أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله الداخل - كريم 10 القرية 1-28















المزيد.....

كريم 10 القرية 1-28


عبدالله الداخل

الحوار المتمدن-العدد: 2692 - 2009 / 6 / 29 - 03:40
المحور: الادب والفن
    


1

"حزينٌ"؟!

وهل سوى الحزن ِ مَرفأ ٌ

عميقٌ

بعصفِ الخيانهْ

يقي حُمولتي

وألغامي

وخَيْباتي الوفية؟

أليسَ في الحزن ِِاحتجاجٌ

واختلاءٌ لـَصيقٌ

وثباتٌ

وإدانهْ ؟

فابتعادي قريبٌ به

وبقسوتِهِ الحنانُ

أمَا في المرافئ الأخرى رياحٌ

ولصوصٌ

والماءُ دماءٌ

وأشياءٌ خفية؟



2

إذن سأفعلُ ما سأفعلُ

فإني سأروحُ وأ ُنسى

كخرافةٍ صغرى

ككذبةٍ

لم تصلِ الآذانَ

أو كحسرةِ قصةٍ

لم تغادرِ الصدرَ على موقدٍ

فتعيشُ عمرَها

كسرّ ٍ

لكنّ ما أقولُ سيبقى

فهو البذرة ُالأولى

والطيبة ُ الأسمى



3

بغرفة نومي

أخلع رأسي

أ ُسْـنِدُهُ

لهذا الجانب أو ذاك

على طاوِلةِ الليل

وأ ُقـْنِعُهُ بأنه نعسانْ؛

بأصابعي أ ُسْبِلُ جفنـَيْهِ

حتى رموشـُهُ تـُلامسُ خدَّيه؛

لكنه يرمُقني محتجاً

ويعود إليّ

فيصيرُ لي رأسان


4

ظن شيوخ ُ قريتنا

أنهم يقرأون النجمَ

ولا يرَوْنَ بدرَنا الكاملْ

فقد كانوا يقرأون أكفـَّهم

ولم ينظروا خارجَ الخيمة

لآثار ِالرضيع الزاحف في الرمل

ولا للخيمةِ الحاملْ


5

طقوسُ الأغنياءْ

حدودٌ تجتازُها

مرة ً فقط

خطى الفقراءْ


6

حين أكونُ غريباً هنا

أمضي هناكْ

وليسَ من حيّ ٍ يجئُ سواكْ

فلا تحملـُني ساقايَ حين أراكْ

فإنْ ليس من جدار ٍولا صخرةٍ

تـُؤْوي جسدي

أقرفصُ عندَ ظل ٍ

لشوكةٍ أو قصبهْ

إذ ْذاكَ تسعى للـّـقاءْ

لنجدتي

قادماً من قمة الهضبهْ

مُرَوِّياً بظلك

ظـَمْآى الرمال

فيغيبُ في ذرّاتِها

غيابَ الماءْ



7

فأحييكَ ثانية ً

في مدخلِ الخيمةِ التي كانت هنا

أقبـّلُ خدّيكْ

وكلتا كـَتِفَيْكْ

ونرتقي في ذراعَيْ بعضِنا

صَوْبَ التلال



8

الخوفُ الذي مرَّ خارجَ قريتِنا

تجَوَّلَ في أزقـّتِها بلا وجلٍ

كاحتلالْ

فالحزنُ الذي يُغزَلُ فيها

ليلاً كعادته

ينسُجُه النفط ُعباءاتٍ

لأعيادها المرتقبهْ


للماءِ، للظلالْ

للحمائم والغِلال



9

إنْ تطرِفْ بعينِكَ

في قرى الأسماك

يودّع ْ جَفنـَكَ الحذرْ

فما كنا بقريتنا نسألُ القمرْ

سوى حريةٍ تجتاحُنا،

ليلاً، ونجتاحُها:

