أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - امين يونس - القِيَم الإجتماعية ودورها في نشر الفساد














المزيد.....

القِيَم الإجتماعية ودورها في نشر الفساد


امين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 2691 - 2009 / 6 / 28 - 08:52
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أخبرني احد أصدقائي ، انه كان قبل أيام ضمن مجموعةٍ في قاعة أحد فنادق دهوك " الراقية " ، للتمتع بمشاهدة فرقةٍ لبنانية غنائية راقصة ، "علما ان الفرق التي تُجلب الى هذه الفنادق متدنية المستوى الفني ومن ابرز سِماتها تواجد فتيات يؤدين رقصات بملابس قليلة الإحتشام !". الى هنا والامر طبيعي الى حد ما من الناحية السياحية . ولكنه قال ان شخصاً من اهل المدينة كان جالساً على مائدةٍ مجاورة ، أخرج من جيبهِ شَدّة دولارات او ما يُسمى هنا " دفتر " اي عشرة آلاف دولار ، وبدأ ينثرها بإستهتار على المُطربة الراقصة حتى أجهز على الدفتر كلهِ ! وسط تصفيق وتشجيع أصدقاءه وترحيب من " المُطربة " التي حيتهُ من خلال المايكروفون عدة مرات ، بحيث ان " حميتهُ " جعلتهُ ينهض مرة ثانية وينثر " دفتراً " آخر بكل أريحية ! ، قال صديقي ، ان إبن ذلك الشخص وهو في سن المُراهقة ، كان جالساً مع ابيهِ على نفس المائدة ، نهض وذهب ليُراقص المطربة على المسرح ، فناداهُ والده على الفور ، قال صديقي ، إننا إعتقدنا ان الوالد سيردعهُ او شيئاً من هذا القبيل ، لكنه بدلاً من ذلك أعطى لولدهِ حفنةً من الدولارات فئة المئة ليرشها بدورهِ على " الفنانة " ! . خوفي على المجتمع من أمثال هذا المُراهق ، الذي تربى على اللعب بالفلوس لعباً ، تُرى ماذا سيفعل ومِنْ اين سيجني الاموال ، إذا " لاسامح الله " إنقطعت موارد والدهِ لأي سببٍ من الاسباب ؟!
كنا نسمع قبل عقدين من الزمن عن مثل هذه التصرفات المريضة التي يقوم بها بعض الخليجيين خاصةً في ملاهي سوريا ولبنان والاردن او نشاهدها في الافلام ، وكانت هذه الممارسات مُدانةُ إجتماعياً بصورةٍ عامة ، وتدل على هبوط المستوى الثقافي لمُقترفيها ، وضحالتهم الفكرية التي هي إنعكاسٌ لتدهور القِيَم الاجتماعية .
" بطلٌ " آخر ، عاشَ و " عملَ " في بغداد طيلة التسعينيات وحتى سقوط النظام ، وجمعَ شيئاً مُعتبراً من خلال صفقاتٍ مشبوهة في عهد المقبور عُدي وبعدها من الحواسم . رجع الى المدينة ليصبح وجهاً " مُحترَماً " ! بدلاً من ان يُحاسَب ويُقال لهُ مِنْ اينَ لك هذا وما هو مصدر ثراءك الفاحش ؟
حتى الستينيات من القرن الماضي ، كان الذي يسرق او يختلس او ينهب المال العام ، مُحْتَقراً ومنبوذاً من المجتمع . اما اليوم فأن ذلك يُعتَبر شطارة وذكاءاً وشجاعة !
أوجُهْ الفساد عديدة في مجتمعنا ، فالتاجر الذي يذهب الى الصين او سوريا او تركيا وغيرها ، ويتعمد ان يجلب بضاعةً مغشوشة عليها ماركات مُزّيفة ، لايختلف عن اي مجرمٍ او مُحتال . التاجر الذي يستورد لحوماً منتهية الصلاحية ويُلصق عليها تواريخ اخرى ويبيعها في السوق بضميرٍ مستريح ، ليس تاجراً بل انه فاجر ! بل ان هؤلاء كما قال عنهم ( سُفيان الثوري ) : " لا تنظروا إلى ظاهر ثياب التجار وأهل السوق فأن تحتها ذئاباً كاسرة " ، والذي يُدخِل أدويةً الى الصيدليات والمذاخر والمستشفيات والمختبرات ، ادويةً من مناشيء غير رصينة ، ليس فيها من ( المادة الفعالة ) الاّ الشيء اليسير بحيث انها عديمة الجدوى ولا يستفاد منها المريض ، ما هو الفرق بين تاجر الادوية هذا واي مُجرم يسيء للمجتمع ؟ الشخص الذي يغش في المنتوجات النفطية وخصوصاً البنزين بمختلف الطرق والوسائل ، مما يؤدي الى أضرار بالغة للمُستهلك ، ما الذي يميزهُ عن قاطع طريق ؟ المُحتكرون بصورةٍ عامة ، محتكرو المواد الغذائية ، والمواد الإنشائية ، وحتى الكماليات غير الاساسية مثل السكائر والمشروبات الكحولية ، التي هي بالأساس ضارة بالمجتمع وتضع مختلف الدول قيوداً وضرائب كبيرة على تصنيعها وتوزيعها وبيعها ، نرى اسواقنا غارقة بأسوأ أصناف السكائر واردأ انواع المشروبات الروحية ، لا ارى فرقاً كبيراً بين مُصّنعي وموّردي ومحتكري هذه البضائع بالغة الرداءة التي تسبب الامراض والموت للمجتمع ، وبين عصابات القتل والجريمة المُنظمة . " علماً ان مشروعَي قانون المُنافسة وقانون حماية المُستهلك ، مازالا في أدراج البرلمان الكردستاني ينتظران الفَرج في الدورة القادمة " عسى ان يضعا حداً لجشع المُحتكرين !
وجهٌ آخر للفساد ، هو الإستغلال البَشِع للمنصب ، فما ان يُباشر المسؤول في موقعه المهم ، حتى يظهر الثراء والنعيم بعد أشهرٍ قليلة ، ليس عليهِ فقط بل وعلى أقرباءهِ وأصدقاءهِ المقربين أيضاً ! فَيُرسي على هذا مُقاولةً بدون منافسة حقيقية ، ويعطي لذاك عقداً سميناً ، ويُوزع أراضي الدولة عليهم وكأنها من ورث المرحوم جدهِ !
ويبدو ان " منافع الوظيفة " قديمة جداً ، فكما ورد في كتاب " هادي العلوي " المستطرف الجديد ص 44 : " قال القلقشندي في تعداد منافع العمل في جهاز الدولة : الحظوية ورفاهية العيش ومشاركة الملوك في إقتناء المساكن الفسيحة والملابس الرفيعة والمراكب النبيلة والدواب النفيسة والخدم المُستحسنة وغير ذلك من آلات المروءة والأدوات الملوكية في أقرب المُدد وأقل الأزمنة " ! بالنسبة لكثيرٍ من المسؤولين فأن الوظيفة لم تعد تكليفاً يهدف الى خدمة المجتمع في المقام الاول ، بل تشريفاً غايتهُ الاساسية إستغلال الفرصة ل " تكوين نفسه " و إرضاء رؤساءه الاعلى منهُ !
أعتقد ان منظومة القِيَم الاجتماعية ، التي مصدرها الدين والعائلة والمدرسة والتقاليد ، والتي تحاول " في جوانبها الإيجابية " ان تغرس مباديء الأمانة والإخلاص والصدق ، قد تراجعَتْ في العقود الاخيرةِ ، أمام ضغط النمط الإستهلاكي في المجتمع وما يجرهُ من مَيْلٍ لتكديس الثروة ، والربح السريع بغض النظر عن مشروعية الوسائل .
نحن بحاجةٍ فِعلية الى إعادة تأهيل المجتمع على اُسسٍ جديدة ، بدءاً من المدرسة والعائلة ومؤسسات المجتمع المدني والحكومة والنظام القضائي وتفعيل القانون ، من اجل إعادة الإعتبار ل [ قِيَمٍ ] عُليا فَقَدتْ معانيها .




