أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي العامري - المجموعة الشعرية الثانية ( العالَم يحتفل بافتتاح جروحي )















المزيد.....



المجموعة الشعرية الثانية ( العالَم يحتفل بافتتاح جروحي )


سامي العامري

الحوار المتمدن-العدد: 2684 - 2009 / 6 / 21 - 08:03
المحور: الادب والفن
    



كولونيا - 2009

القصائد كُتبتْ في المانيا بين الأعوام 1986 – 2006
وقد جمعتها هنا بشكل مستقل لكونها موزونة كلَّها .


* ولد في بغداد / نيسان عام 1960 .
* درس في معهد الإدارة والإقتصاد ولم يتمَّ دراستهُ بسبب ظروف الحرب .
* عبر الحدود الى إيران عام 1984
* يقيم في المانيا منذ عام 1986
* له : السكسفون المُجَنَّح . مجموعة شعرية . دار سنابل - القاهرة - 2004
* له عدة مجموعات شعرية يزمع إصدارها في فرصة مناسبة , منها :
و : أستميحك ورداً ! . و : الإصطلاء بالنجوم !
وله كذلك من الكتب التي تنتظر الطبع :
* كتابان أدبيان , الأول يحمل عنوان : حديث مع ربة الشفاء . والثاني : النهر الأول قبل الميلاد !
* كتاب في النقد الأدبي والسياسي والإجتماعي وعدد من قضايا الفكر يحمل عنوان : الأحلام بوصفها هاوية !

* خلال السنوات الماضية نشر الشعر والمقال في مجلات وصحف عراقية وعربية وينشر منذ سنوات في شبكة الإنترنيت .

-----------------------






تمهيد
****
دَعوا جُرحي لجرحي
ناطقاً بقليلِ إيلامِ
وإلاّ فالكوارثُ في الحياةِ
مدائحٌ لو أنها قيستْ بأورامي !
---------------------


دائرة
*********

أُحِسُّ أنَّ الكُرةَ الارضيهْ
زنزانةٌ تدور حَول الشمسْ !




ماذا لو
*******

كيف لو يُصبِحُ هذا الخَطْوُ ذكرى ؟
كُلَّما غابتْ بِلادٌ
جاءتْ الريحُ بأُخرى
وسؤالُ الوقتِ دَوّارٌ
وماذا لو رمى الشاعرُ كُلَّ الاسئلهْ ؟
ورأى أنْ أقْتُلَهْ ؟!



ياقوت
*******

لِرؤاي أجنحةٌ
وللنجمِ اصطفاقْ
وإذا دعوتُ
فإنَّ في كَفيَّ ياقوتاً بِلونِ دمٍ
ومِنْ آياتهِ أنْ لا يُراقْ !




قلادة
******

مُشْعْشِعَةً تسحَبُ الشمسُ
خيطَ قِلادَتِها مِن إسارِ الغيومِ
وتَهْتَزُّ فوق رُبىً صافيهْ
يا ضياءً تُرى
هل تَرى
ما أرى
في التَأَلُّقِ
واللَّحظةِ الساميهْ ؟


قرارُكِ لا قراري
***********

تُشَعْشِعُ كالصباحِ
لماذا والضياءُ أقامَ دهراً
فِدى عينيكَ في مرأى جراحي ؟
أُريدُكَ ظُلْمةً !
قد طالَ شوقي
لنجمٍ كانَ في أمسي الحزينِ مُراقِباً
وشَكِكْتُ لكنْ حين ناداني
نَسكتُ بوحيِهِ
وبوَحي راحِ !
رفضتُ الأمسَ لكني وفيٌّ
الى مَن صاغني للحبِّ للأشعارِ للأوطانِ مرساةً
وإلاّ قد تساوتْ في يدي
كلُّ المدائنِ والضواحي !
سلامٌ لي اذا أفضي بسِرّي
فإنكِ إنْ تجولي في دمي المبهورِ قُرْباً
فإنَّ النجمَ جَوّالٌ كأقربِ ما يكون من الإلهِ
وذلكم عينُ الفَلاحِ !
سلامٌ لي اذا أغضبتُ مِن فمكِ البريقا
قرارُكِ لا قراري هكذا
أنْ يستبدَّ الناي ,
يعلو الصخرَ عافيةً
ويسكنَ فيهِ رِيقا
سلامٌ لي
ففوضى إثْرَ يأسٍ قابلاني هكذا
إني أقارعُ جحفَلَينِ
ولم تكنْ ترسانتي مرصوفةً إلاّ رحيقا
سلامٌ لي
اذا ما مرَّ قوسُكِ فوق بعضٍ من ضلوعي
على قلبي إذنْ أنْ ينثني مُتمايلاً
وكأنَّ كلَّ كيانهِ أمسى شهيقا
سلامٌ لي ,
الى حرفي ...
أُريدكِ ظُلْمةً
وعلى حروفي أنْ تُطيقا !


رباعياتٌ مِن الآخرة !
**************

بلادٌ حُرَّةٌ تبلو حنينا
وتَحكمُ مُهجَتي شَدَّاً ولِينا!
وأشرعةٌ كأجنحةِ الكراكي
عَلَتْ شَدْواً ورَفَّتْ ياسمينا
وأذكُرُ مِن جِهاتِ الروحِ غَرباً
كأنّا في مشارقهِ رَبينا
شتاءاتٍ كأنَّ الصيفَ فيها
اذا ما الحُبُّ خالَطَها سخينا !

*****

إنني أروي لكَ الآنَ قصيدا
كتبَتْهُ النفسُ في الخُلْدِ بريدا
لستُ أهوى في جِنانٍ ثَرَّةٍ
غيرَ مَن أشغلَ في الأرضِ وحيدا
انتَ مَن أشغَلَني قِدْماً ولن
أُطلقَ الحرفَ جُزافاً او أُعيدا
آهِ لو تعشَقنُي حَدَّ الردى
أقليلٌ أنْ أُسمّيكَ شهيدا ؟!

*****

وصلَ الضفافَ لوعدِهم نَهْرُ
فاستجوبتْهُ الريحُ والصَّخْرُ
مُلِئَتْ حقائبُهُ عِتابَ جوىً
وقياثرَ استشرى بها السُّكْرُ !
واليكَ أرسَلَني الثُقاةُ صِوىً
يا مَن ضَلَلْتَ فرُحتَ تغتَرُّ
أهلَكْتَني يوماً فأنقَذَني
رَبٌّ فكانَ الدِّينُ والحَشْرُ !

*****

مِن صلاح الدينِ آتي بكتابي
ومِن الناجينَ في يوم الحِسابِ !
انا لا أدري أأحكي عن هوىً
ام بلادٍ ما حَوَتْ غيرَ الخِطابِ !
ما فلسطينُ وما أندلسٌ
وَهُما نَزْفٌ وبغدادُ كغابِ ؟
بِحمورابي فَخَرْنا , يا لَنا
يُحْيي أهلُ الغابِ ذكرى حمورابي !

*****

مَوتي وموتُكَ واحدٌ فتعالا
نُحْيي بمِيتَتِنا الأُلى والآلا
هُمْ فوقَ أرضكَ مَيِّتون وليتَهمْ
كَثراكَ نبضاً او دُجايَ هِلالا !
يتحاصَصون فحِصَّةٌ في حِصَّةٍ
من حِصَّةٍ عن حِصَّةٍ تتوالى !
- في القلبِ تبقى الدارُ – قالوا , فاغتنوا
فاذا بذاك القلبِ يَغسلُ مالا !


*****

آخرتي – يا انتَ – نَفْحاتُ
وهيَ – وأيمِ الحُبِّ – أبياتُ
انتَ الذي تُهْتُ بهِ أفقاً
لولا غداً تَهديكَ سعفاتُ !
لستُ الذي ينطقُ عن غَيبٍ
فَتَرْجفُ العُزّى او اللاتُ !
لكنَّها شطحةُ مفتونٍ
وصبوةُ الناسِ وما فاتوا !

*****

أشواقُكَ عِبْرَ النجماتِ
مع إطلالةِ ليلٍ آتِ
تُرضيني وتُناغي شجوني
إذْ تَتَدلّى كالنغماتِ
وتهيبُ بأحداقِ حروفي
أنْ تبسُمَ مِلءَ العبراتِ
لكنكَ لم تزلِ الراضي
بِسَواقٍ لا عَذْبِ فراتِ !


*****

كأني بكَ اختَرتَني من حشودِ
فَرُحْتَ تُهَدِّدُني بالخلودِ !
فأنّى ومُؤْنِسَتي وحشتي !
وأُكسى الذُبولَ وما من شهودِ ؟
ألا لا أراكَ الزمانُ هموماً
ولا حدَّثَتْكَ الرؤى عن صدودِ
ألستَ مَنِ اختارَ بُعدي جزاءاً
ولَمْ يَرْعَ في كِبَري ضَعْفَ عُودي ؟!


حديث المواسم
************
جاءَ الجوابُ : تَفَضَّلوا , فانقادوا
مُتدافعينَ يزينُهم حُسّادُ !
دخلوا الدِّيارَ على غِرار جروحِهم
مُتَبَسِّمينَ وللجروحِ رُقادُ
ما ضَرَّ لو وَفّى بوعدٍ واعدٌ
وأتى على قَدْرِ النَّوى الميعادُ ؟
شَهَقَتْ كرومٌ واحتَمَتْ صَفصافةٌ
مِن شوقِهم وتمارضَتْ أورادُ !
لَهَفاً أعادهمُ الشَّذا لعرينِهِ
وتسابقتْ لفِخاخهِ الأكبادُ
يا لَلرياحينِ الغَداةَ وقد سَعَتْ
بضَحيَّةٍ , إقرارُها مُعتادُ
وانا الضحيَّةُ ما أضاءَتْ أنجُمٌ
واستعجَلَتْ أعيادَها الأعيادُ !
ما لي أراكَ موَزَّعاً يا خافقي
بينَ الأُلى ... أتشُوقُكَ الأصفادُ !؟
فيُجيبُ : إني قد فُتِنْتُ بنجمةٍ
حَلَّتْ هنا وسماؤُها بغدادُ !
طَلَعَ الشروقُ من الغروبِ لأجلِها
والصيفُ حَرْثٌ والشتاءُ حصادُ !
والناسُ سَهْواً ما جَنوا إلاّ دمي
أَكْرِمْ بِهم , قد أحسنوا وأجادوا !
بغدادُ , لي رئةٌ صَبَتْ فتثاقَلَتْ
وعلا على غيماتِها مِنطادُ
كلُّ الذين رفَعْتِهِمْ في خِيفةٍ
نزلوا لمُعتَركِ الهوى ليُبادوا !
ويردُّني عن وصفِ مجدِكِ كُلِّهِ
بحرُ امتنانٍ غامرٌ مَيّادُ
ولزحمةِ الحَسَناتِ فيكِ يُعيقُني
فيما يُعيقُ الأهلُ والميلادُ !
أمواسمي ياباحةً من أدمُعٍ
أرتادُها والمُشتَهى يُرتادُ
إني خَبِرتُ حمامةً تجني الحَيا
حَبَّاً وتغفو , والغيومُ وِسادُ
فَتَأمَّلي وتَخَيَّلي وتَمَثَّلي
وهَلُمَّ خَمراً , والغِناءُ يُزادُ !


فصولٌ مُهاجرة
***********

عليٌّ تشظّى واختفى ابنُ سُمَيَّةٍ
وعُذِّبَ داودٌ وأُعدِمَ ساطعُ
أولئكَ أصحابي فَجِئْني بمثلِهم
إذا جمعَتْنا ياعراقُ المَجامعُ !

*****

ترحَّلْتُ عن بغدادَ فارتابَ أهلُها
بأني سألهو ثُمَّ كم غائبٍ لاهي !
لقد كنتُ في بغدادَ والشوقُ هَزَّةٌ
لدجلةَ أمّا اليومَ فالبطشُ واللهِ !

*****

حنانيكَ أنّى للمُتَيَّمِ لَفْتَةٌ
وقد بهَرتْهُ اليومَ خَودٌ بلا عُرْفِ
سعَتْ بدماءِ العاشقين تَقيَّةً
وقد أسرفَتْ حتى لَيفضَحُها نَزْفي !

*****

تخَيَّلتُ أنْ ألقى السلوَّ إذا نأتْ
وأعتُقَ جَفنَيها الضحوكَينِ من جَفني
ولكنَّ أعواماً مضتْ وحضورُها
يفوحُ بروقاً من فؤادي الى الكونِ

*****

وتُهْتُ , أحاكي الشمسَ في دورانِها
وما ثابتٌ ما بيننا ما خلا كأسي
وعطرٌ لأوروبا يَضلُّ سبيلَهُ
فتَهديهِ أنفاسي انتشاءً الى يأسي !

