محسن ابو رمضان
الحوار المتمدن-العدد: 2683 - 2009 / 6 / 20 - 08:53
المحور:
القضية الفلسطينية
ادعت إسرائيل أن هناك رفضاً عربياً لوجودها من خلال عدم الاعتراف بقرار التقسيم عام 47 ، واستخدمت هذا المبرر لتشريد الشعب الفلسطيني عام 48 وكذلك شن العدوان على الفلسطينيين والعرب، وخاصة عام67 والتي احتلت عبره باقي أجزاء فلسطين " الضفة والقدس والقطاع " وأراضي عربية مصرية وسورية ولبنانية ، وذلك بحجة الدفاع عن الذات والحماية من حظر عربي مرتقب يهدد وجود دولة إسرائيل .
استطاع الإعلام الإسرائيلي التأثير بالرأي العام عبر محاولة إبراز ذاته كضحية وبأنه يرغب بالسلام لذلك تعاطي بدهاء مع المبادرات العالمية مثل مؤتمر جنيف وغيرها ، واشترط قيام العرب بالاعتراف بقراري مجلس الأمن 242 ، 338 وبالتالي الإقرار الفعلي بوجود إسرائيل والاعتراف بها .
أعتقد الإسرائيليون ان الحلقة المركزية المراد تفكيكها بالمنطقة تكمن بالحلقة الفلسطينية ، لذلك فهم حاولوا ضرب منظمة التحرير الفلسطينية عام 82 وقاعدتها التنظيمية والعسكرية القائمة إضافة إلى إجراءات القمع عبر الاعتقال والمطاردة للمناضلين الفلسطينيين بالضفة والقطاع ، وقد حاولت إسرائيل استثمار أعمالها العدوانية سواءً ضد المنظمة بالخارج وضد القوى الاجتماعية بالوطن أي بالأراضي المحتلة من أجل الضغط على قيادة منظمة التحرير الفلسطينية للقيام " بنبذ الإرهاب " المقاومة " والاعتراف بإسرائيل " .
انتبهت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية في حينه لتلك الضغوط والاشتراطات وقامت باستثمار نتائج الانتفاضة الشعبية الكبرى 87 – 93 من أجل القيام بهجوم سلام أو تحرك سياسي دبلوماسي فلسطيني تجسد بإعلان وثيقة الاستقلال عام 88 والتي تتضمن إقامة الدولة المستقلة بالأراضي المحتلة عام 67 بما في ذلك القدس مع ضمان حق عودة اللاجئين وفق قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 194 ، أي أن المنظمة وعبر وثيقة الاستقلال أقرت بإمكانية قيام الدولة الفلسطينية على 22% فقط من أراضي فلسطين التاريخية، إلا أن ذلك لم يرتبط بخطوات إسرائيلية مماثلة تقر بحق شبعنا في تقرير المصير وبالسيادة الوطنية على قاعدة قرارات الشرعية الدولية .
وقد قامت حكومات إسرائيل بالالتفاف على مبادرات السلام وخاصة مؤتمر مدريد مستثمرة حاجة قيادة منظمة التحرير الفلسطينية لتوقيع اتفاق أوسلو ، والذي شكل آلية لخلاص قيادة المنظمة في حينه من الحصار المالي والسياسي والدبلوماسي الذي فرض عليها بناءً على موقفها الداعم للعراق في غزوه للكويت عام 1990 .
فهمت إسرائيل اتفاق أوسلو وتشكيل السلطة عام 94 بأنه مدخلاً لترتيب العلاقة بين الشعب الفلسطيني وإسرائيل ولكن ليس على قاعدة الاعتراف بحق شعبنا في تقرير المصير والسيادة الوطنية، ولكن على قاعدة الاستحقاقات الأمنية ، حيث أرادت السلطة أداة مطايعة للتصدي للقوى الفلسطينية المقاومة بحجة مكافحة الإرهاب ، وبالتالي كانت السلطة أحد أدوات التفسخ الداخلي وزيادة حدة الشقاق خاصة مع قوى الإسلام السياسي ، ولم تكن مدخلاً باتجاه التحول إلى دولة فلسطينية ذات سيادة وخاصة في ظل القيود الإسرائيلية عليها والحد من صلاحياتها وارتهان السلطة أخيراً إلى مساعدات الدول المانحة والتي لها أهدافاً سياسية واضحة .
أتضح من العرض الذي تقدم إلى قيادة منظمة التحرير الفلسطينية في كامب ديفيد عام 2000 أن إسرائيل غير معنية بتنفيذ برنامج الحد الأدنى المتوافق عليه فلسطينياً ، علماً بأن اتفاق أوسلو لم يتضمن الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني بقدر ما تضمن الاعتراف بالمنظمة كممثلة له ، في مقابل اعتراف قيادة المنظمة بإسرائيل .
لقد شكل رفض القيادة الفلسطينية " للعرض " الإسرائيلي في كامب ديفيد ، بداية مرحلة جديدة قامت إسرائيل والرباعية الدولية بعدها بمحاولات للتدخل في التركيبة القيادية للمنظمة عبر تشجيع قيادة " معتدلة " مرفق ذلك بتعديلات بالقانون الأساسي عام 2003 يضمن وجود صلاحيات لرئيس الوزراء تحت شعار الإصلاح والشفافية والإدارة الرشيدة إضافة لإصلاحات في وزارة المالية.
