أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد سمير عبد السلام - الصوت في نشوء متكرر .. قراءة في إلى النهار الماضي ل .. رفعت سلام















المزيد.....

الصوت في نشوء متكرر .. قراءة في إلى النهار الماضي ل .. رفعت سلام


محمد سمير عبد السلام

الحوار المتمدن-العدد: 2386 - 2008 / 8 / 27 - 05:41
المحور: الادب والفن
    


في ديوانه " إلى النهار الماضي " الصادر عن هيئة الكتاب المصرية يعيد رفعت سلام اكتشاف مقولات الوجود ، و العدم ، و التاريخ ، و الهوية ، و يختبرها من خلال صيرورة الكتابة الشعرية – النثرية ؛ تلك الكتابة التي تقع في نسيج الصوت المتكلم و وجوده الآخر المملوء بالأسئلة ، و تكرار الحضور ، و الغياب ، و الوعي ، و اللاوعي ، و الحياة ، و الموت ، و التشبيه ، و التاريخ .
إن رفعت سلام يكتب وجودا قيد التشكل دائما ، و يمنح اللغة حضورا تصويريا جسديا منفلتا من منطقه الأول ، بل وجوده الأول بالكامل ، فالماضي في هذه الكتابة لم ينته ، بل يمتد في الحاضر ، و يقاوم العدم ، و يدخل في نسيج المستقبل المختلط ، ذي الأصوات المتداخلة .
و تمتلك عناصر الكون حساسية سردية في نصوص رفعت سلام ، و تشارك في خلق حالة التساؤل التي هي حالة الصوت ، و التكوين و القصيدة معا . إن الأصوات التي تبحث عن اكتمال شبحي تسهم في إبداع السيمفونية بين الهدم ، و التساؤل ، و الدهشة ، و الإنشاء الملتبس بالغياب ، و كأن اللغة في حالة أدائية تؤجل الوعي بها دائما ، و تجعل من التأويل صورة أخرى تستبدل الأصل ، دون نهاية حاسمة ، أو عودة لنقطة بداية معرفية .
أما السرد في هذه الكتابة الجديدة فيبرز الوجود الفريد للعلامات الكونية – الشعرية ثم يؤوله في سياق طيفي ، أو فراغ ينتظر ولادة تكوين آخر يحتمل أيضا الأسئلة ، و تعليق الإجابات المكتملة .
في نص " الصوت " يخرج مفهوم الصوت من مركزية إدراك العالم ، إلى تداعيات الأثر في الكتابة ، و ما تحتمله من لعب ، و تحويل ، و تخييل مستمر . الصوت هنا لا يحيلنا إلى الوعي المتعالي بقدر ما يحيلنا إلى الكتابة و احتمالات المحو عند دريدا .
يقول :
" كيف يستحيل الصوت صورة صائتة ، صوت له عينان و أذنان ، هل تبصران إيقاع الزمان ، أم تسمعان النسغ يصعد في جسد الكائنات . نامي هنيئا مريئا إلى مفترق قادم . أيتها الطفولة التي تعدو إلى الوراء . لماذا تهربين من ثيابي المبتلة بالمراهقة الفاترة .. زمان ملعب ، و شمس تشوط الكرة ، تدس في أذني أسرارها العاطفية . ترفض الغروب . من يدري ؟ " .
الصوت هنا يعاين إعادة تكوين مستمرة ، و لكنه يحتفظ بهويته معا ، و كأن الهوية مجرد أسئلة ، و أداء كوني – سردي . الصوت معلق في الأسئلة الشعرية – الوجودية ، و كأنه يكمن في منطقة سرية تستمد قوتها من تداخلات الأزمنة ، و صيرورتها الإبداعية خارج المنطق ، و الحدود ، و الحتميات .
الصوت قوة خلاقة ، و فراغ في آن ، وهج للغياب ، أو الموت ، و مساءلة للموت أيضا ؛ فهو يبدع الأثر بينما لا يتمتع بالحضور ، و رغم غيابه فهو في حالة سردية تتولد منها الأسئلة دون نهاية واضحة .
إن كتابة رفعت سلام تجمع العلامات المتضادة لتؤكد أصالة الاستبدال ، و التناقض في المفاهيم الثابتة ، فالحياة تبزغ في موت خفي ، و الصوت يعلن حضوره بينما يعاين حالات السلب ، و الألم .
يقول في نص " زنزانة " :
" ضيق واسع هذا الرحم الحجري ، و قلبي وردة ، أو قبرة ترفرف في سماء حديد .. ابتعدوا عن مجالي الحيوي . قلبي طلقة خائبة أطلقها ، لا تصيب الوقت . أيتها الطلقة الخائبة لا بأس . لنا موعد آخر فيما مضى ، أعابث الوقت و الجنون خلف باب مصفد " .
