أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد سمير عبد السلام - تجاوز الذات التاريخية .. قراءة في أحب نورا .. أكره نورهان ل عزة رشاد















المزيد.....

تجاوز الذات التاريخية .. قراءة في أحب نورا .. أكره نورهان ل عزة رشاد


محمد سمير عبد السلام

الحوار المتمدن-العدد: 2660 - 2009 / 5 / 28 - 09:00
المحور: الادب والفن
    


في نصوصها القصصية ( أحب نورا .. أكره نورهان ) تعيد عزة رشاد بناء الشخصية من خلال الآخر ؛ فالساردة تكتشف وجودها الخاص من خلال علاقتها بالعنصر الإبداعي الفريد في الآخر ، كما تؤول شخصياتها من خلال التناقضات الأنثوية التي تقاوم عنصر الحسم في أبنيتها ، و مصائرها معا .
إن عزة رشاد تحدث انشطارا في بنية الشخصية بين مسارها التاريخي ، و العوالم التشبيهية الأنثوية التي يتشكل منها المسار الفريد الآخر دون نهايات واضحة ، و من ثم فهي تؤكد عناصر الالتباس ، و الثراء ، و التأجيل في الشخصية ، ثم إعادة تشكيلها طبقا لتجربة أنثوية ، و لغة تأويلية جديدة .
إن الساردة تقرأ تواريخ شخصياتها انطلاقا من خبرة أنثوية تقوم على التناقض ، و الاتحاد بالتشبيهي ، أو المتخيل بوصفه جزءا من التجربة التاريخية نفسها ، و من ثم جاءت الوحدات السردية مختلطة ، و تؤكد تداخل الوعي بالشخصية ، و الشخصية نفسها من خلال الاستبدال بين نورا ، و نورهان ، و الساردة ، و بائعة الزبادي ، و المرأة الحلمية ، و غيرها .
و بهذا الصدد ترى إلين شوالتر أن الكتابات النسائية الحديثة قد التفتت للتجربة الأنثوية الخاصة بوصفها مصدرا للفن ، و يمكن البحث عنها في التاريخ ، و الأنثربولوجي ، و اللغة التأويلية الجديدة للنقد النسائي ( راجع – إلين شوالتر – نحو دراسة نسائية لغوية للشعر – ضمن نظرية الأدب في القرن العشرين – تحرير ك . م نيوتن – ترجمة عيسى علي العاكوب – دار عين بالقاهرة 1996 ص 282 و ما بعدها ) .
إن هذا المبدأ الأنثوي الذي كشفت عنه الدراسات النسائية المعاصرة في سياق خصوصية التجربة ، أو تفكيكها ، أو الكشف عن ألعابها المجازية ، يعزز من الحضور الفريد للدال ، و قابليته المستمرة للنشوء في المسار التشبيهي الآخر في كتابة عزة رشاد .
في نص ( أحب نورا .. أكره نورهان ) تجتمع متواليات الحب ، و العبث بين الساردة ، و نورا ذات الوجه الآخر المتعالي / نورهان ؛ فالعلاقة بينهما تظل معلقة بين إيحاءات التوحد ، و الكراهية معا ، مثل نورا نفسها ، و إيحاءاتها المختلفة ، و تقبض الساردة على هذه التناقضات ، فتقاوم غياب نورهان بحبها لنورا ، و كأن الانفصال العبثي لا ينجز أبدا بشكل كامل ؛ إذ دمجت الساردة وحداته بدلائل الحب ؛ ففي لحظات اكتشاف الجسد الأولى بين الساردة ، و نورا ، أثناء استحمامهما معا ، و أسئلة الأخيرة عن الجنس ، ثم إجابة الساردة لها ، يبرز العبث في ثورة نورهان ، و تأكيدها أن أم الساردة ، و أمثالها وحدهن من يفعلن هذه الأشياء .
لقد استعادت نورهان مشاعر الرعب الأولى من الآخر / المختلف كما حدثتها بذلك أمها ، و أقصت نورا من داخلها ، أما الساردة فقد أرادت الاتحاد بنورا ذات الحضور الأنثوي المتخيل في تجربتها الخاصة ، و إقصاء نورهان المتعالية دون قتلها ؛ لتظل نورا بديلا تشبيهيا لها يجمع بين وعي الساردة الأنثوي بوجودها المبدع ، و الآخر الفريد داخل نورهان .
