إبراهيم اليوسف
الحوار المتمدن-العدد: 827 - 2004 / 5 / 7 - 05:28
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
لعل التوتر الذي النا إليه في مدينة – القامشلي وهو صورة عن توتر أيّ كردي, أو وطني سوري, إزاء ما يجري في المدينة منذ بضعة أيام, حيث : رشق مواطنين الأبرياء بوابل من الرصاص, وبأمر مباشر من محافظ الحسكة , و من ثم الاعتقال الاعتباطي لكل كردي شوهد في شوارع المدينة, و ممارسة أبشع أنواع التعذيب بحقهم, وهم في الغالب : أطفال – وشباب في مقتبل العمر؛ وتهجئة الوطنية!, ووجود أعداد كبيرة من الجرحى في المشافي العامة، و الخاصة, بل وفي البيوت, مجهولو المصير!, إضافة إلى كل هؤلاء الشهداء الذين قضوا نحبهم في يومي الجمعة الدامية: 12 آذار و السبت الحزين 13 آذار.. وسؤال مرير يوخز الحلق و الروح:
- ما العمل؟
- كي نستطرد مباشرة إلى قولة نيتشة الشهيرة : إذا وقعت واقعة كبرى لا تحزن ولا تبك... بل فكر... !، لكن سرعان ما يبرز سؤال تالٍ : وأي جدوى للتفكير أمام عقليةالغائية، بل أمام كل هؤلاء – المسلحين الذين ظهروا كالفطر، كي يعيث كثيرون منهم فساداً في الحسكة ،_ ورأس العين، يطبقون جاهلية شنعاء بحق الممتلكات وأرواح أبرياء, لاخطيئة ارتكبوها سوى كرديتهم...
- وعلى الفور يدخل أحد أبنائي يعلمني أن سيارة فارهة كبيرة، و اقفة في الشارع أمام منزلنا...
- - أمدنية هي أم حكومية؟
- - حكومية!!
- أعرفت وجوه من فيها؟
- -يسأله أحد الأصدقاء الكتاب، وكان هو الآخر موجوداً مع من دأبوا خلال هذه الأيام المريرة، على أن نكون معاً...!
- غرباء ...!
- قفزت على الفور من مكاني, متوجهاً إلى الشارع كي أسطلع حقيقة ما يريده هؤلاء المريبون, لاسيما في أيام المحنة التي كانت ثمة ترجمة واحدة لزيارة كهذه...، فتحت الباب الخارجي، وإذ بي أجد عدداً من – الشبان – وبرفقة أحد أصدقائي كان قد دلهم على منزلي, اقترب مني الصديق قائلاً: إنهم بعثة تلفزيونية !!
- تنفست الصعداء , وبعد دخولهم البيت, وقف أحدهم أمام المكتبة كي ينظر في كتبها :
- إنها جديرة بالتصوير... ! , ثم ألح علي هؤلاء أن ننطلق معاً صوب منزل صديق مشترك بيننا, بعد أن ألححت –بدوري - على الشاعر أحمد حيدر, للذهاب سوية متوجهين إلى منزل صديق لنا مشترك ، اسضاف- البعثة – كي أجد هناك د . حسان الموازيني – المحامي عثمان عثمان- أصافح الحضور عما حدث , كي يبدي كل منا وجهة
- نظره، وهي متقاربة على العموم، إلا في ما يتعلق بالموقف من ردات فعل بعضهم ممن خرجوا عن طورهم, نتيجة الإحساس المرير بالظلم...!
- باغتني مسؤول البعثة بالقول : ثمة مشروع إعلامي مهم لصالح الكرد- ولقد قمنا باختيارك قبل غيرك, بسبب موضوعيتك و قدرتك على إنجاحه...!