إن الصوت ينهار في قوة ، حيث يبدو السلب فاعلا ، و الموت حياة خاصة . إنه يضخم الحالة الجسدية – الكونية ليصل بها إلى مستوى الغياب في أشباح الألم ، فالجسد يشبه الغياب ، أو الفراغ في ضخامته ، و فاعليته السالبة . و كأن الصوت يعلن حضورا ينفي عنه الحالة الجسدية من خلالها . و هنا يعيد رفعت سلام قراءة بعض فقرات من الإنجيل ، فيضخم من حالة الألم ، و نشوة الخروج المتكررة من خلاله ، و كأن الجسد معبر للحرية من خلال زنزانة الموت ، و الألم ، و السلب ، و كلها تحمل سمة دائرية في النص ؛ فالجسد يتضخم ، و يتلاشى ، و يعاد تكوينه دون اكتمال دائما .
يقول :
" و أغرس الأشواك في ثدي الإجابات الأليفة مرة أخيرة ، فأطلقكم إلى المراعي و الحقول الآثمة . لا أوتاد بعد اليوم .. أنا الراعي الأليم " .
و في نص " 1977 " تبعث الكتابة وهجا خفيا في حالات التفكك ، و التناثر ، هل هي رقصة نيتشوية ؟ أم أنها أطياف للدم البشري القديم ؟
إن الموت في هذه القصيدة يولد كتجريد لصوت المجموع الميت – الحي ، حيث تختلط أصوات القتل ، و اللذة ، و الولادة المتجددة .
يقول :
" أفتح الباب في الليل ، أشلاء الغجر مبعثرة في الغرفة ، أعضاء كلاب و دببة .. جمرات نيران منطفئة ، عجلات حطام ، شهوات مرجأة ، أصابع مبتورة ، مطر يهطل في العاصمة الجليدية ، شوارع متناثرة ، و الحصان المحلق ممزق .. يا أمي ، ألملمها ، أرممها " .
الغرفة مملكة كونية لا زمن فيها ، و لا موت ، و لا صوت ، و لا حياة ، و هي وهج الحياة الخفي ، و صخبها المعلن في آن .
قوة الطوطم هزيلة ، تجريدية ، و دموية مقدسة معا ، الدم أثر التلاشي و التكوين الآخر ، أو النشوء الملتبس لا الحقيقي .
الموت يتعدد في هذه القصيدة من خلال الظل ، و العتمة ، و الانتشار الذاتي للصوت ، و الذي يقاوم بنيته الأحادية .
يقول :
" أنا النعامة أدفن رأسي في غيمة في بنطلون ، أو أعتصم بالشيطان ، أو أفر إلى الغجر ، أو أخترع خزعبلة ذابلة أتخفى في ظلها ساعة أو ساعتين إلى أن يحين الحين فأمتطي فرسي النحاسي بلا سوء ، لست أنا أيها الأفاضل . إنني الآخر الباقي من السابق القتيل " .
من الفراغ يولد الآخر الذي يرفض الصوت الأول / المتكلم بينما يستعصي على العدم . هل هو التكرار الخفي في بنية العدم ؟ و الذي يؤجل مدلوله في صور النعامة و الراقص ، و الفرس النحاسي . النعامة هنا تقبض على جوهرة التخيل الكامنة في الظلمة ، فيما يشبه العدم .
و قد يطرد الظل أشباهه من خلال مملكة مؤجلة دائما في نص " مملكة " .
يقول :
" رحم قبر يلفظني إلى الشوارع ، أنتزع الجثث المتشبثة بي ، تضرع لي ، تتسولني ، اخرجي مني ، عشرين عاما تقتاتين أوقاتي ، تمتصين دمي ، عشرين دهرا ؛ كل دهر قصاص " .
الرحم يستبق الموت و يشبهه ، و يؤجل حدث الحياة قبل أن يبدأ ، و كأنه يقرأ الحياة بوصفها تشبيها ملتبسا لا أصلا ، مما يذكرنا بأصالة التشبيه و المحاكاة في فكر جان بودريار .
و لكن الظل / الصوت ينخرط في الأداء السردي ، و يفكك الأبنية الزمنية من خلال التلاشي و الحضور معا .
إن المتكلم ينتسب لصوت هوائي قيد التشكل خارج تاريخه ؛ فهو يحرف الماضي في المستقبل ، و يجمع بينهما في الكتابة ، و لكنه يرجع أيضا ألي صوته الأول المتألم .
يقول في نص " لماذا " :
" أيتها التواريخ اخرجي مني قليلا ؛ لأتسع لي قليلا / ضيق كثقب إبرة على نفسي ، لا أنفذ مني " .
إن المتكلم يستشرف ذاتا أخرى لا يعرفها ؛ تشبيهية ، و انتشارية ، و لا زمنية معا ، فهي تجسد الغياب في الصورة ، و المرح في تضاعف الصور الحاملة لأثر الصوت ، كما أنها لا تتمثل الماضي أبدا ، بل ترفضه و تعيد قراءته باستمرار ، و هو ما يجعل التاريخ الخاص معلقا في الكتابة .



