|
ما وراء أكمة -صُلْح- أوباما مع المسلمين!
جواد البشيتي
الحوار المتمدن-العدد: 2708 - 2009 / 7 / 15 - 08:20
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الرئيس أوباما شخصياً لديه من الخواص السياسية والثقافية والعرقية.. ما يسمح له، إذا لم تُسيَّر رياحٌ ضدَّ وجهة واتِّجاه سير سفينته، بـ "تبييض" صفحة الولايات المتحدة مع الإسلام والمسلمين، فالقوَّة العظمى في العالم، والتي لا يفوقها عظمة سوى "أهدافها الإستراتيجية العالمية"، تحتاج الآن، أي في عهده، إلى الصلح والتصالح مع الإسلام والمسلمين.
أمَّا السبب، الذي لا أثر فيه للوهم والخرافة، فهو أنْ تُخْضِع لها القوى الدولية التي قد تُفْسِد خططها ومساعيها لإحكام قبضتها الإستراتيجية على العالم.
إذا كانت الصين من تلك القوى فلا بدَّ من أن تُضْرَب تجارياً ونفطياً في العالم الإسلامي، فأقلية "الإيغور" يجب أن تُصوَّر، إعلامياً، على أنَّها "جماعة دينية إسلامية"، فخواصها العرقية واللغوية والثقافية.. يجب أن يُضْرَب عنها صفحاً، في الإعلام، حتى يصبح ممكناً الزج بالمسلمين جميعاً في حرب القوَّة العظمى في العالم ضدَّ الصين، التي تشتد حاجتها إلى "النفط الإسلامي"، وإلى أن تقيم لها "مستوطنات نفطية" في بعضٍ من أجزاء العالم الإسلامي، والتي أوشكت أن "تُصيِّن (أي تجعله صينياً)" الجزء الأكبر من السلع والبضائع التي يستوردها العالم الإسلامي. ولتتذكَّروا كيف نجحت الولايات المتحدة، من قبل، في زرع الكراهية للصرب والروس في نفوس كثير من المسلمين.
في جورجيا وأوكرانيا، أراد "الدب الروسي" أن يذكِّر "القلعة الأوروبية"، أي "الاتحاد الأوروبي"، أو "أوروبا القديمة"، بأهمية وضرورة أن يشْتقُّوا لهم سياسة جديدة، من "الحقائق الجيو ـ إستراتيجية"، والتي في مقدَّمها أنَّهم في "تبعية شبه وجودية"، من الوجهة الاقتصادية، لـ "الغاز الروسي"، وشبكة أنابيبه.
وأراد، أيضاً، أن يذكِّر "أوروبا الجديدة"، إنْ نفعت الذكرى، بأهمية وضرورة أن تنأى بنفسها عن "عضوية حلف الأطلسي"، وعن "الدرع المضادة للصواريخ"، والتي تتذرَّع صاحبتها، أي الولايات المتحدة، بخطر الترسانة الصاروخية الإيرانية، مع أنَّ الطفل في وعيه السياسي والإستراتيجي يعلم أنَّها ضد الترسانة النووية الروسية، وعن المساهمة في الحرب، الظاهرة تارة والمستترة طورا، التي تقودها الولايات المتحدة ضدَّ "الترسانة الغازية الروسية"، أي ضدَّ شبكة الأنابيب الناقلة للغاز الروسي إلى "القلعة (الاقتصادية) الأوروبية"، حيث يَعْظُم التحدِّي الاقتصادي والنقدي الأوروبي للولايات المتحدة، وورقتها الخضراء الضاربة إلى الاصفرار.
ولقد اقتربت الساعة، وتصدَّع "الاستبداد الغازي الروسي" بـ "أوروبا القديمة"، فتبعية "القلعة الأوروبية" للغاز الروسي، وشبكة أنابيبه، يجب أن تضعف وتضمحل وتتلاشى، لتقوى وتتعزَّز وتَعْظُم تبعيتها للغاز (ولشبكة أنابيبه الجديدة) الذي يدين بالولاء للقوَّة العظمى في العالم.
إنَّه، في المقام الأوَّل، غاز بحر قزوين، الذي يحرسه "المارينز"، عن قرب، وعن بُعْد، فالوجود العسكري الإستراتيجي للولايات المتحدة في أفغانستان والعراق، على وجه الخصوص، لا يمكن فهمه في غير، أو في خارج، هذا السياق.
أمَّا "الأنبوب الجديد"، والذي هو حربٌ على "الترسانة الغازية لروسيا"، وحرب من أجل تحرير "أوروبا القديمة" من "الهيمنة الغازية الروسية" من أجل غزوها بالغاز الموالي للولايات المتحدة، فهو "نابوكو"، الذي قد يبدأ تشغيله سنة 2014، والذي يبلغ طوله 3300 كلم.
هذا الأنبوب سينقل الغاز (نحو 31 بليون متر مكعب) من بحر قزوين، ومن أذربيجان (الإسلامية) في المقام الأوَّل، إلى "الاتحاد الأوروبي". المنقول من هذا الغاز سيُخزَّن في النمسا؛ أمَّا تركيا (الإسلامية) فستكون لهذا الغاز "ممرَّاً"، من خلاله ستَمُرُّ أنقرة إلى ما تطمح إليه منذ زمن طويل، أي إلى عضوية الاتحاد الأوروبي. وبعد "الممر التركي"، يأتي "الممر الأوربي الشرقي (جنوب شرق أوروبا)"، ثمَّ يُخزَّن الغاز المنقول في النمسا، ثم يوزَّع لمستهلكيه في غرب أوروبا.