حريةِ النظر



10

فهذا الليلُ للملوك

وفجرُ الأرض غبَّرَهُ الدخيلْ

وحينَ تكونُ غريباً فمن لي إذن؟

ومَنْ غيرُ النوارس ِ يأتي بمحيطٍ؟

وغيرُ الطـَّلـْع ِ بشـَّرَ بالنخيلْ؟

وكما النورُ والخمرُ رفيقانِ

مِن نور عينيك نشوة ٌ

وخـَدَرْ

من جرعةِ الماضي وحاضرهِ

وفرحة ٌ تلدُ الأحزانَ، تأتي

بالقـَدّاح ليلاً

بظلِّ تين ٍأبيضٍ

وسَدَرْ.


11

تحضُرُني عيناك

إذا ضعْتُ في جفافِ ثانيةٍ

وفي مرارتِها

فتـُنقِذ ُني

نلتقي في أزلِ

هادياً، كعهدِكَ، آتياً

على غيميتين ِمن عسلِ؛


12

إذا استرخينا لهذا الموج

فأين يُوْصِلـُنا الماءْ؟

فماذا نقول نحن التائهين

لهذا العشب

وقد لامستْ أناملـُهُ الشاحبة

ضفـّة َالقارب؟

متوسّلاً

نسيماً ملوَّناً

يحيّينا

ويلتمسُ الرفقة َوالبقاءْ

يُشيّع ذيلَ القاربِ القيريّ مرتجفاً

وفي الخوص ِ أناملٌ

تمرُّ على أوتار قيثار ٍ بغيرِ هدىً

فنتيه ُ ثانية ً في الفضاءْ


13

يتـّحدُ الفراتُ والأ ُجاجُ بقريتي

وتصفعني الشمسُ

وتلكزني الأغصانُ

وتـُغيظـُني أطرافُ السَّعَفْ؛

تمارسُ حبّـَها على جسدي الرياحُ

تعابثني

تدفعُني

تشدّ ثيابي

توقِفـُني لعتابْ

تتنهـّدُ في أ ُذ ُنـَيّ

وتسقيني كلّ َحسْرةٍ

حبيسةٍ بصدر الله؛

كذلك تفعلُ في حدودِها أبداً

كلما يُحضِرُني الغيابْ

وتلوحُ قبلَ بيوتِ الطين ِالمقبرهْ

تـُحاكي صمتيَ الملآنَ خارجَها

وصدريَ المُترَعْ

تـُلـَيْلاتُ التراب

14

تركتُ قريتي

وأطفالـُها ما زالوا يرسمون

بأغصان الغـَرَبْ

وبقايا الجَريدِ

أو شظايا القصب

على تراب الأزقةِ أحلامَ الرعاة؛

يقلدون اللهَ

يخلقونَ دُماهم

من الطين الحُرّ

وكان له لونُ الشباب

ورَوْحُ الظل في الصفصاف

يُميّزونَ النساءَ عن الرجال ِبالأثداءْ

ويزوّجونهم دون دينٍ

بأنصافِ أعوادِ الثقاب

بنهاياتها الدقيقةِ المحترقة

أو بسليّاتٍ من فسائل البستان المجاور؛

15

أطفالُ قريتي مازالوا يصنعون العرباتِ

من الأسلاك

بطيّها بأصابـعِهم

فتطوي أصابعَهم؛

فهم توارثوا هذي الصناعة،

كذلك نحتَ الجيادِ

فلا يفطرُها الجفافُ

فقد مزجوا صلصالـَها

بـ"دواليب الهواء"!

