأنَّه يأمرها، إلى أن تتوقَّف فوراً عن تنفيذ خطَّتها لبناء نحو عشرين منزلاً للمستوطنين في حيِّ الشيخ جرَّاح في القدس الشرقية، والذي يقع في خارج أسوار "البلدة القديمة" من المدينة المقدَّسة، فما كان من حكومة نتنياهو إلاَّ أن تكلَّمت وعملت بما يؤكِّد عزمها على المضي قُدُماً في تحدِّيه، وفي جَعْلِه يَظْهَر، بالتالي، للعرب المتفائلين به، على أنَّه يَعْدلهم عجزاً في مواجهة هذا التشدُّد الاستيطاني الإسرائيلي، والذي هو، وعلى عِظَمه، قطرة في بحر التشدُّد الإسرائيلي في قضايا الحل النهائي، وفي مقدَّمها "القدس الشرقية" و"اللاجئين الفلسطينيين".

ولقد قُلْتُ في دعوة أوباما تلك، والتي تشبه "الأمر"، إنَّ أهميتها تكمن في كونها جعلت هذا "النزاع الاستيطاني الجديد"، الصغير حجماً، والعظيم معنى ومغزى، كجزيرة رودوس، لجهة تحدِّيها له أن يقفز منها إلى البحر؛ فهل قفز، وهو الذي أظْهَرَتْه دعوته تلك على أنَّه مُلبٍّ للتحدِّي، مستجيب له؟!

كلاَّ، لم يقفز؛ ولقد جاءت زيارة وزير الخارجية السعودي لواشنطن لِتُظْهِر وتؤكِّد أنَّ سيِّد البيت الأبيض الجديد لا يملك، ولا يملك جرأة أن يملك، من "وسائل الإقناع" شيئاً يُعْتَدُّ به، فالرجل لا يتوسَّط، ولا يريد أن يتوسَّط، إلاَّ كتوسُّط "وسيط تجاري" بين "بائعٍ"، هو حكومة نتنياهو، و"مشترٍ"، هو الدول العربية، وفي مقدَّمها السعودية.

جُلُّ ما فعله، حتى الآن، هو قوله لنتنياهو "أوْقِفْ كل نشاط استيطاني"، فلمَّا أبى واستكبر، ولَّى وجهه شطر السعودية، طالباً منها أن تشتري بعملة صعبة، هي كناية عن "تطبيع فوري مهم"، هذا الإباء والاستكبار، فإنْ أبدى وزير الخارجية السعودي استعداداً لهذا الشراء سارع أوباما إلى صوغ "مبادرة سياسية جديدة"، عنوانها "شيء (كبير) من التطبيع في مقابل تجميد النشاط الاستيطاني (تجميداً لا يرضي العرب إلاَّ قليلاً)"؛ أمَّا إذا أبَت الرياض ورفضت، فعندئذٍ يمكن أن يزعم أوباما أنَّه حاول "تصفيقاً"؛ ولكن يد واحدة (هي يده) لا تُصفِّق؛ وكفاه الله شر أن يسعى إلى قيام دولة فلسطينية كسعيه إلى شيء تَكْمُن فيه مصلحة حقيقية للولايات المتحدة!

الآن، عرفنا لماذا حرِص الرئيس أوباما على تجاهل "خريطة الطريق"، فـ "الالتزام المتبادل" في تلك الخريطة هو أن تلتزم إسرائيل الوقف التام للنشاط الاستيطاني في مقابل أن يفي الفلسطينيون بـ "التزاماتهم الأمنية" المنصوص عليها في "الخريطة".

الفلسطينيون الآن ملتزمون ما نصَّت "خريطة الطريق" على أن يلتزموه أمنياً؛ وليس في مقدورهم (مهما أرادوا) أن يُظْهِروا مزيداً من الالتزام، الذي لا معنى له غير معنى "الوقف العملي والواقعي لمقاومتهم العسكرية" للاحتلال الإسرائيلي.

