|
المخاطر الإسرائيلية.. كيف يمكن أنْ تُواجَه أردنياً؟
جواد البشيتي
الحوار المتمدن-العدد: 2701 - 2009 / 7 / 8 - 08:38
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
شخصياً، لا أعترف، إلاَّ على مضض، وبما يشبه الاعتراف بإسرائيل لجهة مرارة مذاقه، بوجود الأردني والفلسطيني والمصري والسوري والعراقي والسعودي..، فالانتماء العربي القومي، وعلى ضآلة الشعور به، بسبب تضافر جهودنا وجهود الأعداء القوميين على جعله واقعاً عديم الوزن، يظلُّ هو الأصل، والأصالة، والحقيقة التي فيها من المستقبل أكثر كثيراً ممَّا فيها من الماضي؛ أمَّا ما دونه انتماءٌ وهويةٌ فيظلُّ "ما دونه"، وأقرب إلى النقد الزائف المزوَّر منه إلى النقد الحقيقي، وكأنَّ الغاية الكامنة في وجود "المزوَّر" هي إقامة الدليل على وجود، ووجوب وجود، "الحقيقي".
"السلام"، ولجهة معناه ومغزاه ومنطقه، يمكن، ويجب، أن يكون مدعاة للأمل والتفاؤل والثقة بالمستقبل، وللشعور بالأمن والأمان والاطمئنان، إلاَّ في الأردن، فكلَّما لاح في الأفق ما ينبئ بقرب التوصُّل إلى حلٍّ نهائي للمشكلة القومية للشعب الفلسطيني، ولو كان هذا المُنبئ أقرب إلى الوهم منه إلى الحقيقة والواقع، استبدَّ بالأردن الشعور بالخوف والقلق من الآتي، ومن التداعيات والعواقب، وكأنَّ معاهدة وادي عربة لم ترَ النور إلاَّ لتؤكِّد له، في استمرار، أنَّها أعجز من أن تفعل له شيئاً يفيده في التغلُّب على هذا الشعور.
وأخشى ما يخشاه الأردن دائماً هو الحل النهائي لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين، أي كيف ستُحَل هذه المشكلة؛ وهذا إنَّما يدل على أنَّ جوهر نزاعه مع إسرائيل، والذي ليس بمياهٍ، أو بمساحة من الأرض لا تصلح لضآلتها أن نرى فيها مبدأ "الأرض في مقابل السلام"، لم يُحَلَّ بعد، وانَّ تلك المعاهدة لا تكفي، بنصِّها وروحها، لحلَّه.
ولو أصرَّ الأردن، تفاوضياً وسياسياً، على إحلال حل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين في أراضيه محل "الأرض" في تلك المعادلة، لَمَا شعرت إسرائيل بأنَّها في حاجة إلى اعترافه بها، وإلى عقده معاهدة للسلام والتطبيع معها، ولبقيت معاهدة وادي عربة في "حيِّز العدم السياسي". والشيء ذاته كان سيحدث لو أنَّ الضفة الغربية (والقدس الشرقية منها على وجه الخصوص) هي "الأرض" التي في مقابلها تُعطى إسرائيل السلام، ومشتقاته.
الخشية في الأردن ليست من اللاجئين الفلسطينيين أنفسهم، أو من الأردنيين ذووي الأصول الفلسطينية، وإنَّما ممَّا تبذله إسرائيل من محاولات، بعضها ظاهر، وبعضها مستتر، لحل مشكلة هؤلاء (حلاًّ نهائياً) في الأردن، وضدَّه.
ونحن لو نظرنا إلى ما اختلف ديمغرافياً، في الأردن، بعيون مختلفة، لاكتشفنا أنَّ نسبة كبيرة، ومتنامية، من المواطنين يمكن وصفها بأنَّها "مركَّب ديمغرافي جديد"، أنتجه "اختلاط الدم" المتأتي من الزواج العابِر لـ "الأصول"؛ وإنِّي لأرى في هذا "المركَّب" من المستقبل أكثر كثيراً ممَّا فيه من الحاضر والماضي.
إسرائيل دائماً تُذكِّرنا بأنَّها المَصْدَر الذي لا ينضب لخوف وقلق الأردن من أن تُسَيَّر رياح "الحل التفاوضي" بما يشتهي مَرْكبها التلمودي، أي بما يؤدِّي إلى حل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين في الأردن، حيث هم، وضدَّ الأردن. وهذا التذكير يتفاوت قوَّة وشدَّةً؛ ولقد كان أقواه وأشده في تلك الأقوال الإسرائيلية الأخيرة، والتي أراد أصحابها أن يؤكِّدوا من خلالها أنَّ حلَّ مشكلة اللاجئين الفلسطينيين بما يوافِق مبدأ "يهودية دولة إسرائيل"، أي بما يوافِق مبدأ "لا عودة لأيِّ لاجئ فلسطيني إلى إقليم تلك الدولة"، لا بدَّ من أن يُتَرْجَم بما يجعل الأردن دولةً للفلسطينيين، أو وطناً بديلاً لهم.
وهذا التذكير الإسرائيلي، الذي يشبه قرع ناقوس خطر في الأردن، لم يُنْتِج حتى الآن إلاَّ ما يشبه "الانفعال الأردني"؛ و"الانفعال" ليس بسياسة، ولا يمكن أن تُبتنى منه سياسة، تصلح لدرء مخاطر إسرائيل، التي يخطئ من يتصوَّرها على أنَّها ليست بمخاطر واقعية حقيقية فعلية.