*****

ولي في رياضِ الشامِ تذكارُ مَدْمَعٍ
وصَحْبٍ كما الأطيافِ في غفلةٍ غابوا
فآهٍ على روحي العليلةِ وادياً
أتَحْنيهِ أنسامٌ وتلويهِ أعشابُ !؟

*****

وفي فارسٍ مِن قبلُ كُنّا كمنهلٍ
فإنْ أوسَعوا إثماً غمَرناهُمُ نَسْمَا
هي الواحةُ الغَنّاءُ لولا يبابُهمْ
ولولا جرادُ الحقلِ ما أطيبَ الطَّعما !

*****

هَلُمّوا نُحَيِّي الأرضَ والحبَّ والناسا
ونُغْني الوغى كُرْهاً لتَغْربَ إفلاسا
فَعُمراً قصيراً قد حُبِينا كَرَنَّةٍ
حَرِيٌّ بهِ أنْ يملأَ الأرضَ أجراسا !



لا أُخفي عنكِ
**********
يابنتَ موعديَ القريبِ ,
أقولُ – لو نَفَعَتْ مقالتيَ - ابتداءْ
لا تَقْربي قلبي فيحرُقَكِ الضياءْ
او فاقربي ,
كم أحسدُ العصفورَ حينَ تُعاندُ الكلماتُ
كم سأذوق طعمَ فراقِها عند اللقاءْ !
انا قد يموتُ الشيءُ واللاشيءُ فيَّ
- أقولُ –
إلاّ الطفلَ فهو منازلي إنْ بعثرَتْني يَدُ السنينَ ,
وإنْ تمادتْ قسوةً أو جَرَّحَتْ أقدارُها
فهو الغِنى والكبرياءْ
لا أُخفي عنكِ انا المُجَرِّحُ نفسَهُ أبَداً
وإلاّ فيمَ بايعتُ الحياةَ على يدي فُرَصاً مُضَيَّعةً
وآثَرتُ القصيدةَ مثلَ مجنونٍ يُفَرِّطُ بالدواءْ ؟
لا أُخفي عنكِ ,
مَراكبُ الوهمِ الجميلِ فضيحتي
والحُلمُ أصلُ الداءْ
لكنني غَرِدٌ بآلامي
وبأُفقيَ الدّامي !
مُتَعَلِّلٌ بالمُستحيلِ يجيئني
ويَهبُّ في لَهَفٍ لإطعامي
انا هكذا مُذْ كنتُ كهلاً !
سائرٌ سيراً حثيثاً نحو نجمٍ لا أراهُ
وجنَّةٍ فوقَ الحُطامِ
وكشَعركِ المَضفورِ بالنسماتِ
أرعى أَنْهُرَاً هَفهافةً
غادرتُها حتى نسيتُ نَسيمَها
واليومَ تذكُرني وتَخطُرُ من أمامي
لا أخفي عنكِ
انا مِن الشعراءِ
نبعِ الخيرِ
والناسِ الكِرامِ !


فصولٌ مُهاجرة
***********

عليٌّ تشظّى واختفى ابنُ سُمَيَّةٍ
وعُذِّبَ داودٌ وأُعدِمَ ساطعُ
أولئكَ أصحابي فَجِئْني بمثلِهم
إذا جمعَتْنا ياعراقُ المَجامعُ !

*****

ترحَّلْتُ عن بغدادَ فارتابَ أهلُها
بأني سألهو ثُمَّ كم غائبٍ لاهي !
لقد كنتُ في بغدادَ والشوقُ هَزَّةٌ
لدجلةَ أمّا اليومَ فالبطشُ واللهِ !

*****

حنانيكَ أنّى للمُتَيَّمِ لَفْتَةٌ
وقد بهَرتْهُ اليومَ خَودٌ بلا عُرْفِ
سعَتْ بدماءِ العاشقين تَقيَّةً
وقد أسرفَتْ حتى لَيفضَحُها نَزْفي !

*****

تخَيَّلتُ أنْ ألقى السلوَّ إذا نأتْ
وأعتُقَ جَفنَيها الضحوكَينِ من جَفني
ولكنَّ أعواماً مضتْ وحضورُها
يفوحُ بروقاً من فؤادي الى الكونِ

*****

وتُهْتُ , أحاكي الشمسَ في دورانِها
وما ثابتٌ ما بيننا ما خلا كأسي
وعطرٌ لأوروبا يَضلُّ سبيلَهُ
فتَهديهِ أنفاسي انتشاءاً الى يأسي !

*****

ولي في رياضِ الشامِ تذكارُ مَدْمَعٍ
وصَحْبٍ كما الأطيافِ في غفلةٍ غابوا
فآهٍ على روحي العليلةِ وادياً
أتَحْنيهِ أنسامٌ وتلويهِ أعشابُ !؟

*****

وفي فارسٍ مِن قبلُ كُنّا كمنهلٍ
فإنْ أوسَعوا إثماً غمَرناهُمُ نَسْمَا
هي الواحةُ الغَنّاءُ لولا يبابُهمْ
ولولا جرادُ الحقلِ ما أطيبَ الطَّعما !

*****

هَلُمّوا نُحَيِّي الأرضَ والحبَّ والناسا
ونُغْني الوغى كُرْهاً لتَغْربَ إفلاسا
فَعُمراً قصيراً قد حُبِينا كَرَنَّةٍ
حَرِيٌّ بهِ أنْ يملأَ الأرضَ أجراسا !



نيسان ام نسيان !؟
*-*-*-*-*-*-*-*-*
يا مَولدي
ولقد عرفتَ الآن خَطْبي
لا لستُ مجنوناً لأبكيَ فَقْدَ حُبي !
لكن انا أبداً قتيلُ مشاعري :
فَجري وخيري والوفاءِ فصرتُ حين أذيعُها
أحيا
كمَن يحيا برعبِ !!!
والوردُ يرمشُ فيكِ عنٍ بعدٍ وقربِ !
نيسانُ ام نسيانْ ؟
ام غفوةٌ تاقتْ الى إنسانْ !؟
للصامتين وهم إذا صمتوا
فهذا الصمتُ رِيقُ كمانْ !
انا حضنكَ الوهّاجُ بالعبق المسافر والنبيذْ
وبِذِكْركَ الحاني وبالأشواق والوهم اللذيذْ !
مَن لي بتَهْلُكةٍ كلَيلِكَ أشتهيها
وكما إزاركَ أرتديها ؟
إنْ ينكثِ الأصحابُ في العَلَنِ الوعودَ فَهُمْ كذلك دائماً
وانا لذلك مثلما قد ذبتُ فيكَ
أذوبُ فيها !
كم أشكلتْ تلك القلوبُ على مداراتٍ لعطرِ ؟
وعواصفُ اصطفَّتْ لتنفضَ كالرداء مياهَ بَحري
يامَن اذا بعدتْ فنورسةٌ
وإنْ قربتْ فزورقْ
إياكِ أعشقْ !
إياكِ أدعو حيثُ موتي فيكِ أرفَقْ
ودعوتهم , والنارُ في غربٍ وشرقِ
نارٌ هو الحبُّ الذي في خاطري
نارٌ ,
اذا أدعوهمُ لِلَهيبها
فَلِكَي أُنيرَ فضاءَهم
أمّا انا
فَيَلذُّ ليْ في النار حَرقي !

أدواء تصقلها الأنباء !
****************

لو كان استوزَرَني فرعونُ
او لو أعطاني شيئاً من ثروتهِ قارونُ
لأقمتُ لدائي الحفلةَ تلو الحفلةِ يُمْناً !
ورسمتُ حدودَ بلادي حدوداً من موسيقى !
وجعلتُ مَسيرَ الناسِ جميعاً
تحليقا !
لا شيءَ أمامي
فالكلُّ سكونُ
أرأيتَ عذاباً مطلوباً ؟
مَرَضاً آخرَ ؟
ذاك هو المَشفى
وتفاهاتٌ أخرى لا تَخفى
حتى تجدَ النفْسَ تهونُ
والأخبارَ البلهاءَ
كأتعسَ ما كان عليهِ ظلامٌ ويكونُ !
هل أمضي عمري باللَّومِ ؟
لا أذكرُ أني كتبتُ بهذا الحَنَقِ
كهذا اليومِ
يا أهلي – ولا أهلَ لمِثلي –
هُبّوا من نومي !


قَومي بأيزيديةٍ هاموا
****************
قَومي بأيزيديَّةٍ هاموا
حتى وإنْ لم يَقضِ إسلامُ !
لم يَقضِ لكنْ للهوى سُنَنٌ
فوقَ الذي قد سَنَّ لُوَّامُ
لا تخشي عِشْقَ النورِ في كَنَفي
فَكِلاكُما للقلبِ إلهامُ
ودَعي لِبَعضِهِمِ العتابَ فَهُمْ
أهلٌ ودامَ الشُّكرُ ما داموا !
فَلَقَد يُزالُ الآنَ من حَزَني
ما لم تُزِلْ – من قبلُ – أعوامُ
والحُزنُ صُنْوُ طفولتي ولَهُ
في النفْسِ أختامٌ وأختامُ
وتَطَلَّعَتْ لِمَسيرِكُمْ حَدَقي
وتَطَلَّعَتْ في القلبِ أنسامُ
وَجْدٌ انا لا ينثَني وَهَناً
والوجدُ ليس الجُرحَ يَلتامُ
او إنهُ جرحٌ ولا عَجَبٌ
أنْ للجروحِ كذاكَ أحكامُ
تُملي وفجرُ رُقيِّكم حِقَبٌ
فخرتْ بها كعراقِنا الشامُ
الكارهونَ هديلَ فاخِتةٍ
نَقَلَتْهُ سِنجارٌ وآرامُ
هُمْ آخرُ التُّعساءِ لا مُهَجٌ
تُرجى وكُلُّ زمانِهِم خامُ
ويُغيظُهم أنّا سواسيةٌ
وعلى الجميعِ الحُبُّ قَوّامُ !
يا انتِ يا سمراءُ لستُ انا
مَن يَغتَني والقومُ نُيّامُ
كلا ولا دِيني ولا شِيَمي
أنْ أبخسَ النُّظَراءَ ما راموا
راموا المحبةَ والسلامَ عُرَىً
ولَهُمْ بها ماضٍ وأقلامُ
إنّا وإنْ كُنّا أُلِي فِرَقٍ
رَحِمٌ لنا , والناسُ أرحامُ
لا بَونَ , إنْ بُنّا فيجْمَعُنا
حامٌ اذا ما شئتِ او سامُ !

--------------------

(*) بعض أبيات هذه القصيدة تستلهم أحداثاً مؤسفة بحق الأيزيديين جَرَتْ في العراق .


مرثية لمَصّاص دم !
**************

علَّمَتْني الغربةُ الطُولى
بأنْ لا أؤذيَ النملَ ولا حتى الذبابَ
لكنْ رُبَّما أؤذيكْ
ربّما أؤذيكَ بالأحرفِ
تجري في فمي حُسْناً
وشوهاءَ بفيكْ
*****
ماتَ في موتكَ أقزامُ الطغاةْ
ماتَ في موتك كُرْهي للحياةْ !
*****
أعرفُ الآن مواعيدَ الشموس الغجريّهْ
أعرفُ الآن سماءاً غادَرَتْنا منذُ الفٍ خَجَلاً
فأعادتْها الينا كَرَماً روحُ الضحايا
هكذا نُبْلُ الضحيّهّْ
*****
في مَهاوي الدرَكِ الأسفلِ من نار العُلى
صارَ في استقبالكَ اليومَ صفوفٌ من شياطينَ
على قَرعِ الدفوف الحُمرِ
إذْ أركَزْتَ رأسَكْ
أنتَ ما مُتَّ ولكنْ
رُبّما أنقَذْتَ نفْسَكْ !
*****
أنتُمُ يا أيُّها الأطولُ بالغدرِ وبالتنكيلِ باعا
لا تُبالوا ,
فَلِكَي يكتملَ الحفلُ لديكم ولدينا
سيوافيكم بنو الأرضِ بأرواح الطغاةِ المُتَبَقّينَ تِباعا !
*****
كم تركتم من جِنانٍ وعيونْ ؟
لو عقلتم لَنَعِمتم بِجَناها
بئستِ الدارُ إذا كانتْ مع التُخمةِ داراً
إنما لا تشعرونْ
*****
هل حسبتم أنني بتُّ سعيدا ؟
أبداً
لكنما الخالقُ يَروي عدلَهُ حيناً سيوفاً
وأنا في الجانب الآخرِ أرويهِ نشيدا !
*****
كولونيا
ليلة

2007-1-1




اليكَ بغداد
********

القصيدة التالية هي رَدّي على قصيدةٍ لعبد الرزاق عبد الواحد بعنوان : مَن لي ببغداد ...