إن وجود الآخر المختلف يثير حالتي الانفصال ، و إعادة إبداع العنصر المختلف نفسه في الوعي ؛ و لهذا ظلت نورا في حالة انقسام مستمرة .
و في نص ( المرأة التي تبتسم في حلمي ) تتحول ظاهرية الشخصية في وعي الساردة إلى مسارين متضادين ، فضلا عن كمون الانشطار في الشخصية نفسها ؛ فبائعة الزبادي تمارس عملا ضروريا يوميا لا يتميز بالثورية ، و التمرد ، و لكن عندما اعتذرت الأم عن الشراء ؛ لتقتصد ، بعد تبرعها للجنود ، نجد بائعة الزبادي تحاول البيع بالقوة ، و تقتحم الباب ، فيتأرجح مع مقاومة الأم ، ثم تشير المرأة إلى وعد يجب أن ينجز .
هل ثارت القوى الغريزية اللاواعية في المرأة ضد مسارها الحتمي ؟
إن اكتشاف الشخصية عند عزة رشاد ينبع من منطقة تناقض أصلية ، تؤجل اكتمالها من جهة ، و تؤسس لمسارها التشبيهي الآخر من جهة أخرى ؛ فقد تحولت المرأة في أحلام الساردة إلى راقصة ترتدي ثيابا ماجنة ، و كان الأب أحد مريديها .
لقد أعادت الساردة تكوين المرأة من خلال تداخل غريزتي الحب ، و التدمير معا ؛ فقد احتلت موقع الأم في إيحاء باستبدال الاقتحام الأول للباب ، و قاومت قانون الضرورة بالإعلاء من اللذة ، و كأن التمرد قد انطلق إلى العوالم الداخلية للساردة ، فقرأت وجودها من خلال الصورة المجازية للآخر .
و في نص ( منتصف أغسطس ) تستعيد الساردة ذكرى الأماكن الحلمية المتسعة ممزوجة بإيحاءات المرأة صاحبة الحمام التي استضافتها مع زملائها ، بحيث يبدو المشهد القصصي كله شبيها بحلم غائب ، تمارس فيه الأنثى اتحادها الأول بالعالم ؛ فإيحاءات حبات الماء المتساقطة من شعر المرأة ، و الأكواب ، و الخيوط ، و الصورة المعلقة التي تذكر الساردة بصور زواجها المتعالية ، و الكركديه تشارك جميعها في إعادة بناء وعيها انطلاقا من جماليات الاتساع ، و التداخل الأول بين الأشياء ، و الوعي ، و اللاوعي .
و في نص ( تعويذة ضد الفناء ) يكمن دال الربيع داخل الساردة بصورة دائرية ، و يتراوح بين التحقق ، و الذكرى ، و يستدعي معه سياق الحب ، و الخصوبة ، و استعادة الرجل ، و تجدد الحياة .
إن أثر الربيع يجدد صوت الساردة ، و حضورها المناهض للظلمة ، و الغياب ، و الخوف ؛ فعناقيد الفل التي اشتراها الحبيب ، و ملأت السماء باللون الأبيض تؤكد انتشار الربيع داخل الذات ، و خارجها ، و استبداله للظلمة المحتملة ، و المعلقة دائما في تكرار الربيع ، و تجدده في الذاكرة الإبداعية للأنثى .
و في نص ( عينا أمي ) تؤول الساردة شخصياتها وفقا لتبدل حالات الوعي ؛ فالأب ينصرف عن الواقع ، ثم يبتهج ، ويغيب . أما الجارة التي تسكن وحيدة ، فلها طقوس غريبة تجعلها منصرفة عن المجموع ، و سنجد الساردة تتوحد بالأب ، و تعاتبه ؛ لغيابه في آن .
إن الساردة تقاوم الغياب ، رغم حلوله فيها ، و إدراكها للشخصية من داخله ؛ فصورة الأب تتجسد في مرآتها ، كما يظل الخروج من الذات الواقعية حدثا متكررا ، في اتجاه الفراغ ، أو الذات اللاواعية الأخرى دون نهاية ، أو اكتمال .
