أمير بولص إبراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 2717 - 2009 / 7 / 24 - 08:20
المحور:
الادب والفن
أدمنت ُ سكون الليل وأدمن َ هو سكوتي لتبقى سيكارتي الأولى والأخيرة مع قدحي من الشاي الثقيل نديمان ِ لا يكترثان بي رغم رقص الأولى بين أناملي وتقافز الثاني على شفتاي وكثيرا ما كان الليل يستمتع بتلك الصورة للإثنينِ معي ..بينما كنت ُ أنا أترك سكونه لأصغي لصراخ ٍ كان يداهمني عنوة ً كلما زدت َ في إدماني لسكون الليل ..كان يبدو لي إن ذلك الصراخ قادم ٌ من جوف الأرض ..أتساءل ُ هل هو صراخ الأرض وقد امتلأت بالأجساد أم هو صراخ الأجساد وهي تُفنى في علبها الخشبية ..متنازلة ً عن جبروتها ..يظل الصراخ يسطو على سمعي..فأتسلل بأرقي نحو ذلك الصراخ المكلل بغارة ٍ من الحزن موشحا ً بنسيج ٍ من الغبار يظلل مكامن أحلام الطفولة ..يُرهق كهولة الزمن الماضي ..يدنو من أسرة الحب فيزيدها أرقا ً ويسيل عليها لعابه العابث بأجساد المحبين فيلوثها ..أغوصُ في شرنقة الليل ..حيث أبواب المنازل ترثي من كان على عتباتها قبل رحيل المساء وحيث نوافذ التمني تلمع بشعاع الأصيل..يحادثني الليل عن بلاد ٍ بعيدة عندما يحل هو عليها تلمع طرقاتها بأضواء ٍ كأنها أضواء العيد الذي يمر على بلدي خجلا ً كعابر سبيل يهذي
بكلمات ٍ مجنونة ..ويحادثني أيضا ً عن أحلام الطفولة بل يقول إنها هناك ليست أحلاما ً بل حقيقة .. يسكت قليلا ً ..يتألم لأنه هنا في بلدي يخافه ُ الأطفال ..يغادره العشاق ُ بعجل ٍ وبوداع ٍ مرير ..يتوجس ُ منه الشيوخ والعجائز تاركين الصمت يكمم أفواههم وهم يتشوقون َ لسرد الحكايات على مسامع أحفادهم ..يتنهد الليل فيؤخذ ُ على حين غرة ٍ فيجد نفسه كالمجنون وسط عقول ٍ تظن إنها تعرف حدود المجهول .. ثم يركن في زاوية من ذلك الصراخ ..ليلتحف هو بسكونه .. ولأبقى أنا أُدمن ُ ذلك السكون .. ويبقى هو يدمن سكوتي ...
أمير بولص إبراهيم
برطلة 21 تموز 2009
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