مَن لي ببغدادَ أدعوها بتثمينِ
لتكشفَ الزيفَ في عهدِ الملاعينِ
مَن لي ببغدادَ ترثي الكاذبين غداً
حتى اذا اعترفوا فالويلُ للسينِ !
سبعٌ وسبعونَ قد أمضيتَها نَزَقاً ,
قَفْزاً على الحبلِ من ديِنٍ الى دينِ
هل للصلافةِ تأريخٌ ومُنتَسَبٌ
حتى تُفَقِّسَ دوماً عن جراذينِ !؟
وهل نسيتَ سلاحاً كافؤكَ بهِ
على قصيدٍ ؟ ألا مَرحى بحِطِّينِ !
سبعٌ وسبعونَ لم تُفْجَعْ بفاجعةٍ
لكنْ قصورٌ ولعبٌ بالملايينِ
ثَريَّ باريسَ ما ضاقتْ بكم أُمَمٌ
لو أنصَفَتْ عاملَتْكمْ مثلَ جُرسونِ
أبا فراتٍ يُحاكيكم هنا تَرِفٌ
في قافياتٍ ووزنٍ او تلاحينِ !
يجيءُ بالأحرفِ الرقطاءِ , يخدَعُنا
وليسَ يخدَعُ غيرَ النَّفْسِ والدُّونِ
وهل ديالى وهل تَلَّعفرٌ وثَقا
يوماً بذي سَعةٍ رَخْوٍ كمعجونِ !؟
ام الرماديُّ لا زالتْ مُرَمَّدةً
كَمثل لَحْظِكَ يرنو للشعانينِ !؟
خَنِستَ دهراً وجئتَ الآنَ مُدَّعياً
فعلَ اليرابيعِ او فعلَ الحلازينِ
فالأعظميةُ أسمى موئلاً ويَداً
من أنْ تُكَرِّمَ إبناً للصهايينِ
ولا الذي الطَّفُّ طافتْ في مناقبهِ
يصيخ سمعاً لمملوكٍ ومَرهونِ
ام كنتَ تحسبُ أنَّ العُقْمَ حاصَرَنا
فَنُعلي شِعركَ إعلاءَ الطواسينِ !؟
إنْ عدتَ يوماً فلا تنسَ انقضاضَ يدٍ
تأتيكَ غَضبى فتحشو فاكَ بالطينِ !
او إنْ تسلَّلتَ ليلاً نحوَها خَجِلاً
فقد تلوذُ بوكرٍ في الميادينِ
هناك رُبَّتَما تُؤيكَ زاويةٌ
غبراءُ عطفاً على أعمىً ومسكينِ
لا تلتقيكم سوى بالإزدراءِ مَدىً
لا – مثلما خلْتَ – تلقاكم بنسرينِ
وإنْ رغبتُمْ – وما في رغبةٍ ضَرَرٌ –
فقد تَمُدُّكمُ منها بِغِسْلِينِ !
أحرى بمثْلِكَ أنْ يَرتدَّ مُنْزَوياً
عن التبجُّحِ لا للشَّتْمِ يدعوني
فالناسُ أكثرُ حَزماً بعد تجربةٍ
مِن أن تُعاملَ بعثَ السُّوءِ باللِّينِ !
كانتْ عقائدُكم فوقَ الجميعِ تُرى
واليومَ لَمّا تَعُدْ تُفْدى بفِلْسَينِ !


قطفتْ نَداك يدي
************

أرويكِ للشمسِ الوئيدة إذْ تمدُّ شعاعَها كخيامْ
والذكرياتِ كسُفْرةٍ
ودمي الطعامْ !
وحكايتي وطنٌ وقد حاذرْتُهُ
إذْ كيف مَن يصبو لهُ لا يصبو إلاَّ للكآبةِ والفصامْ !؟
تلك الضريبةُ لو عرفتِ دفعْتُها
وربابةً بيدِ النخيل سمِعْتُها
فالى مَ أبقى مُذْنِباً وعَلامْ ؟
أروي دعيني
كنتِ يوماً وردةً
قطفتْ نداكِ يدي فقلتِ
تَرَكتَني أطيافَ قُبْلَهْ
كيفَ انتَحَلْتَ هوى الطفولةِ
بينما شفتاكَ مُطْبَقتانِ من أَبَدٍ على آبادِ عُزْلهْ ؟
لا لستُ معتزلاً ولكني أسيرُ
فتقاربي , سأُريكِ بعضَ تَذمُّري
وأُريكِ بعضَ تَطيُّري
ويُريكِ صحرائي خريرُ !
ما أنتِ إلاَّ صبوةٌ صاحبتُها
ممشىً ونافذةً وحقلا
ما أنتِ إلاَّ دمعةٌ
وتمارسُ التحديقَ في عينيَّ عن بعدٍ
فهل ستظلُّ خجلى ؟
خجلى ولكني أُخالُ بأنها
ستطير من رمشٍ الى رمشٍ
وتملأُ راحةَ الضفَتين قتلى !
قتلى كأنَّهمُ أغاني الريفْ
قتلى بدون تأَلُّمٍٍ ونزيفْ !


مِن ثَدْيَيَّ أُرْضِعُ الوحوش
*******************

صَفصافةٌ تُثْمِرُ إجّاصاً ... قصيداتي
زيتونةٌ تسيرُ في الأعراسِ
والهلاهلُ الثمارْ
طَلْعٌ يُظَلِّلُ الذاهبَ والآتي
ويَختِنُ الصِّغارْ !

*****

لكي تُجيزَ فِكرةً كالمَعْبَرِ الدقيقْ
بينَ الحقيقةِ الكُبرى وبين العَدَمْ
لكي تكونَ الساحلَ المُبْحِرَ والبحرَ العميقْ
لا بُدَّ أنْ تُصادِقَ الألمْ !

*****

تنتصرُ الروحُ ؟ نعم
لكنَّها دون دفاعٍ هكذا دون غطاءْ
إنَّ انتصارَ الروحِ دائماً
لِباسُهُ العراءْ

*****

إذا انتَميتُ فانتمائي لضبابِ الغابةِ الشبيهِ بالهديرْ
لِرَجْعِهِ المُستَديرْ !
يُذْكِرُني بالشُّطوطْ
وبالمرايا والخطوطْ
أمّا وقد سعى الليلُ خُطىً أشُمُّها
وفي حَنايايَ أضُمُّها
فلتَذْكُرِ الغابهْ
انا الذي عمَّقَ فيها تلكُمُ الغرابهْ
غرابةَ الأجنبيْ
يَشُذُّ عن أقرانهِ مُستَأذِناً
ومُستَعيراً في التعابير التي يختارُها
فضلَ نبيْ !

*****

بعينيَ الكُبرى أرى وحدتي
ملحمةً مكتملهْ
فتارةً أرتعي مثل الفِيَلهْ
وتارةً أقدحُ كالنجماتْ
أمرُقُ من شرايينِ الزمانِ
أسبُقُ الصرخاتْ
أخلُقُ أعداءاً وأتباعاً
أُجَيِّشُ الجيوشْ
أزرعُ الغاماً وأنغاماً
ومِن ثَديَيَّ أُرْضِعُ الوحوشْ
وتارةً المَحُ كلَّ مبذولٍ لديَّ ثابتاً مُعَبِّراً فريدا
وحينما أفتحُ عينيَ الصُغرى - وقَلَّما أفتَحُها -
ألمَحُني وحيدا !

*****

هذا الذي كان وكان أيُّها الطبيبْ
أمّا لماذا جئتُ ها هنا فانني أجيبْ
سُرتُ على الدرب دروبا
وحين ظَلَّ يمضي بي
أدركتُ أنَّ اللّعْنَ طُوبى
وعالمَ التشَرُّدِ النقيِّ كالإيمانْ
وفَجأةً وجدْتُني أذكرُ أهل الغد بالأسماءْ
لكنني حين التَفَتُّ للوراءْ
إذا بقامتي قد أصبحتْ مُحدودِبهْ
وكلِّ ما حولي مُغطّىً بالصدى والدخانْ
وكانت السماءْ
سُجّادةً مُثَقَّبهْ
خطوطُها تَضُجُّ بالوقاحهْ
مثلي انا الآنَ أجيءُ ناشداً منكمُ لا استشارةً
وإنما استراحهْ
تُغْني ولا تُغني !

*****

دافعُ تحنيطِ اليقينِ فاجرٌ
يطري لَذاذاتٍ
مَراسيها الضَّغينهْ
شوارعُ التَفَّتْ على الأعناقِ هكذا
كحَبْلِ سُرَّةِ المدينهْ !

*****

تَرغبُ أنْ تلحقَ بالأبعادِ
انتَ الجَسَدُ - القِشّةُ في دوّامةِ العيشِ
لكنْ للَحظاتٍ
ترى العالمَ أسماكاً هزيلاتٍ
وأمّا انتَ فالأوحَدُ فيها سَمَكُ القِرْشِ !

*****

معضِلةٌ مسدولةٌ يفيضُ عنها البَدَنُ
وثعلبٌ ما عاد ماكِراً وإنما مُدَجَّنُ
والريحُ لونٌ مُحزنُ

*****

كلُّ الطيورِ هاجَرَتْ
وقد رأيتُها تَزعَقُ كالجيوشِ
هل يا تُرى حَطَّتْ ام انحَطَّتْ على رموشي ؟

*****

تبحثُ عن مَدارِها الشفاهُ
أدري
وموسيقىً من الجروحِ يستقبِلُنا اللهُ

*****

أزقَّةٌ ضيَّقةٌ لكنّها مليئةٌ رأفهْ
أمشي على أطرافِها
أمشي لأني مؤمنٌ بالسِّحْرِ نوعاً ما او الصُّدْفهْ
مُصَمِّمٌ : لا بُدَّ أنْ يحصلَ شيءٌ ليس في البالِ
كأنْ تنزُلَ نحوي عِبْرَ ساقٍ مثلما اللَّبلابِ شُرْفهْ !

*****

ليس لأحلامي نظيرْ
الى بيوتِ النحلِ في الليلِ أرى
أسألُ : هل لي يا تُرى فيها سريرْ
وشمعةٌ من ضوئِها أُعرَفُ ؟
او طَبَقٌ من عَسَلٍ
بهِ يدي تَهتُفُ !؟

*****

كُرهُكَ للأعمالِ
والحسِّ المُمِضِّ في تَكَلُّفاتِها أنكَ لا تَعملُ بل تغيبْ
ولَذَّةُ الديونِ
ما ألَذَّها وهيَ تجيءُ من غريبْ !

*****

تستَقبلُ الحُمّى
تودِّعُ الأرصِفهْ
ترجو لها الراحةَ والأمانْ
تدخلُ مشفىً نفسهُ سكرانْ
لا شيءَ يعنى بكَ إلاّ الصمتُ , صمتُ المكانْ
وعالَمُ الرتابةِ المُتْلِفهْ

*****

لقد تمرأيتُ هنا في ظِليَ المديدْ
رأيتُني أُقَرِّبُ البعيدْ
أجمعُ أشتاتي
ما كان حَولي أحَدٌ
وقبلَ أنْ ينفتِحَ العالمُ لي ثانيةً
طويتُ مِرآتي

*****

هل كلُّ هذا راجعٌ للداءْ ؟
حَرٌّ وبَرْدٌ ثُمَّ شمسٌ ومطرْ
غيمٌ وصحوٌ ورعودٌ ووَفَرْ
يَحْدُثُ هذا كُلُّهُ في ساعةٍ واحدهْ
في طقسِ المانيا فيا لَلمائدهْ !
يا أيُّها الطقسُ
على عِلْمي انا ما لكَ مِن أعداءْ
فكيفَ فقْتَ حيلةَ الحَرْباءْ !؟

*****

ها قد دنا الليلُ المُغطّى بالهلالْ
وسُدَّ لونُ الأرضِ بالأقفالْ !

*****

دمعٌ غزيرٌ
وخدودٌ لونُها لونُ البوادي
عُذْرُ بلادي !

*****

( شيءٌ يُذيبُ الصخرْ )
أمرٌ سمعناهُ
ولكنْ أنْ يَذوبَ الماءْ !
قد تمَّ هذا فوق سطحِ البحرْ
وعندما التقى جبينُ الماءِ
بانتقالةِ الضياءِ عند المغيبْ
ام انني انا الذي كنتُ أغيبْ ؟


أغنية الأضداد
**************
عذابي أنني لم أهتدِ يوماً
الى سِرّي
لذلك أهتدي دوماً الى الشعرِ !
ورَبّي , آهِ , ما رَبّي ؟
سؤالٌ عن جوابٍ لا جوابٌ عن سؤالٍ
لايزالُ
وهكذا أمري
فَرَيتُ العمرَ في التسآل
والريبِ الذي يفري !
ويأسٌ قد تعرّى مثلما الأفعى
فعلّقْتُ الثيابَ
بمشجبٍ في الروح
أرْجعُها اليه متى تفَقَّدَها
وكنتُ أقولُ :
أنا ماضٍ ,
على كتفي يحطُّ رجاءْ
أوزُّعُهُ غيوماً لا نجوماً
أو أُلوِّنُهُ على كفّي أوانيَ ماءْ
ولمّا تمَّ لي هذا
وقد بَدَتْ الرُبى بمياهِها إلاّ خريرْ !
وعند شفا حوافيها
تشاجرتِ المناقيرْ
وقد حُفَّتْ بأمهارٍ
رَضيتُ خريرَها دوّامةَ الخطوِ
وكنتُ جزائراً أطوي
مُفَكِّرتي تُشير الى الصِّبا
قد شابَ بين الأهلِ والآباءْ !
وأكداسٍ من الأصحابِ والرُفَقاءْ !
وأرضٌ سارَ مركبُها على موجٍ من الغاباتْ
ومجنونٌ يبادلُ عاشقاً
عَقلاً مُقابلَ قُبّراتْ !
مجانينُ احتفوا بالعُرْس
لكنْ مَهْرُهم نكباتْ !
وكنتُ أقولُ :
ليس يضيرُني زعلُ الصديقْ
فلي كأسي
وذاكرتي المُدمّاةُ الجناحِ
ولي أحابيلي
ولي وجهي الصفيقْ !
ولي بَلُّ الصدى العَطِرِ
وكلُّ مَجَّرةٍ هبطتْ الى القيعانِِ ,
أسفلَ قَطْرةِ المطرِ !
وقَََنصٌ من خطايا
مَدَّها في سِكَّتي
مُسْتَوحَشُ العصرِ
وعند نهايةِ التطواف
عُدتُ مُسائِلاً عمري
عن المغزى
عن المعنى
وعن أبياتِ ابي ماضٍ
ومِن قَبْلُ اشتعالاتِ المَعَرّي
فَرَدَّ العمرُ :
لا أدري !



