رياض الحبيّب
الحوار المتمدن-العدد: 2661 - 2009 / 5 / 29 - 05:17
المحور:
الادب والفن
قصّة قصيرة: حكاية الجنّ في منطقتنا
..............
تلتقي في المساء مجموعة من شباب الحيّ (أو الحارة) كلّ مرّة في مكان ما
يتسّكعون بدشاديشهم تارة على جادّة الطريق العام وتارة في حديقة عامّة أو متنزّه
يتجاذبون أحاديث مختلفة غالبيتها عن التراث والرياضة والدين
كنت أحضر جانباً من أحد تجمّعاتهم فأنصرف ما لم تكن للحديث أهميّة في قائمة اهتماماتي
ولكنّ أكثر ما يستوقفني هو إبداء الرأي في جدل لفض نزاع ينشب بين طرفين
أو اتخاذ موقف من قضية مُلحّة مطروحة للنقاش
سُئِلتُ مرّة خلال دراستي الثانويّة في السبعينيات عن مدى تصديق فعّاليّات الجنّ والأشباح
يُحكى أنّ في الهَيْمَة* المجاورة لحارتنا نفراً من الجنّ يظهرون خصوصاً في ساعات الظلام
لا يجرؤ رجل في الذهاب إلى هناك إمّا بسبب الجنّ أو خوفاً من الكلاب السائبة
قلت: لولا الكلاب لذهبت
على رغم سماعي بقصّة مروّعة حدثت في الماضي لأحد فتيان الحارة
كان الفتى المعني ممّن يدّعون بالقوّة (العضليّة) والفتوّة- المسمّاة عندنا شقاوة
والتحدّي بأنّه لا يخشى شيئاً ولا يخاف أحداً من الإنس ولا الجنّ
فتحدّاه أحد الشباب يوماً مع رهان قائلاً له:
إن كنت صنديداً فاذهب إلى الهيمة وثبِّتْ هذا المسمار هناك- فوق القبر الفلاني
قبل الفتى التحدّي المعروض في ليلة حالكة، لا قمر فيها ولا ضوء، بما أنّ الرّهان كان مُغرياً
فالهيمة تبدو من بعيد مثل كهف بحجم الأفق أو نفق مظلم هو آخر الدنيا
فذهب مسلّحاً ببندقية ذات حربة
والواقع إنّه ذهب ولم يعُد حتّى طلع الصّبح فتمّ العثور عليه ميّتاً
أمّا السبب الحقيقي لموته فكان الخوف الذي انتابه بعدما قعد ليدقّ المسمار في المكان المعيّن
لكنّه دقّ المسمار في الأرض خارقاً طرف دشداشته بدون تنبّه
فحين همّ بالنهوض أحسّ بقوّة تشدّه من محلّ المسمار
لم يسعفه وقت ليفكّر والرعب يدبّ في خلاياه دبيب النمل الفتاك
ما جعله فوراً يظنّ بوقوعه أسيراً تحت رحمة الجنّ
وللحديث بقيّة
الهيمة* في الدارجة العراقية- الهَيماء: المفازة التي لا ماء فيها
#رياض_الحبيّب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