و في نص ( عند التواءات الطريق ) تنقسم انفعالات الساردة باتجاه سميرة / زوجة الأب ؛ فصورتها المتعارضة مع الأم الغائبة / سارة ، يعاد تأويلها في الخبرة الأنثوية للساردة خاصة بعد موت الأب ، إذ تحول مشهد الصراع ، إلى لعب مرح للظلال الأربعة باتجاه البحر .
لقد احتلت الأطياف التشبيهية مواقع الشخصيات ، و استبدلت تاريخها بالبهجة الكونية ، و الحلمية التي تقاوم الحدود ، و الانفعالات التقليدية .
و يدل هذا التفاعل الحر على أمرين :
الأول : قدرة العنصر الملتبس الفريد في الشخصية على الطيران في الآخر ، و كذلك عبور وعيه بالذات ، إلى الوعي الكوني ؛ فتناقضات الأنوثة في الساردة اتحدت بالصورة الأخرى لسميرة عقب حالة التعارض الواقعية .
الثاني : الخبرة الأنثوية أقرب إلى إعادة تشكيل الشخصية من المجاز ، و الذكريات المتجددة خارج نطاقها الأول ، و من ثم كان الحضور الآخر لسارة مناهضا لمدلول الغياب من خلال جمالياته الخاصة . إنه تفجير تشبيهي للغياب في حياة أكثر اتساعا .
و في نص ( دوائر الساعات ) تكشف الساردة عن الاختلاف الداخلي في البطل / الطبيب البيطري بين سكونه في الزمان ، و المكان / القرية ، و رغبته الخفية في التجاوز ، و السفر ، و تحطيم الحدود .
و من إشارة الساردة إلى قدرة الطبيب على تفسير حالات البهائم ، و انفعالاتها من الصوت ، ثم غنائه المتناقض نكتشف العنصر الفريد الذي يقاوم مدلوله الساكن الأول ، و يتحد بشخصيته المتخيلة في وعي الساردة .
إن الصوت يشير إلى هوية الطبيب ، و يتجاوزها في آن ؛ فهو يأتي من ذات كونية متسعة ، و يحتل الجسد ، بينما يشير إلى تفرد الشخصية ، و كأن هذا التفرد تشبيهي بالأساس .
هل يتداخل هذا الصوت المجهول مع غناء أورفيوس ؟
لقد تجرد صوت أورفيوس رغم الغياب ، بينما يعيد صوت الطبيب بناء الذات خارج الزمان ، و المكان ، و الحدود الواقعية .
هل يعني الصوت تجاوز الذات ؟
إن الصوت الداخلي الغائب في شخصيات عزة رشاد ينبع من ما بعد الذات التاريخية ، و يكتبها مرة أخرى من خلال الاختلاف ، و التداخل مع الآخر / المدرك ؛ فالساردة تكتشف وجودها الجمالي من خلال امتداد العلامات ، و حياتها الأخرى .
و في نص ( رؤية ) تتجاوز رؤى الحكايات ، و النوافذ ، و الصور ، و الأحلام نطاق الرؤية الواقعية ، أي رؤية الأم الغائبة لابنتها / الساردة .
إن الوعي الأنثوي في هذا النص يبدع العوالم الافتراضية في المستقبل ، و يشكل منها مساره الخاص بعيدا عن الواقع ؛ فقد صارت النوافذ اكتشافا خياليا للواقع مثل الحكايات التي كانت تقصها الساردة على الجد ، و فيها نرى كتفي الممرضة عبلة ، كأنها جزءا من لوحة تبدو من زاوية نسبية ، و الأستاذ رفعت الذي ينادي القطط بأسماء أبنائه الغائبين ، فيبدو كعلامة خيالية مضاعفة في الوعي الأنثوي المبدع من داخل واقعيته .
إن هذه الصور الجزئية تقاوم الفراغ ، في وعي الساردة ، و تدفعها للامتداد خارج حدود الرؤية التقليدية .
أما الأم فتبدعها في صورة طيف حنون يشبه إطارها الفارغ ؛ و كأنها وليدة الرؤى الخيالية ، و التشبيهات التي صارت بحد ذاتها حياة ، و تاريخا أصليا بديلا عن فراغ الذاكرة ، و إبداعا متجددا لآثارها .
محمد سمير عبد السلام – مصر



