أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 2683 - 2009 / 6 / 20 - 08:54
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
في مدة تقل عن أسبوعين ، من خطاب أوباما الشهير بجامعة القاهرة ، أثبت الشارع الإيراني خطأ وجهة نظر أوباما للشرق الأوسط .
فبصرف النظر عما ستفضي إليه الإحتجاجات الشعبية الإيرانية ، و بالتالي ، و دون وضع أي إعتبار للنتائج النهائية ، يمكننا أن نقول لأوباما ، أن فهمك للمنطقة خطأ .
خطأ أوباما الأول ، إنه تعامل مع المنطقة ، أو بالأحرى مع شعوبها - كما تعامل غيره - على إنها جامدة ، أو ساكنة ، و بالتالي فإنها عامل لا يجب أخذه في الحسبان ، عند التعامل مع المنطقة ، أو عند رسم تصورات مستقبلية لها .
أوباما ، و إدارته ، لم يستطيعوا أن يلمسوا حقيقة أن شعوب المنطقة تسير حافية على صفيح ساخن ، يزداد سخونة كل يوم ، نتيجة السياسات الداخلية للأنظمة الحاكمة ، و أن الشعوب ، و إن تحملت اليوم ، فإنها ستزعق غداً .
هبة الشارع الإيراني هذه الأيام ، ليست وليدة حدث واحد ، و إنما تراكمات ، و مثلما لم تستطع إدارة أوباما التنبؤ بحركة الشارع الإيراني ، فيبدو إنها لن تستطيع التنبؤ بفعل الشعب المصري .
الخطأ الثاني في سياسات إدارة أوباما الشرق أوسطية ، إنها مثل كل من سبقها من الإدارات الأمريكية السابقة ، لازالت أسيرة وهم الخطر الإسلامي المتطرف ، أو خطر وصول متطرفين للسلطة ، برغم أن كل المؤشرات الخارجة من المنطقة تدل على أن إتجاه الشعوب العربية و الإسلامية يسير بعيداً عن التطرف و العنف ، و بإتجاه الدولة المدنية الديمقراطية التعددية .
من تلك المؤشرات : نتيجة أخر إنتخابات برلمانية في باكستان - التي يرتع فيها التطرف و الإرهاب - جاءت مغايرة لكل من إعتبر باكستان قد سقطت في يد التطرف ، و إنتخابات الكويت هذا العام ، التي أدخلت لأول مرة النساء للبرلمان الكويتي ، مع أن المرأة الكويتية لم تحظ بحق التصويت إلا منذ فترة قصيرة للغاية ، بالمقاييس الإجتماعية و السياسية ، تثبت أن المجتمعات التقليدية في طريقها للتغير ، ثم الإنتخابات اللبنانية التي رفضت تسليم السلطة للتطرف .
ثم في إيران ، رفض قطاع ليس بالهين بها ، إدعاءات فوز التطرف ، و هناك دلائل قوية على تلاعب كبير حدث لصالح التطرف ، ليصل لفوز لا يستحقه .
ها هي كل المؤشرات ، و التي صدرت في معظمها هذا العام ، بل و بعضها هذا الشهر ، تشير لرفض التطرف ، و تؤيد تنوع إتجاهات المجتمعات الإسلامية و الناطقة بالعربية .
الخطأ الثالث إعلان أوباما ، في القاهرة ، و من قبلها في حديثة لهيئة البي بي سي ، أن لكل منطقة ما يناسبها ، في إشارة مبطنة لعدم مناسبة الديمقراطية بشكلها المعروف عالميا ، أي ديمقراطية صناديق الإقتراع ، و الأحزاب ، و البرلمانات ، للمنطقة ، و هي إشارة سبق و أن أدنتها في مقال سابق .
و لكن لنسأل أوباما ، أليس نضال الشعب الإيراني حاليا ، إنما هو نضال من أجل تأصيل الديمقراطية بشكلها المتعارف عليه عالميا ؟؟؟
أليست كل المؤشرات السابق ذكرها ، في باكستان ، و الكويت ، و إلى أخر من ذكرت ، كلها مؤشرات جرت في إطار الديمقراطية بشكلها المتعارف عليه عالميا ؟
المنطقة يا سيد أوباما ليست ساكنة أو هادئة ، إنها تغلي تحت السطح ، و شعوب المنطقة تسير بالتأكيد نحو المجتمع المدني ، و نحو الديمقراطية المعروفة عالميا ، لأنها تناسبنا ، كما تناسب غيرنا .
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