الألوية
******

قمرٌ كعُرفِ الديكِ يرفلُ في الليالي
كسِراجِ ساحرةٍ تدلّيهِ الغيومُ
وتَحتَهُ طفلٌ تناومَ في حكايات السعالي !
حتى إذا ألفيتُني أمشي وحيداً
والجميعُ مضوا لنومٍ هانيءٍ
فهناكَ الفُ حكايةٍ تُروى
وراويها خيالي
مَنْ علَّمَ الأشعارَ طبْعَ الحانةِ المِدرارَ ؟
قد أصبحتُ أرشيفَ الدموعِ
وسِرَّ أسرارِ المدينةِ ,
والمدينةُ لا تُبالي
دَعْها فِدى أوهامِها
أو هَبْ أنِ اهتَزَّتْ حنيناً مثلَ فاكهةٍ
فهل يقوى الهواءُ على المَسيرِ بِبُرتُقالِ !؟
او هل تَرى يَدُكَ المُقَدَّسةُ الذي فعَلتْ بباخرتي ؟
فقد رفَعَتْ رئاتي العشرَ ألويةً الى شَطِّ الفراتِ
فيا فراتُ إذنْ غَزَوتُكَ
وانتصَرْتُ بلا قِتالِ
وهنا كذلك قد غزوتُ
وطالما كانَ الشراعُ الهُدْبَ
بالأمسِ القريبِ
وكانت الأمواجُ عَينَيها
وأطيارُ السواحلِ رَفَّ نظراتٍ
تَحُطُّ على الفؤادِ
فينزوي مُتَحَرِّجاً بحرُ الشمالِ !
ولطالما طالَ الحنينُ بمُهجتي لعذابِها
فإذا العذابُ يبيتُ عنها بانشغالِ
بِمَنْ انشغَلتَ تُرى ؟
بأيَّةِ مُهجةٍ ؟
اوَ لَمْ تكنْ تكفي قلاعي الشامِخاتُ ممالكاً لكَ
والجِنائنُ مسرحاً ؟
فلقد عهدْتُكَ يا عذابُ مُنادِماً
تحسو مع الأنغامِ كاساتي النميرة َحَنظلاً حَدَّ الزلالِ !
العمرُ يرسلُ لي رسائلَ عن خريف العمر
أنكُرُها , أروحُ مُوقِّعاً بأصابع الأورادِ
إمعاناً بتحريف الرسائلِ
ناقِلاً ما خُطَّ من حالٍ لحال ِ
وتَطَلَّعتْ نفسي البعيدةُ للمَجيءِ
وكادَ ينضبُ بَحْرُها
حتى إذا مَرَّتْ بعُشّاقٍ
أعانوها على وَمْضِ اللآلي !
انا في المحبَّةِ لستُ بالآثارِ يوهِمْنَ الطريق بسائرٍ
قد مَرَّ يوماً من هنا
لكنني أبداً أمرُّ ولهفتي لِصقُ الحياةِ
وإنْ تَعَثَّرتِ الخُطى فيما مضى
فلسوف أنسبُ كلَّ ذلكَ للغَشاوةِ والضَلالِ !
مالي أسرِّح ظِليَ القاني
ومِن فوقي الشموسُ ؟
فهل أريدُ به الدليلَ على انصهار الآيتَين ؟
أرى ظِلالاً من شموسٍ
او شموساً من ظِلالِ
هي نصفُ عمرٍ في العراقِ
ونصفهُ الثاني يُنادمُهُ المُحاقُ
وإنْ أقُلْ : ما عشتُهُ إلاّ بأحضانِ القصيدِ فلا أُغالي
وطني الذي يبقى نشيداً من طيوفٍ هائماً مُتماوجاً
تتبادلُ الأدوارَ فيه الذكرياتُ أليمُها وحميمُها
راضٍ انا إنْ كنتَ قد أحزنتَني لكنَّما
نجمٌ تباعدَ فوقَ ما هو فيهِ من بُعْدٍ رِضايَ اذا حزنْتَ
ومِثْلَهُ يمضي الى إخفاقهِ قُدُماً مآلي
ولقد سَبرْتُ جوانحي فرأيتُها
لا تستريحُ لِما يُريحُ
وإنما للطَرْقِ في صَعْبِ المَنالِ
ومَدائحي فرأيتُها مأخوذةً بالنخلِ
يطوي الأفقَ في أبد البهاءِ
وتُربةٍ تاهتْ غِلالاً في غِلالِ
فلأيِّ مَسعىً حَلَّ ذِكْرُكَ صاحبي ؟
هل لالتقاطي من ضياعٍ باذخٍ
ام مِن جَوىً في النفْسِ يبحثُ دون جدوى عن مِثالِ ؟
اللاّطِمونَ عليكَ هُمْ مَن يلطمونكَ كُلَّ حينٍ بالرَّزايا
مَنْ انا حتى أُبيِّنَ ما تَرى ؟
تَفَهاً أقولُ برُغْمِ أني مَنْ يُهابُ
حَبَتْنيَ الدنيا لسانَ الأوَّلينَ
ومنهُ تَوريةَ الإجابةِ في سؤالِ
لاميّتي
لاميّةٌ أُخرى هنا ما آنَستْ
( في الأرض منأىً )
عَلَّها ...
ورأيتُ رؤيا كالمواسم في شَذاها
كالدُوار
فما لروعتها ومالي !؟
هي فِتنةٌ , أدري
ومازالَ الرنينُ مُحَلِّقاً
والريح تمضي بيْ على جنح الشَرارِ ,
تبَِعتُ شَوطي للذُرى
مأوايَ لا مأوىً لهُ
حتى ولا أرضٌ سوى الحربِ السِّجالِ
وهي العَوانُ قطْعْتُها حُلُماً تفايضَ عابراً مُدُناً وأسواراً
وقد كنتُ الكريمَ جمعْتُ في المنفى
جميعَ التائهينَ
وكلَّ غيماتِ السماءِ
وكلَّ غاباتِ البُكاءِ
وكلَّ لحنٍ دافقٍ
وعقَدْتُ مؤتمرَ الجَمالِ
ما سِرُّ رَونقِها ؟
تقابلَ ماؤهُ ونجيعُهُ
فتَواءما قمَرَينِ في أبهى الخِصالِ
ماءٌ الى شَفةِ الصدى المُرتَدِّ من عُمق الصحارى ذابلاً
ودمٌ الى نُسْغِ الحياةِ
يُشِنُّ نوراً باهراً
يطأُ المسافةَ
كوكباً فوقَ الرمالِ
او إنْ سألتَ فَرُبَّما
هو عاشقانِ تَفَرَّقا بيَ لحظةَ التقيا
فَصُرْتُ الشاهدَ الرائي على ظُلْمِ الوِصالِ !
ليُقالَ أحلاها البُعادُ !
وليتهُ كانَ البُعادَ
فإنهُ قَلَقٌ تفَرَّعَ عن جنونٍ
واندهاشٍ وارتعاشٍ واعتلالِ
ما دارَ في خَلَدي بأنْ أبقى المُشرَّدَ
في عراقِكَ ياعراقُ وفي بلادِ الله طُرَّاً
كي أنادي: يا فناءُ أَعِنْ دمي ,
فأنا فنيتُ لغايةٍ أخرى
جعلتُ الشِعرَ خاتمةَ الأضاحي
واستوى ألَمي على عرشِ الثناءِ
بحيثُ تبسمُ لي أساريرُ المُحالِ !



إلهُ العُتْمة
*********

النجمُ يرى أنْ أسكرَ حَدَّ الذُروةِ
كي أنجوَ مِن نجواكْ
أعلِنُ باسم إله العُتْمهْ
ما من نجمهْ
إلاّ كأسُ نبيذٍ أحمرَ
تترَجْرَجُ في كفِّ مَلاكْ
فودعاً لي ولكم ولها
ذبتم عجباً
وهي دلالاً
وانا وَلَها !



شهيُّ الجنى
************
قمرٌ زارني بينما كنتُ أرتُقُ مِئْزَرَ ليلي
بِحيرَةِ هذا اليراعْ
ليَبْدأَ فصلٌ جديدٌ يلذُّ على جَبْهتَيهِ الصراعْ
ويهوي البَرَدْ
كالشَراراتِ عند اكتشافِ الجَسَدْ
حينَها لم أُوافِ سِوى الحُبِّ
ساءلتُهُ ياحبيباً وأكثرَ
هَلاّ أعرتَ حنيني سماعْ
فجاءتْ إجابتُهُ : قد وقد
فكان السَّحَرْ
شهيَّ الجَنى كرهاني
لا كرهان البَشَرْ !


لا شعوري
**********

لا شعوريَ أصدقُ حيوانْ
لذا فهو إنْ باحَ ليس يُدانْ
إنهُ الأرضُ مشدودةً رَغَباتٍ كما هيَ صُمّاً
وسخريةً وجنونَ مَعانْ
وخساراتيَ المُستَمرّاتْ
تُهَوِّنُ عندي الذي فاتْ
أتخَطّاهُ مِهما يلُجُّ
وكم قد تَشَفَّيتُ بالذكرياتْ !


سُرَّةُ الصحراء
***********

ثَلْجاً تَصَبَّبَ ذلكَ الليلُ الخريفيُّ البعيدْ
ترنو اليهِ اناملي
نجوى دعاءٍ ساهمٍ
وجبالُ كردستانَ ساهرةٌ
تُرَدِّدُ شِعْرَ جُنديٍّ طَريدْ
غابَ القمرْ
فحَمَلْتُ أشيائي لاخطوَ في شِعابٍ
ما أضاءَ شِعابَها غيرُ الخَطَرْ
حتى عَبَرْ
لكنْ الى اينَ العبورْ ؟
بالأمس كان السجنُ قَيئاً
جَنْبَ حجرةِ آمِرِ الماخورْ !
قُلْ للجنوبِ
أكانت الصحراءُ في حَفْلٍ ؟
فَإنَّ ذِئابَها رَفَلَتْ
إذْ اجتَزْتُ الرمالَ الطوطميَّةَ
في مَسارٍ كالمَجامِرْ
يا نهرَ مِلْحٍ فوقَ نَبعكَ والمَصَبِّ
قد انحنى ظمَأي قَناطِرْ
وحمِلتُ لونَ الماءْ
غَيبوبةً , إغْماءْ
وتَعَثُّراً في التيهْ
حتى إذا ما لاح دجلةُ عُمْتُ فيهْ
حَذَرَ ( الكِلابِ )
فطافَ مُبْتَعِداً قصيدٌ أقْتَنيهْ
مِسخٌ حُكوميٌّ يومَنّي النفسَ بيْ فَيخيبْ
والمَغربيُّ بذلكَ الزمنِ العجيبْ
أبدى ............. مَناراتٍ فأخفى نَعْشيَ المَذهولَ
والمُلْقى على أقصى الرصيفِ ,
وصَلْتَ بغداداً , يوَدِّعُني
فأحزِمُ يأسيَ الحاني
ومَرْكَبَةٌ تغيبْ !


كان غِناء
*********

نايي يسيحُ وراءَ الجبالِ
قَنالاً الى الغدِ
عَوَّلتُ دوماً عليهِ
ورفيفاً نجا
من خرابٍ سجا
فَأَومأَ قلبي اليهِ
ومنقارُ طيرٍ أطلَّ كَلهبةِ شمعهْ
وتلفَّتُّ : كان غِناءٌ وقرعُ طبولٍ
تساءَلتُ ماذا ؟ فقالوا خميسٌ (*) تَزَوَّجَ
آهِ ضَحِكْتُ
خميسٌ تَزَوَّجَ في يومِ جُمعهْ !
هكذا طائرٌ أجذلتْ رحلةٌ دمعتيهِ

--------------
(*) خميس : اسم راعٍ كردي .