أرسلتـْها لهم على متن ريح ٍمن الشرق

هندباءُ البر

وبرديّاتٌ من الهور البعيد

16

قريتي التي يكفكف زهرُ العاقول ِالورديّ ُبها

في آخر الليل نداهُ

كلما عُدْتُ لأرضها البـِكْر

تنودُ خطوط ُالحندقوق ِالحُمْرُ تحييني

فيقشعر الخيارُ على الضفاف

وحين تعانقني الرياحُ

وباقاتٌ من زهور النسيم

يبكي التينُ البنفسجيّ

حليباً بأعناق القطاف؛

وإن مَضَيْتُ في هبوب الظلام تودّعُني

كلّ ُ نخلةٍ حاملٍ

بهزةٍ من شعرها الفاحم كالظلال

في شحوب وجه الله

فديريّاتٌ باسقاتٌ تنحني لعصفةٍ: نعم

ثم تعود شامخة ً: لا، لا

وفي الصباح تلوحُ كل غجريةٍ خضراء

نفشـَتْ شعرَها

نفضَتـْه في رقصةٍ للريح

وداعاً

17

ستبقى قرية ً لسكناي

فأني هناك؛

وهناك

قلبي الذي ما زال يشمها

فللبساتين ِحُجولٌ مثلـّمة ٌ؛

يفوحُ طينـُها بأوّل الغيث

في كل قطرةٍ تفرشُ نفسَها في كلّ شبرٍ

تبقـّعُهُ عدالة ُالمطر

وشرائط ُ تِبن ٍفضيّة ٌ صامدة

18

وبصمتٍ أودّعُ قريتي

مثلما مضى قبلي رجالٌ ونساءٌ

مرّوا هنا وتزوّدوا متاعاً من الوادي

وأسسوا قرىً أخرى من دم ٍولحم ٍ؛

لذا تظل قريتي جَدّة ً للقرى الأخرى

وغبارُ أزقتِها تربة ً للبذور

فهي مصنعٌ للمتاحف

نبعٌ للـّغات

وقريتي لم تخـُنْ كأية قريةٍ

على طـُرُق القوافل

لكنه البهارُ والحرير

والسيوفُ التي أصدأها ظمأ ُالصحارى

وجفافُ الرؤوس

تنجلي في رقاب الحياة

فلولا السيوفُ لم تكن قريتي

منفىً للنخيل

وما كنتُ هنا

ولولا المُدى وأنصال الرماح

حين يهب فحيحٌ في الصحارى

ويزحفُ الصدى بطيئا

كناي ِالأفاعي الى صدري ومقلتيَّ

ما عرفتُ أحزانَ الفراق

فالسيفُ لا يكتفي بوداعي

ويتبعُني

فلم يعد فيّ سوى منفاي

وبعض ٍمن أغاني محاريثٍ خشبية

حيث من العشب تأتيني

أغانٍ

وأحزانُ النادباتِ على الرحيل المبكر للرجال

فصارَ كلّ ُما فيها غريباً عليَّ وفيَّ

وما حولي من الأشياء بمنفاي صارَ يبهرني

كأني أرى السيوفَ تحملها

رياحٌ شرقية

19

ومن زلّ بقريتي يوماً من الأيام

لا يأتي ليُنهِضَني

لأن ما في جرحها من أنين ٍ أو صديدٍ أو سيوفٍ

أو رياح ٍ لن يُبْرِئَ فيَّ الجراح؛

وقريتي التي أ ُحِسّ فيها الجنونَ على بُعدٍ

تـُحِسّ فيّ الجنون

أموتُ عنها ولم أ ُغنّ

فما كان فيها من نـُواح الفواخت

والريح ِفي الخوص اليابس

وصمتِ آب

في الشـَّعر الكثيف الداكن

للغجريّاتِ المستقرّاتِ

على شفاهِ دجلةَ

وما تثرثرُه ذكورُ العصافير الرمليةِ المكتحلة

لإناثِها

وما يقوله الماءُ للمجذاف

بلهجةٍ معاتبة

ما زالَ فيه غناءٌ

