أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أنسي الحاج - ليت العرب ظاهرة صوتيّة















المزيد.....

ليت العرب ظاهرة صوتيّة


أنسي الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 2715 - 2009 / 7 / 22 - 06:51
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


١٨ تموز ٢٠٠٩
■ ليت العرب ظاهرة صوتيّة
الموسيقى: ما يسكّن الضجيج - بما فيه ضجيج «هذه» الموسيقى المزعومة - ويوقظ فجر الأشياء. ما يَغْسل حيث لا يصل مَطْهر. الوعي الآخر. موسيقى تستنهض الماء في الصحراء وتمدّ الأعناق خارج الأسر، فوق العناصر.
الصوت المغنّي: أجمل من الوجه الجميل. جمال يلغي شعورك بالحَذَر أمامه. يمحو كلّ سبب للقرف.
نشهد اليوم فتنة ضدّ هذا المفهوم للموسيقى والصوت. مؤسسات ضخمة تعمل لتسييد المواء والغباء ودكّ أسس الذوق. عندما نقول موسيقى وغناء، قطعاً لا نقصد الهبوط المسوَّق، بل الاستثناءات التي فرضت وتفرض نفسها رغم انتشار الضحالة. (الشيء نفسه ينطبق على الشعر والرواية والرسم والمسرح إلخ...).
حتّى لا نظلم الحاضر يجب التذكير بأن لكل مرحلة إسفافها، لكن الخطر في إسفاف الحاضر كونه اجتياحيّاً مجهّزاً بأسلحة فتّاكة، من الخطة إلى المال، فضلاً عن الجهل كأساس «عقائدي» لدى بعض الوكلاء العرب خاصة، وفي أحسن الافتراضات ظنّاً.

كان عبد الله القصيمي يقول إن العرب ظاهرة صوتيّة. ليتهم كانوا كذلك. ليتهم كانوا للصوت بمعناه الأصفى، المناقض للحسّ الغوغائي. الألمان ظاهرة صوتيّة أدنى ما فيها الانخطاف بهتلر ولكن وتيرتها العظمى والطاغية هي الانخطاف بباخ وموزار وبيتهوفن. الصوت هو صدى ما في داخلك من صوت، في صميم داخلك، تحت غطاء الضباب الكثيف. هو ما نحبّه كلّ الوقت وما يقدر أن يُطْلع كل شيء آخر منّا. هو أنفاسنا رُدّت إلينا. هو خَلْق الحنين الساعي في حلمه. إنه الجزء اللطيف المُحبّ من لغة الآلهة المخيفة، إنه اللغة الفوق بشريّة الأكثر إنسانية من الإنسان، واللغة الملائكيّة الأشد قرباً إلينا من أي ملائكة، إنه اللغة الإلهيّة التي عندما تُخاطب البشر لا تحمل لهم غير العافية والسموّ والقوّة والحبّ وأذكى عطور الحقول.

■ الأذن والعين

ثمّة مَن يجد رضىً خاصّاً في العطاء، بل في أن يؤخذ منه. عندما ننقل الموضوع إلى صعيد التأليف الفني والأدبي لا يعود هناك أرقى ولا أقوى ممّن يُعطيك، ولا يأخذ منك غير إعجابك. تغمرنا هذه النعمة في الموسيقى والغناء ونستمتع بهما أكثر ممّا نستمتع لدى مطالعتنا أدباً مُنعماً عليه، لأن لغة الصوت والموسيقى أكثر إعجازاً ولأن الأذن أكثر عمقاً من العين، وبالأخص لأننا نغرق في الغربة الساحرة أعمق ممّا نذهب مع الألفة الساحرة. سطوة الغربة تُقلّص مساحة التساوي وتفرض الاستسلام.
هذا الكلام من كاتب كان يقابله دوماً اعتراضٌ من الملحّنين وإصرار على تعظيم شأن الكلمة ووضعها في المقام الأول. دوّامة تجامُل، أو هو وَهْم الجاهلين بعضهم بعضاً. علاقة ملتبسة وخصبة أكثر ما نصادفها بين موسيقي وكاتب. وكم من موسيقي كَتَب أو تَطَلّع إلى الكتابة وكم من كاتب كتب على خلفيّة خيال غنائي أو سمفوني وانطوى على حنين مُحْبَط إلى الاشتغال بالموسيقى.
... ويُعتدى على الأذن مثلما يعتدى على العين. ولم يكن بدّ في الماضي ولن يكون بد في المستقبل من سطوة إرهابٍ معنوي مستحَقّ يفرض المعايير والقيم ضدّ الفوضى.