لقد تم استخدام شعار الإصلاح باتجاه إضعاف قيادة السلطة التي قامت هي أي السلطة بتهميش المنظمة والتركيز على الاستحقاقات الأمنية التي تشكل المدخل لخطة خارطة الطريق ، وبالتالي فإن الخطة شكلت الأرضية لحالة التناقضات الداخلية والتي مهدت لحالة الفلتان الأمني وغياب أسس سيادة القانون ،وكذلك مهدت لحالة الاحتقان ثم الاستقطاب الحاد الذي أدى إلى الاقتتال ثم الانقسام ، كما قامت بتدمير البنية التحتية و القاعدة المؤسسية للسلطة محاصرة الرئيس ياسر عرفات والقيام باغتياله بعد ذلك في محاولة لإعطاء رسالة بأنه أية تسوية يجب أن تتم تحت إرادة القوة الإسرائيلية وليست على قاعدة العدل والإنصاف .
اتبعت إسرائيل والمجتمع الدولي سياسة المعايير المزدوجة ، حيث تعاملت سلباً مع نتائج الانتخابات النيابية العامة التي جرت في يناير /2006 ، ووضعت شروطاً على حركة حماس التي شكلت الحكومة العاشرة وقادت الحكومة الحادي عشر " الوحدة الوطنية " وتتضمن الاشتراطات للتعامل مع حماس " نبد العنف ، الاعتراف بإسرائيل ، وبالاتفاقات الموقعة بين الفلسطينيين والإسرائيليين " ، وفرضت حصاراً جائراً على شعبنا عقاباً له على خياره الديمقراطي واستغلت الانقسام باتجاه الاستقرار بقطاع غزة مرة عبر تهدئة ومرة أخرى عبر الحصار وثالثة عبر عدوان وحشي شرس استهدف المقومات المادية والمؤسسية والبشرية في قطاع غزة ، وكذلك أمعنت في الاستيطان وبناء الجدار وتهويد القدس بالضفة وفرضت نظام المعازل والكنتونات وكذلك حاولت إقحام السلطة في الضفة في تنفيذ " استحقاقات " خارطة الطريق عبر تفكيك قوى المقاومة ضمن وعود موهومة بإمكانية تحقيق هدف الدولة الفلسطينية وفي مقابل استمرار أموال الدول المانحة فقط .
ولقد قامت إسرائيل بكل ذلك رغم وجود مبادرة السلام العربية التي تشترط ضمان حق شعبنا في تقرير المصير قبل تطبيع العلاقات مع إسرائيل .
واضح أن إسرائيل تعاملت مع المبادرة بآلية معاكسة أي أنها أرادت المبادرة باتجاه التطبيع دون أن تقدم خطوة مقابلة تضمن حق شعبنا بالحرية والاستقلال .
ورغم تصريحات الرئيس اوباما الأخيرة عن ضرورة تجميد الاستيطان وحل الدولتين إلا انه كان معنياً بقيام " 57 دولة عربية وإسلامية " بتطبيع العلاقات مع إسرائيل من أجل تشجيعها على السير في مسار المفاوضات السلمية .
لقد استغل نتنياهو في خطابه الأخير توجهات الرئيس أوباما الخاصة بأهمية التطبيع ليؤكد على تلك المسألة مقابل استعداده لاستئناف مفاوضات السلام ودون شروط مسبقة أي دون أي مقابل .
وعليه فالمتتبع للسياسة الإسرائيلية يجد أنها باستمرار تضع شروط ولاءات في محاولة لابتزاز الطرف الفلسطيني وتنفيذ مشروعها التوسعي والاستيطاني بالمنطقة على أنقاض حقوق شعبنا.
لقد جاءت الاشتراطات الأخيرة عبر خطاب نتنياهو والتي أكد على ضرورة اعتراف الفلسطينيين بيهودية الدولة أي بالطابع العنصري للصهيونية وتأكيده على استمرار الاستيطان واستمرار محاصرة قطاع غزة ، والتأكيد على اعتبار القدس عاصمة أبدية لدولة إسرائيل ،ونفى إلغاء حق العودة ، لقد جاءت تلك الاشتراطات لتضيف لاءات جديدة ومعيقات جديدة باتجاه استمرار الظلم والاضطهاد الممارس بحق شعبنا أرضا وهوية ،من اجل نفي حقه بالسيادة وتقرير المصير وبالاستقلال الوطني أسوة بباقي شعوب الأرض .
من هنا فقد بات ملحاً لدى كل ألوان الطيف الفلسطيني وخاصة حركتي فتح وحماس وبناءً على خطاب نتنياهو الجديد ، أدراك أنه من غير المناسب استمرارية الصراع على سلطة تحت الاحتلال ، وأن العودة لمنطق حركة التحرر الوطني هو الأجدى على قاعدة برنامج كفاحي مقاوم لا يستبعد خيار المفاوضات ولكن على أسس جديدة تترجم قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي وتضمن حقوق شعبنا بالحرية والاستقلال والعودة .
#محسن_ابو_رمضان (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