أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عدنان شيرخان - السلطة والتكييف














المزيد.....

السلطة والتكييف


عدنان شيرخان

الحوار المتمدن-العدد: 2666 - 2009 / 6 / 3 - 08:47
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


يقدر العراقيون بعمق الدور الكبير والمهم والحيوي الذي لعبته قوات الدفاع والداخلية في حفظ الامن، واستعدادهم الدائم للجود والتضحية بارواحهم فداء للوطن، انتصروا في اشرس معركة مع الارهاب، دحروه شر اندحار، وهم الان في مراحل تثبيت دعائم الامن في شتى انحاء العراق، هذا هو رأيي الشخصي، والذي ربما سأحتاجه ليكون شفيعي لما ساقول فيما بعد.
خلال سنوات الدم والقتل اليومي، تنازل المواطن عن الكثير من حقوقه وحرياته مفسحا مجالا كبيرا واسعا لقوات الدفاع والداخلية لاداء واجبها ومنازلة قوى الشر والظلام، ورأينا وسمعنا الكثير عن الحوادث التي راح ضحيتها مواطنون ابرياء تواجدوا في المكان والزمان غير المناسبين، وتعرضوا الى نيران كثيفة، ربما لم يكن لها داع او موجب، خاصة تلك التي أتت بعد تفجيرات السيارات المفخخة والعبوات مباشرة.
وكلما تحسن الوضع الامني وبدأت الامور تعود الى وضعها الطبيعي، يصبح من الصعب اقناع المواطن بأستمرار السكوت والتضحية والتنازل عن حقوقه المدنية وحرياته التي نص عليها الدستور.
اقضي كما هو حال سكان مدينة بغداد الكبرى وقتا طويلا امام نقط التفتيش (السيطرات)، التي زينت بشعارات تمجد العراق وعملية فرض القانون، واقرأ كما يقرأ غيري شعارات جميلة مثل ( العراق وطن الجميع، لا للطائفية نعم للوحدة الوطنية، القانون فوق الجميع، الكل يخضع للتفتيش، الشرطة الوطنية في خدمة الشعب، احترم تحترم)، والاخير فيه كلام كثير، لاننا اذا ادخلنا (اذا) وهي اداة شرط غير جازمة، فستكون (اذا لم تحترم فسوف لن تحترم) وربما ستهان، والى الان لا توجد اية مشكلة، ولكن مفهوم الاحترام من عدمه لا تحدده معايير اجتماعية او منطقية، او اوامر مهنية صريحة من مراجع وظيفية عليا، وانما يحدده افراد السيطرات انفسهم، سيكون عدم اداء التحية (التقية) على بلوكات وصبات السيطرات اهانة، لان افراد السيطرات لا يردون السلام غالبا، وسيكون تشغيل تكييف السيارة في حر العراق اللاهب اهانة تستوجب ألقاء محاضرة في الاخلاق، وربما ابعد من ذلك بكثير، اذا لم تجلس وراء مقودك صاغرا، وتهز رأسك موافقا.
لست بحاجة الى الاستماع الى احاديث او قراءة رسائل في بريد الجريدة بشأن العداوة والبغضاء التي تكنها نقاط التفتيش لاجهزة تكييف السيارات، امر صباح كل يوم في طريقي الى مقر عملي في الجريدة بأحد عشر سيطرة، ونفس الرقم او يزيد اثناء رحلة العودة الى البيت، ولاوثق الكلام رفعت زجاج سيارتي وادرت جهاز التكييف الذي لا يغني ولايسمن من جوع، وهيئت نفسي لابعد من العتاب. لم تشكل النتائج اية مفاجأة سارة، انما رسخت قناعتي بوجود مشكلة عميقة بين السيطرات واجهزة التكييف. اكثر من نصف السيطرات التي مررت بها اوقفتني بسبب التبريد، القى اثنان من الاخوة علي محاضرة مطولة في الاخلاق، عن قلة الاحترام وحتى الاهانة التي يضمرها الذين يرفعون زجاج سيارتهم ويستمتعون بالهواء البارد، في الوقت الذي يقف اخوتهم تحت اشعة شمس الصيف الحارقة يتصببون عرقا.
اعتقد ان ثمة سوء فهم شديد للغاية، سببه نقص المهنية واللوائح الادارية، وعدم قطع الحبل السري الذي يربط الحاضر بثقافة النظام الشمولي السابق، الذي نسج هويته الدموية البوليسية من مجموعة قواعد اهمها ان المواطن متهم حتى تثبت برائته، وان فلسفة اجهزة الدولة الامنية تستند في عملها على ادامة حالة من الضغط المستمر لخلق مشاعر الهلع والخوف في الانفس البريئة، وتهيئة حالة تقبل نفسي كامل لتوقع الاسؤ والاشرس من منتسبي تلك الاجهزة، الذين منحهم النظام حصانة كاملة ومطلقة فيما يفعلونه بالناس، الا في استثناءات محدودة، لتكون مضرب امثلة سقيمة خارج السياق العام للقهر والتسلط.
ينظر الى نقاط التفتيش كأحد خطوط السلطة الاولى التي تتعامل مع المواطنين بشكل يومي مباشر، تعكس فلسفة الدولة والحكومة في تعاملها مع المواطنين، دع عنك التصريحات وكلام المؤتمرات الصحفية الجميل الناعم المعسول، وتعال معي الى خمسة طوابير طويلة متراصة من السيارات تنتظر في ساعة قيظ شديد، يتصارع سائقوها ضاربين قواعد السياقة واخلاقها ليصلوا الى عنق زجاجة تتمثل في معبر ضيق واحدة، يقف عنده شرطي بيده جهاز بسيط فيه هوائي صغير، ما ان يؤشر باتجاه سيارتك حتى تبدأ الاسئلة التي تبحث لك عن عذر ما : ( شايل سلاح، شايل ريحة، شايل دوا، شايل حب ضغط سكر، بخاخ ربو، غاسل السيارة او راسك بشامبو) وما عليك الا ان تختار احداهن عدا الاحتمال الاول، والناس من وراءك تكتوي بحر الصيف اللاهب وتعاني الانتظار المر، لا الشرطي ولا انت مقتنع بأن ما يجري له جدوى ....



