أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي العامري - مساءاً أُمَجِّدُ الهاوية !














المزيد.....

مساءاً أُمَجِّدُ الهاوية !


سامي العامري

الحوار المتمدن-العدد: 2584 - 2009 / 3 / 13 - 09:56
المحور: الادب والفن
    



فصل من كتاب (*)
---------------------
رؤيا عن نهرٍ لازْوَرْديٍّ دَنِفٍ عاشقْ
أودى بِثوانيهِ الحُبُّ
دقائقَ إثْرَ دقائقْ !
وقروناً إثْرَ قرونْ
نَهرٌ جُنَّ
وثانيةً جُنَّ بهِ المجنونْ
لا أعشقُ ما فيهْ
إلاّ كُلَّ أغانيهْ
نهرٌ من خفْقِ البانْ
بضفافٍ تَتَعرّى كالجانْ
وهو بِبالي الآنْ
يتَشفَّون بِأنْ صار يُشايعُ أدواءَهْ
لا أرثيهِ ولا آلاءَهْ
بل أتشفّى بالمُتَشَفّينِ ,
بِشِعري أخلقُ عَنْقاءَهْ !
----------
فرانكفورت- 1993
رددتُ هذه الأغنية لكوني على وشك السفر , ولأن
الفضاءَ هنا كان يردد قبل ساعات مع المعري :

رُبَّ ليلٍ كأنهُ الصبحُ في الحسنِ
وإنْ كان أسودَ الطيلسانِ
ليلتي هذه عروسٌ من الزنج
عليها قلائدٌ من جُمانِ
-----------
قبل ساعات فتحت السماء جيدها لملايين القُبلات الضوئية والصعادات والشُّعَل والألعاب النارية وأفاعٍ من الجمر المتّصل , مضت الساعات الأخيرة لعام مرَّ او مَرَرْنا به فَحَمَلنا كمَن يحمل ماءاً في دلو وسكَبَنا في مجرىً آخر أكثرَ انحداراً , في هاوية !
أقول أكثر انحداراً بالنسبة لي على الأقل
غير أن الإنحدار هنا لا يحمل معنى الزوال بل هو التبعثر الرَّحب ,
انا وهي قطعتا شطرنجٍ ننتقل من أبدية الى أخرى .
جاري الألماني كبير السن والذي بات في منتصف العقد السابع والذي أشرب القهوة معه في منزله الصغير الآن يقول مبتسماً : أمران يعطيان الحياة المعنى المُغَيَّب : الألم الكبير او السعادة الكبيرة , وهذه البهجة التي تراها في أعين الناس وسلوكهم وعباراتهم وموسيقاهم والعابهم , هذه البهجة , بهجة استقبال عام جديد , هي في الحقيقة محاولة الإنسان لإيهام نفسهِ بأنه مازال قادراً على الفرح وعلى الحب , مسكينٌ هو الإنسان رغم كل شيءٍ , أعني إنساننا في الغرب , فمع الفجر أو بعده بقليل سيستفيق ضَجِراً وتعود له اهتماماته السابقة وعصبيته بسبب أدنى ضغطٍ من الخارج ...
قلتُ له : أكيد وفي الحقيقة بشَرُنا في الشرق كذلك يحاولون إقناع أنفسهم بأنهم قادرون على النسيان السريع ولعق جراح الماضي بلسانٍ حجمُهُ بحجم الغيم ونداوة بامتداد الشتاء ولكن عموماً سعة فرحِ أي إنسان تتناسب مع أفق وعيه ورهافة مشاعره وقد رصدتُ الناس قبل ساعاتٍ في الشرفات وفي الشوارع إذْ خرجتُ حاملاً كاميرا معي ...
كانت زجاجات البيرة والنبيذ والشمبانيا جمهوراً آخر يشاركهم الإحتفال وحيث تبدو رؤوس قناني المشروبات بين أصابعهم لامعةً كالخواتم , والصرخات الهستيرية تُذكِّر أجراس الكنائس بتواضع حناجرها , هذه الأجراس التي ظلت فاغرة أفواهها ,
ففي مثل هذه الساعات يستطيع أي راهب أو قديس أن يجدد الفخر بأبدية المسيح وديمومة العذراء !
وفي هذه الساعات تصبح عبارة المسيح القائلة ( قليلٌ من الخمر يُفرح القلب ) خاصةً بسُكارى الظل مِن الذين لم يختطفوا الأضواء بعد !
ثم قلتُ له بحماسٍ الشاعرُ الفرنسي شارل بودلير يقول التالي :
على المرء أن يكون سكران دائماً
عليكم أن تسكروا على الدوام
لكيلا تُحسّوا بالعبء الرهيب للزمن
ولكن مِمَّ ؟ من الخمر ؟ من الشعر ؟ من الفضيلة ؟
حسبما تشاؤون ولكن إسكروا .
-----
قال : تعبيرُ حكيمٍ , أأملُ أن تسكرني الفضيلة !
أما انا فأغنيتي يوقِّعها الشوق :