- وبدأ الرجل بحرص باد على -الكرد- وهوالذي عاش ردحاً من عمره وحتى عام 1980في هذه المدينة الاستثنائية , ويريد ان يرد اليها بعض دين في ذمته , ومؤكد ان مثل هذا الحوار سوف يخدم الوحدة الوطنية المتوخاة , واعادة الهدوء ولاستقرار الى المنطقة ازاء سماع حديث هذا الصديق , نهضت في ذاكرتي صور الرعب التي ما كان ليخيل الي انني سأراها- يوماً ما - بكلتا عيني( وليتنى لم أرها)من : استهانة بروح الانسان , بل المواطن , ومحاولة تجريم الضحية البريئة الى ما هنالك, من مفردات اللعبة التي تمت خارج ملعب القامشلي!, كي نحس بدونية واضحة
, غير قادرين على تقديم خدمة ملموسة ....!سرعان ما قلت لمحدثي: حقاً ان التلفزيون الوطني لهو اقرب الينا من أي تلفزيون آخر , وان التعاون معه مدعاة فخر حقيقي عندنا من أي تلفزيون آخر , بيد ان هذا التلفزيون ظل منذ نشأته حتى هذه اللحظة غريباً عن المواطن الكردي- بخاصة . فهو الذي لم يسمع منه اغنية كردية , بل وان كلمة( كردي) من اولى الكلمات التي شطبها الرقيب الاعلامي في سوريا , ولعل الامر كان مفرحاً، لوان هذا اللقاء التلفزيوني تم ما قبل 12-اذار-2004، بيد ان اجراء أية مقابلة الآن حيث: الدم الذي شخب لما يجفّ بعد , والجرحى يئنون في المشافي , الشباب يعتقل – يومياً على نحو اعتباطي , كي يمارس بحقه التعذيب البشع , ناهيك عن اننا لم نسمع – بعد – حتى مجرد اعتذار خلب من مسؤول حكومي , بل ان ما يزيد الطين بلة – ان هذا التلفزيون – نفسه يمارس الدور التضليلي من خلال الاساءة الى الكردي , وكيل الوعيد بحقه , من هنا لا – اعتقد ان مثقفاً كردياً يملك ادنى مشاعر الإنسانية، يستطيع وسط هذا الظرف المريران يتفوه بكلمة واحدة بل ان أي عمل خارج هذا الشعور هو تواطؤ مفضوح ولقدآلم – روح – كل كردي , تقديمه من قبل الإعلام المحلي العربي على انه محط شبهة : همجي , غوغائي , ضيف على المكان , دون ان يشارولو بكلمة واحدة الى مذبحة – القامشلي – التي راح ضحيتها عشرات الشباب .......!!, بل انحصر الحديث عن الاذى الذي لحق بمؤسسات الدولة، على أهميته ، , دون الحديث عن ارواح هؤلاء الشهداء ...!.
- أو تصدق أن مسؤول التلفزيون المحلي ، وعقب امسية لي- مع عدد من الشعراء- مكرسة للانتفاضة الفلسطينية ،اكتفى باجراء حوار مع من دعاه ،بعد الامسية إلى حفلة عشاء دسمة ،طالبا مني –ومن بقية الشعراءالمشاركين –أن نمثل لحضرته أننامواطنون جاؤوا إلى المركز الثقافي لشراء كتب من معرض كتاب للقطاع الخاص ،وقدم مادة تلفزيونية ملفقة عن( كاتب) لم يكن في الأمسية ،و لافي المدينة!! .
- بعد غد ستسمعون في القناة التلفزيونية الثانية اغنية كردية، هكذا قاطعني احد اعضاء الوفد التلفزيوني
- قلت : هذا فأل خير – وسأكون مسروراً جداً من مثل هكذا لقاء، او مشروع إعلامي حول ثقافة الكردي السوري , او واقعه الاجتماعي، كي يظهر في فلم وثائقي....
- انا وثقت لكل الاطياف في سوريا تلفزيونياًن إنه مشروع عمري ...........
- لكنك لم توثق لطيف الكردي !بل استطيع ان اقول وبصراحة ..كنتم تتحدثون في التلفزيون فلكلور وتراث قبائل، وملل، بل وبطون، وافخاذ اخرى، في محافظة الحسكة ، ناسين اية اشارةن ولو عابرة، الى من يشكل اكثر من نصف سكان هذه المحافظة!
- ان نأتي متأخرين خير من ان لا نأتي
- اجل , وانا بدوري اقول : ليكن ذلك، بعد اعادة النظر في وضعنا كمواطنين
- أصلاء، ابناء هذا المكان – لا ضيوفاً طارئين - على مائدة ام احد .....! كما اقول دائماً .
- – سنحاول مع غيرك، إذاً.....!
- لن يوافق كردي بتصوري على مثل المشروع الآن...
- انا واثق سنجد من يوافق !
- سأعمم على من اعرفهم ألا يوافقوا..... الآن ...- قلتها مازحاً
- انصرفنا-أنا - و المحامي- عثمان عثمان(صهر الشاعر جكرخوين ) – والشاعر أحمد حيدر - وتركنا ضيوف المدينة الأعزاء .. واعدين إياهم أن نعمل معاً لإنجاح هذا المشروع .. إزاء أية إعادة نظر في واقعنا، كمواطنين أصلاء في هذا المكان !!
- ملاحظة1 : رغم انه تم الاعلام عن مثل هذا الموقف عبر الأنترنت، و عبر العلاقات الشخصية, إلا أن بعض المثقفين الكرد،وافق- و خارج سربه—على الفكرة... و أجريت حوارات معهم.. كي أخسر الرهان...!
- ملاحظة 2: وللأمانة التاريخية , ثمة من رفض مثل هذه اللقاءات في تلك الفتنرةالمحرجة .
- ملاحظة 3: هذه المادة الوحيدة التي لم أشأ –ولاعتبارات لاتخفى على القارىء- نشرها ضمن سلسلة موادي حول أحداث 12 آذار __ ولقد رأيت أنه حان الوقت – الآن- لتوضيح كل ذلك...!،وآمل –وعلى خلاف عادتي –ألا أكون متسرعاً في هذه المرة ..!.
-
#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