#محمد_سمير_عبد_السلام (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العولمة ، و الاختلاف
- شهوة الكتابة ، و نشوة الغياب .. قراءة في الرغام ل علاء عبد ا ...
- الأنا ، و إيحاءات الأشياء الصغيرة .. قراءة في اسمي ليس صعبا ...
- التأويل الإبداعي ، و دراسة التاريخ .. قراءة في دروس التاريخ ...
- الانتشار الإبداعي ، و التناقض في قضايا النوع
- تجدد الحياة في صمت النهايات .. قراءة في مواسم للحنين ل محمد ...
- صراع ضد الحتميات السائدة .. قراءة في نقطة النور ل بهاء طاهر
- دراسة الهوية الثقافية تتميز بالتعقيد ، و التداخل
- وهج البدايات النصية .. قراءة في حجر يطفو على الماء ل رفعت سل ...
- انطباعات حسية تقاوم العدم .. قراءة في نصوص منى وفيق
- الصوت في نشوء متكرر .. قراءة في إلى النهار الماضي ل .. رفعت ...
- مرح الغياب .. قراءة في كزهر اللوز أو أبعد ل .. محمود درويش
- السينما .. فن الأشباح
- الأخيلة المجردة للجسد .. قراءة في الطريق إلى روما ل شريفة ال ...
- عن الفوتوغرافيا
- الرغبة في تخييل العالم .. قراءة في قارورة صمغ ل فاطمة ناعوت
- القوة الخلاقة للرعب و التمرد في كتابة هنري ميلر
- سحر توفيق تستعيد الرجل بلغة أنثوية
- هارولد بلوم .. و إعادة إنتاج الأثر الشعري
- تجدد الثقافة الشعبية


المزيد.....




- كيف تُغيّرنا الكلمات؟ علم اللغة البيئي ورحلة البحث عن لغة تن ...
- ما مصير السجادة الحمراء بعد انتهاء مهرجان كان السينمائي؟
- وفاة الممثلة الإيطالية ليا ماساري عن 91 عاما
- البروفيسور عبد الغفور الهدوي: الاستشراق ينساب في صمت عبر الخ ...
- الموت يغيب الفنان المصري عماد محرم
- -محاذاة الغريم-... كتاب جديد في أدب الرحلات لعبد الرحمن الما ...
- -أصيلة 46- في دورة صيفية مخصصة للجداريات والورشات التكوينية ...
- -نَفَسُ الله-.. هشاشة الذات بين غواية النسيان واحتراق الذاكر ...
- جبل كورك في كردستان العراق.. من خطر الألغام إلى رفاهية المنت ...
- لماذا يفضل صناع السينما بناء مدن بدلا من التصوير في الشارع؟ ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد سمير عبد السلام - تجاوز الذات التاريخية .. قراءة في أحب نورا .. أكره نورهان ل عزة رشاد