#محمد_سمير_عبد_السلام (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مرح الغياب .. قراءة في كزهر اللوز أو أبعد ل .. محمود درويش
- السينما .. فن الأشباح
- الأخيلة المجردة للجسد .. قراءة في الطريق إلى روما ل شريفة ال ...
- عن الفوتوغرافيا
- الرغبة في تخييل العالم .. قراءة في قارورة صمغ ل فاطمة ناعوت
- القوة الخلاقة للرعب و التمرد في كتابة هنري ميلر
- سحر توفيق تستعيد الرجل بلغة أنثوية
- هارولد بلوم .. و إعادة إنتاج الأثر الشعري
- تجدد الثقافة الشعبية
- تعدد الدلالات و الأصوات .. قراءة في اخلص لبحرك لمسعود شومان
- السياق الجمالي للعقاب .. قراءة في أقلب الإسكندرية على أجنابه ...
- الآلية .. و العمل الإبداعي
- إعادة اكتشاف روح الأشياء .. قراءة في بريق لا يحتمل لسمر نور
- الصيرورة الإبداعية للزمن .. قراءة في فوق الحياة قليلا ل .. س ...
- الشخصية في تحول .. قراءة في عمرة الدار ل .. هويدا صالح
- العابرون ، و تبدل حالات الوعي
- وعي طيفي مثل وهج الموت .. قراءة في عادات سيئة ل جمانة حداد
- براءة الجسد ، و مخاوفه .. قراءة في كوب شاي بالحليب ل محمد جب ...
- ظلال تتجاوز صمت الأشياء .. قراءة في سوف تحيا من بعدي لبسام ح ...
- خوف الكتابة


المزيد.....




- -الملفوظات-.. وثيقة دعوية وتاريخية تستكشف منهجية جماعة التبل ...
- -أقوى من أي هجوم أو كفاح مسلح-.. ساويرس يعلق على فيلم -لا أر ...
- -مندوب الليل-... فيلم سعودي يكشف الوجه الخفي للرياض
- الموت يفجع الفنانة اللبنانية كارول سماحة بوفاة زوجها
- وفاة المنتج المصري وليد مصطفى زوج الفنانة اللبنانية كارول سم ...
- الشاعرة ومغنية السوبرانوالرائعة :دسهيرادريس ضيفة صالون النجو ...
- في عيد التلفزيون العراقي... ذاكرة وطن تُبَثّ بالصوت والصورة
- شارك في -ربيع قرطبة وملوك الطوائف-، ماذا نعرف عن الفنان المغ ...
- اللغة الروسية في متناول العرب
- فلسطين تتصدر ترشيحات جوائز النقاد للأفلام العربية في دورتها ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد سمير عبد السلام - الصوت في نشوء متكرر .. قراءة في إلى النهار الماضي ل .. رفعت سلام