المُسجّى
**********

في الازِقَّةِ مُستَلَباً ظَلَّ , طَيَّ السآمةِ , مُزْدَهِرَ العثراتْ
وشاهدةٌ دونَهُ لإمامٍ
تقولُ : الُمسجّى هنا طاهِرَ الذيلِ عاشَ وماتْ
فَصَحَّحها , خَطَّ :
عاثَ وماتْ !
وإيرانُ كانت كذَقْنِ الخمينيِّ
مدهونةً بالفتاوى
حُسينيَّةً وحدَها !
ولياليكَ تعدو بها إسوةً بالنهاراتْ
مَذبحةُ التابواتْ !



عسف الصحراء
**************

أحتاطُ
وروحي لحنُ الأَلمِ الجامح والإحباطِ
تطُلُّ بِبُرْءِ ضحيَّهْ
آخِذَةً مِن عَسْفِ الصحراءِ هُويَّهْ
وشباباً عَرَكَتْهُ كؤوسٌ زَحلاويَّهْ
ها هيَ تَتَهَذَّبُ : تُصبِح جيرمانيَّهْ !



بؤس
*******

لا إلى اللُّقيا سبيلٌ
لا ولا للهَجْرِ داعْ
قَصَبُ السَّبْقِ لبُؤْسي
وبَراءةُ اختِراعْ !



بحار انتظار
**********

بحارُ انتظارٍ أجولُ - كما شاؤوا - فيها
وفي القاع أحصي دموعَ السمَكْ !
كيف لي ؟
كيف لكْ !
وأُرضي غرورَ الدقائقْ
وثائقْ !
وثائقْ !
تَحَسَّستُها بيدٍ راجفهْ
والآنَ أُلقي بها في الطريقِ
لينهشَها مِخلَبُ العاصفهْ !
باير - المانيا

1988




قمر
*******

قَمَرٌ أخضرُ راحَ يطلُّ
على الابوابِ لأوَّلِ مَرَّهْ
يا حقلاً ضَلَّ الدربَ
سَيُحْلَقُ ضؤكَ في شَفْرَهْ !
قَمَرٌ يُطْرَدْ
وسَديمُ الليلِ دليلٌ أوحَدْ
أدخُلُ كالأسرارِ لُبابَهْ
ووراءَ النهرِ بأقصى الافقِ
شبابيكُ أضاءَتْ كالحشراتِ بِغابَهْ !



عندما انجابت اليابسة
*****************

أيامٌ عاجِلةٌ
في ليل هانوفرَ
ذاكَ المُجْهِدْ
أيامٌ عاجلةٌ بينَ البرقِ وبين الرعدِ
سفائنُ من أصدافٍ
متماديةٍ في اللَّمعانِ
نَجَتْ من لُجَجِ الفيضانِ
لِتَغرَقَ في مَوعِدْ




مِن بَعْد لأْي
***********

الحبُّ يدعوني
إلى أينَ المَفَرْ
لا فرْدَ يُصغي أو يُجيبُ
ولا حَجَرْ
ها إنني مِن بَعْدِ لأْيٍ
أنتَضي قيثارتي
وأشُدُّ أحزِمَةَ الشَجَرْ
يا أيُّها العُصفورُ كُنْ بِمَعِيَّتي
أرضى بأنْ تجتازَني
فَلَكَ الجِنانُ جميعُها
وليَ ألأَثَرْ
فَيُجيبُ عن ( نَحْوَ الفِخاخِ ) بألفِ لا
هذي نِهايةُ مَن تًعَصَّبَ للغَجَرْ !




البُشارة
*******

مِتُّ اعتباراً من جنوحيَ نَجمةً مَعْصوبةَ العِينَينِ
حيثُ أُذيعُ سِرَّ الموتِ
يَبقى الموتُ مَشْروخَ الحياءِ
كَأَيِّ مَأْمورٍ عَنيدْ
يأْتي على لُبِّ الوجودِ
وفي الخِتامِ بلا رَصيدْ !
وخَبِرْتُ من بَعْدِ التباعُدِ والتَقارُبْ
بَعْدِ احتداماتِ التجاربْ
أَنْ كُلُّ حِرْصِكَ كالطنينِ وأَنَّهُ
لا يُجْدي حَبْلُكَ يا مُحارِبْ
إلاّ على الغارِبْ !




أَوَّلاً بِأَوَّل
**********

إِذَنْ حالَ الصباحْ
أَيا ذاتَ الأَكيراحْ !
وجوريٌّ تَوَعَّكَ صَدْرُهُ
فَشَكا الى القِدّاحْ
غُبارَ الطَلْعِ ساقيني
وضاعفْ في مَعيَّتيَ الهباءَ
وإنْ شَكَكْتَ فَصَهْ
لأَرْويَ سِيرَتي راحاً بِراحْ !




مِن سمائي الأُولى
****************

ثَمِلاً سُرتُ , أَسأَلُ :
أينَ تُرى ألتقيها ؟
ضَحكَ الجمْعُ , قالوا
دَعِ الشوقَ في وِكْرهِ نائماً واحتسِ مَرَّةً ثانيهْ
فَإنْ كانَ عُمْرُكَ في الحُبِّ يوماً
فَفي الكأْسِ ليسَ سِوى ثانيهْ !





تفاهات
*******

أمضي الى المكتبهْ
بخُطى راهبهْ
فاكهةٌ في طريقي ألَذُّ من الخوخِ والتينْ
يقطفُها الكلُّ إلاّ انا
دونما سببٍ لامتناعيَ حتى ولا لَذَّةَ الإختلافِ !
لذا فهيَ مُمْتَنَّةٌ ليَ دوماً
إمتنانَ المكائنِ للمُضْرِبينْ
إمتنانَ الخنازيرِ للمسلمينْ !
طويتُ الجريدهْ
وكأنيَ تُمْلي عليَّ عقيدهْ
أجَّلْتُ خمرَ الكتابِ
تَصَفَّحتُ متْنَ الشرابِ
سطراً وحيداً قرأتُ فَغَنَّيتُ
حتى رأى السطرُ أنْ أستزيدهْ !



مُتصالبُ الضلوع على مَرْقى
*********************

طواحينُ هولندةَ العاليهْ
أزاهيرُ عَبّاد شمسٍ تَميلُ
بِحيثُ تَميلُ القلوبُ
وتنتقل الساقيهْ !
واحةٌ لاحَ منها شهيداً فَرَحْ
لاح منها غزالٌ بقُرْنينِ مُنْحَنيَينِ
كقوسَيْ قُزَحْ
وأنا الآن المحُني تحتَ غيمٍ صَدَحْ
نازِلاً مِن مَراقي البُزاةْ
مُفْعَماً بالدهاليزِ
بالشرقِ ,
بالحَرْقِ ,
بالخَنْقِ ,
بالكيل من عَطَبِ الذكرياتْ !
طواحينُ هولندةٍ إِذْ تَدورُ
يدورُ الفضاءُ
تدور الكؤوسُ
ومَرعىً فمرعىً
وحاضِرةً حاضِرهْ
يقْظَتي قارّةٌ واختفَتْ مِثْلما باخرهْ
كان قاعُ المحيط كما الريفِ أخضرَ
والأفقُ أحمرَ كالآخِرهْ
أَضُمُّكِ ذكرى شبابٍ بَهيٍّ مُعَنَّىً
وأُشْهِدُ أقداحيَ الهادِرهْ !




مَقامة مُوَقَّعة
************
(( الغد بين الأمس واليوم ))


أشكو وأرضُ الدجلَتينِ سعيدةٌ !
وكذا قَطاها
ويَسُفُّني التعتيمُ وهي تُضيءُ ,
أشكوها زُمُرُّدةً وأقنطُ من سناها
هذا السنى
لَهَفي انا
واذا تشاءُ فنَرجِسٌ
او لا تشاءُ فقامةُ الزيتونِ والصفصافِ
وامتَدَّتْ الى عُنُقي يداها !
ما زالَ يرسمُ لي المعادَ
ويومَ ودَّعتُ البلادَ
شكرتُهُ بمقامةٍ
او قُبلةٍ أرخيتُها في كفِّهِ فتَفَتَّحتْ
بالرُّغمِ من أني يئستُ وكنتُ أحسبُهُ طواها !
وأراكَ مسكوناً كما الأحداقِ بالغدِ والمَدارِ
وها هُما التحَما التحاما
والأصلُ أنكَ لا تَني ترتاحُ في نبضي المعنونِ للخُزامى !
يا منهلاً ما زال بالأسماكِ والمِرجانِ يعدو
إيّاكَ أستهدي وأشدو !
وأدورُ ما هطلَ الهديلْ
او صارَ للقمر اقتداءٌ بالشموسِ ولَوثةٌ
فَلَهُ شروقٌ مثْلُها ولهُ أصيلْ !
وانا امتثالٌ للهوى وقيودهِ
مع أنني مِن أوَّلِ الثُوّارِ
مُذْ كنتُ الصبيَّ عرفتُ لَذّاتِ التمَرُّدِ
والخروجِ على سراديبِ الخليلْ !
مُذْ كان شِعري رَهنَ درسي
مُذْ كنتُ في ريعان يأسي !
ليسَ انفكاكاً ما أريدُ وإنما رُزَمٌ من الظلِّ الظليلْ
ومن الرواءِ , من الغناءْ
عنقودُ لحنٍ في يدَي عفراءْ
في جيدِها ,
وعلى مسافتها سَواءٌ إنْ عثرتَ وإنْ مررتَ
ففي النهايةِ لا أراكَ قد استفدتَ
وهكذا أبداً هُمُ الشعراءْ !
ويطيبُ لي في الحُبِّ نقضُ شهادتي
والإتكاءُ على الظنونِ
وبيتُ شِعري مثلُ بيتِ العنكبوتِ
ومن فرائسهِ الجنونُ !
فلو تُصيخُ لما جرى بالأمسِ
أفئدةُ الصداقةِ من أعاديكَ
الطلاسمُ من معانيكَ
النوافذُ مثلما الحَجَر الأصَمُّ
الهاوياتُ كأنها الجبلُ الأشمُّ
الطيِّباتُ كأنَّهُنَّ الإثمُ
حزبُ القبرِ يبدو أخلَدَ الأحزابِ
والروبوتُ أرهفَ مُهجةً من سائرِ الأعرابِ
ويحُكَ ,
أيُّ مهوىً للمآقي حينَ تنتحلُ الضياءَ ؟
البدرُ أدنى من منازلنا الينا
والسحائبُ من يدينا
فاستَلَلْتُ يراعيَ الذاوي
لتصعدَ فيكَ أنساغٌ وَرِيقاتٌ
وقد كانت لِحَدِّ اليومِ أفياءاً ترفرفُ في هوائِكْ
وانا أسيحُ دمي لتحفُظَ ما تبَقّى من دمائِكْ
لن أستعينَ بقافياتِ الندْبِ
لا أبغي الوقوفَ على رثائِكْ
لكنني مِمَّنْ جحيمُهُمُ الجِنانُ
إذا أرادوا
والجحيمُ إذا أصابهمُ العنادُ
وإنما يبقى القرارُ بِغَضِّهِ وغضيضهِ بيدِ الحبيبِ
وكبريائي دائماً من كبريائِكْ !


نخبكِ
********

عَناءٌ ... ثناءٌ
هَوانٌ ... جُمانٌ
فِراقٌ ... دِهاقٌ
فنَخْبُكِ يا وحدتي
وأموتْ
على مَذْبحٍ مِن نَبيذٍ وتوتْ !




رؤيا
******

رؤيا عن نهرٍ لازْوَرْديٍّ دَنِفٍ عاشقْ
أودى بِثوانيهِ الحُبُّ
دقائقَ إثْرَ دقائقْ !
وقروناً إثْرَ قرونْ
نَهرٌ جُنَّ
وثانيةً جُنَّ بهِ المجنونْ
لا أعشقُ ما فيهْ
إلاّ كُلَّ اغانيهْ
نهرٌ من خفْقِ البانْ
بضفافٍ تَتَعرّى كالجانْ
وهو بِبالي الآنْ
يتَشفَّون بِأنْ صار يُقاطِعُ أضواءَهْ
لا أرثيهِ ولا آلاءَهْ
بل أتشفّى بالمُتَشَفّينِ
بِشِعري أخلقُ عَنْقاءَهْ !




هكذا يصعد السيل
****************

ها هناك
وحَسْبي رنينُ الدموع الفريدهْ
تلالٌ بعيدهْ
ونهرٌ من الأصدقاءْ !
شراعيَ يعلو فَتلمسُ قِمَّتُهُ غيمةً
كبُرَتْ في سِنيِّ العطاءْ
والنهارُ يصُبُّ سَديمَهْ
فيا صيفُ
يا محضَ مَنْظومَةٍ للحفيفِ
دموعاً إذاً هكذا يصعدُ السيلُ
حتى رفوفي القديمهْ !
لأيِّ المدائنِ أصْغَيتُ ؟
أيَّ الملائكِ ناديتُ ؟
ثُمَّ إذا الافقُ نهرٌ
فدائرةٌ من يخوتْ
يقولونَ : لا تحتجبْ
وامنَحِ الشوقَ فُرصةَ أنْ يجتبيكَ
وإيّاكَ إيّاكَ أنْ لا تموتْ !
وإياكَ أنْ لا تجوبَ المَعابِرَ
مُنْتَظِراً لحظةً آزِفهْ
تقولُ بها يا مَدارُ
تقول ُبها يا حِصارُ
غيابي جوابٌ
على كُلِّ أسئلةِ العاصفهْ .