■ تحت وطأة لحظة

الزعل، فجأةً، مع شخص عزيز، يرمي بكَ وحيداً وسط أقيانوس تكتنفه الظلمات وتعلوه قبّة أعظم هولاً منه.
في هنيهة يتمزّق غلاف الأمان. الصدر يغدو مَرْمَدة والصوت يختنق. الجبين الذي كان يغلي بالمشاريع يخلو فجأةً إلا من الهَلَع. «ما أضعفني!» تقول، وتودّ لو تصرخ «النجدة!». النجدة ممَّ؟ ممّن؟ ربّما من إحساسك بزوال قانون الجاذبيّة الذي كان يربط وجودك إلى الشخص العزيز ويؤمّن توازنك. فقد أمسيت الآن، تحت وطأة الزعل، متروكاً بلا كفيل، بلا فضول، لا رفيق لك غير كبرياء تأبى الالتفات إليك ما لم تطعمها قلبك.
لحظة زعل مع شخص عزيز حكْم بالانفصال إلى العزلة المهزومة، تستيقظ فيها الذنوب كالأفاعي، وعِقَد النقص كالدبابير، إلى الأمام الرماد وتحت القدمين الفراغ وفوق الرأس جيوش من النجوم تبدو لك، في أنانيتك النازفة، ذروة الغباء، تُنافسها جحافل الموج الهاجمة إلى الأبد على طواحين الرمال.

■ الاحتجاج على الظلم

رَفْعُ الحنان إلى مستوى الألوهة. التضامن البشري عن طريق الشعور لا عن طريق الروابط الدينيّة والعرقية. الإلحاد ليس شرطاً للتحرّر والانفتاح بل الشرط هو الإحساس. الإلحاد، بالعكس، قد يكون تغطية للتحجّر واللامبالاة. التعصّب كذلك. كلاهما غياب إلهيّ وكلاهما جفاف روحي.
الاحتجاج على الظلم (في الطبيعة أو المجتمع) غالباً ما يتحوّل إلى ظلم من نوع آخر، ذروته استباحة الحياة، أو القتل باسم الثورة، باسم المَثَل الأعلى، باسم الثأر من انعدام المعنى.
انظرْ إلى النتائج: أكثر ما يُخفّف القهر ليس الصراخ والغضب بل الرقّة.

■ ضميره نظره

لا ينظر إليك وهو يؤذيك. هكذا يتخلّص من ضميره، فضميره ذاكرته وذاكرته نظره ونظره مفصول عن باقيه.

■ إعادة تكوين

من علامات انقلاب الأشياء أن الصحافة الأدبيّة اعتمدت أسلوب الصحافة السياسيّة (بما فيها من طمس الأساسي تحت الهامشي) عوضَ أن تتأثّر الصحافة السياسيّة بالأدب وتتلقّح بقيمه. هبوطٌ يشمل اللغة، إذ تدهورت لغة الثقافة نحو الكليشيهات والاستثارات الرخيصة، ولم يعد يلمع إلا ما تُحفّزه المصالح والنرجسيّات.
الأخطر، وهذه وقَبْلها ظاهرة عالميّة، تراجُع الصحافة الأدبيّة عن النقد. بات التهرّب من الصرامة براعة. ليس دائماً بضغط العلاقات بل أحياناً خشية الخطأ. منذ الظلم الذي أُلحق ببودلير ورمبو ثم إعادة الاعتبار المدوّية لهما أصيب عالم النقد الفرنسي، وبعده العالمي، بعقدة الخطأ، وأصبحت القسوة استثنائية والشدّة غائبة لحساب التحليل الذي لا يستوجب موقفاً ناصعاً، أو تضييع الموضوع بخلط أوراق صبياني. ولم تلبث الصحافة الثقافية بدورها أن خضعت بالكامل لمقاييس الاستهلاك التجاري، وحلَّ الترويج محلّ التقييم.
إن ما يجب إعادة تكوينه الآن ليس الشعر ولا الرواية ولا الموسيقى ولا التصوير ولا الحبّ ولا الرغبة، بل النقد.

