أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي العامري - إنضباط الحارثية ... حنين ومَواجد !














المزيد.....

إنضباط الحارثية ... حنين ومَواجد !


سامي العامري

الحوار المتمدن-العدد: 2606 - 2009 / 4 / 4 - 06:33
المحور: الادب والفن
    



---------
فصل من كتاب (*)
---------------------



هُمْ آخرُ التُّعساءِ لا مُهَجٌ
تُرجى وكُلُّ زمانِهِم خامُ
ويُغيظُهم أنّا سواسيةٌ
وعلى الجميعِ الحُبُّ قَوّامُ !

---------------------

قبل أن يتبين للناس الخيطُ الأبيض من الخيط الأسود قفزتُ من نومي مرعوباً حتى ارتطم جسمي بسقف الغرفة ثم عدتُ أدراجي الى الفراش ...
معسكر الحارثية والذي كان مخصصاً لتدريب الإنضباط العسكري او من المفترض أنه أُسِّسَ لهذا الغرض , تحول في فترة الحرب العراقية الإيرانية الى معتقل كريهٍ لا يُطاق ورمزٍ لإذلال الجنود الرافضين المشاركة بالحرب حيث شراسة منتسبي الإنضباط والضرب المُبرِّح بالعصيِّ والسباب السوقي المُغثي ناهيك عن تكديس الأعداد الكبيرة من الجنود داخل سراديب ضيِّقة قذرة لا يضمن فيها أحدٌ سلامتَهُ من الأمراض المُعدية إلاّ القمل !
وتستمر هذه الحال أحياناً لمدة اسبوعٍ ويجري بعدها تسفير الجنود الى جبهات الحرب
وطبعاً التسفير يكون فقط للجنود الذين التحقوا ( نادماً ) أمّا غيرهم فالرصاص بانتظارهم . هناك في تلك السراديب الخانقة حيث يُرمى بالصمّون اليابس كالأحجار على رؤوس الجنود وحيث لا إمكانية للنوم أكثر الأحيان إلاّ جلوساً وما من أفرشة ولا أغطية وكان التبرُّز يتمُّ على مرأى الجميع , والطريف أنهم كانوا يطلقون على هذه السراديب اسمَ قاعاتٍ !
هناك بعد بضعة أيامٍ لاح ضابط برتبةِ رائدٍ من الباب الرئيسي لأحد السراديب وهو يضع منديلاً على أنفهِ ويحيط بهِ ثلَّةٌ من جنود الإنضباط المسلَّحين ليصيح بالجنود المعتقلين طالباً منهم التجمُّع في الساحة الأمامية ,
خرجوا أفواجاً متدافعةً راغبين بنتفةٍ من هواء نقيٍّ وأصطفّوا متهالكين وعلى الجهة المقابلة لهم صفوفٌ من الجنود أيضاً خرجوا من سرداب آخر , وكان هذا في شتاءٍ حزين.
كان الضابط يكيل الشتائم على الجنود بنظراته المتورّمة حقداً قبل أن يكيلها عليهم بلسانهِ , صاح بالجميع : يا أولاد الـ ... ستبقون عدة أيام أخرى في قاعاتكم وبعدها سيتمُّ تسفيركم , ما أريد كلمة واحدة .
هنا أطلَّ برأسهِ أحدُ الجنود المعتقلين , صاح ببراءة : ولكنْ الجوُّ بارد جدّاً سيدي .
فردَّ الضابط ببديهيةٍ وهو ينظر الى جميع المعتقلين : ( بسيطة , سنضعكم في قاعةٍ واحدة . ) فكان لهُ ما أراد ...!
هذا الحلم الوفي , او هذه السِّمة الكابوسية
هي العلامة الفارقة والتي هي كالوشوم الأسطورية على أبدان الهنود الحمر هي التي تؤآخي بين المنفيين إذا ما شاقَهم الإختلاف !
مثلما تؤاخي بين ضحايا الحروب كلِّهم .