إنَّها، أي الولايات المتحدة، تريد الآن "معادلة جديدة"، يحلُّ فيها "التطبيع العربي الفوري المهم" محل "وفاء الفلسطينيين بالتزاماتهم الأمنية"!

ماضياً، كانت المعادلة هي "تجميد النشاط الاستيطاني في مقابل وفاء الفلسطينيين بالتزاماتهم الأمنية"؛ وحاضراً، تكون "تجميد النشاط الاستيطاني في مقابل تطبيع عربي فوري ومهم"؛ ومستقبلاً، قد تكون، أو ستكون، "تجميد النشاط الاستيطاني في مقابل تطبيع عربي كامل وشامل ونهائي"؛ وكأنَّ "خريطة الطريق" هي الخريطة لطريق تبدأ بتجريد الفلسطينيين من "سلاح المقاومة المسلَّحة"، لتنتهي بتجريد العرب من "سلاح التطبيع"؛ فلا يبقى لدى العرب، في سعيهم إلى "السلام العادل الشامل"، إلاَّ "سلاح الإيمان".. الإيمان بأنَّ الله سيُريَ إسرائيل السلام حقَّاً، ويرزقها إتباعه!

أوباما دعا نتنياهو إلى وقف كل نشاط استيطاني، بدءاً من "الشيخ جرَّاح"، فما كان من نتنياهو إلاَّ أن أبى واستكبر، محرِّضاً الكونغرس على الوقوف إلى جانبه، فأسرع أكثر من 200 برلماني (من الجمهوريين والديمقراطيين) في توجيه رسالة إلى العاهل السعودي، دعوه فيها إلى أن "يخطو خطوة كبيرة (تشبه خطوة السادات) في اتِّجاه الاعتراف بإسرائيل، وبشرعية وجودها".

وإذا كان وزير الخارجية السعودي قد توقَّع أن يسمع كلاماً سياسياً مختلفاً من إدارة الرئيس أوباما، عند زيارته لواشنطن، فلقد ذهبت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون بتوقُّعه إذ قالت له إنَّ على الدول العربية، وفي مقدَّمها السعودية، أن تخطو الآن خطوات كبيرة على طريق تطبيع علاقتها بإسرائيل، وفي اتِّجاه إعداد وتهيئة شعوبها للتطبيع والسلام مع الدولة اليهودية، فطائرات شركة "العال" الإسرائيلية، على سبيل المثال؛ بل على وجه الخصوص، يجب أن "تَسْتَوْطِن" بعض الأجواء العربية حتى يقتنع نتنياهو بجدوى تجميده للنشاط الاستيطاني؛ وعلى الشعوب العربية أن تُهيَّأ نفسياً لهذا التطبيع الجوِّي، فَتَفْهَم عبور الطيران المدني الإسرائيلي للأجواء العربية على أنَّه أمر عادي وطبيعي حتى قبل أن تستوفي إسرائيل شروط التطبيع المنصوص عليها في مبادرة السلام العربية!

السعودية رفضت تلك المعادلة، مشبِّهةً إيَّاها، لجهة منطقها وعواقبها، بـ "سياسة (الوصول إلى السلام) خطوة خطوة"، أو "خطوة في مقابل خطوة". وينبغي للرفض السعودي، على ما نتوقَّع، أن يمنع دولاً عربية أخرى من أن تسير في هذا المسار، الذي في نهايته، لن نرى إلاَّ اقتران التطبيع الكامل بغياب الحل النهائي الذي يشبه ولو قليلاً المطالب الفلسطينية والعربية.

أمَّا نتنياهو، غير الراضي حتى الآن عن مواقف إدارة الرئيس أوباما من إيران، والغاضب عليها لمواقفها من "الاستيطان"، فسوف يقول "لقد رفضت السعودية ما دعتها الولايات المتحدة إلى قبوله، وسنحذو حذوها، ونرفض، أو نستمر في رفض، ما دعتنا الولايات المتحدة إلى قبوله".