صبواتٌ مُؤَجَّلة
************

أَبَداً إذا تأوي الأحاديث الطِوالِ
لصمتها أبَدا
ويُصغي النهرُ لي ولهم سُدى
يهتاج ذِكْرُ الأقدمين بِبالِنا
هو مُطْبِقٌ
حتى استحالَ تَميمةً فَتوطَّدا
كَفَجيعةِ الغرباءِ
أو كالتاءِ أنَّثها السنى
أرَجُ القصائدِ نَهرُنا
واليومَ فلْيَرْحَلْ ولكنْ ليسَ مِن دوني !
بَعيداً في مَجاهيلِ السديمِ كما هيروغليفيَّةٍ
شَرَدَتْ بقافيتي التي انا مِن شوارِدِها
ومَجْدُكَ أيُّها النهرُ الطُفوليُّ الصفاءِ
بأنَّكَ الساري بهفواتي وغصّاتي
قَرَنْفُلَةً ذوى المَجرى
فمَن ذا قالْ
انا ما زلتُ
أو ما زالَ ... ؟
إني عائدٌ لِمَنابِتي وَهَجاً
وهذا ديدنُ الأشياءِ
باسمِ الماءْ
انا المُتَعَطِّشُ الداعي لكلِّ خَطيئةٍ مَقموعةٍ
مِن بينها الإِسراءُ
غامِرْ بيْ
فأتبعَ بَغْشَةً غَنّاءَ
ثوبي رحلةُ العصفورِ
مِن نَبعٍ الى نبعٍ ...
سرابُ العالمِ المحفورُ نيراناً بِذاكِرتي
فلا بهجهْ
أثيرٌ أيُّها النهرُ الخرافيُّ البُكاءِ
أَلا ...
أَلا ...
أَفديكَ مِن نهرٍ بِمَوجَهْ !





كنتُ أدري
**********

نسائمُ دائرةٌ
إنّما لم أسَلْ نَحوَ أيِّ الشِتاتِ تَرومُ
أزِنْزانَةٍ أم قصور بلابلَ آيلةٍ للعراقِ !
استغاثتْ كما قِمَمٍ للكرومْ
والفضاءُ بانجُمِهِ
هالةٌ خَرَّمَتْها ابتهالاتُ كُهّانكِم
إنّها تنتَفي
قلتُ : أي , لا
وكنتُ عَنيتُ فَضاءاً جديداً
يليهِ انعتاقٌ يليهِ جنونْ
يصِفُّ تماثيلَهُ دون آخِرةٍ
مِثْلَ عشقٍ يخوضُ عُبابَ الجفونْ
كنتُ أدري وأدري
وبركانُ روحي يفرْقِعُ
حتى لَتغبطَهُ الشمسُ
بل تستعينَ به كُلَّ فجرِ !




الدََّبابير
******

المنهلُ الأَعذَبُ أنْ لا تسألَ الناسْ
كيلا تُساسْ
كيلا تكونَ من رعايا الكهْفِ والشيخوخةِ المُبَكِّرهْ
تهديك حفرةٌ وربما حاويةٌ او بقرهْ !
عُمْيٌ يُبَرقِعونَ بِعَماهمْ مُقلةَ الفَجرِ
وهل لنا عَصْرٌ لكي نُقْسِمَ بالعَصْرِ ؟
وأبْحُرُ العذابِ لا تَني تعومُ في نهري
ما معنى قد ورُبَّما وعَلَّهُ وهكذا
ومَن حَولَيكَ ضِباعٌ تُحْتَذى ؟
هناك سَيلُ الجهلِ والنعوشِ والأَدْمُعِ طامٍ
والأسى أتعسُ ما رأيتْ
وليس مِن إمَّعَةٍ يُطاعُ في البلدةِ إلاّ يُتْحِفُ البلدةَ
والأرضينَ
أنهُ استفظعَ ما مَرَّ وما يمُرُّ يوميّاً
وما الآنَ حكيتْ
هل لا تزالُ راغباً بالنُزْهةِ الأمحَلِ صَيدا
ترجو من الدَّبور شَهْدا ؟
يا صاحبي
لَمّا تَزَلْ مُعاتِبي
لكنني مِن كُلِّ مُعْصراتِهمْ
ما اخْتَرتُ إلاّ دَمَهُمْ
شَرِبْتُهُ بِطاسهِ وناسهِ
وما ارتَوَيتْ !




نوافذي تنوء بالآفاق
**************

عندي رؤىً غرَبَتْ مع الأشياءِ
كنتُ حَييتُ منها , من مناقبِها
وبلغتُ شأواً في العواءِ !
فكان فجرٌ راقدٌ في مهجتي يصحو
فيحكي عن غرائبِها
وتطلُّ أفراحي عليَّ مُجَدَّداً ,
تأتي فأسعى في مناكبِها
ما زال يطرقُ كلَّ نافذةٍ مع الأصباحِ نبضي
فغداً أُلملِمُ هذه الطُرُقاتِ
أحزمُها بأهليها وأمضي
بيَ رغبةٌ أنْ تصدحَ الجدرانُ خلفي بالوداعِ
وتؤميءَ الأنسامُ بالغاباتِ لي
والثرثراتُ بآيةٍ منها تُحاكمُنا وتَقضي
ومداخنُ الأتراكِ بالشرق المؤَذِّنِ
فوق أكتاف السطوحِ
فصرتُ
أهربُ تاركاً في كَفِّهِ السمراءِ بعضي
وأعومُ والناسَ الخُطاةَ بأنهُرٍ لا ذكريات لها
وأغسلُ أضلعي في البَدءِ ثُمَّ ضلوعهم
من جوقة الآثامِ والأحلامِ
أجعَلَهم كما الشعراء
يأساً دائماً ينمو كمَوّالٍ على أصقاع أرضي
ونوافذي عصَفَتْ بها الآفاقْ ؟
واليومَ ضَمَّتْها كأجنحةٍ وأرْخَتْها عناقْ
وأنا أعانقُ مَن تُرى غيرَ الفراقْ !؟
لكنَّ مَن فارقتُهُم كانوا المواسمَ لا البَشَرْ
فالناسُ ماتوا قبلما فارقتُ تربَتَهم أذىً
فظللتُ وحدي
والسنون يُشِعُّ من دمها القمرْ
قمرٌ يجول بلا مُحاقْ
ولقد خبرتُ الوهمَ حتى صرتُ من طُلاّبهِ
واليأسَ حتى صرتُ من أحبابهِ
لكنْ أُجَمِّلُهُ ,
أُسمِّيهِ انعتاقْ !




إستِباق
********

لا يخرجُ الماردُ مِن قُمْقُمٍ
لكِنَّما
مِن
عُلَبِ
السردينْ !





فضيلةُ الوهم
***********

لا أحدٌ ينقذُني منّي
إلاّ أدَبي
إلاّ فَنّي
أستعذِبُ وهمي
في غاباتٍ حُبلى بالعُقمِ !
أُصغي
كالناي لِما يُنْدي الأمطارْ
وأُلَمِّعُ ظُلْمائي خواتمَ
والحزنَ سِوارْ



أضلع الطريق
************

طريقيَ مقلوبة الضوء بل لا ضياءْ
يمدُّ جناحيهِ من فوق أضْلُعِها المتعرِّجةِ
يمشي عليها
يورِّطها بالشقائق أو بالحرائق أو بالحِداءْ
عن شمال طريقي
صفوفٌ من العاطلين عن الحُبِّ
عن يمين طريقي
هِمَلايا من الأدعياءْ
تداعوا لعزفي
وقراصنةٌ ينهبونَ عذابيَ وَضْحَ النهارِ وشَسْعَ البحارِ
ولا يعرفونَ دروبَ التَخَفّي !




مَشْتهى
*********

يا مُشتهىً للمُشتهى
يا مُطلِقي من أسرِ روحيَ
أنتَ أسرُ الروحِ , محرابٌ لها
عُدْ بيْ اليها انّما
انا وأعتناؤُكَ باعتلالي
ليس إلاّ ... وانتهى !


التَهالك على مَتاهةٍ مائيّة
******************

في الجنوبِ
القذائفُ تُغْني عن القولْ
وغزالاتُهم مُتَقافِزَةٌ مِثْلَ بِندولْ
ليس من مَرَحٍ
إنَّما رهْبَةً وارْتِعاباً
سلاماً أبا الهَولْ !
ولكنَّني ها هُنا
قائِلٌ حَسَنا
فَفي كُلِّ رُكنٍ أضَعْتُ صديقاً
وطأْطأْتُ رايهْ
وأصابعُ كفّي
بأنيابِها الراعِشهْ
تَنْبَري عاطِشَهْ
هكذا للنِّهايهْ
يا زمانَ العَطَشْ
جادكَ الغيثُ حتى الغَبَشْ
لو قَطَعْتُ البِحارَ زَعانِفَ زَورَقْ
او غَرِقْتُ كما رُحْتُ في الراحِ أغْرَقْ !




مَمْلَكتي
********

هذا العقلُ المَربوطُ كما الشاةِ بنَفْسِهْ
لا يعتَرِفُ بنَقْصِهْ .
أمشي في هذي الساعةِ
مُرْتَدياً زخّاتِ المطَرِ كمِعْطَف
أجدى من عدمِ مُبالاةِ الإنسانِ
وأَلْطَفْ
أقدامي يُضُيءُ لها المجهولُ الدرْبَ فَتَسعى
لا تعرِفُ حَدَّاً من وسَطِ
وكأُمِّ صِغارِ القِطَطِ
في بَلَدي المُتَصَوِّفِ للغَلَطِ
لم أتركْ حاضِرةً
إلاّ وركلْتُ بلادَتَها بالشِعْرِ الوحشيِّ
وهل مِن بَعْدِ الشِعْرِ كلامٌ غيرِ الشَطَطِ ؟
ووجودٌ غيرُ النَمَطِ !؟




أغنية
******

تأخذني اللذّةُ
حين تغادرني أشيائي
حين تلامسني أعضائي
واللذّةُ بَوحُ
أسمعُ أنغاماً
يسمعني نَوحُ
واللذّةُ أصلُ التبريحِ
وشراعي العالقُ في الريحِ
واللذّةُ أسرارُ
أحملُ أشجاراً
تحملني ثِمارُ
وتُفَرِّقُ أشعاري بينَ دروب الأيّامِ
عرباتٌ مَلأى بحقول الشِمّامِ
واللذَّةُ تبريكُ
وعلى أسيجةِ المرعى عند الفجر
تَميسُ غِلالُ
يُشَعْشِعُ هالُ
يؤَذِّنُ ديكُ !
:
عندي من حُبِّ حبيبي قارّهْ
عندي الى رَبّي أنباءٌ سارّهْ !



شراعٌ مركون
***********

قلبي يَمسحُ عن شُرفتِهِِِ نبضاتِهْ
ودمي تَعِبَ من الجَرْيِ ,
مضى يحصي في وهنٍ عثراتِهْ
ما عاد الغيمَ التَيّاهْ
ما عدتُ أُفَتِّشُ عن ماضي اللّهْ !



دِلاء ( فِلسْ هوفِِِنْ )*
*****************

أبْرقتُ للغيمِ الأسيلِ كما الخدودِ
وحوليَ الدانوبُ رَفَّ مُلَوِّحاً بِعَصا المايسترو
آمِلاً أنْ أُحْتَذى في غَصَّتي !
يا أيُّها الدانوبْ
يا ضحكةً وطَيوبْ
يا غيمةً خضراءْ
كُنْ مثلَ عينيَ مُلْفِتاً بالدَمعِ
أنظارَ الدِلاءْ !

---------------------------------
* فلس هوفن : قَرية صغيرة في مُقاطعة باير الألمانية





إهليلج
*******

لم تَعُدِ الشمسُ طائرةً وَرَقيَّهْ
وخِصاماً لطفلينِ صُبْحاً
على لُعبَةٍ أو هَديَّهْ !
ما لها أصبَحَتْ ناسِكهْ ؟
إنَّها الشمسُ -إنْ تأتِ -
لا تأتي إلاّ على مَوجةٍ مُنْهَكهْ
مِثْلَ إهليلَجٍ
زورقاً كانَ أم قَلْبَ مانجو
وفي كُلِّ حالٍ
هيَ التهْلُكهْ !



نَزْوَةٌ فَغَرَق
**********

مُتَحَفِّزَةٌ للنُعاسِ الهُمومُ
سِوايَ سِواهُ
وبَرْقٌ خَطَرْ
كوكبٌ شَتَويٌّ أُلاحِقُهُ
إنَّ قارِبَهُ مَنْجَمٌ للسَّفَرْ
والفَناراتُ راعِشةٌ كالسنابِلْ
والضفافُ مضت مشهدا
يالَها من صدى نَزْوَةٍ غابَ في الليلِ
عنها الصدى
كوكبٌ غابَ بيْ وسْطَ موجٍ وليلٍ
ورَفْرَفَ مُبْتَعِدا !