وألحانُ عتاب

وفي قلبي عتابٌ في الوداع

وأيّ ُ وداع

فكلّ ُدُوّامةٍ تودّع المجذافَ والزورق

تعانقُ المويجاتِ من صدره القيري

وتأتيني الى ضفتي

وصدري

بألسنةٍ قصار

تدغدغ الرمالَ الداكنة

فتنهارُ الحروف

كما قلبي، كلّ َ يومٍ

كل ساع

20

وقريتي

أهابُها وتهابُني

فحتى الكلاب التي وُلِدتْ بها في غيبتي

ستكفّ ُعن النباح على ذيل عباءتي

وتهزّ ُ لي أذيالـَها حين أرمُقها في العيون؛

فإنما هو النهرُ والنخلُ والشمس والحَرُّ

والظل والطينُ والحماماتُ والحَجَلُ

والحقلُ والقبّرة

والزقاقُ والسوقُ والأكواخُ

والسماءُ واللهُ والمقبرة

إنـّما أنا

فكل ما فيها أنا، لأني هناك

فالأحياءُ والأشياءُ تعرفني

وقريتي التي صنعَتْ لنفسِها أرضاً

وسماءاً وإلاها

وعبيداً وآفاقاً

كل ما بقلبي يعودُ إليها

وليس ما يعودُ إليّ سواها؛

21

وقريتي التي لم تعرفْ غِناءاً صادقاً

لم أ ُهْدِ فيها وردةً

من أيّ لون ٍ إلى امرأةٍ

فبناتُ اليُتم فيها

كنّ دوماً يُطِعْنَ اللهَ

متـّشِحاتٍ بالسّـُخامْ

وأمهاتـُهن اللواتي قد رمّلـَهنّ النفطـُ والقحط

واثـْكـَلـَهُنّ وكمّمَهُنَّ ماضي الرمال

وأقاصيصُ الصحارى

وحاضرُها

وأثـْقـَلـَتـْهُنَّ ظِلالُ غمام ٍواطئٍ

ما زلـْنَ يرتـَدِيْنَ الليلَ بصدقٍ

فيجري خفيفاً

في عروق ِأكـُفـِّهِنّ الكادحاتِ ظلامْ

22

طينُ قريتي وأنا نفهمُ بعضَـنا؛

فالسورُ الذي ترنح حولي

وتثلـّمْ

تكلّمْ

عن ثعالبٍ تمرّ بالبستان!

قريتي التي كلما عبرتُ النهرَ فيها سباحةً

على ظهري

كي أرى الغيمَ يرعاني

تلاحقـُني الكواسجُ

وكان الغيم يأتي في الربيع

يغيّرُ في الشمسِ أشكالـَه

جبالاً وغزلاناً وكلاباً وجياداً

من قطن ٍ ورمادٍ؛

وأعدو الى البيت

متوقـّفاً في العَتـَـبة

متفحّصا ساقـَيَّ

كانت قدمايَ كاملتين!

23

وفي قريتي كانتْ ذئابٌ عند ولادتي

بعيونها انتظارُ سقوطي على حشائش الكساح

حين تألـّق في زمان الأرامل

شِعْرُ النهود!

قريتي التي أفقرَها داكنان

النفط ُ والليلُ

ويتـَّمَ فيها الصبايا

خبرٌ في الصباح

فكان صباحاً لضباع الأرض

حين تناثر منـّا حطامٌ رافضٌ

وترافس الحبّ ُ ذبيحاً تحت أقدامِ الغزاة

فما تبقـّى من معاني الوداد

من شعور الليل

وفوضاها في البلاد

قد رمّد جمري

فهل سترفع الجَمَراتُ

أرؤسَها الغرقى

بين أمواج ِالرماد؟

24

لكن قريتي التي أرضعتني دهورَ الخمول

وأقوالَ موتايَ الأقدمين

تمنحني في القيظ ظلّ َ نخيل ٍوخيولْ

حين الشمسُ تكويني ضحىً وظهراً وأصيل

ويُحرِقني آبٌ ويطبُخني أيلول!