وحتى لا يُتَّهم العرب بأنَّهم لا يملكون من "إرادة السلام" ما يسمح بجعله حقيقة واقعة، نقول إنَّ شيئاً من التطبيع المشروط يمكن أن تَقْدِم عليه الدول العربية، أو بعضها، فَمِن غير "إذا الشرطية" لا وجود للسانٍ سياسي ينطق ويتكلَّم.

إذا التزمت حكومة نتنياهو الوقف التام للنشاط الاستيطاني في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وإذا ما بدأت مفاوضات سياسية جديدة وجادة، تنتهي في أجل مسمَّى ومعلوم، ويُعْرَف من لحظة بدئها "الحل النهائي"، شكلاً ومحتوى، ويُعْرَف أيضاً أنَّ هذا الحل سيَخْرُج إلى حيِّز الوجود السياسي في أجل مسمَّى ومعلوم، فعندئذٍ، وعندئذٍ فحسب، يصبح ممكناً ومفيداً وضرورياً أن يعطي العرب إسرائيل شيئاً من "التطبيع الفيتاميني"، أي الذي له أهمية ووزن وتأثير الفيتامين، فإذا سارت الأمور على خير ما يرام استمر هذا التطبيع وبقي؛ ولكن من غير أن يزيد ويتوسَّع؛ أمَّا إذا خيَّب القول والفعل الإسرائيليين التوقُّع العربي فإنَّ هذا "التطبيع الفيتاميني" يصبح، أي يجب أن يصبح، أثراً بعد عين.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إذا سلَّمْنا ب -نظام القضاء والقدر-.. فهل إرادتنا جزء منه؟!
- أوَّل غيث -التطبيع الجديد-.. -مقالة-!
- ماركس إذ بُعِثَ حيَّاً!
- -الشيخ جرَّاح- هو -رودوس- التي تتحدَّى أوباما!
- لِيُعْقَد في -بيت لحم- ولكن ليس في -بيت العنكبوت-!
- من -أزمة الحل المرفوض- إلى حل -الحل المفروض-!
- الأهمية الحكومية ل -المعارَضة- عندنا!
- ما وراء أكمة -صُلْح- أوباما مع المسلمين!
- اقْضوا على اللاجئين.. تَقْضون على -حق العودة-!
- شتاينماير الذي هزَّ رأسه!
- ما بين -رجل الإعلام- و-رجل الأمن-!
- المخاطر الإسرائيلية.. كيف يمكن أنْ تُواجَه أردنياً؟
- المستوطنات في أسواقنا وبيوتنا!
- تخطِّي الرأسمالية.. أما زال ممكناً؟
- الزمن في حياتنا اليومية!!
- يوم اسْتُعيدت -السيادة العراقية-!
- رِفْقاً بالنواب!
- -المبادرة العربية- عندما تُهْدَم بأيدي العرب!
- في ثقافة -التطبيع الثقافي-!
- هل من متجرِّعٍ ثانٍ ل -السُمِّ- في إيران؟!


المزيد.....




- نقل الغنائم العسكرية الغربية إلى موسكو لإظهارها أثناء المعرض ...
- أمنستي: إسرائيل تنتهك القانون الدولي
- الضفة الغربية.. مزيد من القتل والاقتحام
- غالانت يتحدث عن نجاحات -مثيرة- للجيش الإسرائيلي في مواجهة حز ...
- -حزب الله- يعلن تنفيذ 5 عمليات نوعية ضد الجيش الإسرائيلي
- قطاع غزة.. مئات الجثث تحت الأنقاض
- ألاسكا.. طيار يبلغ عن حريق على متن طائرة كانت تحمل وقودا قب ...
- حزب الله: قصفنا مواقع بالمنطقة الحدودية
- إعلام كرواتي: يجب على أوكرانيا أن تستعد للأسوأ
- سوريا.. مرسوم بإحداث وزارة إعلام جديدة


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد البشيتي - إذا لم يكن من -التطبيع- بُدٌّ..