أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رياض الحبيّب - من أوراق العراق- 5 من مالانهاية














المزيد.....

من أوراق العراق- 5 من مالانهاية


رياض الحبيّب

الحوار المتمدن-العدد: 2660 - 2009 / 5 / 28 - 09:05
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الجنّ في حياة شريحة من المجتمع
..............

يستحيل عليّ أنْ أتصوّر ما قبل تأديتي الخدمة الإلزاميّة-
أنموذجاً بشريّاً متخلّفاً كالموجود ضمن إحدى شرائح المجتمع العراقي ولا سيّما الجيش
لكنّ المسألة تبقى نسبيّة
فهؤلاء الذين اعتبرتهم في البداية متخلّفين إنّما هم في نظر غيري دراويش-
من ذوي العلوم في مدى الإدراك فوق الحسّي extra-sensory perception
أو الذي يدخل في حيّز التأثير العقل-بيئي psionics
وأيّاً كانت التأثيرات فهي لا تزال قيد البحث عند علماء الباراسيكولوجيا Parapsychology
بخلاف علماء آخرين في مقدمتهم فرويْد* الذي فسّر ظواهر المسّ الشيطاني (أو الجن) على أنها أمراض نفسية أو مدركات حسية متوهمة (هلاوس)

وللنموذج المذكور جمهور وآذان مصغية
في داخل العراق وخارجه- كما علمت ما بعد مغادرتي العراق
بل كنت أنا المتخلّف في نظر ذلك النموذج
بسبب قلّة علمي في الموضوع وتالياً مخالفتي أفكار الدراويش
كلّما تذكّرت أنّي قضيت حوالي أربع سنين قربهم أصبت بالذعر وارتبت في منظر الخليقة كلّها

حدّثني أحدهم عن الجنّ وتأثيراته في محاولة يائسة لإقناعي بإمكانيّة ظهورهم في كلّ زمان ومكان
لم أكن مرغماً على السّماع ولكنّه شبه إرغام وإلّا-
فليس من مصلحتي- في الجيش خصوصاً- إبداء النفور والإشمئزاز من عقيدة يتحلّى بها رفيق سلاح ليصبح غير مأمون الجانب
لقد كنّا في الخطوط الأماميّة حيث لا أمان بل الحذر من وقوع احتمالات مؤذية واجب
وبما أنّي لم أستطع نفي وجود الجنّ
لكنّ رفيق السلاح حاول إقناعي بوجودهم وقوّة التأثير مستخدماً وسائل شتى-
من ضمنها واحدة سآتي بذكرها بعد قليل

حاولت عبثاً إقناعه في الأقلّ بأنّ الجنّ لا يظهرون لي
قلت: لم يظهروا لي من قبل ولا أؤمن بوجود تأثير مادّي للجنّ ولا روحانيّ إلّا على الأشخاص ضعاف القلوب
أو على الأشخاص غير المؤمنين بوجود قوّة ردّ فعل خارقة في عقل الإنسان
تلك التي في إمكانها التغلّب على إمكانيّات الجنّ إن ظهروا- على افتراض الإيمان بوجودهم
هكذا تعلّمت في المدرسة يا أخي الكريم
كان الرفيق أميّاً- لسوء الحظّ-
وكان بعض آراء المتعلّمين وتصرّفاتهم المتمدّنة محلّ سخرية الأميّين أحياناً!
ليس في الجيش فحسْب بل في الشارع الشعبي أيضاً

وأردفت في لقاء مماثل: مرّة أفقت من كابوس فظيع في المنام كاد يخنقني
ردّ عليّ الرفيق- وهو من جهة أخرى بسيط وساذج: هذا هو الجنّ، إذاً أنت تؤمن بالجنّ
قلت: بل أؤمن أنّ الله أقوى من الجنّ ومن سائر قوى الشرّ
لكنّ الرفيق حدّق في ملامح وجهي فشعرت بقلق كأنّي في حضرة قاضي محكمة الجنايات
كانت علامات من الشكّ لا تزال تساوره

لم أكن أعرف ما يريد هذا المخلوق (العجيب) الذي كنت أشفق على تفكيره
في وقت كان يقودني إمّا إلى الإيمان بمعتقده غير الواضحة معالمه لديّ
أو إلى برمجة ما في ذهنه ليكسبني إلى فريق عمله- لا أدري ولا فكرة عندي حتى اليوم

ليس في وسعي ان أفرّ من الجيش بسببه ولا بسبب آخر
لأنّ عقوبة الفرار ستدرك أحداً من أهلي أو أقاربي إن لم تدركني
تختلف العقوبات بشكل عام باختلاف حالات الهروب والرتب العسكرية
لم يكن قطع الآذان من ضمنها يوم كنت جنديّاً-
إذ تملّصت في بداية الخدمة من الإنخراط في سلك الضباط الإحتياط
وهذا الموضوع لا يندرج في محور المقالة لأسهب فيه وأطنب
لكني كنت أمام مشكلة حقيقية هي في النهاية ستزجّ بي في معترك ديني
لم أكن آنذاك مطّلعاً ما يكفي على شؤون الدين وتفاصيله
فما العمل؟

