أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - هشام عقراوي - إعدام (حمورابي) في ساحة التحرير














المزيد.....

إعدام (حمورابي) في ساحة التحرير


هشام عقراوي

الحوار المتمدن-العدد: 826 - 2004 / 5 / 6 - 06:48
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


في عراق البعث البائد، كان كل شئ مبررا ومباحا، من القتل و السفك و الحرق و الخطف و هتك الاعراض و المقابر الجماعيه الى سد الافواه ومسح العقول وملئ السجون و التعذيب. ولكن إسم صدام و البعث أيضا كان شيئا مبررا و مباحا بنفس درجة إباحة الحرمات من قبله. فكان يكفيك أن تقول صدام و البعث العراقي كي يتعاطف معك كل إنسان شريف ودولة تحترم حقوق الانسان. فصدام أباح الحرمات و لكنه أباح إسمه أيضا بها. فهذا الاسم سيبقى مرادفا لكل ما هو غير إنساني و محرم. وعندما نقول صدام نقصد بها كل زمرته و زبانيته الذين باعوا ضمائرهم و أنفسهم بأبخس الاثمان.
في عراق ما بعد صدام، فمع أن البعث كما يقال في طريقه الى الاجتثاث وصدام يقبع في الزنازين و ضحاياه تحولوا الى سادة، فأن ما لم يفعلة صدام بالعراقيين يذوقونه الان على ايدي الاحرار و المحتلين.
ربما كان صدام و زبانيته يقتلون القتيل و يمشون في جنازته، ربما كانوا يذبحون بالناس خلسة وعلانية، ربما كانوا يأخذون حق (رصاصة الشر) من ذوي الضحايا، ربما كانوا يطلقون النساء من أزواجهم لأغراض شريرة، ربما كان عدي وقصي و رفاقهم يهتكون الاعراض يوميا في قصورهم الفاخمه، ربما ملئوا السجون بالشباب والجلادون صاروا بالألوف، وربما إختار (حمورابي) الهرب من العراق كي ينقذ جلده من سوط الجلادين أملا بالعودة يوما ما الى عراق حر يكمل فيها سن ما تبقى من القوانين التي لم يستطع سنها في العهود الغابره. فحمورابي لم يستطع البقاء في بلد إتخذ من شريعة الغاب قانونا و عرفا له.
بعد الاطاحة بصدام و الدكتاتورية، كان (حمورابي) أول العائدين الى بلده. حاملا دساتيره وشرائعه كي يعيد النور الى بلد الشمش والرافدين و النخيل ولكنه إندهش من هول ما رأه. فالذي يحصل في بلده يفوق كل التصورات و الاحتمالات.
فمعذبوا الامس إختلطوا بجلاديهم و إنقلبوا وحوشا لا يلتزمون بأي قانون أو عرف او دين او عادة او شرع، فكل شئ في بلده الان مباح وليس هناك إحترام لأي شئ. فبعد ان كان العراق و العراقيون مقدسون لدى أنفسهم على الاقل وكان قتل العراقيين محرما من قبل الشعب العراقي أصبح الدم العراقي أرخص ما في العراق و هذا الدم يسفك أولا بأيدي العراقيين أنفسهم وبرضاهم. لا يهم أن كان هذا الدم يسفك بأسم الجهاد أو المقاومة أو الدين او السلطة او التحرير. فالجهاد جائز مع الكفار والمقاومة ضد المحتلين و الدين ايضا مع غير المسلمين و بضوابط محدده في الاسلام، أما سفك دماء العراقيين بدافع السلطه المجردة فغير جائز ومحرم. المهم هو أن هذا الدم يسفك و الذي كان محرما ومقدسا أبيح وبرضى العراقيين. فصدام هتك المحرمات ولكن العراقيون لم يتقبلوا ذلك، أما الان فمع الاسف يقتل العراقيون والهلاهل ترتفع.
وما لم يفعله العراقيون ببعضهم فعلته ويفعل جنود الاحتلال بهم. لا ادري اليوم عن أي شئ ندافع. عن اي مقدسات سوف نتكلم. فالمساجد و الجوامع والمدارس و المستشفيات إمتلئت بالاسلحة والمقاتلين بنفس الاسلوب الصدامي. وصارت اموال و ممتلكات الناس عرضة للسرقة، و صارت النساء والاطفال والرجال تختطف وتسجن وتهتك أعراضهم، و أبو غريب بقت كما هي ممتلئه بالمساجين والجثث يمثل بها وتحترق وتسحل في الشوارع وتحول البعض الى شيطان أخرس و الاخرون الى أبواق للقتل و الفتك. كنا نعتقد بأن سجون البعث ستتحول الى متاحف ولكن مع الاسف ترمم اليوم و تبنى عليها طوابق.
واكثر الاشياء قدسية تستهان وتهتك في العراق بأسم أقدس الافكار والشرائع. فأية مقاومة في العالم يجب أن تكون حريصة على شعبها أكثر من المحتل لابل أنها يجب أن تدافع عن الشعب ويكون الشعب لديها أقدس من كل شئ. أنها حقا لمفارقة عجيبة أن تكون ما يسمى بالمقاومة في العراق أكثر فتكا و غدرا بشعبها وأقل رحمة من المحتل. فصدام هو اب الدروع البشريه والاحتماء بالمدنيين، أما أن تحتمي المقاومة بالمديين والاطفال و النساء الابرياء فهذا ما لم تفعله أية مقاومة في العالم حرصا على أرواح شعوبها.
أما المحتل فاسمه مباح كأسم صدام لأن الاحتلال غير جائز من قبل كل الاديان و القوانين الدولية. والحرب أيضا حرب ولكن له قوانينه و ومحرماته و مقدساته. أي جهاد هذا وأي إحتلال هذا الذي يسجن فيه حمورابي بأيدي العراقيين أنفسهم ليعم الفوضى بلده ويعذب بأيدي جنود محتلين و يعدم لاحقا رميا بالرصاص في ساحة التحرير.