أُناسٌ مُتْرَفون يَضطجعون
على أرائكَ طويلةٍ كَصَبْر أيّوب
ما أنْ حصَلَتْ غارةٌ جويَّةٌ
حتى كُرِّسَ لحمايَتِهم خمسون مَلجأ
ولمّا أصبح الصباح
وسكَتَتْ شهرزادُ عن الكلام المُباح
كان نِصفُ المدينةِ
حُطاماً يُنْعِشُ فُتوّةَ الصُحُفْ !
-------
هامبورغ
1991


حازوا كل شيء ولكن لم يعرفوا الحب , لم يسيروا على الضفاف او يتأملوا النهر من بعيد وحين جدَّ الجدُّ هربوا متخفَّين بعد أن تركوا الناس في العراء ...
راهنوا على حرب الشوارع !
قال لي : قرأتُ حكايةً عن صيّاد اصطحبَ رفيقاً لهُ في رحلةِ صيدٍ ولمّا عجزا عن العثور على حيوانٍ يقتنصانهُ قرّرا التسَلُّل الى أحد مراعي الغزلان العائدة الى أحد الملوك , فأطلقَ مَن كانت في حوزتِهِ البندقيةُ رصاصةً أصابتْ غزالاً فهتَفُ رفيقُهُ مُستبشِراً : لقد أصبناه !
فردَّ صاحب البندقية : لا تقُلْ : ( أصبناه ) بل انا الذي أصِبْتُهُ .
ولمّا هَمَّ بحملِ الغزال إذا بحُرّاس المرعى يهرعون وقد سمعوا صوتَ إطلاق الرصاصة فصاح صاحب البندقية برفيقهِ : لِنَهْربْ , ساعِدْني في حمل الغزال , إنهم يتعقَّبوننا .
فردَّ عليه رفيقُهُ : لا تَقُلْ : إنهم ( يتعقَّبوننا ) وإنما هم يتعقَّبونك !

مَن مثلي رَشَقَ الفلاةَ بالخدورَ ؟
او مَن مثلي راح يَنْأَى عن مائدة الأهل
ناظراً الى ناقتِهِ وهي تلوكُ الصحراء ؟
وناظراً اليهم وَهُمْ يلوكون بعضَهم البعض !


-----------------------------------------------------------
(*) فصل من كتاب قصصي نثري شعري بعنوان : النهرُ الأول قبل الميلاد .
-----------------------
كولونيا
شباط - 2009
[email protected]



#سامي_العامري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شُغِفتُ بها
- السكسفون المُجَنَّح / مجموعتي الشعرية الأولى - نسخة منقحة -
- ولائم من نار !
- مساءاً أُمَجِّدُ الهاوية !
- البنت , الأب , الشرق , الحُب !
- رحيق سيجارتي !
- حوار مع الشاعر والكاتب سامي العامري – بغداد
- السيجارة , إصبَعي الحادي عشر !
- خيطٌ من دِثار الكائنات !
- قلوبٌ تتماثل للأشواق !
- العزفُ بالمخالب !
- مِن طِباعكِ يشهقُ الكمان !
- فرحٌ يفوق شهرة العصافير !
- الثقافة ومنظومة الكهوف !
- الى مَن يُهمُّهُ الخمر !
- لا أنيسَ عَدا كُلَّ شيءٍ !
- بروقٌ تعلو وتهبط
- إمتصاص المطر بأفواه الأساور
- عن الأجيال الشعرية وقضايا أخرى
- إليَّ بكِ !


المزيد.....




- شاهد رجل يقاطع -سام ألتمان- على المسرح ليسلمه أمر المحكمة
- مدينة إسرائيلية تعيش -فيلم رعب-.. بسبب الثعابين
- اتحاد الأدباء يحتفي بشوقي كريم حسن ويروي رحلته من السرد إلى ...
- الناصرية تحتفي بتوثيق الأطوار الغنائية وتستذكر 50 فناناً أسه ...
- زهران بن محمود ممداني.. من صفعة ترامب بفوز -فخر الهند- والنا ...
- من غزة إلى عيتا الشعب.. حين يتحول الألم إلى مسرح
- الممثلة التركية فهريّة أفجين تتألّق بتصميمين عربيين في أبوظب ...
- تعاون جديد بين دمشق وأنقرة عنوانه -اللغة التركية-
- -ليلة السكاكين- للكاتب والمخرج عروة المقداد: تغذية الأسطورة ...
- بابا كريستوفر والعم سام


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي العامري - إنضباط الحارثية ... حنين ومَواجد !