لقد حان وقت الإجازة (الرخصة الشهرية والدورية محدّدة بأسبوع تقريباً)
وكان الرفيق يترصّد حركاتي ويعلم بموعد إجازتي
ما استلمت نموذج الإجازة حتى سرت بخطى سريعة لكي اخرج من حدود الوحدة العسكرية والليل بدأ يهبط
سمعت وقع خطى أقدام تتقدّم خلفي وصوتاً كما في قرع الطبول
التفتّ إلى الخلف فإذا كائن عجيب كالغوريلا مغطّىً بنامُوسِيّة* زيتيّة اللون قد أسرع في الخطى صوبي
فهرولت متظاهراً بالخوف وفي ذهني أنها ألعوبة من ألاعيب الرفيق المذكور
عسى أنْ يؤدي خوفي المفتعَل إلى شفاء غليله من محاولة فرض الجنّ على تفكيري
وتالياً أنظر إليه فيما بعد بمهابة كالتي يشعر بها أفراد الوحدة أمام آمر الوحدة
أو كالحذر من انزلاق كلمة غير مرغوب فيها على مسمع الرفيق الحزبي- المولع بكتابة التقارير ورفعها إلى فوق!

أدركت الشارع العام فأقلتني سيّارة عسكريّة إلى أقرب موقف للسيارات المدنيّة
لم يكن لديّ الوقت ما يسمح لأطرح موضوعاً كهذا وسط الأهل أو الأصدقاء
ففي الغالب كنت أترك مشاكل العسكريّة فور مغادرتي الأسلاك الشائكة
كان في ذهني يوم العودة أن أتجنب لقاء أيّ من أولئك الدراويش قدر الإمكان
بَيْدَ أنّ الرفيق اكتفى بتلك المحاولة ولم يعد ليفتح الموضوع من جديد-
لحسن الحظ!


* سيغموند فرويد (1856-1939) طبيب نمساوي في الأعصاب ومفكّر حر. يعتبر مؤسّس التحليل النفسي
http://en.wikipedia.org/wiki/Sigmund_Freud

* الناموسية: نسيج رقيق يُجعَل ممتدّاً على السرير وقاية من البعوض



#رياض_الحبيّب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من أوراق العراق- 3 من ما لانهاية
- إختلاف الأخبار عن أصناف النار
- مِنْ وحْي آدمَ-حوّاء
- المنهل الطَّيِّب في موجز تعليقات الحبيِّب- رابعاً
- تبشيرولوجيا
- من أوراق العراق- 2 من ما لانهاية
- من أوراق العراق- 1 من ما لانهاية
- العجز اللغوي في الكتاب البدوي
- مقاطع من ليماسول- رابعاً وأخيراً
- مقاطع من ليماسول- ثانياً
- مقاطع من ليماسول- ثالثاً
- مقاطع من ليماسول- أوّلاً
- العمل مفتاح الأمل- رابعاً وأخيراً
- العمل مفتاح الأمل- ثالثاً
- العمل مفتاح الأمل- ثانياً
- العمل مفتاح الأمل- أوّلاً
- زيدوا من مواقفكم المُحَسّنة بدلاً من القرصنة
- حرية التعليق ومتنفس التصويت
- من وحي المقالة السابعة والسبعين في شأن عصبة مالك الحزين
- الجريء


المزيد.....




- شاهد تطورات المكياج وتسريحات الشعر على مدى الـ100 عام الماضي ...
- من دبي إلى تكساس.. السيارات المائية الفارهة تصل إلى أمريكا
- بعد الهجوم الإيراني على إسرائيل: ما هي الدول المنخرطة؟
- السفارة الروسية: طهران وعدت بإتاحة التواصل مع مواطن روسي في ...
- شجار في برلمان جورجيا بسبب مشروع قانون - العملاء الأجانب- (ف ...
- -بوليتيكو-: شولتس ونيهمر انتقدا بوريل بسبب تصريحاته المناهضة ...
- من بينها جسر غولدن غيت.. محتجون مؤيدون لفلسطين يعرقلون المرو ...
- عبر خمس طرق بسيطة - باحث يدعي أنه استطاع تجديد شبابه
- نتنياهو: هناك حاجة لرد إسرائيلي ذكي على الهجوم الإيراني
- هاري وميغان في منتجع ليلته بـ8 آلاف دولار


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رياض الحبيّب - من أوراق العراق- 5 من مالانهاية