#هشام_عقراوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كردستان- ذلك الجيب الارهابي و العميل
- لماذا لم تحاصرأمريكا القنوات العربيه بدلا من الفلوجه؟؟
- إنتفاضة- القنوات العربية، هل ستكشف المستور!!
- دكتاتوريه مذهبيه حد العضم
- بابا نوئيل- لم يتجرئ الظهور في أكثرية المدن العراقية!!
- عدوى معادات الكرد إمتدت لتشمل العراق بأكمله
- مدير تربية كركوك ماذا فعل بالطلاب الكرد
- الكاوبوي الامريكي في (تورابورا) القرن الماضي
- الكرد ضمنوا عدم التدخل التركي ولكنهم يريدون عراقاَ مستقلا
- التنسيق المعلن بين بعض القنوات الفضائية والارهابيين المقنعين
- حق تقرير المصير لكل الشعوب العراقية في إستفتاء شامل
- لو كانت مدينة النجف الاشرف بجوار السليمانيه!!!
- أمريكا الخاسر الاكبر من مجيئ القوات التركية الى العراق
- قراءة التأريخ على الطريقة الصدامية
- من أقل شرعية، مجلس حكم العراق أم أغلبية حكومات الشرق الاوسط
- إستكراد الكرد بات صعبا
- كلنا عراقيون ولكن ...!!!
- مراكز إعادة تأهيل فدائيي صدام والحرس الجمهوري
- فالنضف كلمة - لا - الى قاموسنا السياسي
- مرشحوا القنوات العربية لحكم العراق


المزيد.....




- مصور بريطاني يوثق كيف -يغرق- سكان هذه الجزيرة بالظلام لأشهر ...
- لحظة تدمير فيضانات جارفة لجسر وسط الطقس المتقلب بالشرق الأوس ...
- عمرها آلاف السنين..فرنسية تستكشف أعجوبة جيولوجية في السعودية ...
- تسبب في تحركات برلمانية.. أول صورة للفستان المثير للجدل في م ...
- -المقاومة فكرة-.. نيويورك تايمز: آلاف المقاتلين من حماس لا ي ...
- بعد 200 يوم.. غزة تحصي عدد ضحايا الحرب الإسرائيلية
- وثائق: أحد مساعدي ترامب نصحه بإعادة المستندات قبل عام من تفت ...
- الخارجية الروسية تدعو الغرب إلى احترام مصالح الدول النامية
- خبير استراتيجي لـRT: إيران حققت مكاسب هائلة من ضرباتها على إ ...
- -حزب الله- يعلن استهداف مقر قيادة إسرائيلي بـ -الكاتيوشا-


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - هشام عقراوي - إعدام (حمورابي) في ساحة التحرير