25

بأزمان الحزن

والانحناءْ

يولد الكلامُ في كومةِ قشٍّ

بدَلَ الماءْ

فتدحرجُ الخنافسُ بعضاً من معانيها

للوراءْ

فما يمحو الطنينَ

سوى تكسّرِ الرعودِ

على بعضِها

ورَجْعةِ الأصداءْ

فهل سيغـْسِلـُنا الخجلُ المدرارُ

من جباهِ الغيوم

وتـُنعِشـُنا حسرة ُاللهِ الجديدِ

يقطف زهرة ً في الريح

للفقراءْ؟

26

توقفتُ عن الرقص

لبعدي عن طفولتي

عن الرسم بسبابتي

بأبخرة المرايا

واحتقان السؤال

27

يا حزيران

ما زالتْ تطاردني

السكينُ والاسنان

في مدن القيظ والحمى

والنهايات الأثيمةِ واختفاءِ المعاني

وهزيمةِ اللهِ أمامَ قتلى حزيرانَ

برغم الحُب

والبذور ِالتي تنبعُ من ترابهم

فالواجهات الخشبية

لروح هذا العصر

مغلـّقة ٌ بقضبان حديدٍ أفقي

عليها ترفع الأقفالُ أعجازَها

عناكب َميتة

والواجهاتُ لها زَرَدٌ وبرقٌ في الظهيرة

وكنا مثلـَها حلـَقاتِ وصْل ٍ تسيفُ

بشمس تموزَ

وتمر أشباحٌ مكبّلة ٌفي طوابيرِ حديد

حينَ الفجرُ ينأى

يعذ ّبُنا

موتىً طاهرون

وهم غافون

فصرنا بَعدَهم جيلاً من الخيبات

تخرّجَ من مدارس التلقين

معاهدِ الفشل

حفظنا سُوَرَ التراجع

فسّرْنا آياتِ الانصياع ِدونَ إيمان ٍ

وكنا بفروع علميةٍ ثلاثة

فرع ٌ تقدّمَ للمشانق

أو تساندتْ أكتافـُهُم على جدار السجنِ

وفرع ٌ مات بصورةٍ أخرى

لذا ما زالَ على قيد الحياة

وفرع ٌهائلٌ في التلال

سابَ هناك وشابْ

ينحني لخيباتِ الوجود

ويحْـتفي بالموتِ

أو يعملُ طبـّالاً

في جيوش البورجوازية.

فيا قرى العار أين المحاصيلُ؟

وبأي محصول ٍ سنكتفي؟

فالقمحُ يموتُ دائماً

بأسبوع ِالصقيع

فما نخبز ُفي الليل إذا جاع الصغار؟

فقد خوَّضْنا بطين الشتاء

بحثا عن بطاطسَ للعِشاء

فليس لدى حشد القرى

بهذا الريف الكاذب

قرى الأغنياء

سوى حشودٍ من الفقر والآلهة

تملأ حفرتين للعدل ِ

واختفاء الحبوب

حفرة َالوحل ِ

وحفرة َالله!