#عدنان_شيرخان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اعدادية الكاظمية
- العنف المدرسي
- اشتدي ازمة
- طريق المصالحة الوعر
- سنة مفقودة
- وجها التغيير
- لويزا موركانتيني
- العقد الاجتماعي
- الاكثر تحملا
- دحر الفساد
- نعمة النفط المفقودة
- النفط والسياسة
- بيئة انتخابية
- وعود انتخابية
- الكوتا في خطر
- الثقافة السياسية
- اشكالية المفهوم
- سيداو ياسيداو
- هل نحن ازاء ازمة اقتصادية ?
- كفاءة الناخبين


المزيد.....




- الصفدي لنظيره الإيراني: لن نسمح بخرق إيران أو إسرائيل للأجوا ...
- عميلة 24 قيراط.. ما هي تفاصيل أكبر سرقة ذهب في كندا؟
- إيران: ماذا نعرف عن الانفجارات بالقرب من قاعدة عسكرية في أصف ...
- ثالث وفاة في المصاعد في مصر بسبب قطع الكهرباء.. كيف تتصرف إذ ...
- مقتل التيكتوكر العراقية فيروز آزاد
- الجزائر والمغرب.. تصريحات حول الزليج تعيد -المعركة- حول التر ...
- إسرائيل وإيران، لماذا يهاجم كل منهما الآخر؟
- ماذا نعرف حتى الآن عن الهجوم الأخير على إيران؟
- هولندا تتبرع بـ 100 ألف زهرة توليب لمدينة لفيف الأوكرانية
- مشاركة وزير الخارجية الأمريكي بلينكن في اجتماع مجموعة السبع ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عدنان شيرخان - السلطة والتكييف