الثُكْنة
*******

أيها الشرقُ ابتَعِدْ
قالتْ خُطايْ
فتأَمَّلْتُ القَطا ترحلُ للشرقِ
وقد حَذَّرْتُها
فانْثَنَتْ تسألني : مِمَّ ؟ لماذا ؟
حينَها قلتُ
أما تكفي إجاباتٍ عَصايْ ؟
سَقَمي في الروحِ لا في الجسمِ
أطلالٌ فضاءُ الوطنِ المقهورْ
ثُكْنَةٌ كلُّ مَغانيهِ وصُفارّاتُ إنذارٍ
جحيمٌ مِثلَ نيرانٍ بلا نورْ
ذاكَ عيشٌ لو وعى جُرْحَ كياني
لافتداني
لكنِ الدنيا غَرورْ !



كيلا أضيع
*********

نحنُ المُشاهَدُ والمُشاهِدْ
أجسادُنا تسعى بنا
ولها -ولا ندري - مَقاصِدْ
فهنالكَ انتَظَمتْ عُرى الأكوانِ في رَهَفٍ
كما انتظَمَتْ قلائدْ
إذْ فيمَ فيمَ سيُقْتَلُ الجَسَدُ ؟
ومَن الذي بالعودةِ الأُخرى غداً يَعِدُ ؟
في كلِّ يومٍ صرتُ أصرخ لن أعودَ لمَعقلِ الأخبارِ
سوف أَهدُّ داري
وكيف صار بنائيَ الوَرَقيُّ دارْ !؟
يا أجملَ الأحلامِ تنحَتُها يدُ الأحجارْ
أحضرتُ قافيتي , بديعي
كيلا أضيعَ ولا تَضيعي
كيما أظلَّ على ارتقابٍ
إنما هُما دمعتانِ وقد سَكَبْتُهُما
فاين هي الدموعُ الباقياتُ الى الربيعِ ؟
ما أتَّقي ذَبْلُ الهواءْ
ما أبتغي فرحٌ كما فرح الدِّلاءْ
حزنُ الحياةِ وأهلُها
يمشونَ أجساداً من الأضواءْ
وإذا استحالَ وعَزَّ ذاكَ
فضحكةً لو يقطفونْ
رُغْماً عن الزَعَلِ المُدَلّى من خدودِ التينِ واللَّيمونْ !
لو يعرفونْ
كم قد توَحَّشْنا
وكم صُمَّتْ عيونْ
كَوني طريداً منذُ جيلٍ ... لا يهمُّ
فمنذُ أيةِ حِقْبةٍ رأَفَتْ بأهليها السنونْ !؟
لكنني مُتَضَوِّرٌ من تُخمةٍ
هي هذهِ الجَمَراتُ
رغبةُ كائنٍ في أنْ يكونْ !




بلا سُلَّم
*********

شمسُ الضحى ترقى بلا سُلَّمِ
كماردٍ يخرجُ من قمقُمِ
او عَبَقٍ ينسلُّ من ميسمِ
شمسُ الضحى تختارني زوجاً أثيراً لها
فأعتلي الغيمَ وتجتاحني
من شَبَقِ العري تلاوينُ
وما من لُجَّة النشوة من عاصمِ !
وحالما يُطبق جُنْحُ المغيبْ
أهبطُ في خيطٍ من المسكِ
وغارٍ صبيبْ
وتستطيلُ الهمومْ
تحتَ سماءٍ دسْمةٍ بالنجومْ !
ويسدلُ الدانوبُ فوق الموج خُصلاتهِ
كسارقٍ أنجُماً
يخشى عقاباً قريبْ !
يخشى محيطاً مُريبْ !
ألمْ تكن خُصلاتُه تقتفي
صرحاً وأنصاباً فِدى الريحِ ؟
وهل أحتفي
بجَنّةِ النسيانِ في مأواكْ ؟
ام أنني أكتفي
بالأمسِ مرميّاً على سجادة الأشواكْ ؟
أم أتبعُ السِّحْرَ
لتحيا مهجتي
ومَن سيُحْيي مهجتي إلاّكْ !؟




بين يَدَيْ الحُمّى
**************

مُدُنٌ أمشي على أطراف أصابعِها ,
وشواطيءُ تتوقَّفُ عند البابِ ,
شراعٌ يترجَّلُ ,
حُمَّرةٌ تنقرُ صوتي كالثَمَرِ الذابلِ
وعدوٌّ يصبحُ خِلاًّ
أرأيتَ
قنافذَ
مَلْمَسُها الدِّيباجُ !؟
وينقلبُ المنظرُ
حُمّىً ,
تَغزلُ لي ألبِسَةً من جِلدي ,
أبنيةٌ شاهقةٌ تتعالى نحوَ سماءٍ ذات نجومٍ قارصةٍ ,
وصهاريجُ ستَهبِطُ ,
أُمّي تسقطُ في بُركةِ طينٍ ذهبيٍّ
فأُحاولُ أنْ أنقُذَها لكنَّ قيودي ...
عاشوراءُ وقرقعةٌ حولي
سَيفٌ لا مرئيٌّ يقطعُ رأسي
مُبتدِئاً بالأسرارِ
ويحملهُ الى أين ؟
الى الفسطاط !؟
سُناراتٌ
أنزلَها قربي إلهٌ
يبدو
كاللَّحنِ المحظورِ
انا لا أعرف مقصد وجهي
مَن يشربُ دمعي من راحةِ أيامي ؟
مَن يُسلمُني أنسامي ؟
مَن يسلمُني أنسامي مُقَيَّدةً ؟
ما أجمَلَها بقيودٍ أنسامي !
أنهضُ والحيطانَ على عجلٍ
كُلٌّ منّا يأخذُ دربَ هزيمتهِ ,ِ
كابوسٌ آخرُ يدخلُ وسطَ المشهدِ ,
أشهدُ أني ما وجّهتُ لهُ الدعواتِ
ولم يَطلبْ مني ذلك
لكنَّ الجُثثَ المُتَفَسِّخةَ أمامي بحمامتِها
تعرفُ أني أضعفُ من هذا بكثيرٍ ...
لا أنوي الثأرَ ولكنْ يلزمني صيفُ مواويلَ لكي أتكاملَ ,
تلزمني أشواقُ الدنيا بعواصمِها
حتى أتآلفَ مع أمسي
كم أكرهُ نفسي !



رُقى
*********

كنتُ رضيعاً
إذْ تَنَبَّأتُ بما يأتي بهِ الشبابْ !
كانتْ أصابعي
بحجم أعوادِ الثِقابْ
كانتْ قلائدي
مِسْبَحَةً كرُقيةٍ من والِدي
كنتُ رضيعاً ما لَهُ إلاّ الفراشاتُ نِقابْ
ورَنَّةُ الخلاخيلِ
تَليها رَنَّةُ الخِضابْ !
وخاتَمي مُطَعَّمٌ بالأنجُمِ
وأحْرُفٍ من مُعجَمِ
أرنو اليها خَزَراً
وواحِدٌ من الصعاليكِ أجابْ :
لا تَدَعوهُ وحْدَهُ
فإنَّما مَقْصَدُهُ الكِتابْ
وموعِدٌ مع المنافي والعذابْ !



من مدائحي
************

أحِبّائي سلاما ,
جِناني رَهْنُ جانيها
فلا قَلَقٌ على آتٍ
إذا استَسْقَيتُمُ في المَوسمِ الآتي
سأُسكِنُكُم قصيداتي
وأُغْرِقُكم مُداما
وحينَ تُحَلِّقونَ بها
سأَقْنُصُكُم حَماما !
أحبائي سلاما !





أبكيكَ كي تزعلْ !
************

أبكيكَ كي تزعلْ !
وإذا زعلتَ فدمعُكَ الأنبلْ
أبكيكَ كيلا تشتكي
انا أستفزُّكَ حينما أبكيكَ
فِعلي قاتلٌ
أدري به
لكنَّ فعلَ المُشتكى أَقتَلْ
يا أنتَ فاستبقي اللآليءَ في ذُراكَ
ونجمُك الأعماقُ
يشهق بالبريقِ
فليس بحراً مُغْرِقاً ما لا يُحلِّقُ في البروجِ
وليس طيراً باشقاً ما لا يموجُ
وحَقِّ هَمِّكَ
ذاك هَمّي
حينما تسألْ
ستكون إذّاكَ الأَرَقَّ
وضحكُكَ الأنقى
والى ضُحاكَ تعود أشعاري
بلهيبِها
او ركبِها الساري
وما أبقى !
أنا هكذا قد علَّمَتْني آيةُ الآلامِ
أمَا أنتَ فالوطنُ
واليومَ كيف وكيف يا جَناتُ ,
بعضُ رحيقِها عَدَنُ ؟
إنْ زاركَ الأحبابُ والوَسَنُ
او هذه الغاباتُ قاطبةً
ماذا ترى لو صرتَ أَبْحُرَها
وعلى مياهكَ تلتقي الأسماكُ والفَنَنُ !؟
او جئتَ بالأشياء من شيءٍ ولا شَيِِّ
او صرتَ مَهوى كلِّ أفئدةٍ
وطوارقِ الأضيافِ
من قيسٍ ومن طَيِِّ !؟
او إنْ رأتكَ
فَحَطََّتِ الركبانُ عند رُباكَ وانحرفتْ
والقصْدُ كان بلوغَ نَيسابورَ والرّيِِّ !؟
ما نفعُ مزرعةِ الهوى
وثمارُها ليست سوى دوّامةِ الوَعيِ ؟
او زاركَ المجنونُ
يسألهُ ذوو الرأيِ !؟
أنا لا أعيذكَ من جنونٍ كالقضاءِ
وإنما
من هجمةِ العُقلاءِ !
حيث الحُبُّ مُحتَرَفُ الجنونِ
ومَصْنَعُ الموتى الكِبارِ ورفْدُهم
والحُبُّ إرثٌ دائمٌ للمَيْتِ لا الحَيِِّ !
أنا كي يُجازَ لي الحديثُ عن اصطبارِكَ ساعةً
لا بدّ لي في البَدء من لَمِّ الشموسِ ونَثْرِها
فوق العراق سعيدةً
بالكَرْمِ والرَيحان والفَيِِّ !



حديث آخر
********

حَدَّثْتُ بَنيْ جِلْدَتيَ
بِبَعضِ ذُنوبِ حياتي
فاستَعَرَتْ ضِدّي تُهَمٌ
وشناعةُ أقوالْ
وتَحَدَّثْتُ معَ الغَربيينَ
بكُلِّ ذُنوبِ حياتي
فَقالوا : روضةُ أطفالْ !


نذرتُ جوانحي للإنتقام !
*****************

نذرتُ جوانحي للإنتقامِ !
صَفيُّ البال ِ
أتْعبَني وأقوامي
ويعلمُ أنني أتعبتُ في إطرائهِ
كُتُبي وأقلامي
هو الوطَنُ الذي ناديتُهُ
يا لَوذَعيَّ الروحِ ما الخَطْبُ ؟
ولكنَّ المواسي فيهِ أدمَتْني
ولي عمرٌ على العشرين لمْ يَرْبُ !
تواضَعْ لستَ عَلاّمَ الغيوبْ
صنعتُ قواربي - كي ألتقيكَ -
من القروح , من الندوبْ
ومن نجوى الخيالِ وقد دنا
قَصَباً وأهواراً على الدانوبْ !
فهل ألقاكَ مُغتَسِلاً بلا ذنْبٍ
وكلُّ خطيئةٍ ذكرى ؟
قطعتُ اليكَ أجيالاً من الفَلَواتِ
يندى صُدْغُها جَمرا
وما من صخرةٍ إلاّ امتطتْها لهفتي مُهْرا
إذنْ لم يبقَ لي ماضٍ
سوى التحديقِ في الرُّقَمِ
إذنْ لم يبقَ لي زمنٌ سوى الكاساتِ في الظُّلَمِ !
إذنْ لم يبقَ لي ركنٌ سوى حُلُمي
وأحلمُ
والكواكبُ مثلَ مِسبَحةٍ أُقلِّبُها
وتَبنيني المواجِعُ عالياً
هَرَماً على هَرَمِ !




... ومَع الحُبارى
***************

يأتي النهارْ
يأتي فأقرأُ ما يُقاسيهِ الرداءُ
رداءُهُ من جُلَّنارْ
يأتي النهارُ , نهارُ آذارٍ فأَشهَدُ ذاهِلاً
أَنْ لا غيومَ سِوى العنادِل والحُبارى
وتَخِفُّ كأسي لافتضاحي
فَهيَ منْ دونِ الندى والآسِ
تَعْشَقُني جَهارا !
والكأسُ من دون المناسكِ منسكانِ
الحلم والذكرى
أماناً تلكَ أطواري وبعض مَقاتلي
فلقد صَدعْتُ بِما أُمِرْتُ
وما صَدعتُ على المَدى
إلاّ بصهبائي وأدوائي
أنا ...
أنساغُ راياتٍ وأقلامٍ وقامةِ شَمعةٍ تهمي
ولكن لا أمانْ
تاقَ الفَتى
وأتى المحاقُ أتى
وحسبي أنْ أكونَ دليلهُ والترجمانْ !



