أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمير بولص إبراهيم - ثمة امرأة على وجه قهوتي














المزيد.....

ثمة امرأة على وجه قهوتي


أمير بولص إبراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 2657 - 2009 / 5 / 25 - 03:26
المحور: الادب والفن
    



ثمة ُ امرأة على وجه قهوتي كل صباح .. توقد ُ شمعة ً فوق ضريح ..تفترش ُ دمعها عليه ِ وتغزل من بكائها كفنا ً لمصيرها .
بطرف عباءتها تتشبث ُ طفلة حافية القدمين تلعق ُ قطعة حلوى تشبع َ سطحها الملون بغبار أتربة القبور المتهرئة منذ بداية زمن الضياع في دروب الحياة الغامضة المتأرجحة بين الحلم المولود ميتا ً وبين الأمل المقتول سلفا ً ..تُخرج المرأة من بين أحضانها رغيفا ً من الخبز الأسمر اليابس المشبع بالحزن المستديم المزوج برائحة العفن .تَكسر ُ الرغيف إلى فتات ٍ صغيرة ناثرة ً إياها فوق الضريح متلذذة ً حزنا ً وكأنها أدمنته ُ
مدت يديها مرة ً أخرى إلى أحضانها لتخرج رصاصة ً علاها الصدأ ملوثة ً ببقع دم .. تُقرب الرصاصة ُ من أرنبة ٍ أنفها لتستنشق رائحة تلك البقع بينما تَضغط أناملها بحقد ٍ وقسوة على الرصاصة ثم تضعها بجانب فتات الخبز فوق الضريح بكل تأمل ليتكون مثلث ٌ غريب من الدمع وفتات الخبز الأسمر اليابس والرصاصة .. أخذها شرود ذهنها وبصرها لحظة ..ثم فَرَدَت شعرها لتنحني بجسدها على الضريح لتفرُش ذلك الشعر ألتمري
الكثيف باسطة ً ذراعيها باستقامة الضريح وكأنها تحتضن ما في داخله ِ
في لحظة عناق قديم ..بدت وكأنها بحركتها تلك تمارس طقسا ً حياتيا ً خاصا ً بها افتقدته ... سقطت الرصاصة من سطح الضريح نتيجة ً لحركتها تلك لتتدحرج وتقف عند أقدام الطفلة المنغمسة بلذة الحلوى..
رَفَعَت بتثاقل جسدها المنهك راجعة ً إلى الخلف وبحركة شبه جنونية مَزَقَت أعلى ثوبها من صدرها ..فتوارى نهديها خلف ستار من دموعها خجلا ً من الأموات.. ليتسلل بكائها مختبئا ً في شقوق ألأرض المشبعة ببقايا جثث مسحتها ذاكرة الموت..رفعت الطفلة الرصاصة مقلبة ً إياها ذات اليمين ِ وذات اليسار ِثم مسحت الرصاصة بقطعة الحلوى وكأنها تمزج بين صورتين مختلفتين إلى أن غطت لزوجة الحلوى الرصاصة فأخذت تلعق الرصاصة تارة ً وقطعة الحلوى تارة ً أخرى... عادت المرأة لتجمع قواها ناهضة ً باتجاه
شاهد الضريح الذي تَشَوّه ما سُطِر َ عليه من أحرف ٍ غابت ملامحها..لترنو بنظرها نحو الطفلة المنهمكة بالحلوى والرصاصة..ابتسمت لوجه الطفلة الملوث بالغبار والسكر..احتضنتها وكأنها في لقطة ٍ فوتوغرافية للزمن الخاص الذي داهمها ..أنتبهت إنها أصبحت وجها ً لوجه مع شاهد الضريح..أغمضَت عيناها وكأنها تدخل في حوار صامت مع شاهد الضريح ... ثم تبدد المشهد من على وجه قهوتي . ليعود من جديد على وجه قهوتي في صباح ٍ آخر ...






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مهرجان فجر السينمائي:لقاءالإبداع العالمي على أرض إيران
- المغربية ليلى العلمي.. -أميركية أخرى- تمزج الإنجليزية بالعرب ...
- ثقافة المقاومة: كيف نبني روح الصمود في مواجهة التحديات؟
- فيلم جديد يكشف ماذا فعل معمر القذافي بجثة وزير خارجيته المعا ...
- روبيو: المفاوضات مع الممثلين الأوكرانيين في فلوريدا مثمرة
- احتفاء مغربي بالسينما المصرية في مهرجان مراكش
- مسرحية -الجدار- تحصد جائزة -التانيت الفضي- وأفضل سينوغرافيا ...
- الموت يغيب الفنان قاسم إسماعيل بعد صراع مع المرض
- أمين معلوف إثر فوزه بجائزة أدبية في المكسيك: نعيش في أكثر عص ...
- الدرعية تحتضن الرواية: مهرجان أدبي يعيد كتابة المكان والهوية ...


المزيد.....

- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمير بولص إبراهيم - ثمة امرأة على وجه قهوتي