■ الخبر اليقين

أنتَ مَن يحمل النور إلى عينيكَ لا النور ولا عيناك. أنتَ مَن يكسو ويُعرّي لا الثياب. وهذا الهواء في يديك، واليد في هوائك، والسماء حول العنق. وأمّا التعب فليس تعبك.
اعطِ ثقتك للسراب.


--------------------------------------------------------------------------------

■ من نيتشه

«سوء فهم بخصوص الحنان. هناك حنانٌ خادميّ يُذعن وينحطّ، يَرْفع إلى الصعيد المثالي ويخطئ. وهناك حنانٌ إلهي يَحْتقر ويُحبّ، يُغيّر ويسمو بمَن يُحبّ».
(نيتشه)
□ □ □
«ما إن تصير وسائل القوّة غير كافية حتّى تبدأ في الظهور أساليب التخويف والإرهاب. بهذا المعنى، يمكن القول إن أي نوعٍ من أنواع العقاب النموذجي هو دليل ضعف في تلك الفضيلة المُشعّة التي ينبغي صدورها عن الأقوياء. إنه دليلٌ على كونهم قد أخذوا يشكّون في قوّتهم».
(نيتشه)
□ □ □
«أودّ لو أطرد من دولتي المثالية الأشخاص «المثقفين، كما طرد أفلاطون الشعراء. ذلك هو إرهابي أنا».
(نيتشه)
□ □ □
«ضد نزعة «الثقافة العامة»: فلنبحث بالأحرى عن الثقافة الحقيقيّة، النادرة والعميقة. لنقلّص حجم الثقافة ونكثّفها، كردّة فعل على الصحافة...».
(نيتشه)
□ □ □
«يا صديقي، «الخطيئة الأصليّة» هي بالتأكيد البرهان على فضيلتك الأصليّة».
١٨ تموز ٢٠٠٩



#أنسي_الحاج (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماركسيّات
- شتاء الحاج
- مختارات من خواتم
- خارج الموضوع
- أخافُ أن أعرف
- تداعيات حول عاصي الرّحباني
- على الحافّة
- ماذا صنعتَ بالذّهب؟؟ ماذا فعلتَ بالوردة؟؟!!!
- صرتَ جميلاً
- ذهبَ المجوس ورجَعوا وقالوا
- اعزفي لنا
- غيوم
- الرسولة بشعرها الطويل حتى الينابيع (مقاطع)
- أغار
- كلُّ قصيدة ..كلُّ حبّ
- قصائد


المزيد.....




- فيديو.. سحابة سامة قرب مدريد وتحذير من مغادرة المنازل
- ليس إرهابيا.. الكشف عن دافع منفذ هجوم الطعن في فنلندا
- حماس تسلّم الوسطاء ردّها على مقترح وقف إطلاق النار
- حرائق ضخمة تدفع السلطات إلى إخلاء قرى في محافظة اللاذقية
- قرقاش: لا مخرج من أزمات المنطقة بالحلول العسكرية
- مصادر: رد حماس على مقترح غزة -مبهم-
- تقرير إسرائيلي يكشف -العقبة الرئيسية- أمام اتفاق غزة
- مصادر مصرية: رد حماس تضمن فتح المجال أمام مفاوضات غير مباشرة ...
- رد فعل أولي.. كيف تفاعلت إسرائيل مع رد حماس على مقترح غزة؟
- فيديو.. عشرات القتلى والمفقودين بعد فيضانات مدمرة في تكساس


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أنسي الحاج - ليت العرب ظاهرة صوتيّة