هَمْس الأمس
***********

قالَ
ثُقاتي :
أسراري عَدَدُ مساماتي
أني أتَجَدَّد دوماً كالأشجارْ
أغصاني أذرعُ نُسّاكٍ
وسكوني دُوارٌ بدوارْ
فأراني أبَداً مَخموراً ,
مَخموراً بوميضٍ دافقْ
بشعورٍ يرحلُ أنساماً
ومساءاً يرتَدُّ حرائقْ !



نافورة اللَّهَب
**********

زَجَّتْ بهِ الذكرى
خموراً في مَغانيها الكثار
فما أفاقْ
وسعى الصباحُ ,
وخَطوُهُ حلوُ المَذاقْ !
ويرى مَمَرّاتٍ من الغيم الخفيضِ تمدَّدَتْ
كأزقَّةٍ فوق الزقاقْ
وهناك ما بين الشقوق تَمرُّ قافلةٌ من الأنغام
يغرفُها الهلالُ
يظلُّ ينشرُ ضوءَهُ
في الليل نصفَ صَبيحةٍ ,
سوراً كأطواق الحَمامِ
فمَنْ يُغامر باللِّحاقْ !؟
أو مَنْ سَيَنشلُهُ من الوَجْد العُضالِ ؟
ما في قَوامكِ من جديدٍ قَطُّ
ما من رأفةٍ او حكمةٍ
ما فيهِ إلاّ ضحكةٌ تُرثي لِبُقْيا صبريَ الواهي
وبُقيا صحوتي
وخياريَ المُضنى الهزيلِ على التوالي !
تبغينَ رَدْعي عن شَذاكِ جَنىً
وعدلٌ أنْ أصيحَ تَبَرُّماً
لا طابَ يومي حينَ أقنعُ بالشذا
كُلاًّ أريدُ
ومَنْ يُرِدْ ملَكوتَهُ في موتهِ
فالموتُ أهونُ ما جَنَتْهُ يدُ الدَلالِ !
طيفٌ تَنَفَّسَ أم عصافيرُ احتَفَتْ
ورهانُها رئةُ الفضاءِ
فَيا عصافيرُ استعيدي غنوةً ليستْ تُطالُ
ويامباهجَها تعالي
ألقى الصباحُ عَصاهُ في كنَفِ الورود
أضاءَ حُنجرةَ البلابلِ
حيث المحُ غُنَّةً في ريشِها
وعلى مسافتها خَريرا
قد قيلَ ما قد قيلَ عن أسرارِ دجلةَ
إنما تبقى اجتهاداتٍ
ودجلةُ غيرَ جُرحي لن تصيرا !
وهنالكَ التبَسَتْ مساراتي , هنالك ,
حدَّثَتْني عن بواطن بوحِها
طَوراً مكابدةً وطوراً شهوةً خَجلى
وأطواراً الى عَجَبي ظهيرا
وكذلكَ الأعشاشُ إذْ تأوي الى غاباتها
كعراقِ ما بعد الفراقِ
أروحُ أكتبهُ بريداً راجفاً
يروي حُطامَ غمائمي
لشروقهِ وغروبهِ
لشمالهِ وجنوبهِ
أو أنتمي وطناً لأعرافِ الصهيلِ
اذا شدا ,
لملامح الماشينَ كالنُيّامِ حيث توقَّفتْ أحلامُهم
مخطوفةَ النجماتِ ,
للنايِ انحنى في الريحِ قوسَ سحابةٍ ,
لقصيدةٍ تَرَكتْكَ عند شَفا الظَماءِ
فما ترومُ ؟
أنا ريثما يدنو الحريقُ من العواصمِ
سوف أُدني من مناسكها صلاةً أو مَقاماً ,
مَوقِداً جمراتُهُ كالتينِ ,
بُركاناً غفا في خطوة التنِّينِ ,
تِبْرَ فضيلةٍ يهفو له مَن غَشَّ او مَن بَشَّ ,
عاصفةً إوَزِّيٌّ مَداها ,
كوكباً مَحَضَتْكَ طَلْعَتُهُ من الإلهامِ مثقالاً
لتَسْتَسقيكَ أفواهُ المَناجِمِ
ثَمَّ والحَسَدُ القديمُ
أنا أحسبُ الخطواتِ نحو الموتِ بالأنهارِ
والنارُ التي يروونَ
غَرَّبَ بأسَها الهَمُّ المُقيمُ
لا يُلهيَنَّكِ عن شَراري مَحْفَلٌ
هذا الجُمانُ أنا ذِراعاهُ اغْتَني بعُِراهُما
عُرْساً يَهيمُ
ليلى وحاقَ بنَهدِها الصيفُ الشَميمُ !
وقد ارتضيتُ بكلِّ بحرٍ لا يُفَرِّطُ بالغريقِ
غدا يمدُّ لهُ الجِرارَ مُضَمَّخاتٍ باعترافات الندامى
وارتعاشاتِ الخمائلِ
وانطلاقةِ أدمُعي هيَ والكرومُ
فَسَكنْتُها مُذّاكَ
وانثالتْ مَجَرَّاتُ العتابِ عليَّ
حين سهوتُ عن كأسي
وقد يسهو الحكيمُ !



أتدلّى مِن كنوزي
*************

يا دموعي الخُضْرَ
هل انتِ التي زانتْ نواحَ العاشقينْ ؟
فارتضاني مُقلةً دمعُ المَجرّاتِ جميعاً
والدُّنى والعالَمِينْ !؟

*****

هكذا يُغري الترابُ الذكرياتْ
عبَرَتْ روحٌ سَنىً في سِكَّتي
فتذَكَّرتُ زماناً مع حُلْمِ الطفلِ
بالمَكتَبِ والبدلةِ والجرسونِ يأتي بالدَّواةْ !

*****

نحو غَورِ الظُلْمةِ العَجماءِ تهوي شُهُبُ
غالباً ما تتثَنّى الخمرُ عندي شمعةً مُؤْنِسَةً
حيثُ كوبُ الشاي لا يقوى على المَكْثِ
فيرتدُّ أسىً او خيبةً
أو قُلْ : عَلاهُ الغَضَبُ !

*****

لا أُبالي بالصباحاتِ اذا جاءتْ حزيناتٍ
وإنْ ناداني أسْرُ
طالما أنهضُ في منتصَفِ الليلِ من الحُلْمِ
وقد عَضَّ دمي المسفوحَ نِمْرُ !

*****

لَكَم احتَجْتُ لرأي البُسطاءْ
ولَكَمْ أحسَسْتُ باليأسِ
فقَلَّبتُ حزيناً كُتُبَ السِّحْرِ
وشيئاً من تعاليمَ بها يَنصَحُ
بعضُ الأولياءْ !

*****

ظُلْمةٌ لكنما تَزخرُ بالألوانِ كُلاًّ
إنْ تباغِتْها بشيءٍ من إنارهْ
تلكمُ الروحُ
فما بالُكَ بالنورِ الذي يمنَحُهُ الشعرُ
وقد يكفيكَ أحياناً من الحُبِّ الذي خَلَّفْتَ تِذكارٌ
وقد تكفي إشارهْ !

*****

إنْ تُرِدْ مجداً حقيقيَّاً كمَغْنَمْ
فلتُغادِرْ أيها الإنسانُ نفسَكْ
تاركاً للغدِ أمسَكْ
او لِتأْثَمْ
ليس نُصْحاً ما تفَوَّهتُ بهِ
لكنما الآلامُ تُرْغِمْ !

*****

مِن سياقاتٍ هي الإمكانُ
تَلقى قلْبَكَ المُتْعَبَ يختارُ سياقَهْ
إنما الأصعبُ في كلِّ السياقاتِ ... الصداقهْ !

*****

صرخةُ الأُمِّ
ويتلوها صراخُ الكائن الأَوْهَنِ مولوداً
وصرخاتُ الطريقِ الصعبِ
والرعدُ وموجُ البحرِ
والدمعةُ والقُبلَةُ والضحكةُ والأحلامُ كُلاًّ
إنما صوتٌ بِصوتْ
ولذا قد جعلوا الحكمةَ في الصمتِ
وليس الصمتُ هذا غيرَ مَوتْ !

*****

هاجسُ الرغبةِ مفتوحٌ على شتّىً
ولِلإنسانِ تركيزٌ على كلِّ القُطوفْ
فاذا ما كنتَ لا تقطفُ إلاّ الجزءَ في شَكٍّ
ففنّاناً ستبقى
وإذا ما كنتَ لا تُلقيَ إلاّ نظرةً حَيرى فانتَ الفيلسوفْ !

*****

شَجَراتُ السِّدْرِ قد مالتْ بصمتٍ
فوق صمتِ الخطوِ والإسفلتْ
أيها الكونُ الذي أعرِفُهُ مُذْ كنتُ طفلاً
أين انتْ ؟

*****

كم جميلٌ وجهُ هاتيكَ الصبيّهْ
تبسمُ الآنَ الى شيءٍ كما الضوء يُرى
وأرى خصلاتِها مضفورةً تبسمُ أيضاً مثلَها
نحو بحرٍ من أسىً يمتدُّ فِيَّهْ !

*****

صرتُ أدري بالذي سُمِّيَ في الفكرِ
هنا والآنْ
عازفٌ يستقطب الغاباتِ حَولي
وجماهيرُ أطَلَّتْ فَجأةً أَرْؤُسُها
من بين قُضبانِ الكمانْ !

*****

عند هذا الحدِّ صمتٌ وسُباتْ
فكرةٌ تطلعُ دُولفيناً
على سطحٍ طفا بالجَمَراتْ
دائمُ البسمةِ هذا الكائنُ الدولفينْ
إنما مَن يتبعُ البسمةَ حتى قاعِها
ليراها دمعةً في طَرْفهِ البادي الأنينْ !؟

*****

ليس يعنيني من المرأةِ تِلكُمْ
ما خلا الظلَّ الذي قد خلَّفَتْهُ
او صَداهُ
فأراني قد توقّفتُ لحينٍ عندَهُ مُستفْسِراً
مَن ذا رَماهُ ؟

*****

إنْ مضتْ من سُكرةِ العمرِ هنا جُلُّ المسافاتِ
ولم يبقَ سوى النزرِ اليسيرْ
فلقد أرّختُ بالحُبِّ قروناً لم يروها
ولها في حِيرةِ النُّعمانِ مليونُ سديرْ !

*****

البروقُ الزُرقُ تمضي فوق أنظاريَ
سَيلا
ودمي قد رفَعَتْهُ نحوَهُ الراحاتُ
ليلا

*****

كنتُ أصغي
كلَّما أغشى مَمَرّاتِ الشموعْ
فاذا نبضاتُ قلبي
كفقاعاتٍ تشَظّى جِلدُها
بين الضلوعْ !

*****

إنما الأوطانُ للإنسانِ
كالأنهارِ للظمآنِ ,
في قيدِكَ تجتازُ صحارى قاحلاتٍ
طالِباً قطرةَ ماءٍ
لا محاراً او عقيقْ
فاذا ما لاحتِ الأنهارُ
لا تحتاطُ من موجٍ
وتسعى صَوبَها
فاذا انتَ المُعَنّى
إنْ تشأْ او لم تشأْ
فيها غريقْ !

*****

في دمائي غبطةٌ ليستْ تُدانى
والسعاداتُ التي فيها
غدتْ
أَهوَنَ ما فيها
كما الخُلْدُ أَوانا
إنها تَشعُرُ باللا عدلِ حيناً
فانهبوها
سُعداءَ
وحَزانى !

**********
إنتهى
شباط
2009
كولونيا









#سامي_العامري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بساتين تتمايلُ كالفساتين !
- مُتعصِّبٌ للخمرةِ أنا !
- نسائمُ في وِعاء الصباح
- شهابٌ ملتصقٌ بغيمة
- الدالية
- أرَقٌ وغَرَق ! (*)
- إنضباط الحارثية ... حنين ومَواجد !
- شُغِفتُ بها
- السكسفون المُجَنَّح / مجموعتي الشعرية الأولى - نسخة منقحة -
- ولائم من نار !
- مساءاً أُمَجِّدُ الهاوية !
- البنت , الأب , الشرق , الحُب !
- رحيق سيجارتي !
- حوار مع الشاعر والكاتب سامي العامري – بغداد
- السيجارة , إصبَعي الحادي عشر !
- خيطٌ من دِثار الكائنات !
- قلوبٌ تتماثل للأشواق !
- العزفُ بالمخالب !
- مِن طِباعكِ يشهقُ الكمان !
- فرحٌ يفوق شهرة العصافير !


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي العامري - المجموعة الشعرية الثانية ( العالَم يحتفل بافتتاح جروحي )