#امين_يونس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعض ملامح المرحلة المُقبلة في العراق
- على هامش أنتخابات اقليم كردستان
- - التياغ الصدغي - يتوسط بين الحدباء والمتآخية !
- مستشفياتنا ومستشفياتهم
- إنتخابات اقليم كردستان .. آراء وتكهنات
- الى ربي ... عّزَ وجَل !
- اثيل النجيفي .. يتحّرش !
- عُمر البشير .. ووزير التجارة العراقي !
- الحدباء والمتآخية .. الخيرُ والشر !
- أخطاء المالكي في الألف يوم الاولى من حكمهِ !
- هل ينسحب الامريكان من الموصل نهاية حزيران ؟
- الحكومة المحلية الجديدة في نينوى
- دولة اللاقانون في كربلاء !
- عَرَب / كُرد
- حذاري من الصحوات
- كشف المصالح المالية .. إحراج !
- حكومة الاقليم - الوليدة - متى ستصبح - رشيدة - ؟ !
- - غول - في بغداد
- جماهير كردستان تُنّدد ب - جريدة هاولاتي - !
- - فضِّيق الحبلَ وأشدد من خناقهم فربما كانَ في إرخائهِ ضرَرُ ...


المزيد.....




- روسيا تقدّم إعانات مالية للأمهات الصغيرات لزيادة معدلات المو ...
- رضيعة فلسطينية تموت جوعا بين ذراعي أمها في غزة المحاصرة
- تعيين سالم صالح بن بريك رئيسًا للحكومة في اليمن
- واشنطن تفرض رسوماً جديدة على قطع غيار السيارات المستوردة
- رئيسة المكسيك ترفض خطة ترامب لإرسال قوات أمريكية لمحاربة كار ...
- الزعيم الكوري يؤكد ضرورة استبدال دبابات حديثة بالمدرعات القد ...
- نائب مصري: 32% من سكان البلاد يعيشون تحت خط الفقر (فيديو)
- إعلام: الجيش السوداني يستهدف طائرة أجنبية بمطار نيالا محملة ...
- صحيفة -الوطن-: تعيين حسين السلامة رئيسا لجهاز الاستخبارات في ...
- من هو حسين السلامة رئيس جهاز الاستخبارات الجديد في سوريا؟


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - امين يونس - القِيَم الإجتماعية ودورها في نشر الفساد