فهذا الأميرُ

لا يُجدي بكاؤهُ الكاذبُ قريتي

فهو أميرٌ

وقد أحضرَ اللهَ بصُحبتِهِ والخدم

فليسَ توحِّدُنا وإياهُ مجاعة ٌ، بهذا المكان

ولا يجمعنا حصادٌ

سوى ثورةٍ تغتالـُنا

أو عدم

فهل حساءاتُ الرمال ِوفاكهة ُالحَصى

تـُدْمِعُ قلبَ الأمير؟

فكيف تـُرى دونَ لهيبٍ إذنْ

في الظلام

دُموع ُالأمراء؟

وكيفَ يُنيرُ اللهيبُ

ويعجزُ عن إحراقِنا

وكيفَ يهُبّ ُ نسيمٌ

واتقادْ

إنْ لم يكنْ في مواقدِنا

سوى بُصصٍ تغفو

ولا تصحو من رقاد الرمادْ؟

28

كان غزاة ُقريتي بَدْواً من البيد القريبة

شممتُ مرورَ كوفيّاتِهم

والعُقـُل ِالتي كلـّحَها الحَرّ

بملح ٍ ينزُّ من الرؤوس

حينَ كنـّا نزنُ الحبوبْ

فهل قريتي التي الآن تحكمها

عقاربٌ سودٌ كبيرة

لم تعد تعرفني؟

لأني لما أستجير بها، كما يستجير بالحبيبةِ الحبيبْ

ستميز الملامحَ الأولى من محيّا لهجتي

فطالما عثـَرْتُ على الكثير مني

على دجلة َ

بين ضوع ِالسِّعْدِ في عباءةِ جدتي

وبينَ الشاطئ الرمليّ

وكالبتوسةٍ ظمأى

تنحني على الدهلةِ

من ذلك الجالي على الضفة الأخرى

حيثُ تاخمتـُه على ظهري

في طريقي الى المخاضةِ والمَعبَر؛

فأهلي أجاروني بها زمانَ أفاعينا

والعقارب الصفر الصغيرة

لأني، وإن كنتُ غريباً بكل الضفاف

تألفني ضفتـُها القريبة

فقريتي التي لم تكن تعرفني على البعد

تحيّيني حين أقتربُ

تعرفُ وقعَ أقدامي

وفية ٌ هي في حبّها

فقد أوصلتني

من تراب أزقتها

إلى أضغاثِ أحلامي

مودّعة ً، معانقة ًمحذ ّرة ً

تصرّ عليّ بشئ من مَتاع ٍ

جُرعةٍ من مائها

وبعض ِ طعامِ

قريتي التي لم تعد تألفني

قد ملأتْ حنايايَ ألفتـُها

وقِربة ً كانت بقلبي

وأوانيا

فلم أ ُحْرقْ زورقَ عودةٍ

ولم أنشـُرْ شراعاً

ولا هجرتُ مرسىً بها، وموانيا

فلم أ ُبحِرْ بعيداً إلى أفق ٍ قريب ٍ

لأني وإنْ غبتُ عن العراق دُهوراً

وأزمانَ الوجود

ما غاب عني العراقُ ثوانيا.



#عبدالله_الداخل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كريم 10 - القرية : 1-13
- رفقاً بالرعية!
- كريم 10 - القرية (14-28)
- دخيلٌ على جُزُر الوحوش ِالصغار
- في الذين ماتوا من أجل شئ ٍمن العدل، في العصر السابق للتوزيع ...
- أكاذيب من عصر الشمبانزي السادس عشر
- -أمينُ لا تغضبْ- قصيدة محمد مهدي الجواهري بعد انقلاب شباط 19 ...
- في ثقافة الاحتلال العراقية - محاولة في تشخيص بعض صفاتها الأس ...
- كريم - 9 -
- أوباما
- إبتسامة ٌ آثمة
- ألسْتَ القائل...؟
- دفاعاً عن لامية الأدب العربي للجواهري
- الخُطى -2-
- الخُطى - 1 -
- بعضُ أراءٍ في تموز (بمناسبة مرور نصف قرن على تموز1958 في الع ...
- - محاولة ٌٌبدائيّة ٌٌفي البحث عن كُلِّيِّ الحكمة -
- نسيج
- روما 3
- 8 - روما - 2 (من مرثاة - كريم -)


المزيد.....




- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...
- عبر -المنتدى-.. جمال سليمان مشتاق للدراما السورية ويكشف عمّا ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- يتصدر السينما السعودية.. موعد عرض فيلم شباب البومب 2024 وتصر ...
- -مفاعل ديمونا تعرض لإصابة-..-معاريف- تقدم رواية جديدة للهجوم ...
- منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله الداخل - كريم 10 القرية 1-28