وتعتزم دول أخرى (إسلامية) من آسيا الوسطى، غنية بالغاز، هي تركمانستان وكازاخستان وأوزبكستان، الانضمام إلى "معسكر نابوكو"، إنْ استطاعت الولايات المتحدة إغراءها بمزايا خروجها النهائي من الفلك الروسي.
روسيا، التي تُحْكِم الآن سيطرتها على خطوط الأنابيب التي تنقل غازها الطبيعي إلى أوروبا، تسعى، بالتعاون مع إيطاليا، إلى مد أنبوب منافس (لـ "نابوكو") هو "الأنبوب الجنوبي"، الذي يمرُّ تحت مياه البحر الأسود، وصولاً إلى إيطاليا، مروراً بصربيا وبلغاريا.
"الغاز العربي"، وفي مقدَّمه القطري والعراقي، يمكن أن يُنْقَل هو أيضاً عبر "نابوكو"؛ أمَّا "الغاز الإيراني" فلم يرَ حتى الآن إلاَّ "ضوءاً أحمر"، مَصْدَره الولايات المتحدة.
رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي قال إنَّ العراق في مقدوره أن يزوِّد أوروبا، عبر تركيا، أي عبر "نابوكو" على وجه الخصوص، بنحو 15 بليون متر مكعب من الغاز. أمَّا القاهرة فتحدَّثت عن احتمال رَفْد "نابوكو" بـ "خط أنابيب الغاز العربي" عند إنشائه.
رسالتان متضادتان وصلتا معاً إلى صغار اللاعبين. رسالة روسيا بعد حربها ضد جورجيا، ومؤدَّاها: إيَّاكم استفزازي بـ "الدرع"، أو بالانضمام إلى "الأطلسي"، أو بـ "الأنابيب البديلة"، ولتتَّعِظوا ممَّا حدث لجورجيا. ورسالة الولايات المتحدة ومؤدِّاها: أسْرِعوا في الاحتماء بـ "مظلَّتي"، فلو كانت جورجيا عضواً في "الأطلسي"، وشريكاً في "الدرع"، لَما تجرَّأت روسيا على مهاجمتها.
لقد جنح الرئيس أوباما للصلح مع الإسلام والمسلمين، مستهلاً هذا العهد الجديد بزيارة مركز "الخلافة العثمانية"، فهنا "نابوكو"، وَلْنَبْدأ من هنا!
وعلى العرب أن ينظروا إلى الأبعد من أنوفهم، فهم في داخل مُثلَّث إقليمي، ضلعه الأوَّل إسرائيل، والثاني تركيا، والثالث إيران. غازهم (وبعض نفطهم) قاب قوسين أو أدنى من "التتريك"، لجهة ممرِّه إلى أوروبا؛ ومياههم في العراق وسورية في قبضة الأتراك؛ أمَّا "نفط العرب للعرب"، فبعضه أصبح كردياً، وبعضه يمكن أن يتلوَّن بلون الصراع الغبي بين قبيلتي "السنة" و"الشيعة" من العرب!
#جواد_البشيتي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اقْضوا على اللاجئين.. تَقْضون على -حق العودة-!
-
شتاينماير الذي هزَّ رأسه!
-
ما بين -رجل الإعلام- و-رجل الأمن-!
-
المخاطر الإسرائيلية.. كيف يمكن أنْ تُواجَه أردنياً؟
-
المستوطنات في أسواقنا وبيوتنا!
-
تخطِّي الرأسمالية.. أما زال ممكناً؟
-
الزمن في حياتنا اليومية!!
-
يوم اسْتُعيدت -السيادة العراقية-!
-
رِفْقاً بالنواب!
-
-المبادرة العربية- عندما تُهْدَم بأيدي العرب!
-
في ثقافة -التطبيع الثقافي-!
-
هل من متجرِّعٍ ثانٍ ل -السُمِّ- في إيران؟!
-
-خطاب- يُزيل حتى البُقَع العنيدة من الأوهام!
-
العالم يحبل بأزمة غذاء جديدة!
-
تداول السلطة.. إيرانياً!
-
-الدولة اليهودية- و-دولة أندورا الفلسطينية-!
-
أعراسنا الانتخابية!
-
-حلُّ الدولتين- أم -حلُّ الدولة الثالثة النافلة-؟!
-
ما معنى -نقطة التحوُّل 3-؟
-
هذا المسخ لمفهوم -الأكثرية-!
المزيد.....
-
يشبه -قميص النوم-..فستان جورجينا رودريغز في حفل ميت غالا يثي
...
-
رئيس لجنة الدفاع الليبي لـRT: نرفض بشدة تحويل ليبيا إلى معتق
...
-
رويترز: وزير دفاع ألمانيا يريد زيادة الإنفاق الدفاعي إلى أكث
...
-
مقتل 38 شخصاً في قصف متبادل بين الهند وباكستان، وبريطانيا تب
...
-
هجمات أوكرانية تعطل مطارات موسكو تزامنا مع زيارة رئيس الصين
...
-
قرار تاريخي غير موازين القوى العالمية!.. كيف ومتى صنع الاتحا
...
-
الجمهوريون في مجلس الشيوخ يعارضون اقتراح ترامب ترحيل المواطن
...
-
خبير مصري: صمت المجتمع الدولي عن كشمير -تواطؤ مخز-.. والعالم
...
-
صفعة دستورية.. البرلمان الأوروبي يصعّد ضد فون دير لاين
-
حماس تنعى أحد قادة القسام في لبنان
المزيد.....
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا-
/ نعوم تشومسكي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
المزيد.....
|