نكهة
*****
في عتمة الليلِ انثنيتُ ,
فتحتُ نافذتي أناجيكْ
فأضاءَ ليلي ريشُ ديكْ !
والصمتُ أغنيةٌ ويكملُها النبيذُ معتَّقاً
فرفعتُ نخبَكَ قائلاً : أفديكْ !
لا تُبْقِهِ في الكأسِ لا ,
لا تُبقِهِ في الأسرِ !
إني بالأناملِ ذقتُ نكهتَهُ
فَحَنَّ فمي
وجُنَّ دمي
وما من حاجةٍ لامستُها
إلاّ غدتْ عَبَقاً
وهذا كلُّهُ حَسَناتُ حُبِّكَ يا مَليكْ !
------------------
وأضفتُ : التقطتُ صوراً لبعضهم هنا وصوراً للسماء المشتعلة وصوراً حية للضحكات بل وللقبلات فانا على وشك السفر الى الشرق وسأنقل لشوارعه ومَن لفَّ لفَّها هذه الصور وما تحتويه من ضجيج أخرس ولكنهم سيفهمونها دون شك ثم أنحدر شمالاً وحقائبي السوداء غربان تصطفق أجنحتُها حولي لتحثني , سأنحدر شمالاً مستقلاً باصاً متمرساً بالظلمة ونزق المنحدرات ! وبعد عشر ساعات من الطيوف والأخيلة والتوقعات والخوف الحميم سأعرف الهدوء وسأحدثها عنك !
قال ضاحكاً بصفاء : شكراً جزيلاً لك ولها ,
ثم رفع فنجان قهوته !
--------------------------------------------
(*) فصل من كتاب قصصي نثري شعري بعنوان : النهرُ الأول قبل الميلاد .
(-) أعرق الحضارات هي تلك التي أقامها الإنسان على ضفاف الأنهار ويكفي أن نذكر حضارة وادي الرافدين ووادي النيل حتى نتبيَّن ذلك وأمّا عنوان الكتاب فهو الذي فرضَ نفسهُ او فاض بنفسه ِ !
-----------------------
كولونيا
2009 / 1 / 1
[email protected]



#سامي_العامري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البنت , الأب , الشرق , الحُب !
- رحيق سيجارتي !
- حوار مع الشاعر والكاتب سامي العامري – بغداد
- السيجارة , إصبَعي الحادي عشر !
- خيطٌ من دِثار الكائنات !
- قلوبٌ تتماثل للأشواق !
- العزفُ بالمخالب !
- مِن طِباعكِ يشهقُ الكمان !
- فرحٌ يفوق شهرة العصافير !
- الثقافة ومنظومة الكهوف !
- الى مَن يُهمُّهُ الخمر !
- لا أنيسَ عَدا كُلَّ شيءٍ !
- بروقٌ تعلو وتهبط
- إمتصاص المطر بأفواه الأساور
- عن الأجيال الشعرية وقضايا أخرى
- إليَّ بكِ !
- الهوية وخدودُ الأجنبية !
- شذاها الحار كالتنّور !
- أهوارٌ على الدانوب !
- دعوة الى مالك الحزين !


المزيد.....




- وثائقي -لن نصمت-.. مقاومة تجارة السلاح البريطانية مع إسرائيل ...
- رحلة الأدب الفلسطيني: تحولات الخطاب والهوية بين الذاكرة والم ...
- ملتقى عالمي للغة العربية في معرض إسطنبول للكتاب على ضفاف الب ...
- لأول مرة في الشرق الأوسط: مهرجان -موسكو سيزونز- يصل إلى الكو ...
- شاهين تتسلم أوراق اعتماد رئيسة الممثلية الألمانية الجديدة لد ...
- الموسيقى.. ذراع المقاومة الإريترية وحنجرة الثورة
- فنانون يتضامنون مع حياة الفهد في أزمتها الصحية برسائل مؤثرة ...
- طبول الـ-ستيل بان-.. موسيقى برميل الزيت التي أدهشت البريطاني ...
- بين الذاكرة وما لم يروَ عن الثورة والانقسامات المجتمعية.. أي ...
- كيف نجح فيلم -فانتاستيك فور- في إعادة عالم -مارفل- إلى سكة ا ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي العامري - مساءاً أُمَجِّدُ الهاوية !