"الانفعال" يجب أن يخلي المكان لسياسة صالحة، أي تصلح لدرء تلك المخاطر الإسرائيلية؛ وأحسبُ أنَّ قوام هذه السياسة الصالحة، أو منطقها، هو أن يُذكِّر الأردن، بشيء من الأفعال، إسرائيل بانَّ اللاجئين الفلسطينيين في الأردن مشكلة لم تُحَلَّ بعد، ولن تُحَلَّ إلاَّ بما يوافق مبدأ "أردنية الدولة الأردنية".
وهذا إنَّما يعني، على ما أتصوَّر وأعتقد، تغيير حال اللاجئين الفلسطينيين في الأردن، بما يوازِن بين مصالحهم ومصالح الدولة الأردنية، وبما يسدِّد ضربة في الصميم لمحاولات إسرائيل حل مشكلة هؤلاء، بما يخدم مصالحها، وبما يتعارض مع مصالحهم ومصالح الدولة الأردنية.
والسؤال، في هذا الصدد، والذي يحتاج إلى إجابة واقعية؛ ولكن غير متوقَّعة في الوقت نفسه، هو: هل يمكن (وكيف يمكن) أن يظل هؤلاء متمتِّعين بحقوق المواطنة الأردنية، على أن يُسْتَثْنى منها (لأسباب ليست ضدهم وإنما ضد إسرائيل التلمودية) الحق الانتخابي (البرلماني) وكل ما من شأنه أن يسمح لإسرائيل بالإدعاء بانَّ أردنية الدولة الأردنية تتضاءل وتنقص؟
والسؤال هذا ليس بدعوة ضمنية إلى "لبننة" حال اللاجئين الفلسطينيين في الأردن، فليس بـ "اللبننة" يمكن أن تُدْرأ المخاطر الإسرائيلية التلمودية عن اللاجئين والأردن معاً.
وعندما تقام الدولة الفلسطينية، يصبح كل شيء مختلفاً، ويُعاد النظر، بالتالي، في كل شيء، لما فيه مصلحة الأردن، دولةً وشعباً، ومصلحة فلسطين، دولةً وشعباً، فالدولة الفلسطينية تفقد معنى ومبرِّر وجودها إذا لم تكن للشعب الفلسطيني بأسره، في هذا المعنى أو ذاك أو ذلك.
#جواد_البشيتي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المستوطنات في أسواقنا وبيوتنا!
-
تخطِّي الرأسمالية.. أما زال ممكناً؟
-
الزمن في حياتنا اليومية!!
-
يوم اسْتُعيدت -السيادة العراقية-!
-
رِفْقاً بالنواب!
-
-المبادرة العربية- عندما تُهْدَم بأيدي العرب!
-
في ثقافة -التطبيع الثقافي-!
-
هل من متجرِّعٍ ثانٍ ل -السُمِّ- في إيران؟!
-
-خطاب- يُزيل حتى البُقَع العنيدة من الأوهام!
-
العالم يحبل بأزمة غذاء جديدة!
-
تداول السلطة.. إيرانياً!
-
-الدولة اليهودية- و-دولة أندورا الفلسطينية-!
-
أعراسنا الانتخابية!
-
-حلُّ الدولتين- أم -حلُّ الدولة الثالثة النافلة-؟!
-
ما معنى -نقطة التحوُّل 3-؟
-
هذا المسخ لمفهوم -الأكثرية-!
-
فكرة قريع!
-
أعْتَرِف بإسرائيل على أنَّها -دولة يهودية صهيونية فاشية-!
-
تناقض -النظام الديمقراطي- في لبنان!
-
.. ونحن أيضاً عقبة في طرق السلام!
المزيد.....
-
الاستيلاء الثقافي.. حين تُقدَّم ملامح التراث الهندي بلمسة غر
...
-
-إعادة احتلال غزة-.. اجتماع مصيري لاتخاذ القرار في إسرائيل ا
...
-
بداية من سبتمبر.. الإيجار القديم يبدأ بـ250 جنيه لـ1.88 مليو
...
-
شجرة عائلة الرحباني الكاملة وتأثيرها على الفن العربي
-
فرنسا: أكبر حريق غابات منذ نحو 80 عاما لا يزال خارج السيطرة
...
-
الأكبر في هذا الصيف.. حريق هائل يلتهم آلاف الهكتارات في أود
...
-
ما الأسباب الذي دفعت ماكرون إلى تبني النهج الصارم إزاء السلط
...
-
صراع تاريخي وتجاري يشكل جذور الخلاف المزمن بين غانا ونيجيريا
...
-
عائلة موسيفيني تتقاسم المناصب في أوغندا بعد 4 عقود من السلطة
...
-
كفالة مالية أميركية تصل إلى 15 ألف دولار على سياح زامبيا ومل
...
المزيد.....
-
المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد
/ علي عبد الواحد محمد
-
شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية
/ علي الخطيب
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
-
أوالد المهرجان
/ عبدالاله السباهي
-
اللطالطة
/ عبدالاله السباهي
-
ليلة في عش النسر
/ عبدالاله السباهي
-
كشف الاسرار عن سحر الاحجار
/ عبدالاله السباهي
-
زمن العزلة
/ عبدالاله السباهي
المزيد.....
|